هل يجوز صيام يوم الشك ، وتقدم رمضان بصوم يوم أو يومين ؟

1204
السائل: هل يجوز صيام يوم الشك ، وتقدم رمضان بصوم يوم أو يومين ؟

الشيخ: اليوم الذي يشك فيه هل هو من شعبان أو رمضان ، وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا حال دون رؤية الهلال غيم أو نحوه فإنه لا يجوز صومه على أنه من رمضان احتياطاً ، أما إذا لم يكن هناك ما يحول الرؤية ولم يروا هلال رمضان فهو يوم لا شك فيه لأنه علم أنه من شعبان لكن لا يجوز صيامه كذلك إلا إذا كان صيام ذلك اليوم يوافق صوما له كان يصومه كما سيأتي في تحريم تقدم رمضان بصيام يوم أو يومين ، وعليه لا يجوز صيام يوم الشك والذي قبله إلا إذا كان يوافق صياماً له أو فرضاً كالقضاء ونحوه .
وإلى تحريم صوم يوم الشك وكذلك اليوم الذي قبله ذهب جمهور العلماء ( إلا أن كثيراً منهم قيد التحريم بأن ينوي صيام هذين اليومين للاحتياط لرمضان ، والصحيح ما ذكرته لك بأن النهي عام يشمل ما ذكروه وغيره ، ويستثنى منه الفرض ومن كانت له عادة صيام هذا اليوم كيوم الاثنين مثلا فوافق يوم الشك أو قبله لظاهر الحديث كما سيأتي )، وهو مذهب الحنفية في قول إلى أنه مكروه كراهة تحريم ، والمالكية في قول ، والمعتمد عند الشافعية ، وقول للحنابلة، وابن حزم .
قال ابن بطال في شرح البخاري (4/32) : ( ذهبت طائفة إلى أنه لا يجوز أن يصام آخر يوم من شعبان تطوعًا إلا أن يوافق صومًا كان يصومه ، وروي ذلك عن عمر ، وعلي ، وعمار ، وحذيفة ، وابن مسعود ، ومن التابعين سعيد بن المسيب ، والشعبي ، والنخعي ، والحسن ، وابن سيرين ، وهو قول الشافعي ، وكان ابن عباس ، وأبو هريرة يأمران أن يفصل بين شعبان ورمضان بفطر يوم أو يومين ، كما استحبوا أن يفصلوا بين صلاة الفريضة والنافلة بكلام أو قيام و تقدم أو تأخر ، وقال عكرمة : من صام يوم الشك فقد عصى الله ورسوله ) .
قال الإمام ابن عبد البر في الاستذكار (3/169) : (ذكر فيه مالك أنه سمع أهل العلم ينهون أن يصام اليوم الذي يشك فيه من شعبان إذا نوى به صيام رمضان ويرون أن على من صامه على غير رؤية ثم جاء الثبت أنه من رمضان أن عليه قضاءه ولا يرون بصيامه تطوعا بأسا . قال مالك : وهذا الأمر عندنا والذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا . قال أبو عمر : هذا أعدل المذاهب في هذه المسألة إن شاء الله وعليه جمهور العلماء )
والدليل على تحريم صيام يوم الشك ، وتحريم تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين ، ما يأتي :
الدليل الأول : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ((لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الْيَوْمَ))( رواه البخاري رقم الحديث (1914) ، ومسلم رقم الحديث (1082) ) .
قال الصنعاني في سبل السلام (2/306) : (الحديث دليل على تحريم صوم يوم أو يومين قبل رمضان . قال الترمذي بعد رواية الحديث : والعمل على هذا ، ثم أهل العلم كرهوا أن يتعجل الرجل الصيام قبل دخول رمضان لمعنى رمضان . انتهى . وقوله : لمعنى رمضان تقييد للنهي بأنه مشروط بكون الصوم احتياطاً لا لو كان الصوم صوماً مطلقاً كالنّفل المطلق والنذر ونحوه . قلت : ولا يخفى أنه بعد هذا التقييد يلزم منه جواز تقدم رمضان بأي صوم كان ، وهو خلاف ظاهر النهي فإنه عام لم يستثن منه إلا صوم من اعتاد صوم أيام معلومة ووافق ذلك آخر يوم من شعبان ، ولو أراد صلى الله عليه وسلم الصوم المقيد بما ذكر لقال : إلا متنفلا أو نحو هذا اللفظ ، وإنما نهى عن تقديم رمضان لأن الشارع قد علق الدخول في صوم رمضان برؤية هلاله فالمتقدم عليه مخالف للنص أمراً ونهياً )
الدليل الثاني : وعن عمار بن ياسر -رضي الله عنه- قال : ((مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ النَّاسُ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم ))(رواه الترمذي رقم الحديث (689) ، والنسائي رقم الحديث (2188) ، وابن حبان في صحيحه رقم الحديث (3585) . وهو حديث صحيح ، ينظر : إرواء الغليل رقم (961) ) .
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (4/120) : (استدل به على تحريم صوم يوم الشك لأن الصحابي لا يقول ذلك من قبل رأيه فيكون من قبيل المرفوع ) .
الدليل الثالث : عن أَبَي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه – قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : ((صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاَثِينَ))( رواه البخاري رقم الحديث (1909) ، ومسلم رقم الحديث (2567) ) .
وجه الاستدلال : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالصيام لرؤية الهلال ، وأمر بالإفطار عند عدم رؤيته وإكمال شعبان مفطراً والأمر للوجوب ، ومخالفته معصية ، فدل هذا على تحريم صيام يوم الشك .
الدليل الرابع : عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ : (( لاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلاَلَ ، وَلاَ تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ))( رواه البخاري رقم الحديث (1906) ، ومسلم رقم الحديث (2550) ) .
وجه الاستدلال : أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصيام في آخر يوم من شعبان حتى يرى الهلال والنهي للتحريم .
والله أعلم .
ينظر : مرعاة المفاتيح (6/443) ، والبحر الرائق (6/155) ، وحاشية ابن عابدين (2/381) وفقه العبادات (1/132) وكفاية الطالب (1/558) ، ومنح الجليل (2/117) ، وشرح الزرقاني (2/207) ، والاستذكار (3/169)وإعانة الطالبين (2/273) ، والإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (1/220) ، والسرج الوهاج (1/142) ، والبيان (3/557) ، والمجموع (6/452) والفروع (5/108) ، وشرح الزركشي (1/411) ، والإنصاف (3/246) والمحلى مسألة (798)