بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ الْحَمْدَ للهِ ، نَحْمَدُهُ ، وَنَسْتَعِيْنُهُ ، وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا ، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا .
مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ .
وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءلونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}
أما بعد ، فإن شأن العلم عظيم، وفضله قديم ، فهو يورث خشية الله تعالى ، قال تعالى : {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} – فاطر(28)
وقال تعالى {أم مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} – الزمر(9)، {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} – آل عمران(18) ، ولما كان فضل العلم عظيما أمر الله تعالى نبيه أن يزداد منه فقال سبحانه {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} – طه(114) ، وجعل سبحانه صيد الكلب المعلم حلالاً بخلاف الكلب غير المعلم ، ففضل الأول بالعلم قال تعالى {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} – المائدة(4)
وعَنْ كَثِيرِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ أَتَيْتُكَ مِنَ الْمَدِينَةِ مَدِينَةِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وآله وسلم- لِحَدِيثٍ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُ بِهِ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-. قَالَ : فَمَا جَاءَ بِكَ تِجَارَةٌ ؟ قَالَ : لاَ. قَالَ : وَلاَ جَاءَ بِكَ غَيْرُهُ ؟ قَالَ : لاَ. قَالَ : فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: ((مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ ، وَإِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانِ فِي الْمَاءِ ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ)) . صحيح ابن ماجه رقم الحديث (182) .
وأحاديث فضل العلم كثيرة ، والخصلة الجامعة لخيري الدنيا والآخرة هي محبة الله تعالى ومحبة رسوله – صلى الله عليه وسلم – ، وتحقيقها بالمتابعة له – صلى الله عليه وسلم – ، قال تعالى {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} – آل عمران(31) ، ولا تتحقق المتابعة إلا بالعلم ، وترك البدع ، لأن ما ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم – حق ، وما خالفه من البدع ضلال ، قال تعالى {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} ،
وإن من نعم الله تعالى علينا أن يسر لنا افتتاح هذا الموقع المبارك إن شاء الله تعالى ، ونسأل الله تعالى أن يكون منبراً داعياً للرجوع إلى الكتاب والسنة على منهج سلف الأمة ، ومنهم الأئمة الأربعة وغيرهم ، ونبذ البدع .
والموقع إن شاء الله تعالى ستكون فيه الدروس الصوتية المسجلة في العقيدة ، والفقه ، والحديث ، وأصول الفقه ، وأصول الحديث ، وغيرها ، والمقالات النافعة المتجددة إن شاء الله تعالى ، والكتب المؤلفة ، أسأل الله تعالى أن ينفع بها جميع المسلمين .
وآخراً وليس أخيراً أطلب من أخواني طلبة العلم وغيرهم أن لا يبخلوا علينا بالتوجيه والنصح والإرشاد . وأقول كما قال الفيروز آبادي : (والله أسأل أن يثيبني به جميل الذكر في الدنيا ، وجزيل الأجر في الآخرة . ضارعا إلى من ينظر من عالم في عملي ، أن يستر عثاري وزللي ، ويسد بسداد فضله خللي ، ويصلح ما طغى به القلم ، وزاغ عنه البصر ، وقصر عنه الفهم ، وغفل عنه لخاطر ، فالإنسان محل النسيان ، وإن أول ناس أول الناس ، وعلى الله تعالى التكلان) . القاموس المحيط (1/40) .
والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين .