1358
السائل: هل تجب زكاة الفطر على الجنين ؟
الشيخ: لا تجب زكاة الفطر على الجنين( ينظر : المغني (4/316) ) ، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (3/369) : (نقل بن المنذر الإجماع على أنها لا تجب على الجنين ، قال : وكان أحمد يستحبه ولا يوجبه . ونقل بعض الحنابلة رواية عنه بالإيجاب وبه قال ابن حزم لكن قيده بمائة وعشرين يوما من يوم حمل أمه به ، وتعقب بأن الحمل غير محقق وبأنه لا يسمى صغيرا لغة ولا عرفا) .
قال العراقي في طرح التثريب (4/457) : (اسْتَدَلَّ ابْنُ حَزْمٍ بِالرِّوَايَةِ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ الصَّغِيرِ عَلَى وُجُوبِ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَلَى الْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ ، فَقَالَ : وَالْجَنِينُ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ صَغِيرٍ ، فَإِذَا أَكْمَلَ مِائَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ قَبْلَ انْصِدَاعِ الْفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ الْفِطْرِ وَجَبَ أَنْ تُؤَدَّى عَنْهُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الثَّابِتِ فِي الصَّحِيحَيْنِ : (( يُجْمَعُ خَلْقُ أَحَدِكُمْ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا )) ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ رِوَايَةِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْمُزَنِيّ وَقَتَادَةَ أَنَّ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- كَانَ يُعْطِي صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَنْ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ حَتَّى عَنْ الْحَمْلِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ ، وَعَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ : كَانَ يُعْجِبُهُمْ أَنْ يُعْطُوا زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ حَتَّى عَنْ الْحَمْلِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ . قَالَ : وَأَبُو قِلَابَةَ أَدْرَكَ الصَّحَابَةَ وَصَحِبَهُمْ وَرَوَى عَنْهُمْ ، وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْحَمْلِ أَيُزَكَّى عَنْهُ ؟ قَالَ نَعَمْ .
قَالَ : وَلَا يُعْرَفُ لِعُثْمَانَ فِي هَذَا مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ .
قَالَ وَالِدِي -رَحِمَهُ اللهُ- فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ : وَاسْتِدْلَالُهُ بِمَا اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَلَى الْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ فِي غَايَةِ الْعَجَبِ ، أَمَّا قَوْلُهُ : ((عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ)) فَلَا يَفْهَمُ عَاقِلٌ مِنْهُ إلَّا الْمَوْجُودَيْنِ فِي الدُّنْيَا ، أَمَّا الْمَعْدُومُ فَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا أَوْجَبَ عَلَيْهِ ، وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَلَا يَطَّلِعُ عَلَى مَا فِي الرَّحِمِ إلَّا اللهُ كَمَا قَالَ : ﴿وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ﴾ وَرُبَّمَا يُظَنُّ حَمْلُهَا وَلَيْسَ بِحَمْلٍ ، وَقَدْ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ : لَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْحَمْلَ لَا يُعْلَمُ ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الْمَعْلُومِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُؤَخَّرُ لَهُ مِيرَاثٌ لِاحْتِمَالِ وُجُودِهِ ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّ الْحَمْلَ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ ، وَلَا يُحْكَمُ عَلَى الْمَعْدُومِ حَتَّى يَظْهَرَ وُجُودُهُ ، قَالَ : وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ بِمَا ذُكِرَ عَنْ عُثْمَانَ وَغَيْرِهِ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ ؛ لِأَنَّ أَثَرَ عُثْمَانَ مُنْقَطِعٌ فَإِنَّ بَكْرًا وَقَتَادَةَ رِوَايَتُهُمَا عَنْ عُثْمَانَ مُرْسَلَةٌ ، وَالْعَجَبُ أَنَّهُ لَا يَحْتَجُّ بِالْمَوْقُوفَاتِ ، وَلَوْ كَانَتْ صَحِيحَةً مُتَّصِلَةً ، وَأَمَّا أَثَرُ أَبِي قِلَابَةَ فَمِنْ الَّذِينَ كَانَ يُعْجِبُهُمْ ذَلِكَ ؟! وَهُوَ لَوْ سَمَّى جَمْعًا مِنْ الصَّحَابَةِ لَمَا كَانَ ذَلِكَ حُجَّةً ، وَأَمَّا سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ فَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ ، فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ رَجُلٌ لَمْ يُسَمِّ عَنْهُ ، فَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ خِلَافٌ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بَلْ قَوْلُ أَبِي قِلَابَةَ : كَانَ يُعْجِبُهُمْ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ وُجُوبِهِ ، وَمَنْ تَبَرَّعَ بِصَدَقَةٍ عَنْ حَمْلٍ رَجَاءَ حِفْظِهِ وَسَلَامَتِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ بَأْسٌ ، وَقَدْ نُقِلَ الِاتِّفَاقُ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ قَبْلَ مُخَالَفَةِ ابْنِ حَزْمٍ ، فَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ ذَكَرَ كُلُّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ الْعِلْمَ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ إخْرَاجُ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَنْ الْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ ، وَمِمَّنْ حُفِظَ ذَلِكَ عَنْهُ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ ، وَمَالِكٌ ، وَأَبُو ثَوْرٍ ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ ، وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَسْتَحِبُّ ذَلِكَ وَلَا يُوجِبُهُ ، وَلَا يَصِحُّ عَنْ عُثْمَانَ خِلَافُ مَا قُلْنَاهُ ) .
وضعف أثر عثمان –رضي الله عنه- الشيخ الألباني في إرواء الغليل رقم (841) .
والله أعلم