السائل: السلام عليكم ورحمة لله وبركاته
فضيلة الشيخ نتكلم اثناء العمل عن الاسباب التي تعيق العمل فنقول إن فلان هو السبب وننسب الاخطاء الى أصحابها وهم غير موجودين وفي بعض الأوقات نخبرهم بذلك فيغضبون وسؤوالي هو إذا تكلمنا عن شخص انه هو السبب في تاخر المعاملات فهل تعتبر هذه غيبة ؟ وجزاك الله خيرا
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته الغيبة مأخوذ من اغتابه اغتيابا : إذا ذكره بما يكره من العيوب التي فيه ، فإن كان ذلك باطلا بحيث يذكره بما ليس فيه فهو الغيبة في بهت . والغيبة محرمة بالكتاب والسنة والإجماع : قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ }الحجرات12 وقال تعالى : {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً }الإسراء36 وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ ». قَالُوا : اللَهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : « ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ ». قِيلَ : أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ ؟ قَالَ : « إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ ». رواه مسلم . وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا، أو ليصمت)) متفق عليه. وهذا الحديث صريح في أنه ينبغي أن لا يتكلم إلا إذا كان الكلام خيرًا، وهو الذي ظهرت مصلحته، ومتى شك في ظهور المصلحة، فلا يتكلم وعن سهل بن سعد –رضي الله عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: ((من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة )) . متفق عليه . وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول : ((إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها إلى النار أبعد مما بين المشرق والمغرب )) . متفق عليه . والنصوص في ذلك كثيرة إلا أنه استثنى العلماء من الغيبة ستة أشياء بنصوص أخرى نظمها بعضهم فقال : القدح ليس بغيبة في ستة متظلم ومعرف ومحذر ومجاهر فسقاً ومستفت ومن طلب الإعانة في إزالة منكر قال النووي في شرح مسلم : (لكن تباح الغيبة لغرض شرعي وذلك لستة أسباب : أحدها : التظلم فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلي السلطان والقاضي وغيرهما ممن له ولاية أو قدرة علي إنصافه من ظالمه فيقول ظلمني فلان أو فعل بي كذا . الثاني : الاستغاثة على تغيير المنكر ورد العاصي إلى الصواب فيقول لمن يرجو قدرته فلان يعمل كذا فازجره عنه ونحو ذلك . الثالث : الاستفتاء بأن يقول للمفتي ظلمني فلان أو أبي أو أخي أو زوجي بكذا فهل له ذلك وما طريقي في الخلاص منه ودفع ظلمه عني ونحو ذلك فهذا جائز للحاجة والأجود أن يقول في رجل أو زوج أو والد وولد كان من أمره كذا ومع ذلك فالتعيين جائز لحديث هند وقولها : إن أبا سفيان رجل شحيح . الرابع : تحذير المسلمين من الشر وذلك من وجوه منها جرح المجروحين من الرواة والشهود والمصنفين وذلك جائز بالإجماع بل واجب صونا للشريعة ، ومنها الإخبار بعيبه عند المشاورة في مواصلته ، ومنها إذا رأيت من يشتري شيئا معيبا أو عبدا سارقا أو زانيا أو شاربا أو نحو ذلك تذكره للمشتري إذا لم يعلمه نصيحة لا بقصد الإيذاء والإفساد ، ومنها إذا رأيت متفقها يتردد إلى فاسق أو مبتدع يأخذ عنه علما وخفت عليه ضرره فعليك نصيحته ببيان حاله قاصدا النصيحة ، ومنها أن يكون له ولاية لا يقوم بها على وجهها لعدم أهليته أو لفسقه فيذكره لمن له عليه ولاية ليستدل به على حاله فلا يغتر به ويلزم الاستقامة . الخامس : أن يكون مجاهرا بفسقه أو بدعته كالخمر ومصادرة الناس وجباية المكوس وتولي الأمور الباطلة فيجوز ذكره بما يجاهر به ولا يجوز بغيره إلا بسبب آخر . السادس : التعريف فإذا كان معروفا بلقب كالأعمش والأعرج والأزرق والقصير والأعمى والأقطع ونحوها جاز تعريفه به ويحرم ذكره به تنقصا ولو أمكن التعريف بغيره كان أولى والله اعلم ) . فجواب سؤالك أخي هو أن الأصل أنه يحرم الكلام على هذا الشخص الذي يؤخر العمل إلا بعد نصيحته ومعرفة سبب تأخيره للعمل ، فإن لم يقبل النصيحة يجوز بعد ذلك أن تتكلم عليه عند مسؤوله لا لقصد الغيبة ولكن بقصد الإصلاح وللمصلحة العامة فإنه مؤتمن على هذا العمل ولم يؤده على وجهه ولكن من غير زيادة عليه قال النووي : (ومنها أن يكون له ولاية لا يقوم بها على وجهها لعدم أهليته .. فيذكره لمن له عليه ولاية ليستدل به على حاله فلا يغتر به ويلزم الاستقامة) . ولا يجوز أن تجلس مع إخوانك تتكلم عن فلان وفلان لمجرد الكلام لا للإصلاح ونحوه فإن هذا من الغيبة . وتكلموا أخي في مجلسكم فيما ينفعكم وفيه مصلحة للعمل . والله تعالى أعلى وأعلم .