السائل: والدي كبير في السن ومريض بحيث لايدرك مايجري حوله ولو تكلم لعله لايعي أحيانا مايقول بسبب ضعف حواسه و ضعف تركيزه العقلي. الوالدة تذكرة بالصلاة ولو لم تذكره لما صلى (رغم أنه كان من المصلين الملتزمين في حال صحته قديما)وتساعدة على الوضوء ولكن عندما صلي يظل ساكتا ولايقوم بحركات الصلاة بل أحيانا يلتفت في صلاته. فما رأي الشرع في صلاته وهل نلزمه على هذه الصلاة وهل يجب عليه أو علينا فعل شيء آخر لسد هذا في صلاته.أفيدونا بارك الله في علمكم
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتهالحمد لله وحده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . وبعد:أولاً : قولك : ما رأي الشرع ! لفظ غير صحيح والصواب أن يقال ما حكم الشرع لأن الرأي إنما هو للفقهاء المجتهدين ولأن الرأي منه ماهو حق ومنه ماهو باطل ومنه ما هو صواب ومنه ما هو على خلاف ذلك أما حكم الشرع فلا يكون إلا حق والشارع الحكيم أوامره ونواهيه أحكام قال تعالى : { إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ }الأنعام57 .ولهذا لن تجد فيما أعلم في كتب العلماء (رأي الشرع).ثانياً :أما بالنسبة لوالدك فإن كان كما قلت فإن من شروط التكليف الإدراك وفهم الخطاب قال الإبهاج (1/156) : (اتفق الكل حتى القائلون بجواز التكليف بما لا يطاق على أنه يشترط في المأمور أن بكون عاقلا بفهم الخطاب أو يتمكن من فهمه) . والظاهرأن والدك لايدرك ولايفم الخطاب فيلحق بالمعتوه وهي آفة ناشئة عن الذات توجب خللاً في العقل فيصير صاحبها مختلط الكلام ، يشبه بعض كلامه العقلاء وبعضه كلام المجانين ، وكذا سائر أموره . فالمعتوه له عقل لكنه ضعيف عن إدراك وفهم الخطاب ، أما المجنون فإنه لا عقل له . والراجح أنه غير مكلف مطلقاً ، وهو مذهب جمهور العلماء ، والدليل على عدم تكليفه ما يأتي :الدليل الأول : عَنْ عَلِيِّ -رضى الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (( رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ : عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنِ الْمَعْتُوهِ حَتَّى يَبْرَأَ )) صحيح الترمذي رقم الحديث (1150) ..الدليل الثاني : قياس المعتوه على المجنون والصبي غير المميز والجامع : ضعف العقل عن إدراك حقائق الأمور عن فهم خطاب الشارع .لكن ينبغي أن يلاحظ أن والدك إن كان يدرك بعض الأحيان فعليكم إعلامه بالصلاة ومعاونته أما إذا كان لا يدركا مطلقا وهذا هو الحال الدائم لديه فإنه غير مكلف .والله تعالى أعلم .