السائل: ماذا على من أخر قضاء رمضان حتى دخل عليه رمضان الآخر ؟
الشيخ: اعلم أن من أخر قضاء رمضان إلى رمضان الذي يليه له حالتان : الحال الأولى : أخر القضاء لوجود العذر من مرض ونحوه ، فالراجح أن عليه القضاء فقط بعد صيام رمضان الذي أدركه . الحال الثانية : أخر القضاء لغير عذر ، فالراجح أن عليه القضاء مع إطعام مسكين لك يوم ، بعد صيام رمضان الذي أدركه . وهو مذهب جمهور العلماء ، منهم مجاهد ، وسعيد بن جبير ، ومالك ، والثوري ، والأوزاعي ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق( ينظر : شرح السنة للبغوي (6/320) ، والمجموع (6/412) ، والمغني (4/400) ) . ورجحت هذا المذهب لما يأتي : الدليل الأول : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- فِي رَجُلٍ مَرِضَ فِي رَمَضَانَ ، ثُمَّ صَحَّ فَلَمْ يَصُمْ حَتَّى أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ ، قَالَ : (( يَصُومُ الَّذِي أَدْرَكَهُ ، وَيُطْعِمُ عَنِ الأَوَّلِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ لِكُلِّ مِسْكِينٍ ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ هَذَا صَامَ الَّذِي فَرَّطَ فِيهِ ))(رواه الدارقطني (2/196) رقم (2368) ، وقال : (إِسْنَادٌ صَحِيحٌ مَوْقُوفٌ). ) . الدليل الثاني : عن ميمون بن مهران قال : سئل ابن عباس عن رجل دخل في رمضان وعليه رمضان آخر لم يصمه ؟ قال : (( يصوم هذا الذي أدركه ويصوم الذي عليه ويطعم لكل يوم مسكينا نصف صاع))( أخرجه البغوي في مسند ابن الجعد رقم (235) . وسنده صحيح ). قال ابن قدامة في المغني (4/401) : (ولنا ما روي عن ابن عمر ، وابن عباس ، وأبي هريرة ، أنهم قالوا : اطعم عن كل يوم مسكينا . ولم يرو عن غيرهم من الصحابة خلافهم ) انتهى . فإن قيل : ثبت عن يُونُس قَالَ : سَأَلَ سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَجُلٍ مَرِضَ ، فَطَالَ بِهِ مَرَضُهُ حَتَّى مَرَّ عَلَيْهِ رَمَضَانَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ ؟ فَقَالَ نَافِعٌ : كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ : (( مَنْ أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ وَلَمْ يَكُنْ صَامَ رَمَضَانَ الْخَالِيَ فَلْيُطْعِمْ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ ، ثُمَّ لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ ))( رواه الدارقطني (2/196) برقم (236) ، وإسناده حسن ) . فإن ابن عمر –رضي الله عنهما- بين أنه ليس عليه القضاء فهو مخالف للأثرين السابقين ، فالخلاف موجود لا كما قال ابن قدامة –رحمه الله تعالى- . قلت : لم يخالف ابن عمر –رضي الله عنهما- الأثرين السابقين ، فابن عمر –رضي الله تعالى عنهما- يتكلم عن إنسان مريض لم يستطع الصيام حتى أدركه رمضان أو أكثر وهو عاجز عن الصيام بسبب مرضه فإنه يطعم عن كل يوم مسكيناً ، وبحثنا فيمن فرط ولم يصم وهو يستطيع الصيام حتى دخل عليه رمضان التالي ، فالآثار متفقة ولله الحمد.