السائل: سلام عليكم ورحمه الله وبركاته
فضيله الشيخ حفظك الله ورعاك
كل فتره اذهب الى مدينه عند اصدقاء وأقارب لمده يومين وهذه المدينه تبعد عني تقريبا ساعه سواء كان فى القطار او في سياره
ولكن بعض الاحيان تواجهني صعوبات فى النقل وتأخر فى مواعيد الرحلات واضطر ان أصلي فى شارع
وفى بعض احيان اذهب من بلجيكا الى هولندا ايضا لمده ساعه من اجل شراء أغراض او كتب
فهل ينطبق عليه احكام المسافر من قصر لصلاة وغيرها من احكام
وجزاكم الله خيرا
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي حفظك الله تعالى سأبين لك أحكام السفر المتعلقة بسؤالك حتى تكون قاعدة لك تنطلق منها في بيقية المسائل ثم سأجيب عن سؤالك باختصار فأقول وبالله تعالى التوفيق : السَّفَرُ فِي الاِصْطِلاَحِ : هو قطع مسافة قد تعارف الناس على أنها سفر مع النية والخروج من محل الإقامة وبنيانها . بهذا التعريف يظهر لك أنه لا بد من توفر هذه الشروط جميعها في من أردنا أن نطلق عليه أنه مسافر ويجوز له القصر والجمع ، والشروط هي : الشرط الأول : لا بد أن تكون المسافة التي سيقطعها قد تعارف الناس على أنها مسافة سفر ، واختلف العلماء –رحمهم الله تعالى- في تحديد المسافة اختلافاً كثيرا ، حتى أوصلها بعض العلماء إلى أكثر من عشرين قولا ، والراجح كما سبق من التعريف أنه لا حدّ لهذه المسافة ، فما تعارف عليه الناس أنه سفر فهو كذلك وإلا فلا ، أي أنه يُرجع فيه إلى العرف ، وذلك أن أدلة الكتاب والسنة لم تحدد مسافة معينة يرجع إليها فوجب أن لا نحدد ما أطلقه الشرع ، فبقي الرجوع إلى العرف متعيناً فيما يسمى سفرا ، لقوله تعالى : (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا)سورة النساء : ١٠١ . فإنها مطلقة أباحت القصر لمن ضرب في الأرض ولم تقيد بمسافة ، وكذلك السنة فإنها وردت مطلقة بل قد ثبت عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَزِيدَ الْهُنَائِيِّ قَالَ : سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ قَصْرِ الصَّلاَةِ ؟ فَقَالَ : (( كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ ثَلاَثَةِ فَرَاسِخَ شُعْبَةُ الشَّاكُّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ))(رواه مسلم رقم الحديث (1615)) . ( و الفرسخ نحو ثمان كيلو مترات ، والفرسخ ثلاثة أميال ) ، فلو حملنا الحديث على ثلاثة أميال كانت مسافة السفر ثمان كيلو مترات ، ولو حملناه على ثلاثة فراسخ كانت مسافة القصر أربعاً وعشرين كيلو متر ، وهذا أقل من مسيرة يوم قطعاً . وثبت عَنِ ابْنِ عُمَرَ –رضي الله عنهما- أنه قَالَ : (( تُقْصَرُ الصَّلاَة فِي مَسِيرَةِ ثَلاَثَةِ أَمْيَالٍ))(رواه ابن أبي شيبة في المصنف رقم الأثر (8204) . إسناده صحيح . ينظر : إرواء الغليل رقم(561) ، والسلسلة الصحيحة تحت حديث رقم (163) ) ، وعن ابْنِ عُمَرَ–رضي الله عنهما- قَالَ : ((إنِّي لأُسَافِرُ السَّاعَةَ مِنَ النَّهَارِ فَأَقْصُرُ))(رواه ابن أبي شيبة في المصنف رقم الأثر (8223) . إسناده صحيح . وصححه الحافظ في فتح الباري (2/467) ، والألباني في السلسلة الصحيحة تحت حديث رقم (163) ) . وغيرها من الآثار الدالة على عدم تحديد مسافة السفر . قال ابن قدامة( في المغني (3/108) ) : (وَلَا أَرَى لِمَا صَارَ إلَيْهِ الْأَئِمَّةُ حُجَّةً ، لِأَنَّ أَقْوَالَ الصَّحَابَةِ مُتَعَارِضَةٌ مُخْتَلِفَةٌ ، وَلَا حُجَّةَ فِيهَا مَعَ الِاخْتِلَافِ التَّقْدِيرَ بَابُهُ التَّوْقِيفُ ، فَلَا يَجُوزُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ بِرَأْيٍ مُجَرَّدٍ ، سِيَّمَا وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ يُرَدُّ إلَيْهِ ، وَلَا نَظِيرٌ يُقَاسُ عَلَيْهِ ، وَالْحُجَّةُ مَعَ مَنْ أَبَاحَ الْقَصْرَ لِكُلِّ مُسَافِرٍ ، إلَّا أَنْ يَنْعَقِدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِهِ) . وقال ابن العربي المالكي(في تفسير القرطبي (5/351) ) : (ولم يذكر حدّ السفر الذي يقع به القصر لا في القرآن ولا في السنة ، وإنما كان كذلك لأنها كانت لفظة عربية مستقر علمها عند العرب الذين خاطبهم الله تعالى بالقرآن ) . الشرط الثاني : نية السفر ، فلا بد من نية السفر وهذا محل اتفاق بين العلماء . الشرط الثالث : الخروج من محل الإقامة وبنيانها ، وهو محل اتفاق بين فقهاء المذاهب لقصر الصلاة . ينظر : حاشية ابن عابدين (18525) ، والفتاوى الهندية (1/139) ، وحاشية الدسوقي (1/359) ، ونهاية المحتاج (2/252) ، وكشاف القناع (1/507) ، والموسوعة الفقهية (25/30) ، مراتب الإجماع ص (71). وعليه فجواب سؤالك حفظك الله تعالى: فخروجك من مدينتك إلى المدينة الأخرى لا بد أن تكون المسافة التي بين مينتك ومدينة أصدقائق مسافة سفر بمعنى أن الناس تعارفوا هناك على أن من ذهب من هذه المدينة إلى المدينة المشار إليها يكون مسافرا . ثانيا إذا تحقق الشرط الأول فلا بد لك من نية السفر فتنوي في قلبك أنك مسافر إلى تلك المدينة وتذكر دعاء السفر. ثالثا لا يحل لك قصر الصلاة مع هذين الشرطين إلا إذا خرجت من بنيان مدينتك . ولعلي قد أجبتك على سؤالك . والله أعلم .