السائل: ماحكم المسح على القلنسوة (الطاقية )علماانهالاتغطي الراس كله؟
الشيخ: الحمد لله وحده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وبعد : القلنسوة شَيْءٌ تَجْعَلُهُ الْأَعَاجِمُ عَلَى رُءُوسِهِمْ أَكْبَرُ مِنْ الْكُوفِيَّةِ وهي غِشَاءٌ مُبَطَّنٌ لِيُسْتَرَ بِهِ الرَّأْسُ ، وهي ما يُلبس على الرأس ويتعمم فوقه ، وهي التي تُغطى بها العَمائِم وتَسْتُر من الشَّمس والمطر . والقَلَنْسُوة والقُلَنْسِيَة والقَلَنْساة جمعها قَلانِسُ وقَلاسٍ وقَلَنْسٍ . وأما حكم المسح عليها : اختلف العلماء –رحمهم الله تعالى- في جواز المسح على القلنسوة ، والراجح أنه يجوز المسح عليها ، وهو رواية عن الإمام أحمد(ينظر : المغني (1/384) ، والإنصاف (1/168) ) ، ورجحه ابن حزم(ينظر : المحلى (1/303) ) . ورجحت هذا المذهب للأدلة الآتية : الدليل الأول : عَنْ أَشْعَثَ ، عَنْ أَبِيهِ : (( أَنَّ أَبَا مُوسَى خَرَجَ مِنَ الْخَلاَءِ فَمَسَحَ عَلَى قَلَنْسُوَتِهِ ))( رواه ابن أبي شيبة في المصنف (1/22) رقم (222) . بإسناد صحيح ) . الدليل الثاني : عن سعيد بن عبد الله بن ضرار قال : (( رأيت أنس بن مالك أتى الخلاء ثم خرج وعليه قلنسوة بيضاء مزرورة ، فمسح على القلنسوة وعلى جوربين له مرعزاً أسودين ثم صلى ))(رواه عبد الرزاق في المصنف (1/190) رقم (745) . بإسناد لا بأس به ، ويتقوى بما قبله ) . وجه الاستدلال من الأثرين : أن الصحابة –رضي الله عنهم- أعلم بحال النبي ﷺ من غيرهم فلو كان المسح على القلنسوة لا يجوز لما فعلوا ذلك ، ففعل الصحابي إذا لم يعاض نصا مرفوعاً ، ولم يخالفه صحابي آخر فهو حجة ، وهذا غير موجود فيما أعلم هنا ، فإن وجد الخلاف بينهم فيؤخذ بما وافق ظاهر النص ، ووافق القياس الصحيح . الدليل الثالث : قال ابن قدامة : (وقال أبو بكر الخلال : إن مسح إنسان على القلنسوة لم أر به بأسا لأن أحمد قال في رواية الميموني : أنا أَتَوَقَّاهُ وإن ذهب إليه ذاهب لم يعنفه ، قال الخلال : وكيف يعنفه وقد روي عن رجلين من أصحاب رسول الله ﷺ بأسانيد صحاح ورجال ثقات . فروى الأثرم باسناده عن عمر أنه قال : إن شاء حسر عن رأسه وإن شاء مسح على قلنسوته وعمامته ، وروى بإسناده عن أبي موسى أنه خرج من الخلاء فمسح على القلنسوة) . ينظر : المغني (1/384) ، والإنصاف (1/168)
الدليل الرابع : قياس القلنسوة على العمامة ، فالعمامة والقلنسوة كل منهما ملبوس يستر الرأس معتاد في نزعه نوع كلفة ومشقة . قال الثوري : والقلنسوة بمنزلة العمامة(رواه عبد الرزاق في المصنف (1/190) رقم (745) ) . وأما قولك : بأنها لا تغطي الرأس كله فلا يضر ذلك كالعمامة فإنه يمسح على الرأس المكشوف ويمسح على القلنسوةوبهذا يكون مسح جميع الرأس ولا يقتصر على أحدهما أو بعضهما فعن الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ –رضي الله عنه- : ((أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى الْعِمَامَةِ وَعَلَى الْخُفَّيْنِ ))( رواه مسلم في الطهارة /باب الْمَسْحِ عَلَى النَّاصِيَةِ وَالْعِمَامَةِ رقم الحديث (659) ) . واعلم أن المسائل والشروط التي تذكر في المسح على العمامة هي كذلك هنا في المسح على القلنسوة ولا فرق .