السائل: هل العاجز عن الحج بنفسه هل يجب أن ينيب غيره للحج عنه ؟
الشيخ: اعلم رحمك الله تعالى أن من توفرت فيه شروط الحجّ الإسلام والعقل والبلوغ والحرية والاستطاعة بملك المال وغيره وكان عند وجود هذه الشروط مريضاً مرضاً مزمناً ، أو مصاباً بعاهة دائمة ، أو مقعداً ، أو شيخاً كبيراً لا يثبت على آلة الركوب بنفسه ، فإنه لا يجب عليه أن يؤدي فريضة الحجّ بنفسه باتفاق العلماء ، لكن يجب عليه أن يرسل إلى الحجّ من ينوب عنه إذا وجد ، وهو مذهب أبي يوسف ومحمد بن الحسن من الحنفية والشافعية ، والحنابلة ، لأن صحة البدن ليست شرطا لوجوب الحجّ عليه ، بل هي شرط للزوم أداء الحجّ بالنّفس ، دليله : الدليل الأول : عن أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِي – رضي الله عنه : ((أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ : إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لاَ يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَلاَ الْعُمْرَةَ وَلاَ الظَّعْنَ( أي لا يقوى على السير ولا على الركوب من كبر السن ). قَالَ : حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ ))( رواه الترمذي رقم الحديث (930) ، والنسائي رقم الحديث (2621) ، وابن خزيمة في صحيحه رقم الحديث (3040) . ينظر : صحيح الترمذي رقم الحديث (1595) . وجه الدلالة : أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر أبا رزين أن يحجّ عن أبيه مع أنه شيخ كبير لا يستطيع الحجّ ، فدل هذا على أنه قد وجب على أبيه الحجّ . الدليل الثاني : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما – قال : ((جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ ، عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا ، لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِي عَلَى الرَّاحِلَةِ فَهَلْ يَقْضِي عَنْهُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ))( رواه البخاري رقم الحديث (1755) ، ومسلم رقم الحديث (1335)) . فالخثعمية أخبرت أن أباها قد فرض عليه الحجّ وهو شيخ كبير لا يثبت على الرحل ، وأقرها النبيّ صلى الله عليه وسلم على ذلك ، وأمرها أن تحجّ عنه ، وشبه ذلك بالدين المقضي كما جاء في بعض الروايات . الدليل الثالث : إن فرائض الله إذا قدر العبد أن يفعلها بأصل أو بدل وجب عليه ذلك كما يجب بدل الصوم وهو الإطعام ، وبدل الكفارات ، وبدل الوضوء والغسل . ينظر : شرح فتح القدير (2/421) ، وحاشية ابن عابدين (3/405) ، والبناية (4/143) والبيان (4/39) ، وحاشية البجيرمي (2/164) ، وحاشيتا القيلوبي وعميرة (2/144) . وحاشية الجمل (4/30) والمغني (5/19) ، وشرح العمدة (1/162) ، والإنصاف (3/365) ، وكشاف القناع (2/390) ، والإقناع (1/543) .