الحديث الصحيح

الحديث الصحيح .

المبحث الأول : تعريف الحديث الصحيح :

الصحيح لغة([1]) :  الصُّحُّ والصِّحَّةُ والصَّحاحُ خلافُ السُّقْمِ وذهابُ المرض ، وقد صَحَّ فلان من علته واسْتَصَحَّ ، صَحِيحُ الأَديم وصَحاحُ الأَديم بمعنى أَي غير مقطوع ، وهو أَيضاً البراءَة من كل عيب وريب .

إذا الصحيح هو السليم من المرض والعلة ، وغير المقطوع ، والبراءة من كل عيب وريب . هذه المعاني هي التي يصلح أن تذكر في بحثنا هنا وهي التي تناسب المعنى الاصطلاحي الآتي .

الصحيح لذاته اصطلاحا([2]) : ما اتصل إسناده بنقل العدل التام الضبط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة قادحة .

شرح التعريف :

قولنا : (ما) : اسم موصول بمعنى الذي .

وقولنا : (اتصل إسناده) : هذا هو الشرط الأول ، وهو اتصال السند ، وخرج به كل إسناد لم يتصل ، فخرج به المنقطع ، والمعضل ، والمعلق ، والمرسل ، وسيأتي تفصيلها .

والإسناد : هو الطريق الموصل للمتن ، أو سلسلة الرواة الذين يذكرهم المحدث ابتداءً بشيخه وانتهاءً بمن يسند إليه الخبر ، والمتن غاية ما ينتهي إليه الإسناد من الكلام .

وقولنا : (بنقل العدل) : العدالة هي حسن الإسلام ، مع السلامة من الفسق وخوارم المروءة ، فالعدالة ملكة تحث صاحبها على التقوى ، وتحجزه عن المعاصي والكذب وما يخل بالمروءة .

وخرج به من علم عدم عدالته كالكذاب ، والفاسق ، ونحوهما .

وخرج به من لم تعرف عدالته ويشمل :

أولا : مجهول العين وهو الذي لا يدرى من هو ولم يوثقه أحد ، ولم يعرف ذكره إلا من رواية واحد عنه ، وقد يكون ذلك الراوي عنه مجروحاً أو مجهولاً مثله .

ثانياً : مجهول الحال ، وهو الذي عرف برواية أكثر من ثقة عنه ، ولم يوثقه أحد . وهو المستور .

وقولنا : (التام الضبط) : أي كامل الضبط ، في حَالَتي التحمل وهو تلقي الحديث ، والأداء أي أداء الحديث وتبليغه ، من غير حصول قصور في  ضبطه .

فخرج المغفل كثير الخطأ ، بأن لا يميز  الصواب من غيره ، فيرفع الموقوف ، ويصل المرسل ، ويُصَحِّف الرواة وهو لا  يشعر .

وخرج به من خف ضبطه : وهو ما يسمى ضبطاً مما هو المعتبر في الحسن لذاته ، فخرج به الحديث الحسن ، كما سيأتي .

والضبط ينقسم إلى قسمين ، ضبط صدر ، وضبط كتاب .

الأول : ضبط صدر : وهو الذي يثبت ما سمعه بحيث يتمكن من استحضاره من حفظه متى شاء .

وشرطه :

  • أن يروي من استحضاره كما تلقى الحديث .
  • أن لا يغير المعنى إذا روى الحديث بالمعنى .

الثاني : ضبط كتاب : وهو صون كتابه الذي يحدث منه عن تطرق الخلل له من حين سمع فيه وقابله إلى أن يؤدي منه .

وشرطه :

  • أن يكون الذي يروي منه مصححاً يعني مطابقاً لما تلقاه فإنه في مجلس سماع الشيخ ، فلا بد أن يكون كتابه مطابقاً لما سمعه من الشيخ .
  • أن يحفظ كتابه من التبديل والتغيير .
  • أن يحدث من كتابه إذا كان ضبطه ضبط كتاب فقط ولا يحفظ حفظ صدر .

وقولنا : (عن مثله إلى منتهاه) : يعني أن اتصال السند والعدالة وتمام الضبط لابد أن تكون من أول السند إلى منتهاه .

وقولنا : (من غير شذوذ) : وهو ما رواه المقبول مخالفاً من هو أولى منه ، ويكون الشذوذ في السند أو المتن أو فيهما كما سيأتي تفصيله .

وقولنا : (ولا علة قادحة) : يعني ومن غير علة قادحة ، والعلة هي شيء خفي يقدح في السند أو المتن مع أن الظاهر السلامة منه ، ولا يطلع عليها في الغالب إلا الجهابذة في هذا الفن ، وقيدنا العلة بالقادحة لأن من العلل ما لا يكون قادحا في صحة الحديث ، كالاختلاف في ثمن البعير الذي باعه جابر –رضي الله عنه- للنبي ﷺ ، وسيأتي تفصيل ذلك كله إن شاء الله تعالى .

فيؤخذ من تعريف الحديث أن شروط الحديث الصحيح هي :

أولا : اتصال السند .

ثانياً : العدالة .

ثالثاً : تمام الضبط .

رابعاً : عدم الشذوذ .

خامساً : عدم العلة .

مثال الحديث الذي اجتمعت فيه الشروط السابقة في التعريف :

قال الإمام البخاري –رحمه الله تعالى- : حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ أَنَّهُ سَمِعَ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ يَقُولُ : سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ – رضي الله عنه – عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -ﷺ يَقُولُ : (( إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ))([3]) .

المبحث الثاني : أنواع الحديث الصحيح :

يتنوع الحديث الصحيح إلى نوعين :

النوع الأول : الحديث الصحيح لذاته ، وسبق تعريفه والمثال عليه .

النوع الثاني : الحديث الصحيح لغيره ، وهو ما قصر عن الحديث الصحيح لذاته إلا أنه وجد ما يرتقي به إلى الحديث الصحيح ككثرة الطرق ، أو المتابعات أو الشواهد ونحوها .

– فقد يكون الحديث إسناده حسناً وسيأتي بيانه ، وجاء طريق آخر سواء كان حسناً أو ضعيفاً ضعفاً يسيرا فإنه يرتقي الحديث بمجموع ذلك إلى الحديث الصحيح لغيره .

مثاله :

قال الإمام الترمذي حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ : (( أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ ))([4]) .

وهذا إسناد حسن ، لأجل الحسن بن عرفة ، قال عنه الحافظ بن حجر([5]) : (الحسن بن عرفة بن يزيد العبدي أبو علي البغدادي صدوق) . وعبد الرحمن بن محمد ، قال عنه الحافظ بن حجر([6]) : (عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن زِيَاد الْمحَاربي أَبُو مُحَمَّد الْكُوفِي ، وَثَّقَهُ ابن معِين وَالنَّسَائِيّ وَالْبَزَّار وَالدَّارَقُطْنِيّ ، وَقَالَ أَبُو حَاتِم : صَدُوق إِذا حدث عَن الثِّقَات ، ويروي عَن المجهولين أَحَادِيث مُنكرَة فتفسد حَدِيثه ، وَقَالَ عُثْمَان الدَّارمِيّ : لَيْسَ بِذَاكَ ، وَقَالَ عبد الله بن أَحْمد عَن أَبِيه : بلغنَا أَنه كَانَ يُدَلس ، وَلَا نعلمهُ سمع من معمر ، وَقَالَ الْبَاجِيّ : صَدُوق يهم . قلت : لَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى حديثين مُتَابعَة) . وحسن إسناد الترمذي هذا الحافظ ابن حجر في الفتح([7]) .

والحديث صحيح لما رواه الترمذي قال : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ كَامِلٍ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ : ((عُمْرُ أُمَّتِي مِنْ سِتِّينَ سَنَةً إِلَى سَبْعِينَ سَنَةً ))([8]) .

قَالَ أَبُو عِيسَى : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ .

وهذا إسناد حسن رجاله ثقات ، غير محمد بن ربيعة قال عنه الحافظ ابن حجر([9]) : (محمد بن ربيعة الكلابي الكوفي بن عم وكيع صدوق من التاسعة مات بعد التسعين) .

فالحديث صحيح لغيره بمجموع هذين الطريقين عن أبي هريرة –رضي الله عنه- .

– وقد يكون الحديث إسناده ضعيفاً ضعفاً يسيرا ، وجاء من طرق أخرى بأسانيد فيها ضعف ، فينظر فيها الباحث فيغلب على ظنه أو يقطع بصحة هذا الحديث لكثرة طرقه .

مثاله :

قال الإمام أبو داود : حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ : (( لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا وُضُوءَ لَهُ ، وَلَا وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِ ))([10]) .

وهذا إسناد ضعيف لأجل يعقوب بن سلمة وأبيه ، قال الحافظ  ابن حجر([11]) : (يعقوب الليثي المدني مجهول الحال)  ، وقال عن والده([12]) : (سلمة الليثي مولاهم المدني لين الحديث ) .

والحديث وإن كان إسناده ضعيفاً إلا أنه حديث صحيح لكثرة شواهده منها : حديث أبي سعيد الخدري ، وسعيد بن زيد ، وسهل بن سعد ، وعائشة ، وأبي سبرة ، وأم سبرة ، وعلي ، وأنس –رضي الله عنهم أجمعين- . تنظر هذه الشواهد والكلام على أسانيدها في تلخيص الحبير (1/250) . وقال الألباني في صحيح أبي داود (1/168) : (حديث صحيح ، وقواه المنذري ، والحافظ العسقلاني ، وحسنه ابن الصلاح ، وقال الحافظ ابن كثير : إنه حديث حسن أو صحيح ، وقال ابن أبي شيبة : إنه ثبت ) . وقال في إرواء الغليل  (1/122) : (وقال الحافظ العراقي في محجة القرب في فضل العرب  ( ص 27 – 28 ) : هذا حديث حسن  ) .

تنبيه :

قد تكون كثرة طرق الحديث الذي يكون إسناده ضعيفاً تزيد من ضعف الحديث إذا كانت شديدة الضعف لفسق الراوي أو كذبه أو بها عللا تزيد الإسناد الأول وَهْناً على وهن ، وذلك يعرف عنده أهل هذا الفن ، وسيأتي تفصيل شيء من ذلك إن شاء الله تعالى .

قال الشيخ أحمد شاكر([13]) : (إذا كان ضعف الحديث لسوء حفظ الراوي أو نحو ذلك فإنه يرقى إلى درجة الحسن أو الصحة بتعدد طرقه إن كانت كذلك ، وأما إذا كان ضعف الحديث لفسق الراوي أو اتهامه بالكذب ، ثم جاء من طرق أخرى من هذا النوع ، فانه لا يرقى إلى الحسن بل يزداد ضعفاً إلى ضعف ، إذ أن تفرد المتهمين بالكذب أو المجروحين في عدالتهم بحديث لا يرويه غيرهم يرجح عند الباحث المحقق التهمة ويؤيد ضعف رواياتهم ، و بذلك يتبين خطأ المؤلف هنا -يعني السيوطي- وخطؤه في كثير من كتبه في الحكم على أحاديث ضعاف بالترقي إلى الحسن مع هذه العلة القوية ) .

ومن أمثلة ذلك :

ما روي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ : ((كُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللهِ ﷺ ، فَقُدِّمَ لِرَسُولِ اللهِ ﷺ فَرْخٌ مَشْوِيٌّ ، فَقَالَ : «اللَّهُمُ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ يَأْكُلُ مَعِي مِنْ هَذَا الطَّيْرِ» قَالَ : فَقُلْتُ : اللَّهُمُ اجْعَلْهُ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ فَجَاءَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- ، فَقُلْتُ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ عَلَى حَاجَةٍ ، ثُمَّ جَاءَ ، فَقُلْتُ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ عَلَى حَاجَةٍ ثُمَّ جَاءَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ : «افْتَحْ» فَدَخَلَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ : «مَا حَبَسَكَ عَلَيَّ»؟ فَقَالَ : إِنَّ هَذِهِ آخِرَ ثَلَاثِ كَرَّاتٍ يَرُدَّنِي أَنَسٌ يَزْعُمُ إِنَّكَ عَلَى حَاجَةٍ ، فَقَالَ : «مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟» فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، سَمِعْتُ دُعَاءَكَ ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ يَكُونَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : «إِنَّ الرَّجُلَ قَدْ يُحِبُّ قَوْمَهُ» )) ([14]) .

حديث أنس هذا له ستة عشر طريقاً ذكرها ابن الجوزي في العلل المتناهية (1/228-237) وذكر علة كل طريق ، والصحيح أنها خمسة عشر طريقاً كما ذكر ذلك الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة رقم (6575) ، والحديث منكر ، لا يصح سندا ولا متنا ، قال ابن الجوزي بعد ذكر جميع الطرق وعللها([15]) : (وقد ذكره ابن مردويه من نحو عشرين طريقا كلها مظلم ، وفيها مطعن فلم أر الإطالة بذلك أنبأنا محمد بن ناصر قال : أنبأنا محمد بن طاهر المقدسي قال كل طرقه باطلة معلولة ، وصنف الحاكم أبو عبد الله في طرقه جزء ضخما وكان قد أدخله في المستدرك على الصحيحين ، فبلغ الدارقطني فقال : يستدرك عليها حديث الطائر ، فبلغ الحاكم فأخرجه من الكتاب ، وكان يتهم بالتعصب بالرافضة ، وكان يقول : هو حديث صحيح ولم يخرج في الصحيح . وقال ابن طاهر : حديث الطائر موضوع إنما يجيء من سقاط أهل الكوفة عن المشاهير) .

وأما متنه فمنكر من وجوه :

الأول : أنه قال : ((اللَّهُمُ ائْتِنِي بِأَحَبِّ خَلْقِكَ إِلَيْكَ)) بصيغة أفعل للتفضيل وهذا يدل على أن علي –رضي الله عنه- أحب خلق الله إليه حتى من النبي ﷺ وهذا ظاهر البطلان .

الثاني : أن أنس –رضي الله عنه- كذب في قوله : (( إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ عَلَى حَاجَةٍ )) وهو ﷺ لم يكن كذلك ، وهذا يكفي رد هذا الحديث فالصحابة كلهم عدول –رضي الله عنهم أجمعين – .

الثالث : وهو أشنع من الثاني أن النبي ﷺ أقر أنس –رضي الله عنه- على الكذب حيث إنه لم ينكر عليه ، وهذا باطل قطعاً .

وهذا لا شك أنه مسقط للحديث والتشيع في الحديث ظاهر وخاصة أن في رواته من هو كذلك ، وأيضا المتتبع لأسانيده يجد سرقه بعض الوضاعين – من الشيعة والضعفاء والمجهولين -، قد ركبوا عليه أسانيد كثيرة ، وهو لا يزداد بها إلا ضعفاً .

قال العقيلي([16]) : (ليس لهذا من حديث ثابت أصل … هذا الباب الرواية فيها لين وضعف لا نعلم فيه شيء ثابت ، وهكذا قال محمد بن إسماعيل البخاري ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية([17]) : (فإن حديث الطير لم يروه أحد من أصحاب الصحيح ولا صححه أئمة الحديث ولكن هو مما رواه بعض الناس كما رووا أمثاله في فضل غير علي ، بل قد روي في فضائل معاوية أحاديث كثيرة وصنف في ذلك مصنفات وأهل العلم بالحديث لا يصححون لا هذا و لا هذا .

الثاني : أن حديث الطائر من المكذوبات الموضوعات عند أهل العلم والمعرفة بحقائق النقل قال أبو موسى المديني : قد جمع غير واحد من الحفاظ طرق أحاديث الطير للاعتبار والمعرفة كالحاكم النيسابوري وأبي نعيم وابن مردويه . وسئل الحاكم عن حديث الطير فقال : لا يصح …).

وأطال رحمه الله تعالى في بيان ضعفه ورد متنه .

وقال ابن كثير([18]) : (وقد روي أيضاً من حديث أبي سعيد الخدري ، وصححه الحاكم ولكن إسناده مظلم وفيه ضعفاء .

وروي من حديث حبشي بن جنادة ولا يصح أيضا ، ومن حديث يعلى بن مره والإسناد إليه مظلم ، ومن حديث أبي رافع نحوه وليس بصحيح .

وقد جمع الناس في هذا الحديث مصنفات مفردة منهم أبو بكر بن مردويه ، والحافظ أبو طاهر محمد بن أحمد بن حمدان فيما رواه شيخنا أبو عبد الله الذهبي ، ورأيت فيه مجلدا في جمع طرقه وألفاظه لأبي جعفر بن جرير الطبري المفسر صاحب التاريخ ، ثم وقفت على مجلد كبير في رده وتضعيفه سندا ومتنا للقاضي أبي بكر الباقلاني المتكلم .

وبالجملة ففي القلب من صحة هذا الحديث نظر وإن كثرت طرقه والله أعلم) .

فالتقوية بكثرة الطرق ليست قاعدة مطردة بل لها ضوابط كما سبق ، قال الشيخ الألباني([19]) : (تقوية الحديث بكثرة الطرق الضعيفة ليست قاعدة مطردة – كما هو مشروح في علم المصطلح -، فكم من حديث كثرت طرقه ، ومع ذلك ضعفه العلماء كحديث : “من حفظ على أمتي أربعين حديثاً …” وغيره . ولذلك قال الحافظ الزيلعي في كتابه القيم “نصب الراية لأحاديث الهداية” (1/358 -360 ) : “وأحاديث الجهر – وإن كثرت رواتها ، لكنها – كلها ضعيفة ، وكم من حديث كثرت رواته ، وتعددت طرقه ، وهو حديث ضعيف ، كحديث الطير”.

ومن هذا القبيل حديث قصة الغرانيق ، ولي فيها رسالة نافعة مطبوعة .

ولهذا لم نر الحفاظ المتقدمين أعملوا هذه القاعدة هنا ، بل صرحوا بضعف الحديث([20])  -كما تقدم عن الإمام البخاري والعقيلي والبزار ، وأبي يعلى الخليلي – ، بل إن هذا نقل رده عن جميع أهل الحديث  -كما سبق – ) .

المبحث الثالث : العمل بالحديث الصحيح :

أجمع العلماء على وجوب العمل بالحديث الصحيح ، وهو حجة في الأحكام والعقائد ، دون تفريق بينهما ، ولا عبرة بخلاف من خالف في ذلك فإن خلافه يعد شذوذا([21]) ، وممن نقل الإجماع الخطيب البغدادي([22]) ، وابن حزم([23]) ، وأبو الحسين البصري([24]) ، وأبو يعلى([25]) ، وأبو الوليد الباجي([26]) ، وإمام الحرمين([27]) ، والغزالي([28]) ، وابن الحاجب([29]) ، وأبو الخطاب([30]) ، والسمرقندي([31]) ، وشمس الدين الأصفهاني([32]) ، وابن برهان([33]) ، وابن السمعاني([34]) ، وابن قدامة([35]) ، وغيرهم كثير .

قال الإمام الشافعي -رحمهم الله تعالى- ([36]) : (ولو جاز لأحد من الناس أن يقول في علم الخاصة : أجمع المسلمون قديماً وحديثاً على تثبيت خبر الواحد والانتهاء إليه ، بأنه لم يعلم من فقهاء المسلمين أحد إلا وقد ثبَّته ، جاز لي) .

وقال ابن عبد البر([37]) : (ليس في الاعتقاد كله في صفات الله وأسمائه إلا ما جاء منصوصا في كتاب الله أو صح عن رسول الله ﷺ أو أجمعت عليه الأمة ، وما جاء من أخبار الآحاد في ذلك كله أو نحوه يسلم له ولا يناظر فيه) .

وأدلة وجوب قبول خبر الواحد الصحيح والعمل به كثيرة جدا ، ولو أردنا أن نستقصيها لخرجنا بمجلدات ، وأكثر من تكلم عليها فيما قرأت الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- في كتابه الرسالة([38]) ، والإمام البخاري في صحيحه في كتاب أخبار الآحاد ، وغيرهما ، وقد أطلت هذا المبحث في كتابي التنقيحات في شرح تسهيل الطرقات لنظم الورقات في مبحث الآحاد فراجعه غير مأمور .

المبحث الرابع : أول من جمع الحديث الصحيح :

قال ابن كثير([39]) : (أول من اعتنى بجمع الصحيح أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ، وتلاه صاحبه وتلميذه أبو الحسن مسلم بن الحجاج النيسابوري . فهما أصح كتب الحديث ) .

فأول من اعتنى بجمع الصحيح المجرد ، هو الإمام الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري -رحمه الله تعالى- (ولد سنة 194 هـ وتوفي سنة 256 هـ) في كتاب أسماه (الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله ﷺ وسنته وأيامه) .

وسبب تأليفه لكتابه الجامع ما ذكره الحافظ ابن حجر –رحمه الله تعالى-([40]) فإنه قال : (فَقَلَّ إمام من الحفاظ إلا وصنف حديثه على المسانيد كالإمام أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وعثمان بن أبي شيبة ، وغيرهم من النبلاء ، ومنهم من صنف على الأبواب ، وعلى المسانيد معا كأبي بكر بن أبي شيبة ، فلما رأي البخاري -رضي الله عنه- هذه التصانيف ورواها ، وانتشق رياها ، واستجلى محياها ، وجدها بحسب الوضع جامعة بين ما يدخل تحت التصحيح ، والتحسين ، والكثير منها يشمله التضعيف فلا يقال : لِغَثِّه سمين فحرك همته لجمع الحديث الصحيح الذي لا يرتاب فيه أمين ، وقوى عزمه على ذلك ما سمعه من أستاذه أمير المؤمنين في الحديث والفقه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي المعروف بابن راهويه … قال أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري : كنا عند إسحاق بن راهويه فقال : لو جمعتم كتابا مختصرا لصحيح سنة رسول الله ﷺ . قال : فوقع ذلك في قلبي ، فأخذت في جمع الجامع الصحيح . وروينا بالإسناد الثابت عن محمد بن سليمان بن فارس قال سمعت البخاري يقول : رأيت النبي ﷺ وكأنني واقف بين يديه ، وبيدي مروحة أذب بها عنه ، فسألت بعض المعبرين فقال لي : أنت تذب عنه الكذب ، فهو الذي حملني على إخراج الجامع الصحيح … قال البخاري : ما كتبت في كتاب الصحيح حديثا إلا اغتسلت قبل ذلك وصليت ركعتين ) .

ثم تلاه تلميذه الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري ، (ولد سنة 204 هـ وتوفي سنة 261 هـ)  في كتاب أسماه (المسند الصحيح) .

المسألة الأولى : شرط الشيخين البخاري ومسلم في صحيحيهما :

سبق أن شروط الحديث الصحيح خمسة وهي اتصال السند ، والعدالة ، وتمام الضبط ، وعدم الشذوذ ، وعدم العلة ، وذكر كثير من العلماء أن الإمام البخاري اشترط أن يكون الراوي الذي يروي عن شيخه ثبت له اللقاء ولو مرة واحدة بشيخه ، وأما الإمام مسلم لا يشترط ثبوت اللقاء حتى يحكم بالاتصال بل يثبت عنده الاتصال بالمعاصرة ، وأن لا يكون الراوي ممن ترد روايته بالتدليس ، وأن لا يوجد دليل أو قرينة تدل على انتفاء اللقاء .

وهذا البحث في الحديث الذي قال فيه الراوي (عن) ونحوها ولم يصرح بالتحديث ولم يكن مدلسا ، كما سيأتي تفصيل ذلك في الحديث المدلس والمعنعن إن شاء الله تعالى .

ولا شك أن ما ذكر من أنه شرط للبخاري في صحيحه يزيد من قوة الاتصال وصحة الحديث ، وأيضا صحيح البخاري يرجح على صحيح مسلم من وجوه ، قال ابن كثير([41]) : (والبخاري أرجح ، لأنه اشترط في إخراجه الحديث -في كتابه هذا- أن يكون الراوي قد عاصر شيخه وثبت عنده سماعه منه ، ولم يشترط مسلم الثاني ، بل اكتفى بمجرد المعاصرة ) .

وقال الحافظ ابن حجر([42]) : (فالصفاتُ التي تدور عليها الصحةُ في كتابِ البُخَارِيِّ أتمُّ منها في كتابِ مسلمٍ وأشدّ ، وشَرْطُهُ فيها أقوى وأسدّ .

أما رُجْحانه من حيثُ الاتصال : فلاشتراطه أن يكون الراوي قد ثبت له لِقَاءُ مَنْ روى عنه، ولو مرةً ، واكتفى مسلمٌ بمطْلَقِ المعاصرة …

وأما رُجْحانُه مِنْ حيثُ العدالةُ والضبطُ : فلأنّ الرجالَ الذين تُكُلِّمَ فيهم مِن رجالِ مسلمٍ أكثرُ عدداً من الرجال الذين تُكُلِّمَ فيهم مِنْ رجالِ البُخَارِيّ ، مع أن البخاريَّ لم يُكْثِرْ من إخراج حديثهم ، بل غالبُهم من شيوخه الذين أَخذ عنهم ، ومارس حديثهم ، بخلافِ مسلمٍ في الأمرين.

وأما رُجحانُه من حيثُ عدمُ الشذوذِ والإعلالِ : فلأن ما انْتُقِدَ على البُخَارِيّ من الأحاديث أقلُّ عدداً مما انْتَقِدَ على مسلمٍ ، هذا مع اتفاق العلماء على أن البخاريَّ كانَ أجلَّ مِنْ مُسْلم في العلوم ، وأعرفَ بصناعةِ الحديث منه ، وأن مسلماً تلميذه وخِرِّيجُهُ ولم يَزَلْ يستفيدُ منه ويَتَّبع آثارَه ، حتى لقد قال الدارقطنيُّ : لولا البخاريُّ لما راحَ مسلمٌ ولا جاء ) .

إلا أن ما ينسب  للإمام البخاري من أنه اشترط العلم بثبوت اللقيّ مع المعاصرة في صحيحه ، وكذلك نسب إلى علي بن المديني([43]) ، فهذه النسبة فيها نظر ، لأن الظاهر من صنيع الإمام البخاري أنه كغيره من الأئمة في عدم اشتراط ذلك ، فإنه لا يختلف اثنان في أن الإمام البخاري لم يصِّرح بالشرط المنسوب إليه لا في صحيحه ولا خارج صحيحه ، وما كان كذلك لا يصح أن ينسب إليه أنه يشترط ذلك سواء كان شرط صحة أو كمال ، فالإمام البخاري -رحمه الله تعالى- كبقية العلماء في أن العلم بثبوت اللقيّ ليس بشرط ، واثبات أنه يشترط العلم بثبوت اللقيّ يحتاج إلى دليل إلا أن الإمام البخاري يغلب عليه التحري في كتابه الجامع الصحيح ، ومما يدل على ذلك ما يأتي :

أولا : أن الإمام البخاري لم يصرح بالشرط المنسوب إليه ، ولو كان شرطا عنده لصرح به ، أو لعلمه تلامذته ، يؤيده :

ثانياً : قال الإمام مسلم([44]) : (وَزَعَمَ الْقَائِلُ الَّذِي افْتَتَحْنَا الْكَلَامَ عَلَى الْحِكَايَةِ عَنْ قَوْلِهِ ، وَالْإِخْبَارِ عَنْ سُوءِ رَوِيَّتِهِ ، أَنَّ كُلَّ إِسْنَادٍ لِحَدِيثٍ فِيهِ فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ ، وَقَدِ أحَاطَ الْعِلْمُ بِأَنَّهُمَا قَدْ كَانَا فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ ، وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَى الرَّاوِي عَمَّنْ رَوَى عَنْهُ قَدْ سَمِعَهُ مِنْهُ وَشَافَهَهُ بِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا نَعْلَمُ لَهُ مِنْهُ سَمَاعًا ، وَلَمْ نَجِدْ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُمَا الْتَقَيَا قَطُّ ، أَوْ تَشَافَهَا بِحَدِيثٍ ، أَنَّ الْحُجَّةَ لَا تَقُومُ عِنْدَهُ بِكُلِّ خَبَرٍ جَاءَ هَذَا الْمَجِيءَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَهُ الْعِلْمُ بِأَنَّهُمَا قَدِ اجْتَمَعَا مِنْ دَهْرِهِمَا مَرَّةً فَصَاعِدًا ، أَوْ تَشَافَهَا بِالْحَدِيثِ بَيْنَهُمَا ، أَوْ يَرِدَ خَبَرٌ فِيهِ بَيَانُ اجْتِمَاعِهِمَا وَتَلَاقِيهِمَا مَرَّةً مِنْ دَهْرِهِمَا فَمَا فَوْقَهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ عِلْمُ ذَلِكَ ، وَلَمْ تَأْتِ رِوَايَةٌ تُخْبِرُ أَنَّ هَذَا الرَّاوِيَ عَنْ صَاحِبِهِ قَدْ لَقِيَهُ مَرَّةً ، وَسَمِعَ مِنْهُ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ فِي نَقْلِهِ الْخَبَرَ عَمَّنْ رَوَى عَنْهُ ذَلِكَ وَالْأَمْرُ كَمَا وَصَفْنَا حُجَّةٌ ، وَكَانَ الْخَبَرُ عِنْدَهُ مَوْقُوفًا حَتَّى يَرِدَ عَلَيْهِ سَمَاعُهُ مِنْهُ لِشَيْءٍ مِنَ الْحَدِيثِ ، قَلَّ أَوْ كَثُرَ فِي رِوَايَةٍ مِثْلِ مَا وَرَدَ … وَهَذَا الْقَوْلُ يَرْحَمُكَ اللهُ فِي الطَّعْنِ فِي الْأَسَانِيدِ قَوْلٌ مُخْتَرَعٌ ، مُسْتَحْدَثٌ غَيْرُ مَسْبُوقٍ صَاحِبِهِ إِلَيْهِ ، وَلَا مُسَاعِدَ لَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْقَوْلَ الشَّائِعَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْأَخْبَارِ وَالرِّوَايَاتِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا ، أَنَّ كُلَّ رَجُلٍ ثِقَةٍ رَوَى عَنْ مِثْلِهِ حَدِيثًا ، وَجَائِزٌ مُمْكِنٌ لَهُ لِقَاؤُهُ وَالسَّمَاعُ مِنْهُ لِكَوْنِهِمَا جَمِيعًا كَانَا فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ فِي خَبَرٍ قَطُّ أَنَّهُمَا اجْتَمَعَا وَلَا تَشَافَهَا بِكَلَامٍ فَالرِّوَايَةُ ثَابِتَةٌ ، وَالْحُجَّةُ بِهَا لَازِمَةٌ ، إِلَّا أَنَّ يَكُونَ هُنَاكَ دَلَالَةٌ بَيِّنَةٌ أَنَّ هَذَا الرَّاوِي لَمْ يَلْقَ مَنْ رَوَى عَنْهُ ، أَوْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ شَيْئًا ، فَأَمَّا وَالْأَمْرُ مُبْهَمٌ عَلَى الْإِمْكَانِ الَّذِي فَسَّرْنَا ، فَالرِّوَايَةُ عَلَى السَّمَاعِ أَبَدًا حَتَّى تَكُونَ الدَّلَالَةُ الَّتِي بَيَّنَّا ، فَيُقَالُ لِمُخْتَرِعِ هَذَا الْقَوْلِ الَّذِي وَصَفْنَا مَقَالَتَهُ ، أَوْ لِلذَّابِّ عَنْهُ : قَدْ أَعْطَيْتَ فِي جُمْلَةِ قَوْلِكَ أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ الثِّقَةِ عَنِ الْوَاحِدِ الثِّقَةِ حُجَّةٌ يَلْزَمُ بِهِ الْعَمَلُ ، ثُمَّ أَدْخَلْتَ فِيهِ الشَّرْطَ بَعْدُ ، فَقُلْتَ : حَتَّى نَعْلَمَ أَنَّهُمَا قَدْ كَانَا الْتَقَيَا مَرَّةً فَصَاعِدًا ، أَوْ سَمِعَ مِنْهُ شَيْئًا ، فَهَلْ تَجِدُ هَذَا الشَّرْطَ الَّذِي اشْتَرَطْتَهُ عَنْ أَحَدٍ يَلْزَمُ قَوْلُهُ ؟ وَإِلَّا فَهَلُمَّ دَلِيلًا عَلَى مَا زَعَمْتَ ، فَإِنِ ادَّعَى قَوْلَ أَحَدٍ مِنْ عُلَمَاءِ السَّلَفِ بِمَا زَعَمَ مِنْ إِدْخَالِ الشَّرِيطَةِ فِي تَثْبِيتِ الْخَبَرِ ، طُولِبَ بِهِ ، وَلَنْ يَجِدَ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ إِلَى إِيجَادِهِ سَبِيلًا) .

فقول الإمام مسلم هذا والإجماع الذي نقله يدل دلالة واضحة أن اللقاء ليس بشرط في الحديث المعنعن من غير المدلس ، ويبعد أن يكون الإمام البخاري يشترط هذا الشرط مع نقل مسلم للإجماع ، ومسلم تلميذ البخاري فلا يتصور هذا التجهيل والقول الشديد الشنيع في شيخه ، ولا يتصور أن الإمام البخاري يشترط هذا الشرط ولا يعلم به تلميذه الإمام مسلم ، فالإمام مسلم يشترط في صحة الحديث المعنعن المعاصرة ، وأن لا يكون الراوي ممن ترد روايته بالتدليس ، وأن لا يوجد دليل أو قرينة تدل على انتفاء اللقاء .

ثالثاً : أنه وجدت أحاديث في صحيح البخاري تدل على عدم اشتراط العلم بثبوت اللقاء ، نذكر منها حديثا واحد :

قال الإمام البخاري حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ ، سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ ، عَنْ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ : ((خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ))([45]) .

فسماع ولقاء أبي عبد الرحمن السلمي من عثمان –رضي الله عنه- غير ثابت ومع ذلك اكتفى الإمام البخاري بالمعاصرة لعدم وجود  دليل أو قرينة تدل على انتفاء اللقاء ، قال ابن أبي حاتم الرازي : (قَالَ أَبِي : أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلَمِيُّ لَيْسَ تَثْبُتْ رِوَايَتُهُ عَنْ عَلِيٍّ ، فَقِيلَ لَهُ : سَمِعَ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ؟ قَالَ : قَدْ رَوَى عَنْهُ وَلَمْ يَذْكُرْ سَمَاعًا)([46]) . وقال أبو حاتم الرازي : (أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَاهِرٍ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ نَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَثْرَمُ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ -رَحِمَهُ اللهُ- يَقُولُ : وَذَكَرَ شُعْبَةَ لَمْ يَسْمَعَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّلَمِيُّ مِنْ عُثْمَانَ وَلَكِنَّهُ سَمِعَ مِنْ عَلِيٍّ)([47]) .

وحاول الحافظ ابن حجر الدفاع عن هذا لكن أقر في النهاية بالمعاصر قال -رحمه الله تعالى-([48]) : (ظهر لي أن البخاري اعتمد في وصله وفي ترجيح لقاء أبي عبد الرحمن لعثمان على ما وقع في رواية شعبة عن سعد بن عبيدة من الزيادة ، وهي أن أبا عبد الرحمن أقرأ من زمن عثمان إلى زمن الحجاج ، وأن الذي حمله على ذلك هو الحديث المذكور فدل على أنه سمعه في ذلك الزمان ، وإذا سمعه في ذلك الزمان ولم يوصف بالتدليس اقتضى ذلك سماعه ممن عنعنه عنه وهو عثمان -رضي الله عنه- ولا سيما مع ما اشتهر بين القراء أنه قرأ القرآن على عثمان وأسندوا ذلك عنه من رواية عاصم بن أبي النجود وغيره ، فكان هذا أولى من قول من قال : إنه لم يسمع منه) .

فهنا لم يأت بدليل على العلم بثبوت اللقاء وإنما اكتفى بالمعاصرة ، وأما مسألة القراءة التي ذكرها الحافظ من أنه قرأ القرآن على عثمان –رضي الله عنه- تحتاج إلى إثبات ولهذا لم يقطع الحافظ بها لعلمه بعدم ثبوتها وإنما اكتفى بقوله : اشتهر بين القراء أنه قرأ القرآن على عثمان . والله أعلم .

رابعاً : قال الترمذي([49]) : حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، حدثنا سلمة بن رجاء ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي واقد الليثي ، قال : ((قدم النبي ﷺ المدينة وهم يجبون أسنمة الإبل ويقطعون أليات الغنم فقال : ما قطع من البهيمة وهي حية فهي ميتة )) . سألت محمدا([50]) عن هذا الحديث فقلت له : أترى هذا الحديث محفوظا ؟ قال : نعم . قلت له : عطاء بن يسار أدرك أبا واقد ؟ فقال : ينبغي أن يكون أدركه ، عطاء بن يسار قديم .

فاكتفى الإمام البخاري هنا بالمعاصرة ولم يشترط العلم بثبوت اللقاء .

المسألة الثانية : ما المراد من قول العلماء –رحمهم الله تعالى- عند تخريج الحديث خارج الصحيحين : على شرط البخاري ومسلم أو على شرط البخاري أو على شرط مسلم ؟

الراجح من أقوال العلماء بأن المراد به رجال السند مع باقي شروط الحديث الصحيح ، وهو اختيار الحافظ ابن حجر([51]) ، وبهذا قال ابن الصلاح([52]) والنووي([53]) ، وابن دقيق العيد والذهبي([54]) ، فإذا قيل في حديث بأنه على شرط الشيخين فالمراد به أن رجال الحديث رجال البخاري ومسلم ، وإذا قيل بأنه على شرط البخاري فرجال الإسناد رجال البخاري ، أو فيهم واحد من رجال البخاري فقط ، والباقون متفق عليهما ، وإذا قيل بأنه على شرط مسلم فرجال الحديث رجال مسلم ، أو فيهم واحد من رجال مسلم فقط ، والباقون متفق عليهما([55]) ،  إلا أنه ينبغي أن يعلم أنه ليس كل من أخرج عنه البخاري أو مسلم يحكم عليه بكونه على شرطه مطلقاً ، وإنما يحكم عليه بكونه على شرطه بما يأتي([56]) مع باقي شروط الحديث الصحيح :

أولا : إذا أخرجا عنه في الأصول لا في المتابعات والشواهد ، فمن خرجا له في غير الأصول ، فليس على شرط الصحيح .

ثانياً : أنهما يخرجان حديث الراوي عن بعض شيوخه ، ولا يخرجانه عن شيخ معين مع ثقة ذلك الشيخ ؛ لكون الراوي عنه ضعيفاً فيه ، وذلك كسفيان بن حسين خرجا له ما لم يكن من حديثه عن الزهري ؛ لأنه كان ضعيفاً فيه .

ثالثاً : يخرجان للشيخ في بعض حديثه ضعف ، فينتقيان منه ما هو محفوظ دون سائره ، كتخريجهما لإسماعيل بن أبي أويس وشبهه .

رابعاً : يخرجان من روايات الثقات الموصوفين بالتدليس ما ثبت أنهم لم يدلسوا فيه ، أو الذين اختلطوا في أواخر أعمارهم ، ما ثبت أنه ليس مما ضر به الاختلاط .

وهذا مما أغفله المستدركون على الصحيحين ما لم يخرجاه ، وأبرزهم الحاكم في كتابه المستدرك .

وعليه فالأفضل نطلق على الحديث الذي رجال إسناده رجال الشيخين : إسناده صحيح رجاله رجال الشيخين بدل قولنا : على شرط الشيخين ، وكذا نقول على الحديث الذي رجاله رجال البخاري : إسناده صحيح ورجاله رجال البخاري ، وكذا مسلم ، إلا إذا كان إسناد الحديث كسلسلة إسناد الشيخين فنقول : حديث على شرط الشيخين ، أو كسلسلة إسناد البخاري فنقول : على شرط البخاري ،  أو كسلسلة إسناد مسلم فنقول : على شرط مسلم . والله أعلم .

المسألة الثالثة : لم يستوعب البخاري ومسلم في صحيحيهما جميع الأحاديث الصحيحة :

لم يستوعب الصحيحان جميع الأحاديث الصحيحة ،  فقد قال البخاري : (مَا أدخلت فِي كتاب «الْجَامِع» إلَّا مَا صحَّ ، وَتركت من الصِّحَاح لحَال الطول)([57]) ، وسأل أَبُو بَكْرٍ الإمام مسلم عن حديث فَقَالَ : (هُوَ عِنْدِي صَحِيحٌ فَقَالَ : لِمَ لَمْ تَضَعْهُ هَا هُنَا ؟ قَالَ : لَيْسَ كُلُّ شَيْءٍ عِنْدِي صَحِيحٍ وَضَعْتُهُ هَا هُنَا إِنَّمَا وَضَعْتُ هَا هُنَا مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ)([58]) .

وفسر ابن الصلاح قوله : ( ما أجمعوا عليه ) بأمرين ، قال الإمام النووي([59]) : (قال الشيخ وجوابه من وجهين : أحدهما : أن مراده أنه لم يضع فيه إلا ما وجد عنده فيه شروط الصحيح المجمع عليه وإن لم يظهر اجتماعها في بعض الأحاديث عند بعضهم . والثاني : أنه أراد أنه لم يضع فيه ما اختلفت الثقات فيه في نفس الحديث متنا أو إسنادا ولم يرد ما كان اختلافهم إنما هو في توثيق بعض رواته وهذا هو الظاهر من كلامه ) .

المبحث الخامس : مراتب الصحيح بالنظر لرواية البخاري ومسلم :

اعلم أن الحديث الصحيح من حيث الترجيح والقوة على الترتيب الآتي :

الأول : صحيح أخرجه البخاري ومسلم جميعا .

الثاني : صحيح انفرد به البخاري عن مسلم .

الثالث : صحيح انفرد به مسلم عن البخاري .

الرابع : صحيح على شرطهما ولم يخرجاه .

الخامس : صحيح على شرط البخاري ولم يخرجه .

السادس : صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه .

السابع : صحيح عند غيرهما وليس على شرط واحد منهما .

 ([1]) ينظر : تهذيب اللغة (3/404) ، والمحكم (2/494) ، ولسان العرب (7/287) ، والقاموس المحيط ص (291) .

 ([2]) ينظر : نزهة النظر ص (67) ، وفتح المغيث ص (7) ، والتقيد والإيضاح ص (24) ، وتدريب الراوي (1/39) ، وإرشاد الفحول (1/172) ، والموقظة ص (1) .

 ([3]) رواه البخاري في بدء الوحي/باب كَيْفَ كَانَ بَدْءُ الْوَحْيِ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ رقم الحديث (1) .

 ([4]) رواه الترمذي في الدعوات عن رسول الله/بَاب فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ ﷺ رقم الحديث (3473)  .

 ([5]) تقريب التهذيب رقم (1255) .

 ([6]) فتح الباري (1/418) .

 ([7]) فتح الباري (11/240) .

 ([8]) رواه الترمذي في الزهد عن رسول الله/بَاب مَا جَاءَ فِي فَنَاءِ أَعْمَارِ هَذِهِ الْأُمَّةِ مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ رقم الحديث (2253)  .

 ([9]) تقريب التهذيب رقم (5877)  .

[10])) رواه أبو داود في الطهارة /بَاب فِي التَّسْمِيَةِ عَلَى الْوُضُوءِ رقم الحديث (92) . وقد رواه أحمد في المسند رقم الحديث (9418) ، والترمذي في العلل الكبير (1/111) ، والطبراني في الأوسط رقم (8076) ، والدارقطني (1/79) ، والحاكم (1/146) ، والبيهقي (1/43) ، والبغوي في شرح السنة رقم (209) .

 ([11]) تقريب التهذيب رقم (7818) .

 ([12]) تقريب التهذيب رقم (2518) .

 ([13]) شرح ألفية السيوطي ص (14) .

 ([14]) رواه الحاكم في المستدرك (3/141) رقم (4650) ، والنسائي في الكبرى (5/107) رقم (8398) ، والترمذي في سننه (5/636) رقم الحديث (372) ، والطبراني في المعجم الأوسط (2/207) ، والمعجم الكبير (1/235) رقم (730) ، والبزار في مسنده (14/80) ، وغيرهم .

 ([15]) العلل المتناهية (1/236) .

 ([16]) الضعفاء الكبير (1/46) .

 ([17]) منهاج السنة (7/263) .

 ([18]) البداية والنهاية (7/390) .

 ([19]) السلسلة الضعيفة (14/181) .

 ([20]) يعني حديث أنس –رضي الله عنه- المتقدم .

 ([21])ينظر : تقويم الأدلة ص (170) ، وتيسير التحرير (3/82) وعَدَّ قول المخالف شاذاً ، والفائق في أصول الفقه (3/398) ، ونفائس الأصول (3/554) ، والمستصفى (2/189) ، ولباب المحصول في علم الأصول (1/348) ، والإحكام للآمدي (2/51) ، والمحصول (4/353) ، وشرح غاية السول ص (215) ، وشرح اللمع (2/309) ، والوصول إلى الأصول (2/163) ، وتحفة المسؤول (2/348) ، والفصول في أصول الفقه ص (75) ، والبرهان (1/388) ، والآيات البينات (3/290) ، والغيث الهامع (2/493) ، وتشنيف المسامع (2/961) ، ونهاية السول للإسنوي (2/685) ، وأصول السرخسي (1/21) ، وشرح الكوكب المنير (2/361) ، والعُدة (3/859) ، ومختصر الصواعق ص (502) ، والتبصرة ص (303) ،  ونهاية الوصول للهندي (7/2812) ، وشرح مختصر الروضة (2/118) ، والمسودة (1/476) ، والمعتمد (2/573) ، وشرح الورقات لابن الفركاح ص (228) ، وأصول مذهب الإمام أحمد ص (287) ، ومعالم أصول الفقه ص (146) ، وإرشاد الفحول ص (93) ، وروضة الناظر (1/370) ، والتحقيقات في شرح الورقات ص (471) ، والتحبير شرح التحرير (4/1832) ، والمهذب في علم أصول الفقه (2/689) ، وإتحاف ذوي البصائر (3/151) ، ومذكرة الشنقيطي ص (187) ، وخبر الواحد وحجيته ص (221) ، وخبر الآحاد وأثره في اختلاف الفقهاء ص (50) ، وخبر الواحد في التشريع الإسلامي وحجيته (2/53) ، وحكم الاحتجاج بخبر الواحد إذا عمل الراوي بخلافه ص (35) ، والرسالة الإمام الشافعي ص (401) .

 ([22])الكفاية ص (76) .

 ([23])  الإحكام (1/110) .

 ([24])المعتمد (2/591) .

 ([25])العدة (3/865) .

 ([26])  أحكام الفصول ص (334).

 ([27])  البرهان (1/389) .

 ([28])المستصفى (2/189) .

 ([29])رفع الحاجب (2/334)  .

 ([30])التمهيد (3/54) .

 ([31])ميزان الأصول ص (451) .

 ([32])شرح المنهاج (2/557)  .

 ([33])الوصول (2/168) .

 ([34])القواطع ص (656) .

 ([35])روضة الناظر (1/370) .

 ([36])الرسالة ص (457) .

 ([37])جامع بيان العلم وفضله (2/96) .

 ([38])ص (401 – 471) .

 ([39])الباعث الحثيث  (1/102) .

 ([40])مقدمة فتح الباري ص (8) .

 ([41])الباعث الحثيث  (1/102) .

 ([42])نزهة النظر ص (208) .

  ([43])أول من نسب هذا الشرط إلى البخاري وعلي بن المديني هو القاضي عياض المتوفى (544هـ) في كتابه إكمال المعلم ، ولم يذكر دليلا على ذلك .

  ([44])صحيح مسلم (1/28) .

  ([45])رواه البخاري فضائل القرآن/بَابٌ خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ رقم الحديث (5027) .

  ([46])المراسيل ص (107) .

  ([47])المراسيل ص (107) .

  ([48])المراسيل ص (107) .

  ([49])العلل الكبير (2/39) رقم (267) .

  ([50])يعني الإمام البخاري .

 ([51])ينظر : نزهة النظر ص (89) .

 ([52])ينظر : علوم الحديث ص (18) ، وصيانة صحيح مسلم ص (99) .

 ([53])ينظر : شرح مسلم (1/26) .

 ([54])ينظر : التقييد والإيضاح ص (30) ، والنكت لابن حجر (1/319) .

 ([55])وبعضهم يقول : إن معنى على شرط الشيخين ، أي : أن هذا الحديث قد توفرت فيه الشروط التي يشترطها الشيخان في صحيحيهما ، وإن لم يكن رجاله رجالهما ، وهذا ليس صحيحاً ، وقيل غير ذلك . ينظر : فتح المغيث (1/48) ، ومعرفة علم الحديث للحاكم ص (62) ، والمدخل له ص (87) ، وشروط الأئمة الستة لابن طاهر ص (10) ، وشروط الأئمة الخمسة لابن طاهر ص (43) .

 ([56])ينظر ما سيأتي : تحرير علوم الحديث (3/163) .

 ([57])ينظر : البدر المنير (1/297) ، تغليق التعليق (5/420) ، تدريب الراوي (1/98) .

 ([58])صحيح مسلم (2/371) .

 ([59])شرح مسلم (1/16) .