الجمع بين حديثين

874
السائل: السلام عليكم فضيلة الشيخط:
كيف نجمع بين قول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يشربن أحدكم الماء قائما ) وبين قوله صلى الله عليه وسلم (إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين )؟

الشيخ: لا تعارض أصلا بين النهي عن الشرب قائما وبين الأمر بتحية المسجد لأن يصلي أولاً ركعتين ثم بعد ذلك يشرب الماء جالساً أو يخرج من المسجد ويشرب الماء جالسا فلا يوجد أي تعارض بين هذين الدليلين لأن التعارض عند العلماء هو : هو التمانع بين الأدلة الشرعية مطلقاً بحيث يقتضي أحدهما عدم ما يقتضيه الآخر .وهذا غير موجود في ما سألت عن يتضح بشرح التعريف :قولنا : (التمانع) : أي التعارض : أن يمنع أحد الدليلين مقتضى الدليل الآخر ، وهو يشمل كلّ تمانع ، فيدخل فيه التمانع الواقع بين حكمين مختلفين كالوجوب والتحريم ، ويدخل فيه التمانع الواقع بين أقوال المجتهدين ، ويدخل فيه التمانع بين الأدلة .وقولنا : (بين الأدلة) : قيدٌ أول في التعريف ، وفصلٌ له يخرج به التمانع بين غير الأدلة ، كالتخالف الواقع بين أقوال الصحابة -رضوان الله عليهم- ، أو المجتهدين من بعدهم ، أو بين الوجوه المستنبطة من أصول الإمام المجتهد ، بناءً على القول بعدم حجيتها .وقولنا : (الشرعية) : صفة للأدلة وقيد ، وخرج بهذا القيد كلّ تمانع حاصل بين أدلة غير شرعية ، ويدخل بهذا القيد جميع الأدلة الشرعية المتفق عليها كالكتاب والسنة ، أو المختلف فيها كالاستصحاب والاستحسان .وقولنا : (مطلقاً) : قيد للأدلة ، ويستفاد منه أن التعارض بين الأدلة حال كونها مطلقة عن جميع القيود من كونها عقلية ، أو نقلية ، أو عقلية ونقلية ، وعن كونها مقيدة بالظنية ، أو القطعية ، أو غير ذلك ، يعني التعارض يتحقق بأي واحد مما ذكر .وقولنا : (بحيث يقتضي ) : قيد آخر للتعريف ، خرج به الدليلان الشرعيان المتوافقان ، كآية الوضوء ووضوئه صلى الله عليه وسلم ، فلا يعتبر من التعارض .وعليه فلا تعارض فيما سألت عنه . والله اعلم .