نجاسة الكلب ؟

611
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخنا الفاضل انا حاليا اقيم في دولة اجنبية وفي اثناء اصطحابي أطفالي الى الحديقة العامة الاحظ أن بعض اطفال المسلمين في الحديقة يقومون بلمس الكلاب .. ما اريد معرفته حكم السماح للاطفال بلمس الكلاب ، وهل الكلب نجس ؟ وكيفية ازالة نجاسته عن الثوب والبدن والمكان ؟ بارك الله فيكم وجزاكم خيرا

الشيخ:

السؤال

الجواب


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

اعلمي حفظك الله تعالى أن الجواب على سؤالك على النحو الآتي :
أولا :حكم سؤر الكلب ولعابه :

اختلف العلماء –رحمهم الله تعالى- في نجاسة سؤر الكلب على مذهبين ، والراجح
أنه نجس سواء كان كلب صيد أو غيره ، وهو مذهب الجمهور من الحنفية ، والشافعية
، والحنابلة وذلك للأدلة الآتية :
الدليل الأول : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللهِ صلى الله عليه وسلم : (( طُهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ
الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولاَهُنَّ بِالتُّرَابِ ))رواه
مسلم.
وجه الاستدلال : أن كلمة ((طُهُورُ)) في عرف الشارع لا تكون إلا من حدث أو
نجاسة ، ولا يتصور وجود الحدث على الإناء فدل ذلك على أن سؤره نجس .
الدليل الثاني : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللهِ صلى الله عليه وسلم : (( إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ
فَلْيُرِقْهُ ثُمَّ لْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مِرَارٍ ))رواه البخاري ومسلم واللفظ
له .
وجه الاستدلال :
أولا : أن الأمر بغسل الإناء دليل على نجاسته كما هو ظاهر والأمر بالسبع غسلات
يؤكد النجاسة .
ثانياً : أن الأمر بإراقة ما في الإناء دليل ظاهر على نجاسته أيضاً ، لأن
إراقة ما في الإناء من ماء أو طعام مائع إضاعة للمال المنهي عنه ، لكن لما كان
نجساً لا يجوز استعماله أمرنا بإراقته.
الدليل الثالث : إجماع الصحابة –رضي الله عنهم- ، قال الحافظ ابن حجر في فتح
الباري (1/332) : (وقد ثبت عن ابن عباس التصريح بأن الغسل من ولوغ الكلب بأنه
رجس ، رواه محمد بن نصر المروزي بإسناد صحيح ، ولم يصح عن أحد من الصحابة
خلافه ) .

وتطهير اليد والثوب من لعاب الكلب يكون بغسله بالماء فقط والتراب خاص بالإناء
ومكان في حكمه.

أما بدنه فقد اختلف العلماء –رحمهم الله تعالى- في نجاسة بدن الكلب غير لعابه
، على مذاهب ، والراجح أنه غير نجس ، وهو قول الإمام أبي حنيفة ، ومذهب
المالكية في المشهور ، وقول الزهري ، وداود الظاهري .

ورجحت هذا المذهب لأن الأصل في الأشياء الطهارة ، ولا يصار إلى النجاسة إلا
بدليل ، ولا يصح الاستدلال بالحديثين السابقين على نجاسة بدنه لأن الدليل أخص
من الاستدلال ، فالحديث وارد في نجاسة سؤره فلا يصح أن يعمم الحكم على جميع
بدنه ، ولا يلزم من نجاسة سؤره نجاسة بدنه ، فإن الإنسان بوله وغائطه نجس ومع
ذلك بدنه طاهر .
ولا يصح أيضا الاستدلال بحديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ –رضي الله عنه-
قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُقَالُ لَهُ : ((
إِنَّهُ يُسْتَقَى لَكَ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ ، وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا
لُحُومُ الْكِلاَبِ وَالْمَحَايِضُ وَعَذِرُ النَّاسِ. قَالَ رَسُولُ اللهِ
صلى الله عليه وسلم : « إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لاَ يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ »))
،رواه أبوداود والترمذي ينظر : صحيح سنن أبي داود (1/110) .
فإن فيه ذكر لحوم الكلاب مع المحايض وعذرة الناس فهي نجسة وتلقى في بئر بضاعة
، فأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على نجاستها إلا أنها لم تؤثر في الماء
لأنه ماء جار ، وجوابه أن لحوم الكلاب نجسة لأنها ميتة ، ولا تحل فيها الذكاة
، فهو ميتة حتى لو ذبح ، لأنه مما يحرم أكله ، والميتة نجسة بالإجماع .
إلا أنه ينبغي أن يعلم أنه إذا كان شعر الكلب رطباً أو مبتلاً ولا مس الثوب أو
البدن فإن يجب غسل ما أصاب الثوب والبدن من شعره ، وكذلك لو كانت اليد أو
الثوب بهما بلل ولا مسا شعر الكلب فإنه يجب غسلهما ، لأن الكلب غالباً ما يلعق
شعره وجسده بلسانه ، وسبق أن لعاب الكلب وسؤره نجس ، لكن لو كانت اليد جافة
وكذلك شعر الكلب فلا يجب غسل اليد بعد ملامسته.

ثانياً : لا ينبغي للوالدين أن يتركا أولادهما مع هذه الحيوانات النجسة الضارة
لأنهم بذلك يتشبهون بالكفار الذين يربون الكلاب ويلعبون معها أكثر من أبنائهم
ويجعلون أبنائهم يحبونها ويربونها في بيوتهم والنبي صلى الله عليه وسلم بين أن
هذا الفعل ينقص من الأجر عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « مَنْ أَمْسَكَ كَلْبًا فَإِنَّهُ
يَنْقُصُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ ، إِلاَّ كَلْبَ حَرْثٍ أَوْ
مَاشِيَةٍ » رواه البخاري ومسلم . فالأطفال إذا تعودوا على ذلك أحبوا تربيتها
في البيت ، فينبغي أن يجنب الأطفال اللعب مع هذه الحيوانات بالرفق واللين
والحكمة .
والله أعلم .