ما الذي يسن ويجوز فعله عند وقبل الإحرام ؟

1859
السائل: ما الذي يسن ويجوز فعله عند وقبل الإحرام ؟

الشيخ: يسن ويجوز عند الإحرام وقبله الآتي :
أولا :
يُسَنّ عند الإحرام لمن أراد الحجّ أو العمرة أن يغتسل للإحرام سواء كان صغيراً أو كبيراً ، ذكراً أو أنثى ، ولو كانت المرأة حائضاً أو نفساء ، وهو مذهب الأئمة الأربعة(ينظر : كتاب الفقه على المذاهب الأربعة (1/548) ، والموسوعة الفقهية (2/171) ) .
دليله :
عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه : ((أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَجَرَّدَ(يعني تجرد من المخيط ولبس إزاراً ورداءً) لإِهْلاَلِهِ وَاغْتَسَلَ ))( رواه الترمذي رقم الحديث (830) . ينظر : صحيح الترمذي رقم الحديث (664)) .
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ : ((الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ إِذَا أَتَتَا عَلَى الْوَقْتِ(يعني الميقات ) تَغْتَسِلاَنِ وَتُحْرِمَانِ وَتَقْضِيَانِ المَنَاسِكَ كُلَّهَا غَيْرَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ ))( رواه أبو داود رقم الحديث (1744) . ينظر : صحيح أبي داود رقم الحديث (1534) ، وصحيح الترمذي رقم الحديث (754) ، والسلسة الصحيحة رقم الحديث (1818) ).
والأمر في قوله صلى الله عليه وسلم : (( تغتسلان )) للاستحباب بالإجماع .
قال ابن المنذر : ( أجمع عوام أهل العلم على أن الإحرام بغير غسل جائز ، وأجمعوا على أن الغسل للإحرام ليس بواجب إلا ما روي عن الحسن البصري أنه قال : إذا نسى الغسل يغتسل إذا ذكره) ينظر : المجموع (7/220) ، المغني (5/75) .
ثانياً :
ويسنّ له قبل أن يلبي بالحجّ أو العمرة عند الميقات أن يَدَّهن ويتطيب في بدنه دون لباس الإحرام بأي طيب شاء له رائحة إلا النساء فطيبهن ما له لون ولا رائحة له ، وهو مذهب الجمهور من الحنفية ، والشافعية ، والحنابلة .ينظر : فتح الباري (3/466) ، والموسوعة الفقهية (2/171) ، وكتاب الفقه على المذاهب الأربعة (1/548) ، والمغني (5/77) ، والمجموع (7/228).
ولا يجوز التطيب بعد التلبية لأن الطيب من المحظورات كما سيأتي .
دليله :
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ : ((كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لإِحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ))( رواه البخاري رقم الحديث (1456) ، ومسلم رقم الحديث (1189)).
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (( كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُحْرِمٌ ))(رواه البخاري رقم الحديث (1464) ، ومسلم رقم الحديث (1190)) .
ثالثا :
يجوز له أن يلبس الإحرام قبل الميقات ولو في بيته كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ، وهذا فيه تيسير على الذين يحجّون بالطائرة ولا يمكنهم لُبْس الإحرام عند الميقات فيجوز لهم أن يصعدوا الطائرة في لباس الإحرام لكنهم لا يحرمون بمعنى يُلَبُّون بالحجّ أو العمرة إلا عند الميقات .
رابعاً :
يُسنّ له أن يحرم في إزار ورداء أبيضين ، وقد اتفق الفقهاء على ذلك( ينظر : كتاب الفقه على المذاهب الأربعة (1/548) ، والموسوعة الفقهية (6/131 ) . دليله :

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: ((انْطَلَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ المَدِينَةِ ، بَعْدَ مَا تَرَجَّلَ وَادَّهَنَ وَلَبِسَ إِزَارَهُ وَرِدَاءَهُ ، هُوَ وَأَصْحَابُهُ))( رواه البخاري رقم الحديث (1470) ) .
وأما البياض فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسل : ((الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ ، وَإِنَّ خَيْرَ أَكْحَالِكُمُ الإِثْمِدُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ ))(رواه أبو داود رقم الحديث (3878) ، والترمذي رقم الحديث (994) ، وابن ماجه رقم الحديث (1472) . ينظر : صحيح الجامع رقم الحديث (2116) ، وصحيح ابن ماجه رقم الحديث (3236) ) .
أما المرأة فلا تنزع شيئاً من لباسها المشروع بل تبقى بحجّابها الشرعي وجلبابها إلا أنها لا تنتقب ولا تلبس القفازين كما سيأتي في محظورات الإحرام ، ويجوز لها أن تستر وجهها بشيء كالخمار أو غيره تلقيه على رأسها وتسْدِلهُ على وجهها ، باتفاق الفقهاء، وإن كان يمس الوجه على الصحيح ، وهو ظاهر مذهب المالكية حيث إنهم لم يشترطوا في سدل المرأة على وجهها أن لا يمس الساتر الوجه ، والإمام أحمد . دليله :
عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ قَالَتْ : ((كُنَّا نُخَمِّرُ وُجُوهَنَا وَنَحْنُ مُحْرِمَاتٌ وَنَحْنُ مَعَ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ))(رواه مالك في الموطأ في الحج / باب تخمير المحرم وجهه ، رقم الحديث (718) ، ومسند إسحاق بن راهويه (5/136) رقم الحديث (37) . ينظر : الإرواء رقم الحديث (1023) وقال : إسناده صحيح ) .
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : ((كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُحْرِمَاتٌ ، فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا إِلَى وَجْهِهَا فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ ))( رواه الدارقطني في سننه في الحج / باب المواقيت ، رقم الحديث (261) ، والبيهقي في سننه في الحج / باب المحرمة تلبس الثوب من علو فيستر وجهها وتجافي عنه ، رقم الحديث (8833) ، وأبو داود في المناسك / باب في المحرمة تغطي وجهها ، رقم الحديث (1833) واللفظ له . وحسنه الألباني بالشواهد كما في جلباب المرأة المسلمة ص (107)) .
قال ابن قدامة(المغني (5/155) ) : ( ولم أرَ هذا الشرط(يعني شرط عدم ملامسة الساتر الوجه ) عن أحمد ، ولا هو في الخبر ، مع أن الظاهر خلافه ، فإن الثوب المسدول لا يكاد يسلم من إصابة البشرة ، فلو كان شرطاً لَبُيِّن ، وإنما منعت المرأة من البرقع والنِّقاب ونحوهما ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية(شرح العمدة (2/270) ) : ( والذي عليه كلام أحمد وقدماء أصحابه جواز الإسبال سواء وقع على البشرة أو لم يقع لأن عائشة ذكرت أنهنّ كنّ يدلين جلابيبهنّ على وجوههنّ من رؤوسهنّ ، ولم تذكر مجافاتها ، فالأصل عدمه ولأن في مجافاته مشقة شديدة ولم ينهها – يعني النبيّ صلى الله عليه وسلم عن تخمير الوجه مطلقاً ، فمن إدعى تحريم تخميره مطلقاً فعليه الدليل ) .

ينظر : الموسوعة الفقهية (2/156) ، والمغني (5/154) ، والمجموع (7/228)بداية المجتهد (3/278) ، وحاشية الدسوقي (2/86) ، والفواكه الدواني (1/568) ، والموسوعة الفقهية (2/157)الإنصاف (3/453) ، والمغني (5/154) ، والفروع (3/332).