السائل: هل يسن لمن كان خلف الإمام أن يؤمن في دعاء القنوت ؟
الشيخ: يسن للمأموم أن يُؤَمِّن على دعاء الإمام في القنوت ، وهو قول محمد بن الحسن من الحنفية ، والإمام مالك (إلا أنه يقيده بالنصف الأخير من رمضان وهناك روايات أخرى عنه ) ، والأصح عند الشافعية ، ومذهب الحنابلة ، وهو قول الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية ، وابن المنذر ، ومحمد بن نصر المروزي . قال ابن قدامة في المغني (2/584) : (إذا أخذ الإمام في القنوت ، أَمَّن من خلفه . لا نعلم فيه خلافا) . والدليل على ذلك ما يأتي : الدليل الأول : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- قَالَ : (( قَنَتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَهْرًا مُتَتَابِعًا فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَصَلاَةِ الصُّبْحِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ إِذَا قَالَ : سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ . مِنَ الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ ، وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ ))رواه أبو داود في سننه في بَاب تَفْرِيعِ أَبْوَابِ الْوِتْرِ/ بَابُ الْقُنُوتِ فِي الصَّلَوَاتِ رقم الحديث (1443) ، والإمام أحمد في المسند رقم الحديث (2746) ، والبيهقي في الكبرى رقم الحديث (3222) ، وابن خزيمة في صحيحه رقم (618) . قال الإمام النووي في المجموع (3/482) : (رواه أبو داود بإسناد حسن أو صحيح) ، وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (5/188) : (إسناده حسن، وصححه الحاكم والذهبي ) . . وجه الاستدلال : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في القنوت وكان الصحابة يؤمنون ، وهو وإن كان في قنوت النازلة فإنه لا فرق بينه وبين قنوت الوتر لأن الكلّ دعاء قنوت من الإمام في الصلاة جهرا فيستحب التأمين عليه . قال الإمام النووي في المجموع (3/482) : (واحتج المصنف والأصحاب في استحباب تأمين المأموم علي قنوت الإمام بحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- ) . انتهى واحتج به أيضاً محمد بن نصر المروزي على تأمين المأمومين في صلاة الوتر( ينظر : صلاة الوتر له ص (109) ) . الدليل الثاني : أن الإمام إنما يجهر بالدعاء ليسمع المأموم حتى يؤمن ، وإلا لم يكن ثم فائدة من جهره ، وهذا ظاهر بين . قال الإمام ابن القيم في بدائع الفوائد (4/921) : (سئل أحمد عن الرجل يقنت في بيته أيعجبك يجهر بالدعاء في القنوت أو يسره ؟ قال : يسره وذلك أن الإمام إنما يجهر ليؤمن المأموم ) .انتهى الدليل الثالث : أن القنوت دعاء ، ويستحب في الدعاء التأمين ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ((إِذَا قَالَ أَحَدُكُمْ : آمِينَ ، وَقَالَتْ الْمَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ : آمِينَ ، فَوَافَقَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ))( رواه أبو داود في الوتر/باب الْقُنُوتِ فِي الصَّلَوَاتِ رقم الحديث (1445) ، والبيهقي في الكبرى رقم الحديث (3222) ، والإمام أحمد في المسند رقم الحديث (2746) . قال الإمام النووي في المجموع (3/482) : (رواه أبو داود بإسناد حسن أو صحيح) . وحسن إسناده الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (5/188)) . فالإنصات إلى دعاء الإمام مع التأمين عليه من المأموم يجعل المأموم كأنه دعا ، كما يفعل في تأمينه بعد الفاتحة ، قال ابن رجب في فتح الباري (4/498) : (ولما كان المأموم مأموراً بالإنصات لقراءة الإمام ، مأموراً بالتأمين على دعائه عند فراغ الفاتحة ؛ لم يكن عليهِ قراءة ؛ لأنه قد أنصت للقراءة ، وأمن على الدعاء ، فكأنه دعا ؛ كما قال كثير من السلف في قول الله تعالى لموسى وهارون : ﴿قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا ﴾ سورة يونس: ٨٩ . قالوا : كان موسى يدعو وهارون يؤمن ، فسماهما داعيين) . والله أعلم . ينظر : الفتاوى الهندية (1/111) ، والطحطاوي على مراقي الفلاح ص (209) شرح الزرقاني (1/343) ، الأوسط (8/247) ، وصلاة الوتر للمروزي ص (109) المجموع (3/481) ، والبجيرمي على الخطيب (2/58) ، والشرواني على التحفة (2/67) ، والجمل على المنهج (1/373) الإنصاف (2/168) ، والمغني (2/584) ، ومطالب أولي النهى (1/558) ، وكشاف القناع (1/338) ومسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية (2/760) والأوسط (8/247) صلاة الوتر للمروزي ص (108).