هل الحجّ يجب على الفور أو على التراخي ؟

1460
السائل: هل الحجّ يجب على الفور أو على التراخي ؟

الشيخ: الراجح أن وجوب الحجّ على الفور ، وإليه ذهب الأئمة أبو حنيفة في أصح الروايتين عنه وأبو يوسف ، ومالك في الراجح عنه ، وأحمد ، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية ، وابن قدامة ، والشوكاني .
ودليل الفورية ما يأتي :
الدليل الأول : قال الله تعالى : ﴿ وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حجّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَأن الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ سورة آل عمران : 97 .
وهذا أمر والأصل فيه أنه للوجوب و الفور ، كما هو مقرر عند جمهور علماء أصول الفقه .
الدليل الثاني : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ فَإِنَّهُ قَدْ يَمْرَضُ المَرِيضُ ، وَتَضِلُّ الضَّالَّةُ ، وَتَعْرِضُ الْحَاجَةُ ))(رواه أبو داود رقم الحديث (1732) ، وابن ماحه رقم الحديث (2833) واللفظ له . ينظر : صحيح أبي داود رقـم الحديث (1524) ، وصحيح ابن ماجـه رقـم الحديث (2331) ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة (2/207) : (وأمره بالتعجيل من أراده لا يمنع الوجوب فإن إرادة الواجب واجبة ، كما قال تعالى : ﴿لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ ﴾ سورة التكوير : 28 . ويجب عليه أن يريده ويعزم عليه حين وجوبه عليه ) .
الدليل الثالث : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ((تَعْجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ يَعْنِي الْفَرِيضَةَ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لاَ يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ ))(رواه أحمد في المسند رقم الحديث (2869) وهو حديث حسن . ينظر : الإرواء رقم الحديث (990) ).
الدليل الرابع: عن الْحَجَّاجِ بْنَ عَمْرٍو الأَنْصَارِيِ – رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : (( مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ))(رواه أبو داود رقم الحديث (1862) ، والنسائي رقم الحديث (2861) ، وابن ماجه رقم الحديث (3077) . ينظر : صحيح أبي داود رقم الحديث (1639) ) .
قال الشوكاني في نيل الأوطار (4/337) : ( لو كان على التراخي لم يعيّن العام المقبل).
الدليل الخامس : الحجّ على الفور هو المستقر عند السلف ، عن عمر بن خطاب – رضي الله عنه قال : (( لقد هممت أن أبعث رجالاً فينظروا كلّ رجل ذا جَدَّةٍ – أي صاحب غنى – لم يحجّ فيضربوا عليه الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين ))(قال الحافظ في التلخيص (2/237) : رواه سعيد بن منصور من طريق صحيح ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة (2/215) : ( وهذا قاله عمر ولم يخالفه مخالف من الصحابة ، ولولا أن وجوبه على الفور لم يجعل تركه شعاراً للكفر ) .
والله أعلم .
ينظر : الهداية (1/132) ، والبناية شرح الهداية (4/141) ، والفتاوى الولواجية (1/254) ، وبدائع الصنائع (2/119) ، وشرح فتح القدير (2/417) ، وحاشية ابن عابدين (3/403) ، والإيضاح (1/235) ، وحاشية الطحطاوي ص (727) وحاشية الدسوقي (2/3) ، والشرح الكبير (1/411) ، وبداية المجتهد (3/259) ، ومواهب الجليل (3/420) ، وشرح الزرقاني (2/407) وكتاب المنور ص (220) ، والإنصاف (3/365) ، وكشاف القناع (2/389) ، والإقناع (1/543) ، والمبدع (3/89) وشرح العمدة (2/198) والاختيارات الفقهية (1/580) ونيل الأوطار (4/363) .