السنة الخامسة: الصلاة في النعلين

الحمد لله وحده وأشهد وأن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وبعد :

من السنن المهجورة الصلاة في النعلين الطاهرين في الأماكن التي يستطيع أن يصلي بها في نعاله كالصحراء ، والفلاة ، وفي الطريق وهو مسافر ، والمساجد غير المفروشة بالسجاد ونحوه كالمساجد المفروشة بالحصباء أو الرمل ، وغيرها .

قال ابن رجب في فتح الباري (2/276) : (عادة النبي ﷺ المستمرة الصلاة في نعليه ، وكلام أكثر السلف يدل على أن الصلاة في النعلين أفضل من الصلاة حافيا) .

وإليك الأدلة الدالة على استحباب الصلاة في النعلين بالشروط السابقة :

الدليل الأول : عن أَبي مَسْلَمَةَ سَعِيدِ بْنِ يَزِيدَ الأَزْدِيُّ قَالَ : (( سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ )) . رواه البخاري رقم الحديث (386) ومسلم رقم الحديث (555) .

الدليل الثاني : عَنْ يَعْلَى بْنِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ : ((خَالِفُوا الْيَهُودَ فَإِنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ فِي نِعَالِهِمْ ، وَلَا خِفَافِهِمْ )) . رواه أبو داود رقم الحديث (652) . قال الألباني في صحيح أبي داود (3/224) : (إسناده صحيح ، وكذا قال الحاكم ووافقه الذهبي ، وقال العراقي : إسناده حسن ، وقال الشوكاني : لا مطعن في إسناده . وأخرجه ابن حبان في صحيحه ) .

الدليل الثالث : عَنْ أَبِي نَضْرَةَ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : (( بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ ﷺ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ إِذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْقَوْمُ أَلْقَوْا نِعَالَهُمْ ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ ﷺ صَلَاتَهُ ، قَالَ : مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ ، قَالُوا : رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ : إِنَّ جِبْرِيلَ ﷺ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا – أَوْ قَالَ : أَذًى – . وَقَالَ: إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ : فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُ وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا )) . رواه أبو داود رقم الحديث (650) . قال الألباني في صحيح أبي داود (3/221) : (إسناده صحيح على شرط مسلم ، وقال النووي: إسناده صحيح ، وقال الحاكم : حديث صحيح على شرط مسلم! ، ووافقه الذهبي . وأخرجه ابن خزيمة (1017) ، وابن حبان في صحيحيهما ، وقوّى إسناده ابن التًّرْكُماني) .

الدليل الرابع : عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ : (( رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يُصَلِّي حَافِيًا وَمُنْتَعِلًا )) . رواه أبو داود رقم الحديث (653) . قال الألباني في صحيح أبي داود (3/225) : (إسناده حسن صحيح) .

الدليل الخامس : عَنْ هَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ رَأَيْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى ، فَسُئِلَ ؟ فَقَالَ : (( رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ صَنَعَ مِثْلَ هَذَا )) . قَالَ إِبْرَاهِيمُ : فَكَانَ يُعْجِبُهُمْ ، لأَنَّ جَرِيرًا كَانَ مِنْ آخِرِ مَنْ أَسْلَمَ . رواه البخاري رقم الحديث (387) ، ومسلم رقم الحديث (272) دون قوله : ((ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى)) .

 

 

تنبيه :

أما ما يروى عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ –رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالَ : ((مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ : الصَّلَاةُ فِي النَّعْلَيْنِ)) . فهو حديث ضعيف منكر . رواه الطبراني في الأوسط (1/54) رقم (150) وقال : ( لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُغِيرَةَ إِلَّا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ ، تَفَرَّدَ بِهِ : مُوسَى بْنُ أَبِي سَهْلٍ ) .

وقال الألباني في السلسلة الضعيفة رقم (6084) : (منكر) .

تنبيه آخر :

لا يصلى في النعال في المساجد الحديثة المفروشة لما في ذلك من أذية المصلين وإتلاف الفرش ، وتنفير الناس من هذه المساجد ، ونحو ها من المفاسد ، فالمفسدة هنا راجحة على الصلاة في النعلين . وسبق أن النبي ﷺ كان يصلي حافياً وكان يصلي منتعلا . والله أعلم .