السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
شيخنا- اذا سقط فار في برميل زيت سائل وليس جامد ما العمل وهل يجوز الانتفاع بة
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته سؤالك حفظك الله حول الفأرة التي سقطت في السمن فماتت فيه ، وجواب سؤالك : اعلم أن النجاسة كميتة الفأرة إذا سقطت في السمن ونحوه فإنه إما أن يكون جامداً أو مائعاً : فإن كان جامداً فقد أجمع العلماء على أن السمن ونحوه إن كان جامدا وسقطت فيه النجاسة فإنه يكفي في تطهيره أن تلقى النجاسة وما حولها ، ويكون الباقي طاهراً لعدم تعدي النجاسة إليه ينظر شرح ابن بطال على البخاري (10/35) ، والتمهيد (9/40) وفتح الباري (1/410) . أما إن كان مائعاً وسقطت فيه نجاسة فاختلف العلماء -رحمهم الله تعالى- في نجاسته ، والراجح أنه لا يحكم بنجاسته إلا إذا تغير بها ، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد وهو مذهب الإمامين الزهري ، والأوزاعي والإمام البخاري ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية ينظر : مجموع الفتاوى (21/513)وفتح الباري (1/408،410) وعليه متى سقت النجاسة في المائع ولم تغيره فإنها تلقى وما حولها وينظر في الباقي فإن لم يتغير بالنجاسة فإنه يكون طاهرا ، الدليل على ذلك ما يأتي : الدليل الأول : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ –رضي الله عنهم- : (( أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ سَقَطَتْ فِي سَمْنٍ ؟ فَقَالَ : « أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَاطْرَحُوهُ . وَكُلُوا سَمْنَكُمْ » ))رواه البخاري في الوضوء / باب مَا يَقَعُ مِنَ النَّجَاسَاتِ فِي السَّمْنِ وَالْمَاءِ رقم الحديث (235) . فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يسأل عن السمن هل كان جامداً أو مائعاً ، بل أمرهم أن يلقوا النجاسة وما حولها لأن الأصل الطهارة بعد إلقاء النجاسة وما حولها ، إلا إذا تغيرت أحد أوصافه الثلاثة بالنجاسة. وقد أشار إلى هذا الإمام الزهري وهو من رواة الحديث فقد روى البخاري في صحيحه برقم (5539) قال حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ الدَّابَّةِ تَمُوتُ فِي الزَّيْتِ وَالسَّمْنِ وَهْوَ جَامِدٌ أَوْ غَيْرُ جَامِدٍ ، الْفَأْرَةِ أَوْ غَيْرِهَا قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِفَأْرَةٍ مَاتَتْ فِي سَمْنٍ ، فَأَمَرَ بِمَا قَرُبَ مِنْهَا فَطُرِحَ ثُمَّ أُكِلَ ، عَنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى- في مجموع الفتاوى (21/515) : (فأجابهم النبي جوابا عاما مطلقا بأن يلقوها وما حولها وأن يأكلوا سمنهم ، ولم يستفصلهم هل كان مائعاً أو جامداً ، وترك الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال ، مع أن الغالب على سمن الحجاز أن يكون ذائباً وقد قيل : إنه لا يكون إلا ذائباً ، والغالب على السمن أنه لا يبلغ القلتين مع أنه لم يستفصل هل كان قليلا أو كثيرا ) . الدليل الثاني : أن الشارع فرق بين النجس والطاهر ، والفرق يكون بظهور أثر النجاسة في المائع ، فإذا لم يظهر في المائع أثر النجاسة لا في اللون ، ولا في الطعم ، ولا في الرائحة ، فكيف نحكم عليه بالنجاسة ؟! بل ما الفرق بينه وبين المائع الطاهر ؟! قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى- في مجموع الفتاوى (21/514) : (والقول بأن المائعات لا تنجس كما لا ينجس الماء هو القول الراجح ، بل هي أولى بعدم التنجيس من الماء ، وذلك لأن الله أحلّ لنا الطيبات ، وحرم علينا الخبائث ، والأطعمة والأشربة من الأدهان والألبان والزيت والخلول والأطعمة المائعة هي من الطيبات التي أحلها الله لنا ، فإذا لم يظهر فيها صفة الخبث لا طعمه ولا لونه ولا ريحه ولا شيء من أجزائه كانت على حالها في الطيّب ، فلا يجوز أن تجعل من الخبيث المحرمة مع أن صفاتها صفات الطيّب لا صفات الخبائث ، فإن الفرق بين الطيّبات والخبائث بالصفات المميزة بينهما ، ولأجل تلك الصفات حرم هذا وأحل هذا ) والله تعالى أعلى وأعلم .