هل قطرة الأنف تفطر الصائم ؟

1260
السائل: هل قطرة الأنف تفطر الصائم ؟

الشيخ: اعلم :
أولا : لا شك أن الأنف منفذ إلى الحلق ثم إلى المعدة ، وقد دل على ذلك السنة ، والواقع ، والطب .
أما السنة فعَنْ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ –رضي الله عنه- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عله وسلم : (( بَالِغْ فِي الاِسْتِنْشَاقِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ صَائِمًا ))(رواه أبو داود رقم الحديث (2368) . ينظر : صحيح أبي داود رقم (2048) غراس ) .
وجه الاستدلال : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالمبالغة في الاستنشاق لغير الصائم لأن المبالغة تؤدى إلى دخول الماء إلى الحلق ثم إلى الجوف ، والصائم ممنوع من ذلك .
وأما الواقع فإن الإنسان إذا أدخل شيئاً في أنفه يجده في حلقه ، كذلك إذا شَرِق بالماء فإنه يخرج بعض الأحيان من أنفه .
الطب الحديث أثبت أن الأنف متصل بالحلق ، من خلال التشريح وغيره ، وفي الطب يكون غسيل المعدة وأحيانا التغذية لبعض المرضى وأمور كثيرة عن طريق الأنف فهو منفذ إلى المعدة .
ثانياً : ألحق بعض العلماء قطرة الأنف لعلاج الجيوب الأنفية مثلا بمسألة السَّعُوط للصائم ، (وهو ما يجعل في الأنف مما يتداوى به ، وطريقة استخدامه هو أن يستلقي على ظهره ويجعل بين كتفيه ما يرفعهما لينحدر رأسه ويقطر في أنفه ماء أو دهن فيه دواء مفرد أو مركب ليتمكن بذلك من الوصول إلى دماغه لاستخراج ما فيه من الداء بالعطاس) . ينظر : فتح الباري (10/147) .
وقد اختلف العلماء –رحمهم الله تعالى- في الفطر بالسَّعوط ، ذهب جمهور العلماء إلى أنه مفطر إذا وصل إلى الدماغ( ينظر : المجموع (6/346) ، والموسوعة الفقهية (28/35) ) أما إذا لم يصل إلى الدماغ لم يضر ، بأن لم يجاوز الخيشوم( وهذا لأنهم كانوا –رحمهم الله تعالى- يظنُّون أن السَّعوط يصل إلى الدماغ فقالوا : إن ما يصل إلى الدماغ يفطِّر لأجل ذلك ، وأنه وصل بذلك إلى الجوف ، والواقع أن الأمر ليس كذلك ، فإن الطب قد أثبت كما سبق أن الأنف مجراه إلى الرئتين أو المعدة مرورا بالحلق وليس إلى الدماغ ) ، وذهب آخرون إلى أنه يفطر إذا وصل إلى الحلق( ينظر : المجموع (6/346) ، وصحيح البخاري (7/236) . قال الحافظ ابن حجر في الفتح (4/160) : ( وقال الحسن : لا بأس بالسعوط للصائم أن لم يصل الماء إلى حلقه . وصله بن أبي شيبة نحوه ، وقال الكوفيون والأوزاعي وإسحاق : يجب القضاء على من استعط . وقال مالك والشافعي : لا يجب إلا أن وصل الماء إلى حلقه ) ) ، وبحثهم هذا مبني على حديث لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ –رضي الله عنه- المتقدم .
والراجح –والله أعلم- في مسألة قطرة الأنف أن فيها تفصيلا وهو :
إن كان الدواء موضعياً لا يتجاوز الأنف ولا يصل إلى الحلق فإنه لا يفسد الصوم لأنه لا موجب للقول ببطلان الصوم .
أما إذا وصل إلى الحلق فله حالتان :
الحال الأولى : إذا وصل إلى الحلق ثم إلى المعدة كمية كثيرة بحيث تزيد على ما يعفى عنه في المضمضة فإنه يحصل به الفطر الحال الثانية : إذا وصل إلى الحلق ثم إلى المعدة قدر يسير جداً مثل ما يتسامح فيه مما يبقى بعد المضمضة فإنه حينئذ لا يحصل الفطرُ .
ولهذا لا شك أن ترك قطرة الأنف إلى الليل هو الأحوط والأولى لأنه لا يستطيع أن يضبط كمية هذا الدواء ، وكذلك لا يستطيع أن يتحكم بوصوله إلى حلقه من عدمه ، فلا ينبغي استخدام قطرة الأنف إلا بالليل حتى لا يعرض المسلم صيامه للبطلان ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : ((دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ ))( رواه الترمذي رقم الحديث (2708) ، والنسائي رقم (5729) . ينظر : إرواء الغليل رقم الحديث (21) وقال : صحيح ) ،
إلا إذا اضطر إلى استخدامها فقد عرفت التفصيل فيها . والله أعلم .
وقد ذهب مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورته العاشرة عام 1418هـ إلى أن قطرة الأنف لا تفطر إذا اجتنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق كما في مجلة المجمع عدد (10) ، وقرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي (1/152) .