النوع الثاني : الحديث المرسل :
المسألة الأولى : تعريفه :
المرسل لغة([1]) : اسم مفعول مشتق من الإرسال وهو : الإطلاق والإهمال . والرَّسَل القَطِيع من كل شيء والجمع أَرسال .
المرسل اصطلاحاً : يختلف تعريف المرسل عند المحدثين عن تعريفه عند الفقهاء والأصوليين ، وإليك بيان ذلك :
عرّف أكثر الأصوليين وبعض المحدثين أن المرسل هو ([2]) : قول من لم يلق النبي ﷺ قال رسول الله ﷺ .
وعرّف أكثر المحدثين وبعض الأصوليين أن المرسل هو([3]) : ما أضافه التابعي إلى النبي ﷺ.
إلا أن الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- أضاف قيداً فقال في تعريف المرسل([4]) : (ما أضافه التابعي إلى النبي ﷺ مما سمعه من غيره ) .
واحترز الحافظ -رحمه الله تعالى- بهذا القيد ليخرج التابعي الذي سمع النبي ﷺ وهو في حال الكفر ، ثم أسلم بعد وفاة النبي ﷺ ، وحدث عنه بما سمعه منه ، فإن سماعه من النبي ﷺ صحيح متصل وهو داخل في تعريف المرسل ، فيخرج بهذا القيد .
وتعريف المرسل عند المحدثين كما ترى أخص من تعريف الأصوليين .
مثال المرسل :
قال الإمام مالك([5]) أخبرنا أبو حازم بن دينار عن سعيد بن المسيب : ((أن رسول الله ﷺ نهى عن بيع الغرر ))([6]) ، فإن سعيد بن المسيب من التابعين رفع الحديث إلى النبي ﷺ .
تنبيه :
هناك صورتان لا بد من التنبه لهما تحت تعريف المرسل :
الصورة الأولى : ظاهرها الاتصال وهي في الحقيقة غير متصلة بل هي مرسلة ، وهي رواية من رأى النبي ﷺ ولم يسمع منه شيئاً([7]) ، كالصحابي غير المميز لصغره عند سماعه من النبي ﷺ ، فهو له شرف الصحبة لا حكمها في الرواية ، وحديثه من قبيل المرسل ولا يعد متصلاً فهو بمنزلة رواية كبار التابعين .
مثل : جَعْدة بن هبيرة المخزومي ، ولد في حياة النبي ﷺ وله رؤية ثبت له بها شرف الصحبة .
قال يحيى ابن معين([8]) : ( جعدة بن هبيرة لم يسمع من النبي ﷺ شيئاً ) .
ولهذا اختلف أهل العلم في الحكم عليه ، فذهب بعضهم كالعجلي وغيره إلى أنه تابعي لأنهم نظروا إلى عدم سماعه من النبي ﷺ فحديثه حكمه الإرسال ، وذهب آخرون إلى أنه صحابي ، فحكموا له بالصحبة بسبب الرؤيا .
والتحقيق أنه صحابي على تعريف الصحابي فله شرف الصحبة ، لكن حكم حديثه حكم روايات كبار التابعين لأنه لم يسمع من النبي ﷺ شيئاً([9]) .
الصورة الثانية : ظاهرها الإرسال وهي معضلة ، وهي رواية من له رؤية لبعض الصحابة ، ولم يسمع من أحد منهم شيئاً ، فهذا تثبت له شرف التابعية لا حكمها ، فروايته عن النبي ﷺ معضلة ، فإن الساقط بينه وبين النبي ﷺ اثنان تابعي وصحابي([10]) ، وسقوط الصحابي لا يضر ، لكنه قد يسقط أكثر من تابعي فتكون روايته معضلة لسقوط راويين فأكثر على التوالي ، وأما روايته عن الصحابة منقطعة لأنه لم يسمع منهم ، كروايات إبراهيم النخعي أو الأعمش عن النبي ﷺ([11]).
تنبيه آخر :
اعلم أن المتقدمين كثر عند بعضهم إطلاق المرسل على كل منقطع الإسناد ، مثاله :
قال أبوداود([12]) حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ الْأَنْطَاكِيُّ وَمُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خَالِدٍ قَالَ يَعْقُوبُ ابْنُ دُرَيْكٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا : ((أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ ، فَأَعْرَضَ عَنْهَا رَسُولُ اللهِ ﷺ وَقَالَ : يَا أَسْمَاءُ إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتْ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ )) .
قَالَ أَبُو دَاوُد : هَذَا مُرْسَلٌ خَالِدُ بْنُ دُرَيْكٍ لَمْ يُدْرِكْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- .
وهذا منقطع وليس مرسلا على الاصطلاح لأن خالد لم يرسل الحديث إلى النبي ﷺ ، ولهذا يكثر قول العلماء في التراجم : (يرسل الحديث عن فلان) و(كثير الإرسال عن فلان) أي منقطع بينه وبين من أرسل عنه ، ولهذا وجب التنبيه .
المسألة الثانية : حكم الحديث المرسل :
اعلم أن الحديث المرسل على صورتين :
الصورة الأولى : مرسل الصحابي :
مرسل الصحابي على ضربين :
الضرب الأول : الصحابي الذي لم يسمع من النبي ﷺ شيئاً ، كالصحابي الصغير غير المميز عند سماعه ، وسبق أن حديثه لا يعد متصلاً ، وأن حديثه ينزل منزلة كبار التابعين ، وقد عرفت حكمها ، وحكم المرسل([13]) .
الضرب الثاني : الصحابي الذي سمع النبي ﷺ لكن يروي عنه حديثاً لم يسمعه من النبي ﷺ ، وهو مرسل صحابي ، وهذا وقع عند كثير من الصحابة -رضوان الله عليهم- وأكثره في صغار الصحابة كعبد الله بن العباس ، وأنس بن مالك ، ومن تأخر إسلامه ، و مراسيل الصحابة محتج بها ولا يجوز ردها على الراجح .
قال السرخسي([14]) : (ولا خلاف بين العلماء في مراسيل الصحابة -رضي الله عنهم- أنها حجة ، لأنهم صحبوا رسول الله ﷺ ، فما يروونه عن رسول الله عليه السلام مطلقا يحمل على أنهم سمعوه منه أو من أمثالهم ، وهم كانوا أهل الصدق والعدالة ) .
وقال النووي([15]) : (مرسل الصحابي حجة عند جميع العلماء إلا ما انفرد به الأستاذ أبو إسحاق الإسفراينى) .
قال الحافظ العراقي([16]) : (إن المحدثين وإن ذكروا مراسيل الصحابة فإنهم لم يختلفوا في الاحتجاج بها أما الأصوليون فقد اختلفوا فيها فذهب الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني إلى أنه لا يحتج بها ، وخالفه عامة أهل الأصول فجزموا بالاحتجاج بها …) .
ولا عبرة بخلاف أبي إسحاق –رحمه الله تعالى- لأن إجماع من قبله حجة عليه ، وقوله يعد شذوذا ، قال ابن قدامة([17]) : (مراسيل أصحاب النبي ﷺ مقبولة عند الجمهور وشذ قوم فقالوا : لا يقبل مرسل الصحابي إلا إذا عرف بصريح خبره ، أو بعادته أنه لا يروي إلا عن صحابي ، وإلا فلا ، لأنه قد يروي عمن لم تثبت لنا صحبته .
وهذا ليس بصحيح ، فإن الأمة اتفقت على قبول رواية ابن عباس ونظرائه من أصاغر الصحابة مع إكثارهم ، وأكثر روايتهم عن النبي ﷺ مراسيل ) .
قال الخطيب البغدادي([18]) : (مراسيل الصحابة كلهم مقبولة لكونهم جميعاً عدولاً مرضيين ، وإن الظاهر فيما أرسله الصحابي ولم يبين السماع فيه أنه سمعه من رسول الله ﷺ أو من صحابي سمعه عن رسول الله ﷺ ، وأما من روى منهم عن غير الصحابة فقد بيّن في رواته ممن سمعه ، وهو أيضاً قليل نادر فلا اعتبار به ، وهذا هو الأشبه بالصواب عندنا …) .
يؤيده ما صح عن البراء بن عازب –رضي الله عنه- فإنه قال : (مَا كُلُّ الْحَدِيثِ سَمِعْنَاهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ ، كَانَ يُحَدِّثُنَا أَصْحَابُنَا عَنْهُ كَانَتْ تَشْغَلُنَا عَنْهُ رَعِيَّةُ الإِبِلِ)([19]) .
وروى قتادة السدوسي عن أنس بن مالك قصةً ، فقال له رجلٌ : سمعت هذا من أنس؟ قال : نعم . قال رجل لأنس : أَسَمِعه من رسول الله ﷺ ؟ قال : نعم ، وحدثني من لم يكذب ، والله ما كنّا نكذب ولا ندري ما الكذب([20]) .
الصورة الثانية : مرسل غير الصحابي :
اختلف العلماء –رحمهم الله تعالى- في قبول والاحتجاج بمراسيل غير الصحابة ، على أقوال ، والراجح عدم قبول الحديث المرسل والاحتجاج به إلا إذا احتفت به القرائن ، وهو مذهب الأئمة([21]) كالأوزاعي ، وعبد الله بن المبارك ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وهو قول أكثر أهل الحديث منهم الإمام مسلم ، والترمذي ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم الرازي ، وابن حبان ، والخطيب ، وابن حزم ، وغيرهم ، وهو قول كثير من الفقهاء والأصوليين .
ورجحت هذا المذهب لأن الراوي الساقط من السند مجهول ، فيحتمل أن يكون ضعيفاً ، فإذا كان رواية المجهول المسمى لا تقبل لجهالته ، فرواية المرسل من باب أولى لأن المروي عنه الساقط من السند مجهول العين والحال .
المسألة الثالثة : شروط قبول المرسل هي :
قال ابن رجب([22]) ملخصا ً شروط الإمام الشافعي في قبول الحديث المرسل([23]) : (ومضمون كلام الشافعي وهو كلام حسن جداً ، ومضمونه أن الحديث المرسل يكون صحيحاً ، ويقبل بشروط منها :
في نفس المُرْسِل وهي ثلاثة :
أحدها : أن لا يعرف له رواية عن غير مقبول الرواية ؛ من مجهول أو مجروح .
وثانيها : أن لا يكون ممن يخالف الحفاظ إذا أسند الحديث فيما أسندوه ، فإن كان ممن يخالف الحفاظ عند الإسناد لم يقبل مرسله .
وثالثها : أن يكون من كبار التابعين ، فإنهم لا يروون غالباً إلا عن صحابي أو تابعي كبير ، وأما غيرهم من صغار التابعين ومن بعدهم فيتوسعون في الرواية عمن لا تقبل روايته .
وأيضاً فكبار التابعين كانت الأحاديث في وقتهم الغالب عليها الصحة ، وأما من بعدهم فانتشرت في أيامهم الأحاديث المستحيلة ، وهي الباطلة الموضوعة ، وكثر الكذب حينئذ .
فهذه شرائط من يقبل إرساله .
وأما الخبر الذي يرسله :
فيشترط لصحة مخرجه وقبوله أن يعضده ما يدل على صحته وأن له أصلاً ، والعاضد له أشياء :
أحدها – وهو أقواها- : أن يسنده الحفاظ المأمونون من وجه أخر عن النبي ﷺ بمعنى ذلك المُرْسَل ، فيكون دليلاً على صحة المرسل ، وأن الذي أرسل عنه كان ثقة . وهذا هو ظاهر كلام الشافعي …
والثاني : أن يوجد مرسل آخر موافق له ، عن عالم يروي عن غير من يروي عنه المُرْسِل الأول فيكون ذلك دليلاً على تعدد مخرجه ، وأن له أصلاً ، بخلاف ما إذا كان المُرْسِل الثاني لا يروي إلا عمن يروي عنه الأول ، فإن الظاهر أن مخرجهما واحد لا تعدد فيه …
والثالث : أن لا يوجد شيء مرفوع يوافقه ، لا مسند ولا مرسل ، لكن يوجد ما يوافقه من كلام بعض الصحابة ، فيستدل به على أن للمرسل أصلاً صحيحاً أيضاً ، لأن الظاهر أن الصحابي إنما أخذ قوله عن النبي ﷺ .
والرابع : أن لا يوجد للمرسل ما يوافقه لا مسند ولا مرسل ولا قول صحابي ، لكنه يوجد عامة أهل العلم على القول به ، فإنه يدل على أن له أصلاً ، وأنهم مسندون في قولهم إلى ذلك الأصل([24]) .
فإذا وجدت هذه الشرائط دلت على صحة المرسل وأنه له أصلاً ، وقبل واحتج به . ومع هذا فهو دون المتصل في الحجة ، فإن المرسل وإن اجتمعت فيه هذه الشرائط فإنه يحتمل أن يكون في الأصل مأخوذاً عن غير من يحتج به ، ولو عضده حديث متصل صحيح ، لأنه يحتمل أن لا يكون أصل المرسل صحيحاً . وإن عضده مرسل فيحتمل أن يكون أصلهما واحداً وأن يكون متلقى عن غير مقبول الرواية ، وإن عضده قول صحابي فيحتمل أن الصحابي قال برأيه من غير سماع من النبي ﷺ فلا يكون في ذلك ما يقوي المرسل . ويحتمل أن المرسل لما سمع قول الصحابي ظنه مرفوعاً فغلط ورفعه ، ثم أرسله ولم يسم الصحابي ، فما أكثر ما يغلط في رفع الموقوفات ، وإن عضده موافقة قول عامة الفقهاء فهو كما لو عضده قول الصحابي وأضعف ، فإنه يحتمل أن يكون مستند الفقهاء اجتهاداً منهم ، وأن يكون المرسل غلط ورفع كلام الفقهاء ، لكن هذا في حق كبار التابعين بعيد جداً ) .
وذهب بعض أهل العلم إلى قبول الحديث المرسل بشرط واحد فقط وهو أن يكون المرسل ثقة ودليلهم على ذلك هو أن إرسال الثقة تعديل لمن أرسل عنه ، لأن عدم ذكره له دليل على أنه ثقة لأنه لو كان غير ذلك لبين .
جوابه :
الجواب الأول : هذه غير صحيح ، لأن المُرْسِل ربما لم يذكر الساقط لعدم علمه به أصلا ، والواقع العملي يشهد بذلك ، فكم من المُرْسِلين الذين كانوا يرون عن كل أحد .
الجواب الثاني : ليس كل ثقة له التمييز بين النقلة ، فقد لا يكون المُرْسِل من أهل الجرح والتعديل .
الجواب الثالث : سلمنا أنه من أهل الجرح والتعديل ، وأن الساقط عنده ثقة ، لكن مما هو معلوم أن الراوي قد يكون مختلفا فيه جرحا وتعديلا ، والجرح المفسر أرجح على تفصيل سيأتي إن شاء الله تعالى ، فكيف السبيل إلى الترجيح بين الجرح والتعديل في راوي لم يذكر في الإسناد أصلا.
الجواب الرابع : أنه قد يكون الساقط ثقة عند المُرسِل ضعيف عند غيره ، فكيف نقبل من لا نعلم حاله .
الجواب الخامس : أن الثقات عرف اعتناؤهم بالأسانيد وذكرهم للرواة وهو الذي عرف به ضبطهم وإتقانهم ، فإذا ذكر من حدثه بالحديث فقد أُعذر ، فعدول أحدهم إلى الإرسال وعدم ذكر من حدثه يورد مظنة القدح في الراوي الذي أُسقط من الإسناد والشك فيه لأنه لو كان ثقة لحدث به وذكره في الإسناد ، ولهذا قال يحي بين سعيد القطان : (سفيان عن إبراهيم شبه لا شيء لأنه لو كان فيه إسنادٌ صَاحَ به)([25]) .
الجواب السادس : أن المرسل منقطع لجهالة الساقط فلا يصح الاحتجاج به إلا مع وجود قرائن تدل على ثبوته ، ولهذا تجد المخالف لا يقبل الاحتجاج بالحديث المرسل لانقطاعه ، ولهذا يقول ابن عبد البر([26]) : (ثُمَّ إنِّي تَأَمَّلْت كُتُبَ الْمُنَاظِرِينَ والمختلفين من المتفقهين وأصحاب الأثر من أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ ، فلم أَرَ أَحَدًا منهم يقنع من خَصَمَهُ إذَا احْتَجَّ عليه بِمُرْسَلٍ ، وَلَا يَقْبَلُ منه في ذلك خَبَرًا مَقْطُوعًا ، وَكُلُّهُمْ عِنْدَ تَحْصِيلِ الْمُنَاظَرَةِ يُطَالِبُ خَصْمَهُ بِالِاتِّصَالِ في الْأَخْبَارِ) .
وقال ابن رجب([27]) : (واعلم أنه لا تنافي بين كلام الحفاظ وكلام الفقهاء في هذا الباب ، فإن الحفاظ إنما يريدون صحة الحديث المعين إذا كان مرسلاً ، وهو ليس بصحيح على طريقتهم ، لانقطاعه وعدم اتصال إسناده إلى النبي ﷺ ، وأما الفقهاء فمرادهم صحة ذلك المعنى الذي دل عليه الحديث ، فإذا عضد ذلك المرسل قرائن تدل على أن له أصلاً قوي الظن بصحة ما دل عليه ، فاحتج به مع ما اختلف به من القرائن . وهذا هو التحقيق في الاحتجاج بالمرسل عند الأئمة ) .
تنبيه :
نلاحظ أن السلف في زمن التابعين يتساهلون في قبول المرسل أكثر ممن بعدهم ، أما من بعد عصر التابعين فصار التشديد في قبول المرسل ، لأن عصر التابعين أقرب إلى زمن النبي ﷺ ، فالساقط من السند إلى الثقة أقرب منه للضعيف ولهذا كانوا ينظرون إلى المُرْسِل إذا كان ثقة تساهلوا في قبول إرساله ، بخلاف من بعدهم من العصور فالسقط والجهالة تزيد من حيث العدد والصفة ، إلا أنك عرفت أن المرسل ضعيف ولا يقبل حتى يوجد ما يقويه ، ولكن لا شك أن مرسل كبار التابعين أقوى من مرسل من دونهم . والله أعلم .
([1])ينظر : معجم مقاييس اللغة (2/392) ، والمحكم (8/472) ، وتهذيب اللغة (12/391) ، ولسان العرب (5/211) .
([2])ينظر : تيسير التحرير (3/102) ، وكشف الإسرار (2/40) ، والبحر المحيط (6/338) ، وفواتح الرحموت (2/222) ، والإحكام للآمدي (2/123) ، والمستصفى (2/281) ، والتحقيقات في شرح الورقات ص (500) ، والتحبير شرح التحرير (5/2136) ، وشرح الكوكب المنير (2/574) ، وشرح الورقات لابن الفركاح ص (294) ، وشرح اللمع (2/347) ، ونهاية السول للإسنوي (2/721) ، الأنجم الزاهرات ص (213) ، وشرح مختصر الروضة (2/230) ، والمذكرة ص (258) .
([3])ينظر : الاقتراح في الاصطلاح ص (208) ، وشرح أليفية العراقي للأنصاري (2/144) ، وتدريب الراوي (1/219) ، وكفاية الحفظة شرح الموقظة ص (120) ، وإسبال المطر على قصب السكر ص (110) ، والباعث الحثيث (1/153) ، وفتح الباقي شرح ألفية العراقي ص (141) ، والتقيد والإيضاح شرح مقدمة ابن صلاح ص (55) ، والنكت على كتاب ابن الصلاح (2/540) ، وشرح نخبة الفكر ص (399) ، وكتاب إرشاد الحقائق (1/167) ، الشذا الفياح من علوم ابن الصلاح (1/147) ، والنكت على نزهة النظر ص (109) ، واليواقيت والدرر على نخبة ابن حجر (1/498) .
([5])في الموطأ رقم (774) ، باب بيع الغرر .
([6])النهي عن بيع الغرر رواه مسلم رقم (2783) بإسناده عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- قَالَ : (( نَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ ، وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ)) . وروى البخاري معناه عن ابن عمر –رضي الله عنهما- رقم (2143) .
([7])تعريف الصحابي : هو من لقي النبي ﷺ مؤمناً به ومات على الإسلام ولو تخللت ردة في الأصح .
([8])تاريخ ابن معين رواية الدوري (3/46) رقم (187) .
([9])ينظر : أسد الغابة (1/539) ، ومعرفة الثقات للعجلي (1/268) ، وكتاب الجرح والتعديل (2/526) ، ومعجم أسامي الرواة (1/367) .
([10])بخلاف الرواية المرسلة فإنه قد يكون الساقط صحابي فقط أو صحابي وتابعي أما هذه الصورة فإنه لا يمكن أن يكون الساقط صحابي فقط .
([11])ينظر : تحرير علوم الحديث (2/923) .
([12])سنن أبي داود (4/106) رقم الحديث (4106) .
([13])وسبق بيان الراجح في أن له شرف الصحبة أما حكم الرواية فلا لأنه لم يسمع النبي ﷺ .
([15])شرح مسلم للنووي (2/197) .
([16])التقيد والإيضاح ص (63) .
([19])رواه الإمام أحمد في المسند برقم (18493) .
([20])أخرجه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ ، قال في تحرير علوم الحديث (2/949) : إسناده حسن .
([21])ينظر : الرسالة للإمام الشافعي ص (465)، ومقدمة صحيح مسلم بشرح النووي (1/132) ، والمجموع (1/60) ، والنكت على ابن الصلاح (2/546) ، والتمهيد (1/7) ، وشرح علل الترمذي لابن رجب ص (227) ، والكفاية في علم الرواية ص (426) ، والإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (2/2) .
([22])شرح علل الترمذي (1/225) .
([23])تنظر : الرسالة للإمام الشافعي ص (461) .
([24])إن أراد بعامة أهل العلم الإجماع بنوعية فصحيح ، وإن أراد بعامة أهل العلم الكثرة مع وجود المخالف فلا ، فكم في كتب الفقه من المسائل أصلها حديث ضعيف جداً وعامة الفقهاء يقولون بها ، وأيضا ربما عامة الفقهاء قالوا بهذه المسألة بناء على هذا الحديث المرسل ، فيلزم من تقويته بقول عامة أهل العلم الدور ، فقوينا قول عامة أهل العلم بالمرسل الذي كنا قد قويناه بقول عامة أهل العلم .
([25])ينظر : الكفاية ص (426) ، وتدريب الراوي ص (205) ، وشرح علل الترمذي (1/212) .