نسيان القرآن

622
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته , فضيلة الشيخ التزمت حلقات تحفيظ القرآن ولكن بعد مده بدأت اتغييب عن الحضور مع العلم انه لدي الرغبة في المواصلة في حفظ كتاب الله , سؤالي هو هل علي إثم في تركي لحفظ القرآن؟ وكذلك تمر على ايام حتى لا اقراء فيها الورد اليومي فهل انا آثم ؟ افدني جزاك الله خيرا

الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهالحمد لله وحده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وبعد :اعلم أخي حفظك الله تعالى :أولا : أن حفظ كتاب الله تعالى فيه فضل عظيم لو لم يكن فيه إلا قوله صلى الله عليه وسلم : ((يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها )) السلسلة الصحيحة رقم(2240) . قال الشيخ ناصر في السلسلة (5/281) : (واعلم أن المراد بقوله : صاحب القرآن حافظه عن ظهر قلب على حد قوله صلى الله عليه وسلم : يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله . . أي أحفظهم فالتفاضل في درجات الجنة إنما هو على حسب الحفظ في الدنيا وليس على حسب قراءته يومئذ واستكثاره منها كما توهم بعضهم ففيه فضيلة ظاهرة لحافظ القرآن لكن بشرط أن يكون حفظه لوجه الله تبارك وتعالى وليس للدنيا والدرهم والدينار وإلا فقد قال صلى الله عليه وسلم : أكثر منافقي أمتي قراؤها) . لو لم يكن إلا هذا الحديث لكفى لكن فضائل حفظ القرآن كثيرة وليس محل بسطها هنا .ثانيا : القرآن يحتاج إلى تعهد ومراجعة وإلا تفلت قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((تعاهدوا هذا القرآن فوالذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقله)) رواه مسلم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((بئسما لأحدهم يقول نسيت آية كيت وكيت بل هو نسى استذكروا القرآن فلهو أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم بعقلها )) رواه البخاري مسلم .رابعا : يحتاج حفظ القرآن أيضا إلى :1- اخلاص النية 2- الصبر على حفظه ومراجعته بين الحين والحين 3- تجنب المعاصي فهى مذهبة للعلم والحفظ ومضعفة للإيمان نسأل الله تعالى السلامة . 4-مجالسة الصالحين الذين يحثون على تعلم القرآن وحفظه . 5- تنظيم الوقت وتخصيص جزء من الوقت لحفظ ومراجعة القرآن . 6- الدعاء والتضرع إلى الله تعالى على أن يعينك على حفظ وفهم القرآن .وإضاعة حفظ القرآن بعد حفظه أمر عظيم إذا تعمده الإنسان قال الحافظ ابن كثير في تفسيره (4/147) : (عن الضحاك قال : ما نعلم أحدا حفظ القرآن ثم نسيه إلا بذنب ثم قرأ الضحاك { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير } ثم يقول الضحاك : وأي مصيبة أعظم من نسيان القرآن ) . لكن نسي الإنسان القرآن عن غير عمد لظروف ألمت به فنسأل الله تعالى أن لا يكون عليه شيء لأن النسان من غير عمد لا يؤاخذ عليه الإنسان لكن عليه العمل بما جاء فيه قال الإمام ابن عبدالبر في الاستذكار : (قال سفيان بن عيينة في معنى ما جاء من الأحاديث في نسيان القرآن قال : هو ترك العمل بما فيه قال الله تعالى ( اليوم ننسكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ) الجاثية 34 وليس من اشتهى حفظه وتفلت منه بناس له إذا كان يحلل حلاله ويحرم حرامه . قال ولو كان كذلك ما نسي النبي صلى الله عليه وسلم شيئا منه قال الله عز وجل (سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله ) الأعلى 6 7 وقد نسي رسول الله صلى الله عليه وسلم منه أشياء وقال ذكرني هذا آية أنسيتها . قال سفيان ولو كان كما يقول هؤلاء الجهال ما أنسى الله نبيه منه شيئا ) .وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري : (9/85) : (( قوله -يعني البخاري- : باب نسيان القرآن وهل يقول نسيت آية كذا وكذا ) كأنه يريد أن النهي عن قول نسيت آية كذا وكذا ليس للزجر عن هذا اللفظ بل للزجر عن تعاطي أسباب النسيان المقتضية لقول هذا اللفظ ويحتمل أن ينزل المنع والاباحة على حالتين فمن نشأ نسيانه عن اشتغاله بأمر ديني كالجهاد لم يمتنع عليه قول ذلك لأن النسيان لم ينشأ عن إهمال ديني وعلى ذلك يحمل ما ورد من ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من نسبة النسيان إلى نفسه ومن نشأ نسيانه عن اشتغاله بأمر دنيوي ولا سيما أن كان محظورا أمتنع عليه لتعاطيه أسباب النسيان ) .أسأل الله تعالى في علاه أن يثبتنا وإياك على طاعته وعلى فعل الخيرات وإن يعيننا على حفظ كتابه العظيم وسنة خير المرسلين صلى الله عليه وسلم والعمل بماجاء فيهما واجتناب ما نهى الله تعالى عنه ورسوله فكلنا مقصر وأسأل الله تعالى أن يعفو عنا بمنه وكرمه . والله تعالى أعلى وأعلم .