من كان به حدث دائم كسلس البول والاستحاضة هل يجب عليه الوضوء لكل صلاة ؟

1520
السائل: السلام عليكم
هل الذي عنده سلسل البول يجب ان يتوضأ وقت ودخول الصلاة لأني كنت لاأعرف أنه يجب علي في وقت دخول الصلاة ان اتوضأ ؟
وهل اعيد صلواتي علما أني لاأتذكر عدد الصلوت التي توضأت فيها قبل دخول الوقت.
وجزاك الله خيره عما تقوم به من خدمة الناس

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اعلم -حفظك الله تعالى- أن من كان به حدث دائم كسلس البول والاستحاضةونحوهما يشترط في صحة وضوئه للصلاة التي سيصليها أن يدخل وقتها فلو توضأ لصلاة الظهر قبل وقتها لم يصح منه وضوؤه وعليه أن يتوضأ مرة أخرى ، فدخول الوقت للصلاة المفروضة المراد صلاتها شرط في صحة الوضوء لمن به حدث دائم ، وهو مذهب الحنفية ، والشافعية ، والحنابلة.
والدليل على ذلك ما يأتي :
الدليل الأول : عَنْ عَائِشَةَ –رضي الله عنها- قَالَتْ : (( جَاءَتْ فَاطِمَةُ ابْنَةُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ ، أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ ، إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ ، وَلَيْسَ بِحَيْضٍ ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلاَةَ ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي . قَالَ وَقَالَ أَبِي : ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاَةٍ ، حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ ))( رواه البخاري في الوضوء /باب غسل الدم رقم الحديث (226)وينظر : صحيح أبي داود (2/104) طبعة غراس ) .
الدليل الثاني : عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنها- قَالَتْ : (( جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ ؟ قَالَ : لاَ إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ ، اجْتَنِبِي الصَّلاَةَ أَيَّامَ مَحِيضِكِ ، ثُمَّ اغْتَسِلِي ، وَتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاَةٍ وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الْحَصِيرِ ))(رواه ابن ماجه رقم الحديث (624) ، وأحمد في المسند رقم الحديث (25722) ، من طريق حبيب بن أبي ثابت عن عروة بن الزبير عن عائشة –رضي الله عنها- ، ورواه ابن حبان في صحيحه (4/188) من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة –رضي الله عنها- . وصححه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (2/95) طبعة غراس) .
وجه الاستدلال من الحديثين : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة – رضي الله عنها بالوضوء لكل صلاة ، والأصل في الأمر أنه للوجوب ، وإنما أمرها بذلك لأن بها حدثاً دائماً ، فدل هذا على أنه يشترط لصحة الوضوء التي تصح به الصلاة أن يكون بعد دخول الوقت ، وإلا لم يكن لأمره صلى الله عليه وسلم بالوضوء لكل صلاة وكذلك قوله : ((تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاَةٍ ، حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ)) فائدة ، وحاشاه صلى الله عليه وسلم من ذلك ، يؤيده :
الدليل الثالث : عَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنها- قَالَتِ : ((الْمُسْتَحَاضَةُ تَجْلِسُ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا ثُمَّ تَغْتَسِلُ غُسْلاً وَاحِدًا ، وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلاَةٍ ))(رواه الدارمي في سننه (1/224) رقم الأثر (799) . بإسناد صحيح . وينظر : صحيح أبي داود (2/102) طبعة غراس ) .
وجه الاستدلال : أن عائشة – رضي الله عنها- هي راوية الحديثين السابقين ، وكانت ترى الوضوء لكل صلاة ، والغالب على الظن أنها أخذ هذا من النبي صلى الله عليه وسلم فيقوي أن الأمر بالوضوء مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا يدل على أنه يشترط لصحة الوضوء لمن به حدث دائم دخول الوقت .
الدليل الرابع : عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُسْتَحَاضَةِ : ((تَدَعُ الصَّلاَةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي ، وَالْوُضُوءُ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ ))( رواه أبو داود رقم الحديث (297) . وصححه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (2/93) طبعة غراس ) .
واعلم أن المراد بالوضوء بقوله صلى الله عليه وسلم : ((عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ)) أي وقت كل صلاة لما تقدم .
وأما سؤالك عن الصلوات التي صليتها وربما قد توضأت قبل وقتها فليس عليك إعاده إن شاء الله تعالى لجهلك بالمسألة ، وخروج وقت تلك الصلوات ،فمن جهل شيئا غير مفرط في تعلمه وخرج وقت تلك العبادة فإنه لا إعاده عليه لحديث المسيء فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره بإعادة الصلوات التي صلاها لخروج وقتها وإنما أمره بإعادة الصلاة الحاضرة .
والله أعلم .
ينظر : حاشية ابن عابدين (1/504) ، والبحر الرائق (1/226) ، وشرح فتح القدير (1/181) ، وبدائع الصنائع (1/28) ،و المجموع (1/363 ،543) ، ومغني المحتاج (1/111) ، وروضة الطالبين (1/125 ، 147) ، وحاشية الجمل (1/101) ، وحاشية البجيرمي على الخطيب (1/116) ، وتحفة المحتاج (1/189) ، والمغني (1/421) ، والإنصاف (1/377) ، وشرح الزركشي (1/437) ، وكشاف القناع (1/215) ، والروض المربع (1/21) .