قراءة سير أعلام النبلاء

1027
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركات فضيلة الشيخ أني أحبك في الله وسؤالي هو هل تنصح بأن بقراءة كتاب سير أعلام النبلاء للعوام أم أنه لطلاب العلم وجزاك الله خيرا

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أحبك الله تعالى الذي أحببتني من أجله
وجواب سؤالك :
أعلم -حفظك الله تعالى أن سير أعلام النبلاءللإمام شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى 748هـ كتاب عظيم كثير الفوائد فيه الدرر والنكت والشوارد ينبغي لطالب العلم أن يقرأ فيه ، فالإمام الذهبي محدث وفقيه له دربة بأقوال المتقدمين ، ومذاهب الائمة من السلف ، وأرباب المقالات ، سلفي المعتقد ، رحمه الله رحمة واسعة .
أما قراءتك منه للعوام فممكن أن تفعل ذلك لكن بانتقاء ما هم بحاجة إليه وأيضا بما يفهمونه ، وتوضح لهم بطريقة يسيرة واضحة .
والله أعلم .

سؤال عن حديث ((احْفَظِ اللهَ يَحْفظَك))

1024
السائل: عندي سؤال في هذا الحديث
عن أبي العَبَّاس عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْاسٍ رَضي اللهُ عنهما قال: كُنْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يًوْماً فقال: يا غُلامُ، إنِّي أُعَلِّمُكَ كلِماتٍ: احْفَظِ اللهَ يَحْفَك، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجاهَك، إذا سأَلْتَ فاسْأَلِ اللهَ، وإذا اسْتَعنْتَ فاسْتَعِنْ باللهِ، واعْلَمْ أنَّ الأُمَّة لَو اجْتَمَعَتْ على أَنْ يَنْفَعُـوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إلا بِشَيْءٍ قدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وإن اجْتَمَعُوا على أن يَضُرَّوكَ بِشيءٍ لَمْ يَضُروكَ إلا بِشَيء كَتَبهُ اللهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأقْلامُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ . رواه الترمذي وقال:حديث حسن صحيحٌ
قال الرسول (ص) لَو اجْتَمَعَتْ على أَنْ يَنْفَعُـوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إلا بِشَيْءٍ قدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ
وقال وإن اجْتَمَعُوا على أن يَضُرَّوكَ بِشيءٍ لَمْ يَضُروكَ إلا بِشَيء كَتَبهُ اللهُ عَلَيْكَ
لماذا في الاولى قد وفي الثانية لايوجد قد؟؟؟وشكرا

الشيخ: الحمد لله وحده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وبعد :
أولا : لم أجد الحديث عند الترمذي باللفظ الذي ذكرته بل الحديث عنده بذكر (قد) رقم (2440) ، ورواه أحمد في المسند برقم (2537) و (2669) .
نعم روى الحديث باللفظ المذكور بدون (قد) في الثانية أبو يعلى في مسنده برقم (2556) . ولعل عدم ذكرها من تصرف الرواة .
ثانياً : لا شك أن وجود (قد) أبلغ لأن قد إذا دخلت على الماضي أفادة التحقيق عند العلماء ، كما في قوله تعالى : {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ }المؤمنون1 .
ثالثاً : وهذا الحديث عظيم القدر كثير الفائدة قد شرحه الحافظ ابن رجب في كتابه جامع العلوم والحكم وسأذكر بعض فوائدة التي ذكرها رحمه الله تعالى .
قال رحمه الله تعالى : (وهذا الحديث يتضمن وصايا عظيمة وقواعد كلية من أهمِّ أمور الدين ، حتى قال بعض العلماء : تدبرتُ هذا الحديثَ ، فأدهشني وكِدتُ أطيشُ ، فوا أسفي من الجهل بهذا الحديث ، وقِلَّةِ التفهم لمعناه )
وقال : (فقوله صلى الله عليه وسلم : (( احفظِ الله )) يعني : احفظ حدودَه ، وحقوقَه ، وأوامرَه ، ونواهيَه ، وحفظُ ذلك : هو الوقوفُ عندَ أوامره بالامتثال ، وعند نواهيه بالاجتنابِ ، وعندَ حدوده ، فلا يتجاوزُ ما أمر به ، وأذن فيه إلى ما نهى عنه ، فمن فعل ذلك ، فهو مِنَ الحافظين لحدود الله الذين مدحهمُ الله في كتابه ، وقال عز وجل : { هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَانَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ }. وفسر الحفيظ هاهنا بالحافظ لأوامرِ الله ، وبالحافظ لذنوبه ليتوب منها ).
وقال –رحمه الله تعالى : (وقوله صلى الله عليه وسلم : (( يحفظك )) يعني : أنَّ من حفظَ حدود الله ، وراعى حقوقَه ، حفظه الله ، فإنَّ الجزاء من جنس العمل ، كما قال تعالى : { وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِبِعَهْدِكُمْ } ، وقال : { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ } ، وقال : { إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ } .
وحفظ الله لعبده يدخل فيه نوعان :
أحدهما : حفظه له في مصالح دنياه ، كحفظه في بدنه وولده وأهله وماله ، قال الله عز وجل : { لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ } (7)
ومَنْ حفظ الله في صباه وقوَّته ، حفظه الله في حال كبَره وضعفِ قوّته ، ومتَّعه بسمعه وبصره وحولِه وقوَّته وعقله .
النوع الثاني من الحفظ ، وهو أشرف النوعين : حفظُ الله للعبد في دينه وإيمانه ، فيحفظه في حياته من الشبهات المُضِلَّة ، ومن الشهوات المحرَّمة ، ويحفظ عليه دينَه عندَ موته ، فيتوفَّاه على الإيمان
وفي الجملة ، فالله عز وجل يحفظُ على المؤمن الحافظ لحدود دينَه ، ويحولُ بينَه وبين ما يُفسد عليه دينَه بأنواعٍ مِنَ الحفظ ، وقد لا يشعرُ العبدُ ببعضها ، وقد يكونُ كارهاً له ، كما قال في حقِّ يوسُف عليه السلام : { كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ } .
قال ابن عباس في قوله تعالى : { أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ } (4) ، قال : يحول بين المؤمن وبين المعصية التي تجره إلى النار .
وفي الجملة : فمن عامل الله بالتقوى والطاعة في حال رخائه ، عامله الله باللطف والإعانة في حال شدَّته) .
وقال رحمه الله تعالى : (وقوله صلى الله عليه وسلم : (( إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت ، فاستعن بالله )) هذا مُنْتَزَعٌ من قوله تعالى : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، فإنَّ السؤال لله هو دعاؤُه والرغبةُ إليه ، والدُّعاء هو العبادة
واعلم أنَّ سؤالَ اللهِ تعالى دونَ خلقه هوَ المتعين ؛ لأنَّ السؤال فيهِ إظهار الذلِّ من السائل والمسكنة والحاجة والافتقار ، وفيه الاعترافُ بقدرةِ المسؤول على دفع هذا الضَّرر ، ونيل المطلوب ، وجلبِ المنافع ، ودرء المضارِّ ، ولا يصلح الذلُّ والافتقار إلاَّ لله وحدَه ؛ لأنَّه حقيقة العبادة ، وكان الإمامُ أحمد يدعو ويقول : اللهمَّ كما صُنتَ وجهي عَنِ السُّجود لغيرك فصُنْه عن المسألة لغيرك ، ولا يقدر على كشف الضرِّ وجلب النفع سواه . كما قال : { وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ } ، وقال : { مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ } .
والله سبحانه يحبّ أنْ يُسأل ويُرْغَبَ إليه في الحوائج ، ويُلَحَّ في سؤاله ودُعائه ، ويَغْضَبُ على من لا يسأله ، ويستدعي مِنْ عباده سؤاله ، وهو قادر على إعطاء خلقه كُلِّهم سُؤْلَهم من غير أنْ يَنْقُصَ من ملكه شيء ، والمخلوق بخلاف ذلك كله : يكره أنْ يُسأل ، ويُحبُّ أنْ لا يُسألَ ، لعجزه وفقره وحاجته . ولهذا قال وهب بن منبه لرجل كان يأتي الملوك : ويحك ، تأتي من يُغلِقُ عنك بابَه ، ويُظهِرُ لك فقرَه ، ويواري عنك غناه ، وتدع من يفتحُ لك بابه بنصف الليل ونصف النهار ، ويظهر لك غناه ، ويقول : ادعني أستجب لك ؟!
وقال طاووس لعطاء : إياك أنْ تطلب حوائجك إلى من أغلق دونك بابه ويجعل دونها حجابه ، وعليك بمن بابه مفتوح إلى يوم القيامة ، أمرك أنْ تسأله ، ووعدك أنْ يُجيبك
وأما الاستعانة بالله عز وجل دونَ غيره من الخلق ؛ فلأنَّ العبدَ عاجزٌ عن الاستقلال بجلب مصالحه ، ودفع مضارّه ، ولا معين له على مصالح دينه ودنياه إلا الله عز وجل ، فمن أعانه الله ، فهو المُعانُ ، ومن خذله فهو المخذولُ ، وهذا تحقيقُ معنى قول : (( لا حول ولا قُوَّةَ إلا بالله )) ، فإنَّ المعنى : لا تَحوُّلَ للعبد مِنْ حال إلى حال ، ولا قُوَّة له على ذلك إلا بالله ، وهذه كلمةٌ عظيمةٌ ، وهي كنز من كنوز الجنة ، فالعبدُ محتاجٌ إلى الاستعانة بالله في فعل المأمورات ، وترك المحظورات ، والصبر على المقدورات كلِّها في الدنيا وعندَ الموت وبعده من أهوال البرزخ ويوم القيامة، ولا يقدر على الإعانة على ذلك إلا الله عز وجل -، فمن حقق الاستعانة عليه في ذلك كله أعانه . وفي الحديث الصحيح عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : (( احرصْ على ما ينفعُكَ واستعن بالله ولا تعجزْ )) .
ومن ترك الاستعانة بالله ، واستعان بغيرِه ، وكَلَهُ الله إلى من استعان به فصار مخذولاً )
وقال رحمه الله تعالى : (قوله صلى الله عليه وسلم : (( جفَّ القلمُ بما هو كائنٌ )) وفي روايةٍ أخرى : (( رُفِعت الأقلام ، وجفَّت الصحف )) هو كنايةٌ عن تقدُّم كتابة المقادير كلِّها ، والفراغ منها من أمدٍ بعيد ، فإنَّ الكتابَ إذا فُرِغَ من كتابته ، ورفعت الأقلامُ عنه ، وطال عهده ، فقد رُفعت عنه الأقلام ، وجفتِ الأقلام التي كتب بها مِنْ مدادها ، وجفت الصَّحيفة التي كتب فيها بالمداد المكتوب به فيها ، وهذا من أحسن الكنايات وأبلغِها .
وقد دلَّ الكتابُ والسننُ الصحيحة الكثيرة على مثل هذا المعنى ، قال الله تعالى :
{ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ
ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ } (1) .
وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو ، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ، قال : (( إنَّ الله كتبَ مقاديرَ الخلائق قبل أنْ يخلُقَ السَّماوات والأرض بخمسين ألفَ سنة )) .
وفيه أيضاً عن جابر : أنَّ رجلاً قال : يا رسول الله ، فيمَ العمل اليوم ؟ أفيما جفَّت به الأقلامُ ، وجرت به المقادير ، أم فيما يستقبل ؟ قال : (( لا ، بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير )) ، قال: ففيم العملُ ؟ قال: (( اعملوا فكلٌّ ميسَّر لما خلق له )) .
والمراد : إنَّ ما يُصيب العبدَ في دنياه مما يضرُّه أو ينفعه ، فكلُّه مقدَّرٌ عليه ، ولا يصيبُ العبدَ إلا ما كُتِبَ له من ذلك في الكتاب السابق ، ولو اجتهد على ذلك الخلق كلهم جميعاً .
وقد دلَّ القرآنُ على مثل هذا في قوله عز وجل : { قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ
لَنَا } ، وقوله : { مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا } ، وقوله : { قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ }
واعلم أنَّ مدارَ جميع هذه الوصية على هذا الأصل ، وما ذُكِر قبلَه وبعدَه ، فهو متفرِّعٌ عليه ، وراجعٌ إليه ، فإنَّ العبد إذا علم أنَّه لن يُصيبَه إلا ما كتبَ الله له مِنْ خير وشرٍّ ، ونفعٍ وضرٍّ ، وأنَّ اجتهادَ الخلق كلِّهم على خلاف المقدور غيرُ مفيد البتة ، علم حينئذٍ أنَّ الله وحده هو الضَّارُّ النَّافعُ ، المعطي المانع ، فأوجبَ ذلك للعبدِ توحيدَ ربِّه
عز وجل ، وإفرادَه بالطاعة ، وحفظَ حدوده ، فإنَّ المعبود إنَّما يقصد بعبادته جلبَ المنافع ودفع المضار ، ولهذا ذمَّ الله من يعبدُ من لا ينفعُ ولا يضرُّ ، ولا يُغني عن عابدِهِ شيئاً ، فمن علم أنَّه لا ينفعُ ولا يضرُّ ، ولا يُعطي ولا يمنعُ غيرُ الله ، أوجبَ له ذلك إفراده بالخوف والرجاء والمحبة والسؤال والتضرُّع والدعاء ، وتقديم طاعته على طاعةِ الخلق جميعاً ، وأنْ يتّقي سخطه ، ولو كان فيه سخطُ الخلق جميعاً ، وإفراده بالاستعانة به ، والسؤال له ، وإخلاص الدعاء له في حال الشدَّة وحال الرَّخاء ، بخلاف ما كان المشركون عليه من إخلاص الدعاء له عندَ الشدائد ، ونسيانه في الرخاء ، ودعاء من يرجون نفعَه مِنْ دُونِه ، قال الله عز وجل : { قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ } ).
وأنصح بقراء كل ما كتبه الحافظ ابن رجب على هذا الحديث .
والله أعلم .

هل يجوز الانتفاع بالسمن الذي سقطت فيه الفأرة ؟

1013
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
شيخنا- اذا سقط فار في برميل زيت سائل وليس جامد ما العمل وهل يجوز الانتفاع بة

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
سؤالك حفظك الله حول الفأرة التي سقطت في السمن فماتت فيه ، وجواب سؤالك :
اعلم أن النجاسة كميتة الفأرة إذا سقطت في السمن ونحوه فإنه إما أن يكون جامداً أو مائعاً :
فإن كان جامداً فقد أجمع العلماء على أن السمن ونحوه إن كان جامدا وسقطت فيه النجاسة فإنه يكفي في تطهيره أن تلقى النجاسة وما حولها ، ويكون الباقي طاهراً لعدم تعدي النجاسة إليه ينظر شرح ابن بطال على البخاري (10/35) ، والتمهيد (9/40) وفتح الباري (1/410) .
أما إن كان مائعاً وسقطت فيه نجاسة فاختلف العلماء -رحمهم الله تعالى- في نجاسته ، والراجح أنه لا يحكم بنجاسته إلا إذا تغير بها ، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد وهو مذهب الإمامين الزهري ، والأوزاعي والإمام البخاري ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية ينظر : مجموع الفتاوى (21/513)وفتح الباري (1/408،410)
وعليه متى سقت النجاسة في المائع ولم تغيره فإنها تلقى وما حولها وينظر في الباقي فإن لم يتغير بالنجاسة فإنه يكون طاهرا ، الدليل على ذلك ما يأتي :
الدليل الأول : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ –رضي الله عنهم- : (( أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ فَأْرَةٍ سَقَطَتْ فِي سَمْنٍ ؟ فَقَالَ : « أَلْقُوهَا وَمَا حَوْلَهَا فَاطْرَحُوهُ . وَكُلُوا سَمْنَكُمْ » ))رواه البخاري في الوضوء / باب مَا يَقَعُ مِنَ النَّجَاسَاتِ فِي السَّمْنِ وَالْمَاءِ رقم الحديث (235) .
فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يسأل عن السمن هل كان جامداً أو مائعاً ، بل أمرهم أن يلقوا النجاسة وما حولها لأن الأصل الطهارة بعد إلقاء النجاسة وما حولها ، إلا إذا تغيرت أحد أوصافه الثلاثة بالنجاسة.
وقد أشار إلى هذا الإمام الزهري وهو من رواة الحديث فقد روى البخاري في صحيحه برقم (5539) قال حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ الدَّابَّةِ تَمُوتُ فِي الزَّيْتِ وَالسَّمْنِ وَهْوَ جَامِدٌ أَوْ غَيْرُ جَامِدٍ ، الْفَأْرَةِ أَوْ غَيْرِهَا قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِفَأْرَةٍ مَاتَتْ فِي سَمْنٍ ، فَأَمَرَ بِمَا قَرُبَ مِنْهَا فَطُرِحَ ثُمَّ أُكِلَ ، عَنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى- في مجموع الفتاوى (21/515) : (فأجابهم النبي جوابا عاما مطلقا بأن يلقوها وما حولها وأن يأكلوا سمنهم ، ولم يستفصلهم هل كان مائعاً أو جامداً ، وترك الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال ، مع أن الغالب على سمن الحجاز أن يكون ذائباً وقد قيل : إنه لا يكون إلا ذائباً ، والغالب على السمن أنه لا يبلغ القلتين مع أنه لم يستفصل هل كان قليلا أو كثيرا ) .
الدليل الثاني : أن الشارع فرق بين النجس والطاهر ، والفرق يكون بظهور أثر النجاسة في المائع ، فإذا لم يظهر في المائع أثر النجاسة لا في اللون ، ولا في الطعم ، ولا في الرائحة ، فكيف نحكم عليه بالنجاسة ؟! بل ما الفرق بينه وبين المائع الطاهر ؟!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى- في مجموع الفتاوى (21/514) : (والقول بأن المائعات لا تنجس كما لا ينجس الماء هو القول الراجح ، بل هي أولى بعدم التنجيس من الماء ، وذلك لأن الله أحلّ لنا الطيبات ، وحرم علينا الخبائث ، والأطعمة والأشربة من الأدهان والألبان والزيت والخلول والأطعمة المائعة هي من الطيبات التي أحلها الله لنا ، فإذا لم يظهر فيها صفة الخبث لا طعمه ولا لونه ولا ريحه ولا شيء من أجزائه كانت على حالها في الطيّب ، فلا يجوز أن تجعل من الخبيث المحرمة مع أن صفاتها صفات الطيّب لا صفات الخبائث ، فإن الفرق بين الطيّبات والخبائث بالصفات المميزة بينهما ، ولأجل تلك الصفات حرم هذا وأحل هذا )
والله تعالى أعلى وأعلم .

نصائح وتوجيهات في كظم الغيظ

1010
السائل: فضيلة الشيخ جزاك الله خيرا .. انا متزوج ولدي اطفال وجميعهم صغار وإلاحظ سرعة انفعالي في حالة حدوث خطاء او اي ازعاج ماهي الطرق او الوسيلة التي تعينني على كظم الغيظ ؟ باركم الله فيكم ونفعنا بعلمكم

الشيخ: الحمد لله وحده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وبعد :
أخي -حفظك الله تعالى- وحفظ لك زوجك وأبنائك ، وجعلني وإياكم من الصالحين المصلحين ، هناك أخي وسائل كثيرة تعين على أن يكظم الإنسان غضبه وغيظه وخاصة مع أهله بل وخاصة أهله وهم صغاره .
أخي -حفظك الله تعالى- قد أنعم الله عليك بالأطفال وغيرك محروم منها يتمنى أن يُرْزَقَها فاحمد الله تعالى على هذه النعمة العظيمة وتذكر أنه من الطبيعي أن تجد الإزعاج من الصغار لكن ابحث عن علاج هذه الظاهرة الطبيعية بأن توفر لهم ما يدعوهم إلى الهدوء في أوقات الراحة ، وإياك أن تنفعل ويشتد غضبك فتقع فيما لا يحمد عقباه في أبنائك فتندم ولا ينفع حينها الندم . وكما قال العلماء : (لا تعمل بمقتضى الغضب إذا حَصَل لك ، بل جاهد نفسَك على ترك تنفيذه والعمل بما يأمر به ، فإنَّ الغضب إذا ملك ابنَ آدم كان كالآمر والناهي له ) .
والغضب كما قال العلماء : (هو غليانُ دم القلب طلباً لدفع المؤذي عندَ خشية وقوعه ، أو طلباً للانتقام ممن حصل له منه الأذى بعدَ وقوعه ، وينشأ من ذلك كثيرٌ من الأفعال المحرمة كالقتل والضربِ وأنواعِ الظلم والعُدوان ، وكثيرٍ من الأقوال المحرَّمة كالقذفِ والسبِّ والفحش ، وربما ارتقى إلى درجة الكفر ) .
وانظر إلى خلق النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنَّه كان لا ينتقِمُ لنفسه ، ولم يضرب بيده الشريفة خادماً ولا امرأة . ولكن إذا انتهكت حرماتُ الله غضب صلى الله عليه وسلم ، وهذا هو الغضب الشرعي .
وشرعنا الحنيف يعلمنا الصبر وعدم الغضب على الآخرين فكيف بالأهل والأبناء ، وليحذر المسلم من الغضب ، وليكن ممن قال الله تعالى فيهم : {الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }آل عمران134 ، فالله تعالى يحب الكاظمين والعافين عن الناس ، فكيف بمن يكظم غيظه ويعفو عن أهله !!
وقال تعالى : {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ }الشورى37
وعَنْ سُلَيْمَان بْنِ صُرَدٍ قَالَ : (( اسْتَبَّ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ عِنْدَهُ جُلُوسٌ ، وَأَحَدُهُمَا يَسُبُّ صَاحِبَهُ مُغْضَبًا قَدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : إِنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ لَوْ قَالَ : أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ . فَقَالُوا لِلرَّجُلِ : أَلاَ تَسْمَعُ مَا يَقُولُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : إِنِّي لَسْتُ بِمَجْنُونٍ )) . رواه البخاري ومسلم .
فالحديث يدل دلالة واضحة على أن من أغضب عليه بالاستعاذة من الشيطان الرجيم ، وذلك أن الشيطان هو الذي يزين للإنسان الغضب وكل ما لا تحمده عاقبته ليرديه ويغويه ويبعده من رضا الله تعالى فالاستعاذة بالله تعالى منه من أقوى السلاح على دفع كيده وهذا علاج نبوي للغضب عزيز ، قل من ينتبه له عند الغضب .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه : (( أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : أَوْصِنِي . قَالَ : لاَ تَغْضَبْ . فَرَدَّدَ مِرَارًا ، قَالَ : لاَ تَغْضَبْ )) . رواه البخاري .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (10/520) : (وقال ابن التين : جمع صلى الله عليه و سلم في قوله : لا تغضب خير الدنيا والآخرة ، لأن الغضب يؤول إلى التقاطع ومنع الرفق وربما آل إلى أن يؤذي المغضوب عليه فينتقص ذلك من الدين . وقال البيضاوي : لعله لما رأى أن جميع المفاسد التي تعرض للإنسان إنما هي من شهوته ومن غضبه وكانت شهوة السائل مكسورة فلما سأل عما يحترز به عن القبائح نهاه عن الغضب الذي هو أعظم ضررا من غيره وأنه إذا ملك نفسه عند حصوله كان قد قهر أقوى أعدائه انتهى . ويحتمل أن يكون من باب التنبيه بالأعلى على الأدنى لأن أعدى عدو للشخص شيطانه ونفسه والغضب إنما ينشأ عنهما فمن جاهدهما حتى يغلبهما مع ما في ذلك من شدة المعالجة كان لقهر نفسه عن الشهوة أيضا أقوى) .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (( لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ )) . رواه البخاري ومسلم .
قال ابن بطال في شرح البخاري (9/295) : (والصرعة : الذي يصرع الناس ويكثر منه ذلك ، كما يقال للكثير النوم نومه ، وللكثير الحفظ حفظه ، فأراد عليه السلام أن الذي يقوى على ملك نفسه عند الغضب ويردها عنه هو القوى الشديد والنهاية في الشدة لغلبته هواه المردى الذي زينه له الشيطان المغوي ، فدل هذا أن مجاهدة النفس أشد من مجاهدة العدو ؛ لأن النبي عليه السلام جعل للذي يملك نفسه عند الغضب من القوة والشدة ما ليس للذي يغلب الناس ويصرعهم . ومن هذا الحديث قال الحسن البصري حين سئل أي الجهاد أفضل ؟ فقال : جهادك نفسك وهواك ) .
وعن ابن مسعودٍ –رضي الله عنه- عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم -قال : ((قَالَ : فَمَا تَعُدُّونَ الصُّرَعَةَ فِيكُمْ . قَالَ : قُلْنَا : الَّذِي لاَ يَصْرَعُهُ الرِّجَالُ. قَالَ : لَيْسَ بِذَلِكَ وَلَكِنَّهُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ )) . رواه مسلم .
قال الإمام النووي في شرح مسلم (16/161) : (ومعنى الحديث انكم تعتقدون أن الصرعة الممدوح القوي الفاضل هو القوي الذي لا يصرعه الرجال بل يصرعهم وليس هو كذلك شرعا بل هو من يملك نفسه عند الغضب فهذا هو الفاضل الممدوح الذي قل من يقدر على التخلق بخلقه ومشاركته في فضيلته بخلاف الأول).
.
وعن ابنِ عباس –رضي الله عنهما- عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا غَضِبَ أحَدُكُمْ ، فليَسْكُتْ )) . رواه الإمام أحمد في المسند ، ينظر : السلسلة رقم (1375) .
قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم : (وهذا أيضاً دواء عظيم للغضب ؛ لأنَّ الغضبان يصدر منه في حال غضبه من القول ما يندم عليهِ في حال زوال غضبه كثيراً من السِّباب وغيره مما يعظم ضَرَرُهُ ، فإذا سكت زال هذا الشرّ كله عنه ) .
وعن أَبُي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ : (( كَانَ رَجُلاَنِ فِى بَنِي إِسْرَائِيلَ مُتَآخِيَيْنِ فَكَانَ أَحَدُهُمَا يُذْنِبُ وَالآخَرُ مُجْتَهِدٌ فِي الْعِبَادَةِ فَكَانَ لاَ يَزَالُ الْمُجْتَهِدُ يَرَى الآخَرَ عَلَى الذَّنْبِ فَيَقُولُ : أَقْصِرْ. فَوَجَدَهُ يَوْمًا عَلَى ذَنْبٍ فَقَالَ لَهُ : أَقْصِرْ فَقَالَ : خَلِّنِي وَرَبِّي أَبُعِثْتَ عَلَىَّ رَقِيبًا فَقَالَ : وَاللهِ لاَ يَغْفِرُ اللهُ لَكَ أَوْ لاَ يُدْخِلُكَ الهُُ الْجَنَّةَ. فَقُبِضَ أَرْوَاحُهُمَا فَاجْتَمَعَا عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَقَالَ لِهَذَا الْمُجْتَهِدِ : أَكُنْتَ بِي عَالِمًا أَوْ كُنْتَ عَلَى مَا فِي يَدِي قَادِرًا . وَقَالَ : لِلْمُذْنِبِ اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي وَقَالَ : لِلآخَرِ اذْهَبُوا بِهِ إِلَى النَّارِ ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَوْبَقَتْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ )) . صحيح أبي داود (4901) .
قال ابن رجب : (فهذا غَضِبَ لله ، ثم تكلَّم في حال غضبه لله بما لا يجوزُ ، وحتم على الله بما لا يعلم ، فأحبط الله عمله ، فكيف بمن تكلَّم في غضبه لنفسه ، ومتابعة هواه بما لا يجوز ) .
وعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ : (( بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَامْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى نَاقَةٍ فَضَجِرَتْ فَلَعَنَتْهَا فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ : خُذُوا مَا عَلَيْهَا وَدَعُوهَا فَإِنَّهَا مَلْعُونَةٌ . قَالَ عِمْرَانُ : فَكَأَنِّي أَرَاهَا الآنَ تَمْشِى فِي النَّاسِ مَا يَعْرِضُ لَهَا أَحَدٌ)) . رواه مسلم .
وفيه أيضاً عن جابر –رضي الله عنه- قال : ((سِرْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي غَزْوَةِ بَطْنِ بُوَاطٍ وَهُوَ يَطْلُبُ الْمَجْدِيَّ بْنَ عَمْرٍو الْجُهَنِيَّ وَكَانَ النَّاضِحُ يَعْتَقِبُهُ مِنَّا الْخَمْسَةُ وَالسِّتَّةُ وَالسَّبْعَةُ فَدَارَتْ عُقْبَةُ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى نَاضِحٍ لَهُ فَأَنَاخَهُ فَرَكِبَهُ ثُمَّ بَعَثَهُ فَتَلَدَّنَ عَلَيْهِ بَعْضَ التَّلَدُّنِ فَقَالَ لَهُ : شَأْ لَعَنَكَ اللهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- : مَنْ هَذَا اللاَّعِنُ بَعِيرَهُ . قَالَ : أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ . قَالَ : انْزِلْ عَنْهُ فَلاَ تَصْحَبْنَا بِمَلْعُونٍ ، لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لاَ تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ )) . رواه مسلم .
قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم : (فهذا كله يدلُّ على أنَّ دعاء الغضبانِ قد يُجاب إذا صَادف ساعةَ إجابةٍ ، وأنَّه ينهى عن الدعاء على نفسه وأهله وماله في الغضب ) .
وما أحسنَ قولَ مورق العجلي رحمه الله : (ما امتلأتُ غيضاً قَطُّ ولا تكلَّمتُ في غضبٍ قطُّ بما أندمُ عليهِ إذا رضيتُ ) .أخرجه : أبو نعيم في الحلية 2/235 .
وقال الحسن : (أربعٌ من كُنَّ فيه عصمه الله من الشيطان ، وحرَّمه على النار : مَنْ ملك نفسَه عندَ الرغبة ، والرهبة ، والشهوةِ ، والغضبِ ) . أخرجه : أبو نعيم في الحيلة 2/144 .
هذا ما تيسر جمعه لك أخي في هذه العجالة وأسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه . والله تعالى أعلى وأعلم .

زكاة المال في حساب التوفير

1006
السائل: السلام عليك يا شيخ ابراهيم
كيفية زكاة المال في حساب التوفير

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
زكاة المال في حساب التوفير كغيره من الأموال فلا بد من الأمور الآتية :
الأول : أن يبلغ النصاب وقدره ما يعادل (85) جراماً من الذهب فتسأل عن هذا المقدار من الذهب وبه تعرف نصاب المال .
الثاني : أن يحول عليه الحول ، والمقصود بالحول هنا السنة الهجرية لا الميلادية .
الثالث : أن يكون ملك لك ، يعني أن تكون أنت مالكا لهذا المال .
أما المقدار فهو (2.5) من المائة ، يعني في (1000) درهم (25) درهما فقط .
والله أعلم .

زكاة الحلي

1005
السائل: السلام عليك يا شيخ ابراهيم
حكم زكاة الذهب المستعمل؟

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، وبعد :
الذهب المستعمل اختلف العلماء –رحمهم الله تعالى- في وجوب زكاته ، والراجح أنه تجب زكاته ، وهو مذهب الإمام أبي حنيفة وأصحابه ، وهو قول سعيد ابن المسيب وسعيد بن جبير وعطاء وابن سيرين وجابر بن زيد ومجاهد والزهري وطاووس وميمون بن مهران والضحاك وعلقمة والأسود وعمر بن عبد العزيز والأوزاعي وابن شبرمة ، وهو مذهب وابن المنذر وابن حزم وهو أحد أقوال الإمام الشافعي . تنظر المذاهب : بدائع الصنائع (2/17) ، والمجموع (6/46) ، وبذل المجهود في حل أبي داود (4/8/26) ، والمحلى مسألة رقم (684) ، والموسوعة الفقهية (18/113) .
ورجحت هذا المذهب للأدلة الآتية :
الدليل الأول : النصوص العامة التي فيها الأمر بزكاة الذهب والفضة منها:
ما ثبت عن أَبَي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلاَ فِضَّةٍ لاَ يُؤَدِّى مِنْهَا حَقَّهَا إِلاَّ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحَ مِنْ نَارٍ فَأُحْمِىَ عَلَيْهَا فِى نَارِ جَهَنَّمَ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ فَيُرَى سَبِيلُهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ ». رواه مسلم .
فهذا الحديث يشمل حلي الذهب والفضة وغيره ، وهكذا كل دليل فيه الأمر بزكاة الذهب أو الفضة .
الدليل الثاني : عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَلْبَسُ أَوْضَاحًا مِنْ ذَهَبٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَكَنْزٌ هُوَ فَقَالَ « مَا بَلَغَ أَنْ تُؤَدَّى زَكَاتُهُ فَزُكِّىَ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ». صحيح أبي داود رقم (1564) ، والسلسلة الصحيحة رقم (559) .
والحديث نص في محل الخلاف .
الدليل الثالث : عن عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَرَأَى فِى يَدِي فَتَخَاتٍ مِنْ وَرِقٍ فَقَالَ « مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ ». فَقُلْتُ صَنَعْتُهُنَّ أَتَزَيَّنُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.
قَالَ « أَتُؤَدِّينَ زَكَاتَهُنَّ ». قُلْتُ لاَ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ. قَالَ « هُوَ حَسْبُكِ مِنَ النَّارِ ».صحيح أبي داود رقم (1384) .وإرواء الغليل (3/196) .
والله تعالى أعلى وأعلم .

كتابة القرآن بغير العربية ؟

1002
السائل: السلام عليكم فضيلة الشيخ هل يجوز كتابة المصحف بغير اللغة العربية مثال (اللغة الفلبينية) بحيث تكون الاحرف فلبينية والنطق يكون باللغة العربية واذا جاز ذلك فكيف يكتب حرف الضاد في غير اللغة العربية ؟

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اتفق العلماء -رحمهم الله تعالى كما في تفسير المنار (9/284) على عدم جواز كتابة القرآن بغير العربيةلأن الترجمة الحرفية للقرآن مستحيلة، فلو قلنا لشخص ترجم لنا هذا الحديث أو بيت الشعر من العربية إلى الإنجليزية ثم جئنا لشخص آخر ثالث أعطيناه هذه القطعة المترجمة وقلنا له ترجمها لنا بالعربية دون أن يعرف أنها أصلا مترجمة من العربيةفإنه سينظر إلى معنى من المعاني يسبق ذهنه إليه وقد يحرف في المعنى المترجم لعدم فهمه لمعاني العربية فإذا أريدت إعادته إلى الأصل ما استطاع؛ لأن اللفظة الواحدة في العربية لها عدة معاني .
وهذا النوع من الكتابة أو الترجمة محال عقلاً وشرعا. أما عقلاً؛ فلأن التجارب العلمية برهنت على أن نقل كلام من لغة إلى أخرى بكل ما في الأصل مما ذكر في التعريف مستحيل في كلام البشر، فكيف به في كلام الله المعجز . ينظر : ترجمات معاني القرآن الكريم، ص (14،15)، والقول السديد، ص (12)
وأما شرعا فإنه مستحيل أيضا؛ لأن معناه الإتيان بقرآن مثل هذا القرآن بلغة أُخرى، وقد قال الله تعالى: { قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً}ينظر : مناهل العرفان (2/40) .
وأما ترجمة معانية إلى غير العربية وهو التفسير والشرح فلا بأس به بل هو محل اتفاق بين العلماء كما في الموسوعة الفقهية (33/39).
واختم بكلام الشيخ محمد رشيد رضا في تفسير المنار (9/281) :(وَمُلَخَّصُ هَذِهِ الْفَتْوَى : أَنَّ تَرْجَمَةَ الْقُرْآنِ تَرْجَمَةً حَرْفِيَّةً مُتَعَذِّرَةٌ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَفَاسِدُكَثِيرَةٌ ، فَهُوَ مَحْظُورٌ لَا يُبِيحُهُ الْإِسْلَامُ ; لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِهِ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُسَمَّى التَّرْجَمَةُ قُرْآنًا وَلَا كِتَابَ اللهِ ، وَلَا أَنْ يُسْنَدَ شَيْءٌ مِنْهَا إِلَيْهِ تَعَالَى فَيُقَالُ قَالَ : اللهُ كَذَا ; لِأَنَّ كِتَابَ اللهِ وَقُرْآنَهُ عَرَبِيٌّ بِالنَّصِّ الْقَطْعِيِّ وَالْإِجْمَاعِ الشَّرْعِيِّ مِنْ سَلَفِ أَهْلِ الْمِلَّةِ كُلِّهِمْ وَخَلَفِهِمْ لَا الْإِجْمَاعِ الْأُصُولِيِّ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ ; وَلِأَنَّهَا لَيْسَ لَهَا شَيْءٌ مِنْ خَصَائِصِ الْقُرْآنِ اللَّفْظِيَّةِ وَلَا الْمَعْنَوِيَّةِ كَالْإِعْجَازِ ، وَهِيَ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مُخَالِفَةً لَهُ فِي الْمَعْنَى كَمُخَالَفَتِهَا فِي اللَّفْظِ ، فَإِسْنَادُهَا إِلَيْهِ تَعَالَى كَذِبٌ عَلَيْهِ وَكُفْرٌ بِكِتَابِهِ . بَلْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِبْدَالُ لَفْظٍ مِنْ أَلْفَاظِ الْمُصْحَفِ بِلَفْظٍ آخَرَ يُرَادِفُهُ مِنَ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ كَكَلِمَتِي شَكٍّ ، وَرَيْبٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ (2 : 2) وَأَمَّا التَّرْجَمَةُ الْمَعْنَوِيَّةُ الَّتِي هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ تَفْسِيرِ مَا يَحْتَاجُ إِلَى تَفْسِيرِهِ مِنْهُ بِلُغَةٍ أُخْرَى فَغَيْرُ مُحَرَّمٍ ، وَإِنَّمَا تُتَّبَعُ فِيهِ الْمَصْلَحَةُ الشَّرْعِيَّةُ بِقَدْرِهَا ) .
والله أعلم .

ما معني قول العلماء في مصطلح الحديث : ينقسم الحديث باعتبار منتهى السند الى ثلاثة اقسام ما هي ومالفرق بينها ؟

1001
السائل: السلام عليكم
ما معنى قول العلماء ينقسم الحديث باعتبار منتهى السند الى ثلاثة اقسام ما هي ومالفرق بينها؟

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الحمد لله وحده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وبعد :
إن علماء الحديث –رحمهم الله تعالى- ينظرون إلى سند الحديث ومتنه في التصحيح أو التضعيف ويذكرون قواعد واصطلاحات يضبط بها طالب العلم فن مصطلح الحديث حتى لا يقع في الخلط والخبط .
من ذلك تعريف الحديث الصحيح فإنهم قالوا : هو ما اتصل اسناده بنقل العدل التام الضبط عن مثله إلى منتهاه من غير شذوذ ولا علة قادحة .
فلا بد من اجتماع جميع هذه الشروط المذكورة في التعريف حتى يكون الحديث صحيحا فلو تخلف واحد منها لم يصح .
وكذلك ذكروا ما يتعلق بالإسناد في أوله كالمعلق مثلا فإن السقط قد يكون في أول السند وقد يكون لا سند له أعني المعلق ، وكذلك نظروا في وسطه وفي آخره وهو محل سؤالك ، فالحديث باعتبار منتهى السند ، يعني باعتبار من سيضاف إليه المتن الذي سيذكر ، قسمه العلماء إلى ثلاثة أقسام :
الأول : المرفوع ، هو كل ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير .
وهذا المرفوع صراحة وهناك المرفوع حكما :
كقول الصحابي : من السنة كذا . وأكثر العلماء على أنه مرفوع .
وكذلك قول الصحابي : أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا . وأكثر العلماء على أنه مرفوع
ولا يلزم من قول العلماء في الحديث إنه مرفوع أن يكون صحيحا فقد يكون صحيحا إذا اجتمعت فيه شروط الصحة ، وقد يكون غير صحيح ، فمثلا المرسل : وهو كل ما أضافه التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم مما سمعه من غيره . فأنت تلاحظ أن المرسل مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك هو غير صحيح لانقطاع في السند .
الثاني الموقوف : كل ما أضيف إلى الصحابي من قول أو فعل .
الثالث : المقطوع : وهو كل ما أضيف إلى من دون الصحابي من قول أو فعل .
والمقطوع غير المنقطع لأن الانقطاع في السند وهو ضد الاتصال ، فالانقطاع أعم من هذه الثلاثة ، فقد يكون المرفوع منقطعاً وقد يكون متصلاً ، وقد يكون الموقوف منقطعاً وقد يكون متصلاً ، وقد يكون المقطوع منقطعاً وقد يكون متصلاً .
وهذا باختصار لأن البحث في هذا طويل جدا وفيه فروع وتفاصيل . والله أعلم .

شرح متن عمدة الفقه وكتب العقيدة

989
السائل: بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الله يجزيك كل خير على هذا الجهد واسأل الله أن يجعله مباركا كثير النفع , صراحة أيها الشيخ الكريم العلماء قديما كانوا يبدوؤن بحفظ المختصرات ومن ذلك المختصرات الفقهية لما فيها من منفعة التصور الذهني وترتيب المسائل فعندي رجاء لو كنت ممن فتح الله عليه في الفقه أن تجعل كتاب عمدة الفقه أساسا لشرح الفقه للمبتدئين (بذكر الاقوال أو الرويات عن الإمام أحمد وأيها الاصح أو الأشهر ثم تعقب على ذلك بذكر الراجح بين المذاهب وإن كان سهل عليك أن تذكر أقوال المذاهب الأخرى فذلك كرم منك والله يضاعف لمن يشاء ) وسبب سؤالي هو أني بحثت في الانترنت عن شرح كامل لعمدة الفقه فلم أجد وذلك سيء على طالب العلم الذي يحفظ ويجتهد فإنه ملكته الفقهية تكون ناقصة وإنما وجدت شرحا لنظم عمدة الفقه للشيخ محمد ولد الدناه الشنقيطي والشيخ بارك الله فيه يذكر الفقه بأدلته ويذكر مذاهب العلماء وأدلتهم وهذا الشرح للشيخ كامل ولله الحمد واسأل الله أن يفتح عليك بإتمام ما تريد من مشاريعك العلمية واسأل الله ان يؤيدك بحوله وقوته فإنه اذا تم شرحك لهذا المتن أظنه يكون عمدة لأهل الإمارات وسائر البلاد الإسلامية إن شاء الله وإنما لكل امرىء ما نوى كذلك طلب آخر لو تشرح لنا أيها الشيخ الكريم كتب العقيدة المسندة فإن الناس لا يكادون يتجاوزون ماكتب شيخ الإسلام غلى ما قبلها من كتب السلف إلا قليلا وجزاك الله خيرا وبارك الله فيك وسامحنى إن ازعجتك بشيء أوآذيتك بإسلوبي الضعيف والله يحب العافين عن الناس والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا وأسأل الله تعالى أن يجعلني عند حسن الظن .
أخي حفظك الله تعالى كنت أتمنى أن أقوم بما طلبت وكانت عند مشاريع علمية بخصوص دراسة المتون العلمية للطلاب المبتدئين في أغلب الفنون لكن الدروس العلمية قد توقفت عندنا لها أكثر من سنتين أسأل الله تعالى أن يعجل بفرجها ولا تنسانا من دعوة صالحة في ظهر الغيب وأن يعجل الله تعالى بالفرج عن الدروس .
والآن أنا أعمل على أخراج هذا العلم كمؤلفات وقد خرج بعضها ولله الحمد فمشروعي هو سلسلة تيسير الفقه أسأل الله تعالى أن ييسر إتمامه ، وغيرها من المشاريع أسأل الله تعالى الإخلاص في القول والعمل .
وجزاك الله خيرا

قراءة القرآن من الهاتف المتحرك ومسه

986
السائل: السلام عليكم فضيلة الشيخ لدي برنامج في هاتفي الخاص (الموبايل) يحتوي على القرآن الكريم كاملاً كتابة فهل هذا يأخذ حكم القرآن أي يجب عند قراءته أن اكون على طهارة؟ وجزاك الله خيرا

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الذي يظهر والله أعلم من السؤال أنه متعلق بأمرين :
الأول : قراءة القرآن من الهاتف المتحرك على غير وضوء .
الثاني : مسه عندما يكون المصحف مفتوحا في الهاتف .
أما الأول : فإنه لا تجب الطهارة الصغرى لقراءة القرآن عند جهور العلماءوإن كان الوضوء أفضل ولا أعلم دليلا يمنع من ذلك والأصل الجواز وبراءة الذمة ولا يصار إلى المنع إلا بدليل صحيح صريح ، فمن قال بالمنع يطالب بالدليل وقد ثبت عن عَائِشَةَ – رضي الله عنها قَالَتْ : (( كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ اللهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ )) رواه مسلم .
بل ثبت عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ : (( أَنَّ عَائِشَةَ – رضي الله عنها كَانَتْ تَرْقِي أَسْمَاءَ وَهِيَ عَارِكٌ )) أي حائض .رواه الدارمي في سننه (1/253) رقم (1042) . وصححه الألباني كما في مختصر البخاري (1/83) .
عن عبيد بن عبيدة قال : (( قَرَأَ ابنُ عَبَّاسٍ شيئاً من القرآنِ ، وهو جنبٌ فقيلَ لهُ في ذلكَ ، فَقَالَ : ما في جَوْفي أكثر من ذلك ))رواه ابن المنذر في الوسط (2/98) من أربعة طرق عن ابن عباس –رضي الله عنهما ، وذكره البخاري بصيغة الجزم في الحيض /باب تقضي المناسك كلها إلا الطواف بالبيت . والأثر حسن .
وأما الأمر الثاني : فالذي يظهر والله أعلم أن الهاتف المتحرك الذي فيه القرآن لا يأخذ حكم المصحف .
ومسألة مس المصحف من غير المتوضيء فيها خلاف والراجح الجواز . وإن كان الأفضل الوضوء .
وعليه لا بأس بقراءة القرآن من الهاتف المتحرك وكذا مسه.
والله أعلم