حكم النمص للمتزوجة

1043
السائل: ما حكم النمص للمتزوجة؟وهل علة التحريم هي منع التلبيس على الزوج؟

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمد لله وحده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وبعد :النمص محرم للمتزوجة وغير المتزوجة ولا فرق فعن عَبْدِ اللهِ بن مسعود قَالَ : ((لَعَنَ اللهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ. قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ وَكَانَتْ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَأَتَتْهُ فَقَالَتْ : مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ : وَمَا ليَ لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ فِي كِتَابِ اللهِ فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ : لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ لَوْحَي الْمُصْحَفِ فَمَا وَجَدْتُهُ. فَقَالَ : لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ : فَإِنِّي أَرَى شَيْئًا مِنْ هَذَا عَلَى امْرَأَتِكَ الآنَ . قَالَ : اذْهَبِي فَانْظُرِي . قَالَ : فَدَخَلَتْ عَلَى امْرَأَةِ عَبْدِ اللهِ فَلَمْ تَرَ شَيْئًا فَجَاءَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ : مَا رَأَيْتُ شَيْئًا. فَقَالَ : أَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكِ لَمْ نُجَامِعْهَا )). رواه البخاري ومسلم واللفظ له .
واللعن : هو الطرد من رحمة الله تعالى . فيكون هذا الفعل من الكبائر كما هو مقرر عند العلماء .
وأما ما ذكر من أن علة هي منع التلبيس على الزوج فهي علة باطلة مردود لأمور :
أولا : أن العلة لها مسالك عند الأصوليين تعرف بها وهي النص أو الإجماع أو الاستنباط . وهذه العلة المذكور لا تدخل في واحدة من هذه المسالك حيث إنها غير منصوص عليها وغير مجمع عليها بل لم يقل بها أحد من السلف .
ثانياً : يشترط في العلة المستنبطة أن لا تخالف نصاً ولا إجماعاً . وهذه العلة خالفت ظاهر النص لأن ظاهره لم يفرق بين المتزوج وغيرها . بل خالفت قول راوي الحديث ابن مسعود –رضي الله عنه- فإنه قال : ((أَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكِ لَمْ نُجَامِعْهَا)) أي لم نخالطهن . فابن مسعود –رضي الله عنه- أنكر هذا الفعل مطلقاً فقيل له : إن زوجتك تفعل ذلك فذهبت المرأة فرأتها فلم تجد بها شيئاً وقال : لو أنهن فعلن ذلك لم نخالطهن ، ولم يقل : بأنها متزوجة وحتى لو فعلت ذلك فإنها لم تلبس عليّ لأني أعرفها والحكم لغير المتزوجة!!!
ثالثاً : أن العلة قد أشير إليها في نفس الحديث وهي قوله صلى الله عليه وسلم : ((الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ)) يعني علة اللعن أن هذا تغير لخلق الله تعالى بزعم أنه يزيد جمالهن .
قال العيني في عمدة القاري (32/97) : (قوله : المغيرات خلق الله تعالى كالتعليل لوجوب اللعن ) .فالتعليل المذكور من التفريق بين المتزوجة وغيرها يعود على هذه العلة بالبطلان . فظهر بذلك أن هذه العلة عليلة بل ساقط ولا يجوز التعليل بها لأن النمص ونحوه محرم لذاته على المرأة فلا يجوز لها أن ترتكبه ما يغضب الرب تعالى بحجة إرضاء الزوج .
وقال ابن بطال في شرح البخاري (17/198) : (قال الطبري: في هذا الحديث البيان عن رسول الله أنه لا يجوز لامرأة تغيير شيء من خلقها الذي خلقها الله عليه بزيادة فيه أو نقص منه التماس التحسن به لزوج أو غيره ) .
وقال في فيض القدير (5/348) : (وذلك كله حرام شديد التحريم قال ابن العربي : بإجماع الأمة وذلك لأن الله خلق الصور فأحسنها ثم فاوت في الجمال بينهما مراتب فمن أراد أن يغير خلق الله فيها ويبطل حكمته فيها فهو جدير بالإبعاد والطرد لأنه أتى ممنوعا لكونه أذن في السواك والاكتحال وهو تغيير لكنه مأذون فيه مستثنى من الممنوع ) .والله تعالى أعلم .