النظر إلى المخطوبة

964
السائل: السلام عليكم فضيلة الشيخ ما صحة أثر كشف عمر لساق أم كلثوم رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين
وما الذي يجوز أن ينظر إليه الخاطب من مخطوبته؟ وإذا صحّت القصة هل يجوز الكشف عن المخطوبة كفعل عمر أو التخبأ لها ، بيّنوا لنا جزاكم الله خيرا؟

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمد لله وحد وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وبعد :
أثر عمر –رضي الله عنه- المذكور آنفاً لا يصح عنه فإن فيه انقطاع وإرسال ينظر : السلسلة الضعيفة (3/433) .
يجوز النظر إلى المخطوبة لما يأتي وهو محل إجماع :
الدليل الأول : عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- : « إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ » . قَالَ : فَخَطَبْتُ جَارِيَةً فَكُنْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتَّى رَأَيْتُ مِنْهَا مَا دَعَانِى إِلَى نِكَاحِهَا وَتَزَوُّجِهَا فَتَزَوَّجْتُهَا. رواه أبو داود وأحمد في المسند . وهو في صحيح أبي داود رقم (1816) ، والسلسلة الصحيحة رقم (99) .
الدليل الثاني : عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ قَالَ : خَطَبْتُ امْرَأَةً فَجَعَلْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهَا فِى نَخْلٍ لَهَا فَقِيلَ : لَهُ أَتَفْعَلُ هَذَا وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِذَا أَلْقَى اللهُ فِى قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا ». رواه ابن ماجه . ينظر السلسلة الصحيحة رقم (98) .
الدليل الثالث : عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- « اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا ». فَفَعَلَ فَتَزَوَّجَهَا فَذَكَرَ مِنْ مُوَافَقَتِهَا. رواه ابن ماجه . السلسلة الصحيحة رقم (96) .
أما ما يجوز النظر من المخطوبة فهو محل خلاف بين العلماء والراجح والله أعلم أنه يجوز له أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها وهو ما يظهر منها غالبا ولا يجوز له أن ينظر إلى جميع جسدها ولا يجوز أن يخلو بها مطلقا وهو مذهب الأوزاعي ورواية عن الإمام أحمد للأحاديث السابقة .
وفي هذه الأحاديث كذلك جواز النظر إلى المخطوبة بغير علمها وهو مذهب الجمهور إلا أنه ينبغي أن يتنبه أن الإنسان العاقل ومن يظن فيه الصلاح لا نبغي أن يوقع نفسه في مواقع الشبه وظن السوء والتهم .
قال ابن قدامة في المغني : (9/491) : (لَا نَعْلَمُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ خِلَافًا فِي إبَاحَةِ النَّظَرِ إلَى الْمَرْأَةِ لِمَنْ أَرَادَ نِكَاحَهَا وَلَا بَأْسَ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا بِإِذْنِهَا وَغَيْرِ إذْنِهَا . لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالنَّظَرِ وَأَطْلَقَ ، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ : فَكُنْت أَتَخَبَّأُ لَهَا وَفِي حَدِيثٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ أَبَوَيْهَا فِي النَّظَرِ إلَيْهَا ، فَكَرِهَا ، فَأَذِنَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ رَوَاهُ سَعِيدٌ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْخَلْوَةُ بِهَا ؛ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ وَلَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِغَيْرِ النَّظَرِ ، فَبَقِيَتْ عَلَى التَّحْرِيمِ ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مَعَ الْخَلْوَةِ مُوَاقَعَةُ الْمَحْظُورِ ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ ، فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ } وَلَا يَنْظُرُ إلَيْهَا نَظَرَ تَلَذُّذٍ وَشَهْوَةٍ ، وَلَا لِرِيبَةٍ . وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي إبَاحَةِ النَّظَرِ إلَى وَجْهِهَا ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ ، وَهُوَ مَجْمَعُ الْمَحَاسِنِ ، وَوَجْهُ جَوَازِ النَّظَرِ مَا يَظْهَرُ غَالِبًا ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَذِنَ فِي النَّظَرِ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِ عِلْمِهَا ، عُلِمَ أَنَّهُ أَذِنَ فِي النَّظَرِ إلَى جَمِيعِ مَا يَظْهَرُ عَادَةً إذْ لَا يُمْكِنُ إفْرَادُ الْوَجْهِ بِالنَّظَرِ مَعَ مُشَارَكَةِ غَيْرِهِ لَهُ فِي الظُّهُورِ ) .
والله اعلم .