السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة , فضيلة الشيح احسن الله اليك اثناء خطبة الجمعة ماحكم التأمين بعد دعاء الامام وهل يعد من اللغو وكذلك الصلاة على الرسول صلى الله علية وسلم اثناء ذكر الامام .؟ وجزاكم الله خير
الشيخ: على سؤاليك على النحو الآتي :أولا : أما ما يتعلق بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والخطيب يخطب فبحث هذه المسألة من وجهين :الوجه الأول : تعارض واجب مع واجب فيجمع بينهما قدر المستطاع أو يقدم الأوجب .أما الجمع فيمكن أن يقال إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الخطيب مباشرة قد لا تشغل المستمع عن الخطبة لأنه مع صلاته للنبي صلى الله عليه وسلم هو متابع للخطيب ويعجبني في هذا المقام ما ذكره الباجي في كتابه المنتقى (1/241) : (( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ مَنْ حَضَرَ الْجُمُعَةَ عَلَى ضَرْبَيْنِ ضَرْبٌ فِيهِ عِبَادَةٌ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَذِكْرِ اللهِ تَعَالَى وَضَرْبٌ لَا عِبَادَةَ فِيهِ فَقَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ مَمْنُوعٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَأَمَّا مَا فِيهِ عِبَادَةٌ فَإِنَّ كَثِيرَهُ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ مَشْرُوعَةٌ لِمَعْنَى التَّذْكِيرِ وَالْوَعْظِ وَأَمْرُ الْإِمَامِ وَنَهْيُهُ وَتَعْلِيمُهُ فَهُوَ ذِكْرٌ مَخْصُوصٌ يُفَوِّتُ مَا قُصِدَ بِهَا وَمَا يَأْتِي بِهِ مِنْ الذِّكْرِ وَالتَّسْبِيحِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لَا يُفَوِّتُهُ وَأَمَّا يَسِيرُ الذِّكْرِ فَإِنَّهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ ضَرْبٌ يَخْتَصُّ بِهِ كَحَمْدِ اللهِ عِنْدَ الْعُطَاسِ وَالتَّعَوُّذِ مِنْ النَّارِ عِنْدَ ذِكْرِهَا فَهَذَا خَفِيفٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ يَشْغَلُ عَنْ الْإِصْغَاءِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ الْإِنْصَاتِ إِلَى الْخُطْبَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ الْإِنْصَاتُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْهُ وَإِنْ فَعَلُوا فَسِرًّا فِي أَنْفُسِهِمْ وَالضَّرْبُ الثَّانِي لَا يَخْتَصُّ بِهِ مِثْلُ أَنْ يَعْطِسَ غَيْرُهُ فَيُشَمِّتَهُ فَهَذَا مَمْنُوعٌ مِنْهُ ) .وأما إذا لم يمكن الجمع بما سبق ولم يكن مرضياً فلا شك أن الاستماع إلى الخطبة أوجب .الوجه الثاني : أن الاستماع إلى الخطبة واجب مستمر إلى نهاية الخطبة بخلاف الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد فإن الواجب أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في المرة الأولى وأما المرات الأخرى فإنها مستحبة للقاعدة الأصولية أن الأمر المطلق لا يقتضي التكرار وهو مذهب أكثر الحنفية ، والظاهرية ، ورواية عن الإمام أحمد ، وهو اختيار كثير من الحنابلة كأبي الخطاب وابن قدامة ، والطوفي ، وهو قول أكثر الفقهاء ، ورجحه الرازي ، والآمدي ، والبيضاوي، وإمام الحرمين والشنقيطي .فعلى هذا الوجه فإنه يصلي في المرة الأولى للوجوب ولأنه غالبا لا ينشغل بها فأما في البقية فلا .والراجح إن شاء الله تعالى أنه يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وخاصة في المرة الأولى لأن الظاهر من أحاديث النهي أنه منصب على من انشغل عن الخطيب مع نفسه أو مع غيره أما من انشغل مع الخطيب فلا بأس به إن شاء الله تعالى ومنها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإن الخطيب عند صلاته على النبي صلى الله عليه وسلم كأنه يحثهم عليها يؤيده ما ورد في حديث أَنَسَ بن مَالِكٍ –رضي الله عنه- : (( أَنَّ رَجُلًا دخل يوم الْجُمُعَةِ من بَابٍ كان وِجَاهَ الْمِنْبَرِ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَخْطُبُ فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمًا فقال : يا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتْ الْمَوَاشِي وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا قال : فَرَفَعَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ فقال اللهم اسْقِنَا اللهم اسْقِنَا اللهم اسْقِنَا )) رواه البخاري ومسلم. فالنبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على الرجل لأنه كان منشغلا مع الخطيب ليس مع نفسه ولا مع غيره . وغيرها من الأحاديث . والله أعلمثانياً : أما التأمين على الدعاء فهو متعلق بمشروعية تكرار الدعاء في كل جمعة فمن رأى أنه مشروع لحديث أنس السابق في طلب السقيا فإنه يجوز التأمين وأما من رأى أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم الدائم في خطبة الجمعة عدم الدعاء وحديث أنس رضي الله عنه كان لعارض فإنه لا يرى التأمين خلف الإمام إلا إذا دعا لعارض . وهو الأظهر . والله أعلم .