السائل: فضيلة الشيخ جزاك الله خيراهل هناك أعمال تبطل النية للأعمال الصالحة ؟( مبطلات النية ) سمعت بها خلال محاضرة فهل هذا صحيح ؟وما هي تلك الأعمال ؟
الشيخ: الحمد لله وحد وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصبه وسلم وبعد :نعم هناك أعمال تبطل الأعمال الصالحة ومبطلات الأعمال كثيرة منها :أولا : الشرك بالله تعالى : وهو محبط لجميع الأعمال الصالحة قال تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ }الزمر65 وهو أعظم الذنوب وصاحبه مخلد في النار قال تعالى : {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً }النساء48 والشرك أنواعه كثيرة نسأل السلامة والعافية .ثانياً : الرياء والسمعة (الشرك الخفي) : وهو مبطل للعمل الذي عمله لغير وجه الله تعالى وليس لجميع الأعمال ، وهو خطير جداً حيث إن الإنسان لا يشعر به فقد يعمل الأعمال الصالحة لكن يبتغي بها عرضاً الدنيا نسأل الله السلامة ، وقد جاء التحذير منه قال تعالى : {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً }الكهف110 فيدخل تحتها الشرك الأكبر والأصغر وهو الرياء كما قال المفسرون ، وقال تعالى : {الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ ، الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ }الماعون: ٥ – ٦وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ –رضي الله عنه- قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ فَقَالَ « أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِى مِنَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ ». قَالَ قُلْنَا بَلَى. فَقَالَ « الشِّرْكُ الْخَفِىُّ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّى فَيُزَيِّنُ صَلاَتَهُ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ » رواه ابن ماجه وهو حديث حسن ينظر صحيح ابن ماجه (4204)وقال صلى الله عليه وسلم : (( يا نعايا العرب ! يا نعايا العرب ! ثلاثا ، إن أخوف ما أخاف عليكم الرياء و الشهوة الخفية)) . السلسلة الصحيحة (508) .وقال صلى الله عليه وسلم : (( إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر ، قالوا : و ما الشرك الأصغر ؟ قال الرياء ، يقول الله عز وجل لأصحاب ذلك يوم القيامة إذا جازى الناس : اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون في الدنيا ، فانظروا هل تجدون عندهم جزاء ؟! )) . السلسلة الصحيحة (951) .قال الإمام الشنقيطي في تفسير أضاء البيان (9/308) : (أما الرياء : فقيل وهو مشتق من الرؤية ، والمراد به إظهار العبادة لقصد رؤية الناس لها فيحمد عليها ، وقد جاء في الحديث تسميته الشرك الخفي : « إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الخفي ، قالوا : وما الشرك الخفي يا رسول الله؟ قال : الرياء ، فإنه أخفى في نفوسكم من دبيب النمل » .وجاء قوله تعالى : { فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَآءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَا } [ الكهف : 110 ] .وبيان الشرك فيه أنه يعمل العمل مما هو أصلاً لله ، كالصلاة أو الصدقة أو الحج ، ولكنه يظهره لقصد أن يحمده الناس عليه .فكأن هذا الجزء منه مشاركة مع الله ، حيث أصبح من عمله جزء لطلب الثناء من الناس عليه .وقد جاء حديث أبي هريرة عند مسلم : يقول الله تعالى : « أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، فمن عمل عملاً أشرك معي غيري تركته وشركه » .أما حكم الرياء في العمل ، ففي هذا النص دلالة على رد العمل على صاحبه ، وتركه له .فقيل : إنه يكون لا له فيه ، ولا عليه منه .فقيل : لا يخلو من ذم ، كما حذر الله تعالى منه بقوله : { وَلاَ تَكُونُواْ كالذين خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَراً وَرِئَآءَ الناس } [ الأنفال : 47 ] .وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من راءى راءى الله به ، ومن سمع سمع الله به » رواه مسلم .والتسميع : هو العمل ليسمع الناس به كما في حديث الوليمة « في اليوم الأول والثاني والثالث سمعة . ومن سمّع سمّع به » .فالرياء مرجعه إلى الرؤية ، والتسميع مرجعه إلى السماع .ومعلوم أنها نزلت في قريش يوم بدر ، وقد أحبط الله عملهم ، وردهم على أعقابهم .وفي حديث أبي هريرة ، وقيل : إنه محبط للأعمال لمسمى الشرك لقوله تعالى : { إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ } [ النساء : 48 ] .وأجيب : بأنه يحبط العمل الذي هو فيه فقط ، فإن رءاى في الصلاة أحبطها ولا يتعدى إلى الصوم ، وإن رءاى في صلاة نافلة لا يتعدى إحباطها إلى صلاة فريضة ، وهكذا ، قد يبدأ عملاً خالصاً لله ، ثم يطرأ عليه شبح الرياء ، فهل يسلم له عمله أو يحبطه ما طرأ عليه من الرياء؟فقالوا : إن كان خاطراً ودفعه عنه فلا يضره ، وإن استرسل معه . فقد رجح أحمد وابن جرير ، عدم بطلان العمل نظراً لسلامة القصد ابتداء .ودليلهم في ذلك : ما روى أبو داود في مراسيله عن عطاء الخراساني أن رجلاً قال : يا رسول الله ، إن بني سلمة كلهم يقاتل ، فمنهم من يقاتل للدنيا ، ومنهم من يقاتل نجدة ، ومنهم من يقاتل ابتغاء وجه الله تعالى قال : « كلهم إذا كان أصل أمره ، أن تكون كلمة الله هي العليا » .وذكر عن ابن جرير : أن هذا في العمل الذي يرتبط آخره بأوله ، كالصلاة والصيام .أما ما كان مثل القراءة والعلم . فإنه يلزمه تجديد النية الخالصة لله ، أي لأن كل جزء من القراءة ، وكل جزء من طلب العلم مستقل بنفسه ، فلا يرتبط بما قبله .وهناك مسألة : وهي أن العبد يعمل العمل لله خالصاً ، ثم يطلع عليه بعض الناس ، فيحسنون الثناء عليه فيعجبه ذلك . فلا خوف أنه ليس من الرياء في شيء لما جاء في حديث أبي ذر رضي الله عنه ، أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يعمل من الخير يحمده الناس عليه ، فقال صلى الله عليه وسلم« عاجل بشرى المسلم » رواه مسلم ) .ثالثاً : البدعة ومخالفة السنة :العمل المبتدع في الدين المخالف لهدي سيد المرسلين عمل باطل مردود على صاحبه وإن رآه صاحبه حسناً ، {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ }يونس32.قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ }محمد33وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ » . رواه البخاري ومسلم .قال الإمام النووي في شرح مسلم (6/150) : (قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ ) وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة : ( مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) قَالَ أَهْل الْعَرَبِيَّة : ( الرَّدّ ) هُنَا بِمَعْنَى الْمَرْدُود ، وَمَعْنَاهُ : فَهُوَ بَاطِل غَيْر مُعْتَدّ بِهِ .وَهَذَا الْحَدِيث قَاعِدَة عَظِيمَة مِنْ قَوَاعِد الْإِسْلَام ، وَهُوَ مِنْ جَوَامِع كَلِمه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ صَرِيح فِي رَدّ كُلّ الْبِدَع وَالْمُخْتَرَعَات .وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة زِيَادَة وَهِيَ أَنَّهُ قَدْ يُعَانِد بَعْض الْفَاعِلِينَ فِي بِدْعَة سَبَقَ إِلَيْهَا ، فَإِذَا اُحْتُجَّ عَلَيْهِ بِالرِّوَايَةِ الْأُولَى يَقُول : أَنَا مَا أَحْدَثْت شَيْئًا فَيُحْتَجّ عَلَيْهِ بِالثَّانِيَةِ الَّتِي فِيهَا التَّصْرِيح بِرَدِّ كُلّ الْمُحْدَثَات ، سَوَاء أَحْدَثَهَا الْفَاعِل ، أَوْ سَبَقَ بِإِحْدَاثِهَا ) .وعن خَالِد بْن مَعْدَانَ قَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو السُّلَمِىُّ وَحُجْرُ بْنُ حُجْرٍ قَالاَ : أَتَيْنَا الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ وَهُوَ مِمَّنْ نَزَلَ فِيهِ (وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ) فَسَلَّمْنَا وَقُلْنَا : أَتَيْنَاكَ زَائِرِينَ وَعَائِدِينَ وَمُقْتَبِسِينَ. فَقَالَ الْعِرْبَاضُ : صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقَالَ قَائِلٌ : يَا رَسُولَ اللهِ كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا فَقَالَ : « أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِى فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِى وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ ». رواه أبو داود . صحيح أبي داود رقم (4607).فالحديث دل بمنطوقه على أن كل بدعة ضلالة فمن نازع في ذلك وزعم بأن هناك بدعة حسنة فهو مكابر معاند .قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم (2/35) بعد حديث العرباض : (وهذه قاعدة قد دلت عليها السنة والإجماع ، مع ما في كتاب الله من الدلالة عليها أيضا ، قال تعالى { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ } (4) فمن ندب إلى شيء يتقرب به إلى الله ، أو أوجبه بقوله أو بفعله من غير أن يشرعه الله فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله ، ومن اتبعه في ذلك فقد اتخذه شريكا لله شرع له من الدين ما لم يأذن به الله ).رابعاً : المن والأذى على الآخرين :وهو مبطل للأعمال التي يكون فيها المن والأذى ، قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }البقرة264وقال تعالى :{وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً }الفرقان23خامساً : التعدي على الآخرين وظلمهم وكثرة المعاصي :وهذه الأفعال مضيعة للأعمال الصالحة إذا لم يتب منها الإنسان فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ » ؟ . قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ . فَقَالَ : « إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِى يَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِى النَّارِ ».رواه مسلمقال تعالى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ } .قال السعدي في تفسيره : (يأمر تعالى المؤمنين بأمر به تتم أمورهم، وتحصل سعادتهم الدينية والدنيوية، وهو: طاعته وطاعة رسوله في أصول الدين وفروعه، والطاعة هي امتثال الأمر، واجتناب النهي على الوجه المأمور به بالإخلاص وتمام المتابعة.وقوله: { وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ } يشمل النهي عن إبطالها بعد عملها، بما يفسدها، من من بها وإعجاب، وفخر وسمعة، ومن عمل بالمعاصي التي تضمحل معها الأعمال، ويحبط أجرها ) .وغيرها كثير منها اقتناء الكلب منقص للأجر فعبد اللهِ بن دِينَارٍ قال : سمعت بن عُمَرَ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((من اقْتَنَى كَلْبًا ليس بِكَلْبِ مَاشِيَةٍ أو ضَارِيَةٍ نَقَصَ كُلَّ يَوْمٍ من عَمَلِهِ قِيرَاطَانِ )) . رواه البخاري ومسلم . ومنها اتيان العرافين والكهنة منقص للأجر وتصديقهم كفر فعن عُبَيْدِ اللهِ عن نَافِعٍ عن صَفِيَّةَ عن بَعْضِ أَزْوَاجِ النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((من أتى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عن شَيْءٍ لم تُقْبَلْ له صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً )) رواه مسلم . وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوِ امْرَأَةً فِى دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- ».رواه الترمذي .والله أعلم .
السائل: السلام عليكم فضيلة الشيخ , جزاك الله خيرا اسأل عن حكم التأمين خلال الدعاء اثناء المحاضرة الدينية وبعد الانتهاء تقوم الاخت بالدعاء . فهل يجوز ان نؤمن خلفها أم انها بدعه ؟ ولايجوز فعل لك ! وكذلك في حلقات حفظ القرآن ؟ ويكون دعاء من خلال الاخت والبقية تؤمن ؟
الشيخ: الحمد لله وحده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى وصحبه وسلم وبعد : الدعاء عبادة فعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ (قَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ) ».رواه أبو داود وغيره وهو حديث صحيح ينظر صحيح أبي داود رقم (1479) .فإذا كان كذلك فيشترط فيه شرطان الإخلاص لله تعالى فيه ومتابعة النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن تتبع سيرة النبي صلى الله عليه وسلم الطاهرة العطرة وجد أنه لم يكن يلتزم الدعاء بعد كل محاضرة أو خطبة أو موعظة وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم .نعم الدعاء أمره عظيم ينبغي للمسلم أن يكثر منه في كل وقت وحين فالدعاء ليس له وقت معين بل هو في كل وقت وأفضله في أوقات ساعة الإجابة المعروفة مثل السجود وليلة القدر وآخر ساعة يوم الجمعة ونحوها فلا بأس أن يحافظ على الدعاء في هذه الساعات لكن لا يصح أن يخصصه بوقت معين دائما ولم يرد تخصيصه عن النبي صلى الله عليه وسلم كما يفعل بعضهم بعد كل محاضرة أو بعد كل صلاة فريضة مباشر سواء كان جماعة أو أفرادا كل هذا لم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم بل كان صلى الله عليه وسلم يستغفر ثلاثا وكان يقول اللهم أنت السلام إلخ فالذي يدعو بعد صلاة الفريضة مباشرة خالف خير الهدي .وهذا ينبي على قاعدة عظيمة ذكرها الشاطبي في الاعتصام وشيخ الإسلام في الاقتضاء قاعدة في التفريق بين البدعة وغيرها ، وهي أن ما وجد سببه وقام مقتضاه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعصر الصحابة ولم يقع منهم فعل لذلك مع عدم المانع من الفعل فإنه بدعة كالأذان للعيدين والاستسقاء ونحو ذلك وكذا الدعاء في هذا المواطن المشار إليها أعني بعد المواعظ والصلوات فالسبب والمقتضى موجود لأن يدعو النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المواطن ومع ذلك لم يفعل فدل ذلك على أنه لا خير فيه إذ لو كان خيرا لفعله صلى الله عليه وسلم . وعليه فإن إلتزام الدعاء بعد المحاضرة أو بعد حلقات القرآن لم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم بل هو أمر حادث فلا تتابع الأخت التي تدعو على ذلك وتبين لها السنة بالحكمة والموعظة الحسنة ، وهذا يختلف عن الدعاء بعد ختم القرآن فهو ثابت عن أنس وغيره . والله أعلم .
السائل: السلام عليكم يا شيخنا الجليل ورحمة الله وبركاته لدي سؤال: هل يجوز أن تصافح المرأة الرجل وهي مرتدية قفازات (جونتي) أو أي حائل مثل منديل قماشي أو غيره؟وبالمثل: هل يجوز للمرأة أن تربت على كتف رجل أجنبي من باب الحفاوة والترحيب؟مع الدليل وجزاكم الله خيرا
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتهوبعد :مصافحة المرأة للرجل من غير المحارم المؤبدين لا يجوز مطلقاً سواء كان بحائل أو غير حائل وكذا ضرب المرأة على كتف الرجل الأجنبي أو العكس والدليل على تحريم ما سبق ما يأتي :الدليل الأول : عن معقل بن يسار قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لأَنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لا تَحِلُّ لَهُ )).رواه الطبراني في الكبير ( 486 ) .والحديث : قال الألباني عنه في صحيح الجامع ( 5045 ) : صحيح .وهو في السلسلة الصحيحة رقم (226) .فالحديث نص في تحريم لمس المرأة مطلقاً في أي موضع من جسدها والمصافحة كذلك .قال المناوي في فيض القدير (5/329) : ((لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط) بكسر الميم وفتح الياء وهو ما يخاط به كالإبرة والمسلة ونحوها (من حديد) خصه لأنه أصلب من غيره وأشد بالطعن وأقوى في الإيلام (خير له من أن يمس امرأة لا تحل له) أي لا يحل له نكاحها وإذا كان هذا في مجرد المس الصادق بما إذا كان بغير شهوة فما بالك بما فوقه من القبلة والمباشرة في ظاهر الفرج ) .الدليل الثاني : عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ كَانَتِ الْمُؤْمِنَاتُ إِذَا هَاجَرْنَ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يُمْتَحَنَّ بِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ (يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لاَ يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْمِحْنَةِ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا أَقْرَرْنَ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِنَّ قَالَ لَهُنَّ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- « انْطَلِقْنَ فَقَدْ بَايَعْتُكُنَّ ». وَلاَ وَاللهِ مَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ. غَيْرَ أَنَّهُ يُبَايِعُهُنَّ بِالْكَلاَمِ قَالَتْ عَائِشَةُ وَاللهِ مَا أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى النِّسَاءِ قَطُّ إِلاَّ بِمَا أَمَرَهُ اللهُ تَعَالَى وَمَا مَسَّتْ كَفُّ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- كَفَّ امْرَأَةٍ قَطُّ وَكَانَ يَقُولُ لَهُنَّ إِذَا أَخَذَ عَلَيْهِنَّ « قَدْ بَايَعْتُكُنَّ ». كَلاَمًا . رواه البخاري ومسلم واللفظ له .فإذا كان المعصوم صلى الله عليه وسلم تقسم عائشة أنه لم يمس كف امرأة أجنبية عنه مع أن المبايعة تكون بالمصافحة فمن باب أولى من دونه ممن هو غير معصوم وكانت يستطيع أن يصافحهن وعلى يده حائل لكن لم يفعل لأن مفسدة المصافحة قائمة ، ولم يثبت في حديث صحيح أنه صلى الله عليه وسلم صافح النساء مطلقاً وإنما جاء ذلك في ذلك حديث ضعيف ولا عبرت به بعد قسم عائشة رضي الله عنها أنه لم يصافح النساء مطلقاً .قال الإمام النووي في شرح مسلم (6/337) : (فِيهِ : أَنَّ بَيْعَة النِّسَاء بِالْكَلَامِ مِنْ غَيْر أَخْذ كَفّ .وَفِيهِ : أَنَّ بَيْعَة الرِّجَال بِأَخْذِ الْكَفّ مَعَ الْكَلَام .وَفِيهِ : أَنَّ كَلَام الْأَجْنَبِيَّة يُبَاح سَمَاعه عِنْد الْحَاجَة ، وَأَنَّ صَوْتهَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ ، وَأَنَّهُ لَا يَلْمِس بَشَرَة الْأَجْنَبِيَّة مِنْ غَيْر ضَرُورَة كَتَطْبِيبٍ وَنَحْوهَا مِمَّا لَا تُوجَد اِمْرَأَة تَفْعَلهُ ؛ جَازَ لِلرَّجُلِ الْأَجْنَبِيّ فِعْله لِلضَّرُورَةِ ) .الدليل الثالث : عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « كُلُّ ابْنِ آدَمَ أَصَابَ مِنَ الزِّنَا لاَ مَحَالَةَ فَالْعَيْنُ زِنَاهَا النَّظَرُ وَالْيَدُ زِنَاهَا اللَّمْسُ وَالنَّفْسُ تَهْوَى وَتُحَدِّثُ وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ الْفَرْجُ» رواه أحمد في المسند وهو حديث صحيح ينظر السلسلة الصحيحة رقم (2804) .بين النبي صلى الله عليه وسلم أن اللمس نوع من أنواع الزنا المحرم والمصافحة كذلك بلا ريب .الدليل الرابع : سد الذرائع . هذه قاعدة عظيمة في الشرع وقد دل عليها الكتاب والسنة وليس محل بسطها هنا لكن لا شك أن مس المرأة الأجنبية سواء كان بالمصافحة أو غيرها وسواء كان بحائل أو غير حائل كل ذلك من الذرائع المفضية في الوقوع في الفاحشة نسأل الله تعالى السلامة فتحرم من باب سد الذرائع .مذاهب العلماء :أولا : مذهب الحنفية :قال السرخسي في المبسوط (12/372) : (وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَمَسَّ وَجْهَهَا وَلَا كَفَّهَا وَإِنْ كَانَ يَأْمَنُ الشَّهْوَةَ ) . وكذا قال في تبين الحقائق (16/361) . وكذا في كتاب العناية شرح الهداية (14/231) . والبحر الرائق (22/134) . وغيرها من كتبهم .ثانياً : مذهب المالكية :قال محمد بن أحمد ( عليش ) : (ولا يجوز للأجنبي لمس وجه الأجنبية ولا كفيها ، فلا يجوز لهما وضع كفه على كفها بلا حائل ، قالت عائشة رضي الله تعالى عنها ما بايع النبي صلى الله عليه وسلم امرأة بصفحة اليد قط إنما كانت مبايعته صلى الله عليه وسلم النساء بالكلام ، وفي رواية ما مست يده يد امرأة وإنما كان يبايعهن بالكلام ). منح الجليل شرح مختصر خليل ( 1 / 223)ثالثاً : مذهب الشافعية :وقال ولي الدين العراقي : (وفيه : أنه عليه الصلاة والسلام لم تمس يده قط يد امرأة غير زوجاته وما ملكت يمينه ، لا في مبايعة ، ولا في غيرها ، وإذا لم يفعل هو ذلك مع عصمته وانتفاء الريبة في حقه : فغيره أولى بذلك ، والظاهر أنه كان يمتنع من ذلك لتحريمه عليه ؛ فإنه لم يُعدَّ جوازه من خصائصه ، وقد قال الفقهاء من أصحابنا وغيرهم : إنه يحرم مس الأجنبية ولو في غير عورتها كالوجه ، وإن اختلفوا في جواز النظر حيث لا شهوة ولا خوف فتنة، فتحريم المس آكد من تحريم النظر ، ومحل التحريم ما إذا لم تدع لذلك ضرورة فإن كان ضرورة كتطبيب وفصد وحجامة وقلع ضرس وكحل عين ونحوها مما لا يوجد امرأة تفعله جاز للرجل الأجنبي فعله للضرورة ). طرح التثريب ( 7 / 45 ، 46 ) .رابعا : مذهب الحنابلة :وقال ابن مفلح : ( وسئل أبو عبد الله – أي الإمام أحمد – عن الرجل يصافح المرأة قال : لا وشدد فيه جداً ، قلت : فيصافحها بثوبه ؟ قال : لا والتحريم اختيار الشيخ تقي الدين ، وعلل بأن الملامسة أبلغ من النظر ) الآداب الشرعية (2/257) .
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فضيلة الشيخ سوالي (في منطقتي رجل نصراني -ويشتكي من الم في جسمه فجاء الينا وقال اريد ان اقرا القران لانه يقولون فيه شفاء )لكن توقفت عن الاجاب وقلت له انتضر حتى اسال-فارجو منك ان تجيب على سوالي هذا بالتفصيل وجزاك لله خير الجزاء واسال الله ان نلتقي في جنات النعيم
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتهالحمد لله وحده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وبعد :لا بأس برقية المسلم للكافر إذا لم يكن من أهل الحرب وذلك لما ثبت في البخاري رقم (2276) ومسلم رقم (2201):عَنْ أَبِى سَعِيدٍ رضى الله عنه قَالَ انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فِى سَفْرَةٍ سَافَرُوهَا حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حَىٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَاسْتَضَافُوهُمْ ، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ ، فَلُدِغَ سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَىِّ ، فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَىْءٍ لاَ يَنْفَعُهُ شَىْءٌ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلاَءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَىْءٌ ، فَأَتَوْهُمْ ، فَقَالُوا يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ ، إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ ، وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَىْءٍ لاَ يَنْفَعُهُ ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَىْءٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَعَمْ وَاللَّهِ إِنِّى لأَرْقِى ، وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضِيِّفُونَا ، فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلاً . فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنَ الْغَنَمِ ، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيْهِ وَيَقْرَأُ ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ ، فَانْطَلَقَ يَمْشِى وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ ، قَالَ فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمُ الَّذِى صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ اقْسِمُوا . فَقَالَ الَّذِى رَقَى لاَ تَفْعَلُوا ، حَتَّى نَأْتِىَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِى كَانَ ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا . فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرُوا لَهُ ، فَقَالَ « وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ ثُمَّ قَالَ قَدْ أَصَبْتُمُ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِى مَعَكُمْ سَهْمًا » . فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -قال في الموسوعة الفقهية (13/34) : لا خلاف بين الفقهاء في جواز رقية المسلم للكافر .وينبغي أن يكون ذلك طريقا إلى دعوته إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة وأن يبين له محاسن الإسلام ورحمته ورحمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم .والله تعالى أعلم .
السائل: ما حكم النمص للمتزوجة؟وهل علة التحريم هي منع التلبيس على الزوج؟
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته الحمد لله وحده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وبعد :النمص محرم للمتزوجة وغير المتزوجة ولا فرق فعن عَبْدِ اللهِ بن مسعود قَالَ : ((لَعَنَ اللهُ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ. قَالَ فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ يَعْقُوبَ وَكَانَتْ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ فَأَتَتْهُ فَقَالَتْ : مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ لَعَنْتَ الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ : وَمَا ليَ لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ فِي كِتَابِ اللهِ فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ : لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ لَوْحَي الْمُصْحَفِ فَمَا وَجَدْتُهُ. فَقَالَ : لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ : فَإِنِّي أَرَى شَيْئًا مِنْ هَذَا عَلَى امْرَأَتِكَ الآنَ . قَالَ : اذْهَبِي فَانْظُرِي . قَالَ : فَدَخَلَتْ عَلَى امْرَأَةِ عَبْدِ اللهِ فَلَمْ تَرَ شَيْئًا فَجَاءَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ : مَا رَأَيْتُ شَيْئًا. فَقَالَ : أَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكِ لَمْ نُجَامِعْهَا )). رواه البخاري ومسلم واللفظ له . واللعن : هو الطرد من رحمة الله تعالى . فيكون هذا الفعل من الكبائر كما هو مقرر عند العلماء . وأما ما ذكر من أن علة هي منع التلبيس على الزوج فهي علة باطلة مردود لأمور : أولا : أن العلة لها مسالك عند الأصوليين تعرف بها وهي النص أو الإجماع أو الاستنباط . وهذه العلة المذكور لا تدخل في واحدة من هذه المسالك حيث إنها غير منصوص عليها وغير مجمع عليها بل لم يقل بها أحد من السلف . ثانياً : يشترط في العلة المستنبطة أن لا تخالف نصاً ولا إجماعاً . وهذه العلة خالفت ظاهر النص لأن ظاهره لم يفرق بين المتزوج وغيرها . بل خالفت قول راوي الحديث ابن مسعود –رضي الله عنه- فإنه قال : ((أَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكِ لَمْ نُجَامِعْهَا)) أي لم نخالطهن . فابن مسعود –رضي الله عنه- أنكر هذا الفعل مطلقاً فقيل له : إن زوجتك تفعل ذلك فذهبت المرأة فرأتها فلم تجد بها شيئاً وقال : لو أنهن فعلن ذلك لم نخالطهن ، ولم يقل : بأنها متزوجة وحتى لو فعلت ذلك فإنها لم تلبس عليّ لأني أعرفها والحكم لغير المتزوجة!!! ثالثاً : أن العلة قد أشير إليها في نفس الحديث وهي قوله صلى الله عليه وسلم : ((الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ)) يعني علة اللعن أن هذا تغير لخلق الله تعالى بزعم أنه يزيد جمالهن . قال العيني في عمدة القاري (32/97) : (قوله : المغيرات خلق الله تعالى كالتعليل لوجوب اللعن ) .فالتعليل المذكور من التفريق بين المتزوجة وغيرها يعود على هذه العلة بالبطلان . فظهر بذلك أن هذه العلة عليلة بل ساقط ولا يجوز التعليل بها لأن النمص ونحوه محرم لذاته على المرأة فلا يجوز لها أن ترتكبه ما يغضب الرب تعالى بحجة إرضاء الزوج . وقال ابن بطال في شرح البخاري (17/198) : (قال الطبري: في هذا الحديث البيان عن رسول الله أنه لا يجوز لامرأة تغيير شيء من خلقها الذي خلقها الله عليه بزيادة فيه أو نقص منه التماس التحسن به لزوج أو غيره ) . وقال في فيض القدير (5/348) : (وذلك كله حرام شديد التحريم قال ابن العربي : بإجماع الأمة وذلك لأن الله خلق الصور فأحسنها ثم فاوت في الجمال بينهما مراتب فمن أراد أن يغير خلق الله فيها ويبطل حكمته فيها فهو جدير بالإبعاد والطرد لأنه أتى ممنوعا لكونه أذن في السواك والاكتحال وهو تغيير لكنه مأذون فيه مستثنى من الممنوع ) .والله تعالى أعلم .
السائل: السلام عليكم فضيلة الشيخ اني احبك في لله سوالي ماهي الكتب التي تنصح بها المبتدئين في كتب الاصول وجزاك الله خير
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتهأحبك الله الذي أحببتني فيه وأسال الله تعالى أن يجعلنا ممن يظلهم تحت عرشه .أخي أبا عبيدة أنصح المبتدي في هذا الفن العظيم أن يبدأ بما يأتي :1- الأصول من علم الأصول للشيخ ابن عثيمين مع الأشرطة .2-ثم بعد ذلك كتاب الورقات للجويني ولو درس بدله النظم نظم العمريطي أفضل ليكون بذلك حفظ نظماً في أصول الفقه .3-الجامع لأصول الفقه للدكتور عبدالكريم النملة .4- مذكرة الشنقيطي مع روضة الناظر لابن قدامة .والأفضل أن تبحث عن شروحها الصوتية إن لم تجد شيخاً متقنا يشرحها لك .بعد ذلك يستطيع أن يقرأ في الكتب الموسعة في أصول الفقه وهي كثير .والله أعلم .
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة , فضيلة الشيح احسن الله اليك اثناء خطبة الجمعة ماحكم التأمين بعد دعاء الامام وهل يعد من اللغو وكذلك الصلاة على الرسول صلى الله علية وسلم اثناء ذكر الامام .؟ وجزاكم الله خير
الشيخ: على سؤاليك على النحو الآتي :أولا : أما ما يتعلق بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والخطيب يخطب فبحث هذه المسألة من وجهين :الوجه الأول : تعارض واجب مع واجب فيجمع بينهما قدر المستطاع أو يقدم الأوجب .أما الجمع فيمكن أن يقال إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الخطيب مباشرة قد لا تشغل المستمع عن الخطبة لأنه مع صلاته للنبي صلى الله عليه وسلم هو متابع للخطيب ويعجبني في هذا المقام ما ذكره الباجي في كتابه المنتقى (1/241) : (( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ مَنْ حَضَرَ الْجُمُعَةَ عَلَى ضَرْبَيْنِ ضَرْبٌ فِيهِ عِبَادَةٌ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَذِكْرِ اللهِ تَعَالَى وَضَرْبٌ لَا عِبَادَةَ فِيهِ فَقَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ مَمْنُوعٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَأَمَّا مَا فِيهِ عِبَادَةٌ فَإِنَّ كَثِيرَهُ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ مَشْرُوعَةٌ لِمَعْنَى التَّذْكِيرِ وَالْوَعْظِ وَأَمْرُ الْإِمَامِ وَنَهْيُهُ وَتَعْلِيمُهُ فَهُوَ ذِكْرٌ مَخْصُوصٌ يُفَوِّتُ مَا قُصِدَ بِهَا وَمَا يَأْتِي بِهِ مِنْ الذِّكْرِ وَالتَّسْبِيحِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لَا يُفَوِّتُهُ وَأَمَّا يَسِيرُ الذِّكْرِ فَإِنَّهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ ضَرْبٌ يَخْتَصُّ بِهِ كَحَمْدِ اللهِ عِنْدَ الْعُطَاسِ وَالتَّعَوُّذِ مِنْ النَّارِ عِنْدَ ذِكْرِهَا فَهَذَا خَفِيفٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ يَشْغَلُ عَنْ الْإِصْغَاءِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ الْإِنْصَاتِ إِلَى الْخُطْبَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ الْإِنْصَاتُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْهُ وَإِنْ فَعَلُوا فَسِرًّا فِي أَنْفُسِهِمْ وَالضَّرْبُ الثَّانِي لَا يَخْتَصُّ بِهِ مِثْلُ أَنْ يَعْطِسَ غَيْرُهُ فَيُشَمِّتَهُ فَهَذَا مَمْنُوعٌ مِنْهُ ) .وأما إذا لم يمكن الجمع بما سبق ولم يكن مرضياً فلا شك أن الاستماع إلى الخطبة أوجب .الوجه الثاني : أن الاستماع إلى الخطبة واجب مستمر إلى نهاية الخطبة بخلاف الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد فإن الواجب أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في المرة الأولى وأما المرات الأخرى فإنها مستحبة للقاعدة الأصولية أن الأمر المطلق لا يقتضي التكرار وهو مذهب أكثر الحنفية ، والظاهرية ، ورواية عن الإمام أحمد ، وهو اختيار كثير من الحنابلة كأبي الخطاب وابن قدامة ، والطوفي ، وهو قول أكثر الفقهاء ، ورجحه الرازي ، والآمدي ، والبيضاوي، وإمام الحرمين والشنقيطي .فعلى هذا الوجه فإنه يصلي في المرة الأولى للوجوب ولأنه غالبا لا ينشغل بها فأما في البقية فلا .والراجح إن شاء الله تعالى أنه يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وخاصة في المرة الأولى لأن الظاهر من أحاديث النهي أنه منصب على من انشغل عن الخطيب مع نفسه أو مع غيره أما من انشغل مع الخطيب فلا بأس به إن شاء الله تعالى ومنها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإن الخطيب عند صلاته على النبي صلى الله عليه وسلم كأنه يحثهم عليها يؤيده ما ورد في حديث أَنَسَ بن مَالِكٍ –رضي الله عنه- : (( أَنَّ رَجُلًا دخل يوم الْجُمُعَةِ من بَابٍ كان وِجَاهَ الْمِنْبَرِ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَخْطُبُ فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمًا فقال : يا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتْ الْمَوَاشِي وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا قال : فَرَفَعَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ فقال اللهم اسْقِنَا اللهم اسْقِنَا اللهم اسْقِنَا )) رواه البخاري ومسلم. فالنبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على الرجل لأنه كان منشغلا مع الخطيب ليس مع نفسه ولا مع غيره . وغيرها من الأحاديث . والله أعلمثانياً : أما التأمين على الدعاء فهو متعلق بمشروعية تكرار الدعاء في كل جمعة فمن رأى أنه مشروع لحديث أنس السابق في طلب السقيا فإنه يجوز التأمين وأما من رأى أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم الدائم في خطبة الجمعة عدم الدعاء وحديث أنس رضي الله عنه كان لعارض فإنه لا يرى التأمين خلف الإمام إلا إذا دعا لعارض . وهو الأظهر . والله أعلم .
السائل: شيخنا وفقك الله أشهد الله انا نحبك في الله..سؤالي هو..يتجرأ بعض الأشخاص المنسوبين للدعوة على قول إنا لا نقبل تزكية المفتي سماحة الشيخ الوالد عبدالعزيز ال الشيخ حفظه الله وسدد خطاهفما قولكم جزيتم خيرا
الشيخ: أحبك الله تعالى الذي أحببتني فيه وأسأله جل في علاه أن يجمعنا في جنات النعيم مع النبي الأمين صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم أجمعينيا أبا محمد لا أعلم ما مقصود هؤلاء الذين لا يقبلون تزكية فضيلة الشيخ عبدالعزيز حفظه الله تعالى والأصل أن تزكية الشيخ مقبولة حيث إن الشيخ من العلماء الأفاضل ومن رد تزكيته في شخص فإنه يطالب بالحجة والبرهان .والله أعلى وأعلم
السائل: هل تعريف الحكم الوضعي بـ:ما اقتضاه خطاب الشرع المتعلق بفعل المكلف من حيث أنه مكلف من وضع،هو صحيح أم التعريف بأنه :هو ما وضعه الشارع من أمارات لثبوت أو إنتفاء أو نفوذ أو إلغاء ، هو تعريف أصح من الأول.
الشيخ: تعريف الحدّ (التعريف) :الوصف المحيط بموصوفه المميز له عن غيره .ولا بد لكل تعريف حتى يكون صحيحاً أن يكون جامعاً مانعاً ، جامعاً لمحدوداته مانعاً من دخول غيره فيه .وتعريف الحكم الوضعي الذي ذكرته هو كالآتي :أما التعريف الأول : ما اقتضاه خطاب الشرع المتعلق بفعل المكلف من حيث إنه مكلف من وضع .فيه نظر لأنه تعريف للحكم الشرعي غير أنه رفع منه (من طلب أو تخير).فالحكم الشرعي تعريفه : خطاب الله تعالى المتعلق بعمل المكلف من حيث إنه مكلف به من طلب أو تخيير أو وضع .فكلمة (وضع) في تعريف الحكم الوضعي لم توضحه لأن كلمة الوضع فيها غموض بالنسبة للمستفسر فالمستفسر يسأل عن الحكم الوضعي وفسرنا له الحكم الوضعي بأن خطاب الله تعالى .. بالوضع .فكأنه يقول أنا أسأل عن حكم الوضع وأنت فسرت لي الحكم الوضعي بالوضع .أما التعريف الثاني : ما وضعه الشارع من أمارات لثبوت أو إنتفاء أو نفوذ أو إلغاء .هذا التعريف أجود لأن المراد به أن الحكم الوضعي هو ما وضعه الشارع (من أمارات) يعني علامات (لثبوت) حكم أو (انتفائه) أو (نفوذ) عقد (أو إلغائه) .والتعريف المختار هو : خطاب الله تعالى المتعلق بجعل الشيء سبباً لشيء آخر ، أو شرطاً له ، أو مانعاً له ، أو كون الفعل صحيحاً ، أو فاسداً ، أو رخصةً ، أو عزيمةً ، أو أداءً ، أو إعادةً ، أو قضاءً .أرى أنه جامع مانع .هذا باختصار .والله أعلم .وللازدياد ينظر : شرح الكوكب المنير (1/434) ، والإحكام للآمدي (1/127) ، وتشنيف المسامع (1/162) ، والضياء اللامع (1/185) ، والغيث الهامع (1/28) ، والتحبير شرح التحرير (3/1047) ، ونهاية السول (1/57) ، والبحر المحيط (1/169، 2/5) ، وشرح غاية السول ص(175) ، والأصول من علم الأصول ص(9) ، والحكم التكليفي ص(40) ، ونهاية الوصول إلى علم الأصول لابن الساعاتي (1/189) ، وإتحاف ذوي البصائر (2/189) ، والمهذب (1/381) ، والمحصول (1/109) ، والموافقات (1/297) ، ومعالم أصول الفقه ص(320)
السائل: في أحد أيام صيام ست من شوال وبعدما أتممت إفطاري ، ذهبت لأداء صلاة المغرب ولكن أحسست بنزول ماء (عرفت فيما بعد في المستشفى أنّه ماء الولاده أو ماء الطفل) فلم أستطع تأدية الصلاة وذهبت للمستشفى فتم إدخالي لغرفة الولاده مباشرة .فهل علي قضاء هذه الصلاة ( صلاة المغرب الذي لم أستطع تأديته ) ؟
الشيخ: الحمد لله وحده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وبعد :حكم هذه المسألة مبني على أمرين :الأول : أنك كنت طاهرة عند وجوب صلاة المغرب عليك لأن النفاس يبدأ حكمه بعد نزول الدم بعد خروج الولد مباشرة لاقبله ولا عند خروجه ونزول الماء لايعد نفاساً مطلقاً . فالراجح في تعريف النفاس هو : الدم النازل بعد فراغ الرحم من الحمل . وهذا ما أثبته الطب الحديث قال الدكتور محمد علي البار في كتاب خلق الإنسان بين الطب والقرآن ص (457) : ( يعرف دم النفاس وما يتبعه من إفرازات في الطب : بأنه الدم والإفرازات التي تخرج من الرحم بعد الولادة وتستمر لمدة ثلاثة إلى أربعة أسابيع وقد تطول إلى ستة أسابيع – أربعين يوماً -) وعليه أنت كنت طاهرة في ذلك الوقت .الثاني : إذا حاضت أو نفست المرأة بعد دخول وقت الصلاة وقبل أن تصلي فهل يجب عليها القضاء إذا طهرت؟اختلف العلماء في هذه المسألة إلى ستة أقوال والراجح أنه إذا بقي مقدار من الوقت حين حاضت أو نفست يمكنها أن تصلي فيه كأن تأخر الصلاة إلى آخر الوقت ، بحيث تستطيع أن تصلي فيه الصلاة كاملة فليس عليها قضاء تلك الصلاة ، لأن الوقت مازال موسعاً في حقها أما لو أخرتها إلى آخر الوقت بحيث لا تستطيع أن تصليها كاملة فيجب عليها القضاء لأنها فرطت في تأخير الصلاة وهو اختيار زفر من الحنفية ينظر : المبسوط (2/14) ، وشرح فتح القدير (1/171) ، وبدائع الصنائع (1/95) ، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية الإختيارات ص (53) .ولا شك أن الأحوط في هذه المسألة أن المرأة إذا حاضت في أول الوقت أو في وسطه أو في آخره أن تقضي ، لأنه أبرأ لذمتها ، وإن كنا رجحنا أنها لا تقضي إلا إذا حاضت في آخر الوقت ، لكن هذا من باب الاحتياط .وبسطت هذه المسائل في كتابي الإصابة في أحكام الحيض والنفاس والاستحاضة .وعليه فجواب سؤالك : نعم أختي عليك قضاء صلاة المغرب لأنه أحوط وأبرأ للذمة وقد وجبت عليك الصلاة وأنت طاهرة .والله تعالى أعلى وأعلم .