الشيخ: إذا أكل الصائم أو شرب ناسياً فإن صومه صحيح ولا شيء عليه ، وهو مذهب جماهير أهل العلم .ينظر : المغني (4/364و367) ، والمجموع (6/352) ، والموسوعة الفقهية (28/57و62) قال ابن بطال في شرح البخاري (4/60) : (قال ابن المنذر : اختلف العلماء في الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا ، فقالت طائفة : فلا شيء عليه ، روينا هذا القول عن علي ، وابن عمر ، وأبي هريرة ، وعطاء ، وطاوس ، والنخعي ، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه ، والثوري ، والأوزاعي ، والشافعي ، وأبو ثور ، وأحمد ، وإسحاق ) . والدليل على ذلك ما يأتي : الدليل الأول : قوله تعالى : ﴿ لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ سورة البقرة : 286 . وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- قَالَ : (( فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى : (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ قَالَ : قَدْ فَعَلْتُ ))(رواه مسلم رقم الحديث (345) ) . وجه الاستدلال : أن الله تعالى بين أن الناسي غير مكلف ، وأنه غير مؤاخذ على فعله ، فعليه إذا أكل الصائم أو شرب وهو ناسي فهو غير مكلف وغير مؤاخذ فلا قضاء عليه ، لأن من أوجب عليه القضاء جعله مؤاخذ ، وهذا يخالف صريح هذه الآية . الدليل الثاني : عَنْ ابن عباس – رضي الله عنهما – قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : (( إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ ))(رواه ابن ماجه رقم الحديث (2045) ، وابن حبان في صحيحه رقم الحديث (7219) واللفظ له . وإسناد صحيح . ينظر : إرواء الغليل رقم (82) ). وجه الاستدلال : أن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن الله تعالى تجاوز عن النسيان ، والمجاوزة عدم المؤاخذ وعدم التكليف ، وعدم التكليف دليل على من أكل أو شرب وهو ناسي أنه غير مطالب بالقضاء فيما فعله وهو ناسي . الدليل الثالث : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ((إِذَا نَسِىَ فَأَكَلَ وَشَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللهُ وَسَقَاهُ))( رواه البخاري رقم الحديث (1831) ، ومسلم رقم الحديث (1155) ). وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ((إِذَا أَكَلَ الصَّائِمُ نَاسِيًا أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ ))( رواه الدارقطني في سننه رقم الحديث (2265) ، وقال : إِسْنَادٌ صَحِيحٌ وَكُلُّهُمْ ثِقَاتٌ . وينظر : إرواء الغليل (4/86) ) . وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه-عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (( مَنْ أَفْطَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ نَاسِيًا فَلاَ قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلاَ كَفَّارَةَ ))(رواه الدارقطني في سننه رقم الحديث (2266) ، وقال : (تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَرْزُوقٍ وَهُوَ ثِقَةٌ عَنِ الأَنْصَارِيِّ) ، والبيهقي في سننه الكبرى رقم الحديث (8330) ، وقال : (تَفَرَّدَ بِهِ الأَنْصَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو وَكُلُّهُمْ ثِقَاتٌ ) . وحسن إسناده الشيخ الألباني في إرواء الغليل (4/87) ) . وهذه الأحاديث نص في محل الخلاف . الدليل الرابع : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- قَالَ : ((جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أَكَلْتُ وَشَرِبْتُ نَاسِيًا وَأَنَا صَائِمٌ ؟ فَقَالَ : أَطْعَمَكَ اللهُ وَسَقَاكَ ))( رواه أبو داود رقم الحديث (2400) ، وابن حبان في صحيحه رقم الحديث (3522) . إسناده صحيح . وينظر : إرواء الغليل (4/86) ) . وجه الاستدلال : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر الرجل بالقضاء ومعلوم أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ، والحاجة هنا قائمة ، فلو كان القضاء واجباً لأمره به النبي صلى الله عليه وسلم . والله أعلم .