غسل الجنابة

1164
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. نريد معرفة كيفية غسل الجنابة ..صفة الغسل .. من البداية ..وجزاكم الله خير ..الله ينفعنا واخواننا بعلمكم

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أخي حفظك الله تعالى غسل الجنابة على نوعين .
النوع الأول : صفة غسل كمال .
النوع الثاني : صفة غسل إجزاء .
أما النوع الأول : وهو غسل الكمال فهو على النحو الآتي :
أولا : النية : يشترط للغسل من الجنابة النية ، فينوي المغتسل الذي سيغتسل من الجنابة في قلبه أنه يغتسل لأجل الطهارة من الجنابة ، أو رفع حدث الجنابة وإلى اشتراط النية للطهارة ذهب جمهور العلماء من المالكية ، والشافعية ، والحنابلة دليل إشتراط النية حديث عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه – قَالَ : (( سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ))رواه البخاري .فالنبي صلى الله عليه وسلم حصر صحة الأعمال التعبدية بالنية ، فلا يقبل عمل إلا بنية ، والطهارة من الحدث الأكبر كالجنابة عبادة ، فيشترط لها النية كبقية العبادات .
ثانياً : يغسل يديه وفرجه ، وهو مذهب جمهور العلماءمن الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة لحديث مَيْمُونَةَ –رضي الله عنها-: (( أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ ، فَغَسَلَ فَرْجَهُ بِيَدِهِ ، ثُمَّ دَلَكَ بِهَا الْحَائِطَ ، ثُمَّ غَسَلَهَا ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ))رواه البخاري في الغسل /باب مَسْحِ الْيَدِ بِالتُّرَابِ لِيَكُونَ أَنْقَى رقم الحديث (257).
وفي لفظ مسلم : ((ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ ثُمَّ أَفْرَغَ بِهِ عَلَى فَرْجِهِ وَغَسَلَهُ بِشِمَالِهِ ثُمَّ ضَرَبَ بِشِمَالِهِ الْأَرْضَ فَدَلَكَهَا دَلْكًا شَدِيدًا ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ))رواه مسلم في الحيض/بَاب صِفَةِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ رقم الحديث (476).
ثالثاً : الوضوء : ثم تتوضأ كوضوء الصلاة وهو سنة مستحبة في غسل الجنابة ، وهو مذهب الجمهور لحديث ميمونة -رضي الله عنها-المتقدم وفيه: ((ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ)) .
وحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها – (( أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ ، ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ ، فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعَرِهِ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثَ غُرَفٍ بِيَدَيْهِ ، ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ ))رواه البخاري ومسلم.
وهذا الوضوء إذا لم تأت بنواقضه فإنه يبيح لك الصلاةَ بعد تمام الاغتسال ، وعليك أن تسمي قبل الوضوء فتقول : بسم الله . لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ((لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لاَ وُضُوءَ لَهُ وَلاَ وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِ ))صحيح أبي داود رقم الحديث (92).
ولا يعيد الوضوء بعد الغسل إلا إذا انتقض وضوؤه وهو يغتسل لحديث عائشة-رضي الله عنها- قالت: ((كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يغتسل ويصلي الركعتين وصلاة الغداة؛ ولا أراه
يُحْدِثُ وُضوءاً بعد الغسل )).إسناده صحيح ينظر صحيح أبي داود رقم (245) وقال الشيخ -رحمه الله تعالى-: (إسناده صحيح على شرط البخاري ) .
رابعا: يستحب البدء باليمن عند غسل الرأس والجسد وهو مذهب أكثر الفقهاء ، بل نقل بعضهم الاتفاق على ذلك كما في الموسوعة الفقهية (31/214) .
وذلك لحديث عَائِشَةَ – رضي الله عنها – قَالَتْ : (( كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ دَعَا بِشَيْءٍ نَحْوَ الْحِلاَبِ ، فَأَخَذَ بِكَفِّهِ بَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الأَيْمَنِ ، ثُمَّ الأَيْسَرِ ، ثُمَّ أَخَذَ بِكَفَّيْهِ فَقَالَ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ ))رواه البخاري ومسلم . والحلاب : وعاء يملؤه قدر حلب الناقة .
وعنها– رضي الله عنها قَالَتْ : (( كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ ، وَتَرَجُّلِهِ ، وَطُهُورِهِ ، وَفِى شَأْنِهِ كُلِّهِ ))رواه البخاري ومسلم .
خامساً : ثم يعمم الماء على جميع جسده وهو شرط لصحة الغسل ، وأن يصل الماء إلى بشرة الرأس وأصول الشعر وقد
أجمع العلماء على أنه يشترط لصحة الغسل أن يعمم الماء على جميع
البدن كما في الموسوعة الفقهية (31/207) ، والإقناع في مسائل الإجماع (1/99) ، والإنصاف (1/246) .
إذ أنه لا يصح مسمى الغسل إلا به لحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها – (( أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ ، ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ ، فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعَرِهِ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثَ غُرَفٍ بِيَدَيْهِ ، ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ ))رواه البخاري ومسلم.
هذا غسل الكمال باختصار .
أما النوع الثاني : صفة غسل إجزاء .
هوأن ينوي المغتسل لغسل الجنابة في قلبه أنه يغتسل لأجل الطهارة من الجنابة ، ثم تعمم الماء على جميع بدنه .
والله أعلم .

تأخير البيان عن وقت الحاجة

1161
السائل: سلام عليكم شيخنا الا ترى أن العلماء اليوم يؤخرون البيان عن وقت الحاجة

الشيخ:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

مسألة تأخير البيان عن وقت الحاجة مسألة قد بحثت في أصول الفقه ، فقد اتفق العلماء على أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ، وقد حكى هذا الاتفاق كثير من العلماء ، منهم ابن السمعاني ، والباجي ، والغزالي ، والسمرقندي ، وابن قدامة ، وغيرهم .

واعلم أن تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة جائز وواقع عند جمهور العلماء ، لأنه لا مانع عقلاً من ذلك ، و لا يترتب على هذا جواز محال ، والوقوع دليل الجواز ، ومن المواضع التي وقع فيها ذلك :

أولاً : قوله تعالى : ﴿ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴾ [سورة القيامة الآية :18 و19] ، فإن معنى ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ﴾ أي أنزلناه لدلالة قوله : ﴿فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ ، لأن الله تعالى أمر نبيه ﷺ بالإتباع بفاء التعقيب ، ولا يتصور ذلك قبل الإنزال لعدم معرفته به ، وعليه فإن قوله تعالى : ﴿ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ ، يدل على تأخير البيان عن وقت الإنزال ، لأن (ثم) تفيد التراخي ، فدلت على تراخي البيان عن وقت الخطاب .

ثانياً : قوله تعالى : ﴿وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾[سورة البقرة الآية :43] ، وقوله تعالى : ﴿وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [سورة آل عمران الآية :97] ، ثم بين ذلك كلّه بالسنة بالتراخي والتدريج في أوقات الحاجة .

ثالثاً : عن سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ لَهُ: «صَلِّ مَعَنَا هَذَيْنِ - يَعْنِي الْيَوْمَيْنِ - فَلَمَّا زَالَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ، ثُمَّ أَمَرَهُ، فَأَقَامَ الظُّهْرَ، ثُمَّ أَمَرَهُ، فَأَقَامَ الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْمَغْرِبَ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَأَقَامَ الْفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرَ، فَلَمَّا أَنْ كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي أَمَرَهُ فَأَبْرَدَ بِالظُّهْرِ، فَأَبْرَدَ بِهَا، فَأَنْعَمَ أَنْ يُبْرِدَ بِهَا، وَصَلَّى الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ أَخَّرَهَا فَوْقَ الَّذِي كَانَ، وَصَلَّى الْمَغْرِبَ قَبْلَ أَنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ، وَصَلَّى الْعِشَاءَ بَعْدَمَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، وَصَلَّى الْفَجْرَ فَأَسْفَرَ بِهَا»، ثُمَّ قَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ؟» فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا، يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «وَقْتُ صَلَاتِكُمْ بَيْنَ مَا رَأَيْتُمْ» رواه مسلم

قال الإمام النووي في شرح مسلم (5/114) : (وَفِيهِ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ إِلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْأُصُولِيِّينَ ) .

وغيرها من الأدلة .

ولا أعلم ماذا تعني بقولك : إن العلماء اليوم يؤخرون البيان عن وقت الحاجة ، وما هو البيان الذي تم تأخيره من قبلهم والحاجة كانت قائمة وجميع العلماء لم يبينوا ، هذا غير متصور في علماء الأمة ، فمسألة تأخير البيان عن وقت الحاجة مسألة الأصل فيها أنها مفروضة في الشرع في الكتاب والسنة بأنه لا يوجد فيها ما يدل على تأخير البيان عن وقت الحاجة ، بل لا يجوز ذلك ، وهو محل اتفاق كما سبق ، والعالم الذي يسأل عن حكم مسألة ما وهو يعرف حكمها والسائل يحتاج إلى جوابها لأنه لا يستطيع العمل إلا ببيناها فالعالم مأمور ببيان الحق وعدم كتمانه ، إذا لم يكن هناك مفسدة أعظم في جوابه ، قال ابن القيم في إعلام الموقعين (4/157) : ( وإن كان عالما بالحكم فللسائل حالتان إجداهما أن يكون قد حضره وقت العمل احتاج إلى السؤال فيجب على المفتى المبادرة على الفور إلى جوابه فلا يجوز له تأخير بيان الحكم له عن وقت الحاجة والحالة الثانية ان يكون قد سأل عن الحادثة قبل وقوعها فهذا لا يجب على المفتى أن يجيبه عنها وقد كان السلف الطيب إذا سئل أحدهم عن مسألة يقول للسائل هل كانت أووقعت فإن قال لا لم يجبه وقال دعنا في عافية) .

وقد يسكت بعض العلماء عن بعض المسائل لمصلحة راجحة عنده أو دفع مفسدة أعظم وهذه المسألة فيها تفصيل طويل لأهل العلم ، وهذا السكوت منهم ليس تأخيرا للبيان عن وقت الحاجة بل هو تأخير للبيان إلى وقت الحاجة .

والله أعلم

 

بماذا تدرك صلاة الجمعة ؟

1155
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ياشيخ.
سؤالي جزاك الله خيرا عن صلاة الجمعة في حال وصلت في التشهد الأخير هل يجب علي إني أصلي ركعتين فقط أم أربع ركعات؟
وجزاك الله خبر.

الشيخ: الحمد لله وحده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ، وبعد:
اختلف العلماء -رحمهم الله تعالى- فيمن أدرك مع الإمام يوم الجمعة أقل من ركعةبمعنى أنه دخل مع الإمام بعد قيام الإمام من الركوع الثاني فلم يدرك مع الإمام ولا ركعة لأنه الركعة تدرك بالركوع .
والراجح أنه من لم يدرك مع الإمام ركعة كاملة بحيث أدرك الإمام يوم الجمعة بعد الركوع الثاني فإنه يصلي أربع ركعات وهو مذهب محمد بن الحسن من الحنفية وهو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة.
والأدلة على رجحان هذا المذهب ما يأتي :
الدليل الأول :عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ-رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ((مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ)) . رواه النسائي وغيرهوصححه الشيخ الألباني في إرواء الغليل (3/89) .
وجه الاستدلال منه : أن من لم يدرك ركعة مع الإمام يوم الجمعة فإنه لم يدرك الجمعة وعليه أن يصلي أربع ركعات . وهذا يعرف عند العلماء مفهوم المخالفة .
الدليل الثاني : عن عن عبد الله بن مسعود قال : (( من أدرك من الجمعة ركعة فليضف إليها أخرى ومن فاتته الركعتان فليصل أربعا )) . رواه الطبراني . وحسنه الشيخ الألباني في تمام المنة ص (340) . والإرواء (3/82) .
الدليل الثالث : وعَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : ((إِذَا أَدْرَكْتَ مِنَ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً فَأَضِفْ إِلَيْهَا أُخْرَى ، فَإِنْ أَدْرَكْتَهُمْ جُلُوسًا فَصَلِّ أَرْبَعًا ))رواه البيهقي في سننه . وصحح سنده الشيخ الألباني في الإرواء (3/83) .
فأنت لم تدرك مع الإمام إلا التشهد ، فعليك أن تصلي أربع ركعات .
تنبيه : قولك : التشهد الأخير . قيد التشهد بالأخير لا فائدة منه لأن الجمعة ركعتان وفيها تشهد واحد فقط ولا يقال التشهد الأخير إلا إذا كانت الصلاة فيها أكثر من تشهد .

والله تعالى أعلى وأعلم .

هل يصلى الوتر ثلاث ركعات وكيف تكون صفة هذه الصلاة ؟

1150
السائل: بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم فضيلة الشيخ
عندي استفسار بخصوص صلاتي الشفع والوتر .. هل اصلي الشفع واسلم بعدها اصلي الوتر أو يجوز ان اصليها كصلاة المغرب؟؟ ما هي الطريقة الصحيحة وجزاكم الله خيرا.

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اعلم -حفظك الله تعالى- أن لصلاة الوتر صفات متعددة:
أفضلها أن يصلي الشفع ويسلم ثم يوتر والأفضل أن يصلي ركعتين ركعتين ثم يوتر بواحدة وأفضله والسنة إحدى عشرة وذلك للأدلة الآتية :
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رضي الله عنها كَيْفَ كَانَتْ صَلاَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَانَ ؟ فَقَالَتْ : (( مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلاَ فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً ، يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاَثًا))رواه البخاري رقم الحديث (1096) ، ومسلم رقم الحديث (1757).
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ –رضي الله عنهما- أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَلاَةِ اللَّيْلِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ((صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى ، فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً ، تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى))رواه البخاري رقم الحديث (946) ، ومسلم رقم الحديث (1782).
قال ابن رجب –رحمه الله تعالى- في فتح الباري له (6/193، 197) : (وهذا الحديث : يدل على أن التطوع بالليل كلّه مثنى مثنى ، سوى ركعة الوتر ، فإنها واحدة وحكى الترمذي في (كتابه) أن العمل عند أهل العلم على أن صلاة الليل مثنى مثنى . قال : وهو قول سفيان ، وابن المبارك ، والشافعي ، وأحمد وإسحاق . وحكاه ابن المنذر وغيره عن ابن عمر ، وعمار ، وعن الحسن ، وابن سيرين ، والشعبي ، والنخعي ، وسعيد بن جبير ، وحماد ، ومالك ، والأوزاعي ).

أما لو أراد أن يصلي الشفع ثمان ركعات يسلم في كل ركعتين أو يصلي ركعتين فقط ثم يصلي الوتر ثلاث ركعات متصلات فلا مانع من ذلك لكن لا يصلي الثلاث بتشهدين بل بتشهد واحد فقط بمعنى أنه يصلي الوتر ثلاث ركعات متصلات بتشهد واحد وذلك للأدلة الآتية :
حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها المتقدم وفي آخره : (( ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاَثًا)). يعني الوتر .
وعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ –رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (( الْوِتْرُ حَقٌّ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُوتِرْ بِخَمْسٍ ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُوتِرْ بِثَلَاثٍ ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُوتِرْ بِوَاحِدَةٍ ))رواه ابن ماجه رقم الحديث (1180) ، والحاكم في المستدرك رقم الحديث (1128) وقال : (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه ) ووافقه الذهبي . وصححه النووي في المجموع (4/17) ، والألباني في صحيح ابن ماجه رقم (1190).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ((لاَ تُوتِرُوا بِثَلاَثٍ تَشَبَّهُوا بِالْمَغْرِبِ))رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار رقم الحديث (1609) ، والبيهقي في السنن رقم الحديث (4594) ، والحاكم في المستدرك رقم الحديث (1138) . قال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/481) : (وإسناده على شرط الشيخين ، وقد صححه بن حبان والحاكم) . ينظر : قيام رمضان ص(84و97) .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله تعالى في فتح الباري (2/481) : ( والجمع بين هذا وبين ما تقدم من النهي عن التشبه بصلاة المغرب أن يحمل النهي على صلاة الثلاث بتشهدين ) .
والله أعلم .

ما هو حكم تجاوز الميقات إلى ميقات آخر؟

1141
السائل: ما هو حكم تجاوز الميقات إلى ميقات آخر؟

الشيخ: الحمد لله وحده واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وبعد :
لا يجوز لمن أراد الحجّ أو العمرة وهو أُفُقي مجاوزة الميقات من غير إحرام .
قال الإمام النووي في المجموع (7/213) : ( إذا انتهى الآفاقي إلى الميقات وهو يريد الحجّ أو العمرة أو القران حرم عليه مجاوزتُه غير محرم بالإجماع).
ومحل سؤالك هو من كان في طريقه ميقاتان فهل يُحْرِم من الميقات الأول له أو الثاني ؟ كالشامي مثلاً إذا مرّ بالمدينة فهل يجب عليه أن يحرم من ميقات ذي الحليفة الذي هو ميقات لأهل المدينة ، أو ينتظر ويؤخر حتى يأتي ميقاته – الجحفة ؟
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في هذه المسألة والراجح أنه يجب عليه أن يحرم من أول ميقات يمر عليه ، ولا ينتظر الميقات الثاني سواء أكان الميقات الثاني ميقاته أو لا ، لأن الميقات الأول صار ميقاتاً له ، وهو مذهب الشافعية ينظر البيان (4/110) ، والمجموع (7/203) ، وفتح الباري (3/451) ، والحنابلة ينظر المغني (5/64) ، والإنصاف (3/383) ، والشرح الممتع (7/53) . والدليل على ذلك ما يأتي :
الدليل الأول : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( ، هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ ، مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ))رواه البخاري في الحج /باب مهل أهل مكة للحج والعمرة ، رقم الحديث (1452) ، ومسلم في الحج / باب مواقيت الحجة والعمرة ، رقم الحديث (1181) .
وجه الاستدلال : أن النبيّ صلى الله عليه وسلم جعل وجوب الإحرام لمن أراد الحجّ أو العمرة من هذه المواقيت ، لكلّ من يمر عليها ، سواء أكان من أهلها أو من غير أهلها ، فلا يجوز له مجاوزة أي ميقات يمر عليه أولاً إلا وهو محرم.
الدليل الثاني : أنه ميقات بالنسبة لمن مرّ عليه بالاتفاق( بمعنى أنه يجوز له أن يحرم منه بل هو الأفضل بالاتفاق ، والخلاف في هل يجب عليه أن يحرم من الأول أو يجوز له أن ينتظر الثاني ) ، فلم يجز تجاوزه بغير إحرام لمن يريد الحجّ أو العمرة ، كسائر المواقيت ، ولا يجوز له أن ينتظر حتى يأتي الميقات الثاني .
وأما ماذا عليه فإنه لا يخلو من حالين :
الأولى : أنه عامي يعتقد بالمذهب الآخر وقد أُفتي بذلك فهذا لا شيء عليه لأنه قلد عالما .
الثاني : من يعلم أنه لا يجوز له أن يجاوز الميقات الأول وهو يريد الحج أو العمرة فهذا عليه التفصيل الآتي :
من جاوز الميقات وهو جاهل أو ناسي وهو يريد الحجّ أو العمرة غير محرم فإنه لا إثم عليه ، ويجب عليه الرجوع إليه إن استطاع ، فإن رجع إليه وأحرم منه فلا شيء عليه ، وأما من جاوزه وهو عالم به وهو يريد الحجّ أو العمرة فإنه يأثم بفعله هذا ، ويجب عليه الرجوع إليه إن أمكنه ذلك ، فإن رجع إليه وأحرم منه ، فلا شيء عليه .
قال الإمام ابن قدامةالمغني (5/69) : ( لا نعلم في ذلك خلافاً لأنه أحرم من الميقات الذي أمر بالإحرام منه ، فلم يلومه شيء كما لو لم يتجاوزه ).
فإن لم يرجع سواء أكان متعمداً أو ناسياً عند مروره للميقات وأحرم بعده فإن نُسُكَه صحيح ، ويأثم إن كان يستطيع الرجوع لأنه يرى أن الميقات الأول واجب الإحرام منه وهو بهذا قد ترك واجبا ، وعليه دم لأنه ترك نسكاً لقول عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما قَالَ : ((مَنْ نَسََِ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا أَوْ تَرَكَهُ فَلْيُهْرِقْ دَمًا )) رواه مالك في الموطأ في الحج / باب ما يفعل من نسي من نسكه شيئاً ، رقم الحديث (957) ، والبيهقي في الكبرى في الحج / باب من مر بالميقات يريد حجا أو عمرة فجاوزه غير محرم ثم أحرم دونه ، رقم الحديث (8707) . وهو أثر صحيح . ينظر : إرواء الغليل (4/229) ، وما صح من آثار الصحابة (2/777) .
ينظر : المغني (5/69) ، والمجموع (7/212) .
والله أعلم .

قاعدة تأخير البيان عن وقت الحاجة ؟

1140
السائل: هل قاعدة (لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة) تكون على الإطلاق دائما؟

الشيخ: الحمد لله وحده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وبعد :
اعلم أخي أن هذه المسألة من المسائل المهمة وهي على قسمين :
القسم الأول: تأخير البيان عن وقت الحاجة.
القسم الثاني : تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة .
أما القسم الأول : تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز مطلقاً فقد اتفق العلماء على أن لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة وقد حكى هذا الاتفاق كثير من العلماء ، منهم ابن السمعاني ، والباجي ، والغزالي ، والسمرقندي ، وابن قدامة وغيرهم .
ومما يدل أيضاً على عدم جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة أن تأخير البيان عن وقت الحاجة يعتبر تكليفاً بما لا يطاق وهو لا يجوز .
وأيضاً فإن وقت الحاجة وقت الأداء ، فإذا لم يكن مبيناً تعذر الأداء ، فالبيان ضرورة لا بدّ منه .
أما القسم الثاني : تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة ، فإنه جائز وواقع عند جمهور العلماء ، لأنه لا مانع عقلاً من ذلك ، و لا يترتب على هذا جواز محال ، والوقوع دليل الجواز ، منها قوله تعالى : {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ُثمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ }
فإن معنى (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ) أي أنزلناه لدلالة قوله : (فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ )لأن الله تعالى أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالإتباع بفاء التعقيب ، ولا يتصور ذلك قبل الإنزال لعدم معرفته به ، وعليه فإن قوله تعالى : ﴿ ُثمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ ، يدل على تأخير البيان عن وقت الإنزال ، لأن (ثم) تفيد التراخي ، فدلت على تراخي البيان عن وقت الخطاب .
وغيرها من الآيات .
وإذا أردت الازدياد فانظر رفع الحاجب (3/421) ، وإرشاد الفحول ص(294) ، والتحبير شرح التحرير (6/2818) ، ونهاية السول (1/568) ، وشرح المنهاج (1/448) ، وشرح العضد ص(244) ، وشرح الكوكب المنير (3/451) ، ونهاية الوصول للهندي (5/1960)، وشرح اللمع (2/177) ، وشرح مختصر الروضة (2/688) ، والبحر المحيط (5/107) ، والتمهيد (2/290) ، والمحصول (3/187) ، والفائق(2/467) ، وروضة الناظر (2/585) ، والمهذب في علم أصول الفقه (3/1264) ، والمذكرة للشنقيطي ص(332) ، ومعالم أصول الفقه ص(398) .

هل اجتماع يوم العيد مع يوم الجمعة مسقط للجمعة والظهر ؟

1134
السائل: شيخا العزيز ابا سيف حفظة الله ورعاه
اخي العزيز سوالى هو هل تجزىء صلاة العيد اذا اجتمعت مع الجمعة عن الجمعة والظهر ام فقط عن الجمعة.
ارجو التوضيح لانة دار نقاش بيننا والبعض يرى ان صلاة العيد تجزىء عن صلاة الظهر لفعل ابن الزبير ورد ابن عباس على من سال حيث قال ان ابن الزبير اصاب السنة بفعلة افيدونا جزاكم الله خيرا

الشيخ: الحمد لله وحده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وبعد :
اختلف العلماء –رحمهم الله تعالى- فيما إذا اجتمع يوم العيد مع يوم الجمعة ، فهل تسقط الجمعة عمن صلى العيد ؟ والراجح أنه يسقط حضور الجمعة عمن صلى العيد جماعة مع الإمام ، ويصلي من لم يحضر الجمعة الظهر ، وهو مذهب الحنابلة ، والشافعية إلا أنهم أسقطوها عن أهل القرى دون أهل البلد .
ينظر : المغني (3/242) ، ومسائل عبد الله رقم المسألة (482) ، والمحرر (1/159) ، والاختيارات الفقهية ص (81) ، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام (24/210) ، وزاد المعاد (1/448) ، والفروع (1/134)،والمجموع (4/358)
قال ابن قدامةفي المغني (3/242) : (وممن قال بسقوطها الشعبي ، والنخعي ، والأوزاعي ، وقيل : هذا مذهب عمر ، وعثمان ، وعلي ، وسعيد ، وابن عمر ، وابن عباس ، وابن الزبير) .
والراجح مذهب الحنابلة للأدلة الآتية :
الدليل الأول : عَنْ إِيَاسِ بْنِ أَبِي رَمْلَةَ الشَّامِيِّ قَالَ : (( شَهِدْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ يَسْأَلُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ قَالَ : أَشَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِيدَيْنِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَكَيْفَ صَنَعَ ؟ قَالَ : صَلَّى الْعِيدَ ، ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ ، فَقَالَ : مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ))رواه أبو داود في الصلاة /بَاب إِذَا وَافَقَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عِيدٍ رقم الحديث (904) ، وابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها /بَاب مَا جَاءَ فِيمَا إِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدَانِ فِي يَوْمٍ رقم الحديث (1300) . وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (4/237) : (حديث صحيح ، وصححه ابن المديني والحاكم والذهبي ).
وجه الاستدلال : أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في عدم حضور الجمعة ، ولم يفرق بين أهل القرى وغيرهم ، بل ظاهره أنه خطاب لأهل المدينة وغيرهم ، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ، والحاجة هنا قائمة فلو كان هناك فرق لبينه النبي صلى الله عليه وسلم .
الدليل الثاني : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : ((قَدِ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ))رواه أبو داود في الصلاة /باب إِذَا لَمْ يَخْرُجِ الإِمَامُ لِلْعِيدِ مِنْ يَوْمِهِ يَخْرُجُ مِنَ الْغَدِ رقم الحديث (1159) . وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (4/322) : (إسناده صحيح ، وكذا قال البيهقي والعسقلاني ، وقال الدارقطني: إسناد حسن ثابت ، وصححه أيضا ابن المنذر وابن السكن وابن حزم)
وجه الاستدلال : أن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن من صلى العيد فقد أجزأه عن حضور صلاة الجمعة ، ولم يفرق بين أهل القرى وغيرهم .
الدليل الثالث : عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : ((اجْتَمَعَ عِيدَانِ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنْ الْجُمُعَةِ وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ إِنْ شَاءَ اللهُ ))رواه ابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها /بَاب مَا جَاءَ فِيمَا إِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدَانِ فِي يَوْمٍ رقم الحديث (1301) . صحيح ابن ماجه رقم الحديث (1311).
الدليل الرابع : عن أَبي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ قَالَ : ((شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، فَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ ، ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ قَدْ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِيهِ عِيدَانِ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْتَظِرَ الْجُمُعَةَ مِنْ أَهْلِ الْعَوَالِي فَلْيَنْتَظِرْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ ))رواه البخاري في الأضاحي /بَاب مَا يُؤْكَلُ مِنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ وَمَا يُتَزَوَّدُ مِنْهَا رقم (5251) .
وجه الاستدلال : أن عثمان –رضي الله عنه- رخص في ترك حضور صلاة الجمعة لمن صلى العيد كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم .
وبهذا الحديث استدل الشافعية –رحمهم الله تعالى- على أن الحكم خاص بأهل القرى .
وهذا الاستدلال مردود من وجوه :
أولا : الأدلة السابقة المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم لم تفرق .
ثانياً : أن إذن عثمان –رضي الله عنه- لأهل القرى لا ينفي ما عداه ، فلا يدل على التخصيص .
ثالثاً : لو سلم أن هذا مذهب لعثمان –رضي الله عنه- فقد خالفه غيره من الصحابة –رضوان الله عليه- وإذا اختلف الصحابة ننظر فيمن وافق ظاهر النصوص المرفوعة فيؤخذ بقوله ، وقد أثبتنا أن المرفوع لم يفرق بين أهل القرى وغيرهم ، فيرجح على غيره .
رابعا : الدليل الآتي ، وهو من أقوى الأدلة في الرد على مذهب الشافعية –رحمهم الله تعالى- .
الدليل الرابع : عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ : (( صَلَّى بِنَا ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي يَوْمِ عِيدٍ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ أَوَّلَ النَّهَارِ ، ثُمَّ رُحْنَا إِلَى الْجُمُعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْنَا فَصَلَّيْنَا وُحْدَانًا ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ فَلَمَّا قَدِمَ ذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ : أَصَابَ السُّنَّةَ))رواه أبو داود في الصلاة /باب إِذَا وَافَقَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عِيدٍ رقم الحديث (1073) . وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (4/322) : (إسناده صحيح على شرط مسلم) .
وعن عَطَاء قَالَ : (( اجْتَمَعَ يَوْمُ جُمُعَةٍ وَيَوْمُ فِطْرٍ عَلَى عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ : عِيدَانِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ، فَجَمَعَهُمَا جَمِيعًا فَصَلَّاهُمَا رَكْعَتَيْنِ بُكْرَةً لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِمَا حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ))رواه أبو داود في الصلاة /باب إِذَا وَافَقَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عِيدٍ رقم الحديث (1074) . وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (4/238) : (إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن خزيمة).

وجه الاستدلال : أن ابن الزبير –رضي الله عنه- صلى العيد ، ثم لم يحضر لصلاة الجمعة ، فبين ابن عباس –رضي الله عنهما- أنه أصاب السنة ، يعني سنة النبي صلى الله عليه ، فهذا فيه دليل ظاهر على أن الحكم عام يشمل من كان في المدينة وأهل القرى فيرد مذهب الشافعية المفرق ، لأن ابن الزبير –رضي الله عنه- ليس من أهل القرى ، بل هو كان أمامهم ، وجعل ابن عباس –رضي الله عنهما فعله من السنة ، ولقوة هذا الدليل ولا نصاف الإمام النووي –رحمه الله تعالى- قال في المجموع (4/359) : (واحتج أصحابنا بحديث عثمان وتأولوا الباقي على أهل القرى لكن قول ابن عباس من السنة مرفوع وتأويله أضعف ).
هذا ما يتعلق بسقوط حضور الجمعة أما صلاة الظهر فإنها لا تسقط بل يجب على من لم يحضر الجمعة أن يصلي الظهر وأما الاستدلال بفعل ابن الزبير –رضي الله عنه- على سقوط الظهر مع الجمعة ، فهو الاستدلال مردود من وجوه :
الوجه الأول : ليس في أثر ابن الزبير –رضي الله عنه- أنه لم يصلّ الظهر بل فيه أن لم يصلّ الجمعة فقط .
الوجه الثاني : الأثر فيه : ((فَجَمَعَهُمَا جَمِيعًا فَصَلَّاهُمَا رَكْعَتَيْنِ بُكْرَةً)) وهذا يدل على أمور :
الأول : أنه جمع الجمعة إلى الظهر وصلاهما ركعتين ، وهذا باطل قطعاً لأن صلاة الجمعة غير صلاة العيد ، فلا يصح جمعهما ، وأيضاً لو كان المراد بأنه جمع الجمعة إلى العيد فإنه يدل على أن حضور الجمعة لم يسقط إلا لمن نوى الجمع بين الجمعة والعيد ، وهذا باطل مخالف للأدلة السابقة ، فلو أن شخصاً صلى العيد مع الجماعة ولم ينو إليها الجمعة لم يجز له التخلف عن صلاة الجمعة ، وهذا عين الباطل ، وأيضا جاء في نفس الأثر ((ثُمَّ رُحْنَا إِلَى الْجُمُعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْنَا فَصَلَّيْنَا وُحْدَانًا)) فلو كانت الجمعة جمعت مع العيد فكيف صلوا وحداناً الظهر ، لأن من صلى الجمعة لا يجوز له أن يصلي الظهر .
الثاني : أنه صلى العيد وجمع في نيته أنه لن يحضر الجمعة ، وأنه لن يصليها في هذا اليوم ، وليس في هذا أنه لم يصلّ الظهر ، وهذا هو موافق للأدلة الأخرى .
الثالث : أن هذا فهم عطاء –رحمه الله تعالى- وليس بحجة ، ففهم عطاء من قول ابن الزبير –رضي الله عنه- : ((عِيدَانِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ)) أنه جمع بين الجمعة والعيد وعليه فهذا مسقط للظهر ، ولهذا قال : ((فَجَمَعَهُمَا جَمِيعًا فَصَلَّاهُمَا رَكْعَتَيْنِ بُكْرَةً لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِمَا حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ)) ، وليس في هذا حجة ، لأنه فهم لعطاء -رحمه الله تعالى- .
الوجه الثالث : أن قول ابن عباس –رضي الله عنهما- : ((أَصَابَ السُّنَّةَ)) في تركه حضور الجمعة ، وليس في ترك الظهر كما يدل السياق ، فلا دلالة فيه ، إذ لو كان المراد أنه أصاب السنة في تركه الجمعة والظهر لبينه ابن عباس –رضي الله عنهما- بقوله أو فعله ، ولأنكر على من صلى الظهر ممن كان في المسجد بأنهم ما أصابوا السنة لأن عطاء قال : ((ثُمَّ رُحْنَا إِلَى الْجُمُعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْنَا فَصَلَّيْنَا وُحْدَانًا)) ، فدل هذا على أنه أصاب السنة في تركه الجمعة فقط ، وهو الموافق للأحاديث الأخرى .
الوجه الرابع : أنه لو سلم جدلا أن ابن الزبير –رضي الله عنه-فعل ذلك ، وهذا في غاية البعد ، وليس في الأثر ما يدل عليه ، فإن غيره من الصحابة –رضي الله عنهم- خالفوه ، والأحاديث المرفوعة تؤيدهم ، فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رخص في الظهر أو هو لم يصلها ، وإنما ثبت خلاف ذلك ، والذي رخص فيه النبي صلى الله عليه وسلم هو حضور الجمعة فقط فلا يجوز أن يتعدى بالحكم إلى غيره .

قال الصنعاني في سبل السلام (2/53) : (ولا يخفى أن عطاءاً أخبر أنه لم يخرج ابن الزبير لصلاة الجمعة ، وليس ذلك بنص قاطع أنه لم يصل الظهر في منزله ، فالجزم بأن مذهب ابن الزبير سقوط صلاة الظهر في يوم الجمعة يكون عيداً على من صلى صلاة العيد لهذه الرواية غير صحيح لاحتمال أنه صلى الظهر في منزله ، بل في قول عطاء أنهم صلوا وحدانا أي الظهر ما يشعر بأنه لا قائل بسقوطه ، ولا يقال : أن مراده صلوا الجمعة وحدانا فإنها لا تصح إلا جماعة إجماعاً ، ثم القول بأن الأصل في يوم الجمعة صلاة الجمعة والظهر بدل عنها قول مرجوح بل الظهر هو الفرض الأصلي المفروض ليلة الإسراء والجمعة متأخر فرضها ، ثم إذا فاتت وجب الظهر إجماعاً فهي البدل عنه ، وقد حققناه في رسالة مستقلة ) .

وقال ابن عبد البر في التمهيد (10/270) : (ليس في حديث ابن الزبير بيان أنه صلى مع صلاة العيد ركعتين للجمعة ، وأي الأمرين كان فإن ذلك أمر متروك مهجور ، وإن كان لم يصل مع صلاة العيد غيرها حتى العصر فإن الأصول كلّها تشهد بفساد هذا القول لأن الفرضين إذا اجتمعا في فرض واحد لم يسقط أحدهما ، فكيف أن يسقط فرض لسنة حضرت في يومه؟! هذا ما لا يشك في فساده ذو فهم ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيميةفي مجموع الفتاوى (24/210) : (الصَّحِيحُ أَنَّ مَنْ شَهِدَ الْعِيدَ سَقَطَتْ عَنْهُ الْجُمُعَةُ لَكِنْ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَ الْجُمُعَةَ لِيَشْهَدَهَا مَنْ شَاءَ شُهُودَهَا وَمَنْ لَمْ يَشْهَدْ الْعِيدَ . وَهَذَا هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ : كَعُمَرِ وَعُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمْ . وَلَا يُعْرَفُ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إذَا شَهِدَ الْعِيدَ حَصَلَ مَقْصُودُ الِاجْتِمَاعِ ، ثُمَّ إنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ إذَا لَمْ يَشْهَدْ الْجُمُعَةَ فَتَكُونُ الظُّهْرُ فِي وَقْتِهَا وَالْعِيدُ يُحَصِّلُ مَقْصُودَ الْجُمُعَةِ ) .
والله أعلم .

هل من السنة السلام على المصلين عند دخول المسجد ؟

1127
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة فضيلة الشيخ هل من السنة السلام على المصلين عند دخول المسجد ؟ وهل يشترط رد السلام من جميع المصلين او اذا رد احد المصلين فيجزىء ذلك ؟ وعدم الردهل يأثم صاحبة؟

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته :
السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم عند دخوله للمسجد ما يأتي :
أولا : دخوله إلى المسجد بالرجل اليمنى وذلك لما ثبت عن أنس بن مالك -رضي الله عنه أنه كان يقول : ((من السنة إذا دخلت المسجد أن تبدأ برجلك اليمنى و إذا خرجت أن تبدأ برجلك اليسرى ))
أخرجه الحاكم في المستدرك وقال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي . وهو في السلسلة الصحيحة رقم (2478) . قال الحافظ في الفتح : (1/523) : ( والصحيح أن قول الصحابي من السنة كذا محمول على الرفع) .
وعموم حديث عائشة -رضي الله عنها- يؤيد الدخول باليمين عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : ((كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطُهُورِهِ وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ)) رواه البخاري ومسلم .
ثانياً : أن يقول الدعاء الآتي :
عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ وَإِذَا خَرَجَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ فَضْلِكَ )) . صحيح ابن ماجه رقم (625) .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رضي الله عنهما-عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ : ((أَعُوذُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)) . صحيح أبي داود (2/364) .
هذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم في دخول المسجد ولم يثبت فيما أعلم أنه إذا دخل المسجد سلم على الحاضرين بصوت مرتفع وإنما يفعل ذلك الخطيب إذا صعد على المنبر يوم الجمعة .
نعم قد يستفاد جواز بل استحباب السلام للداخل إلى المسجد من حديث ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ : (( دخل رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ مسجد قباء ـ وهو مسجد بني عمرو بن عوف ـ يصلي فيه فدخلت عليه رجال من الأنصار فسلموا عليه وهو في الصلاة فسالت صهيبا ـ وكان داخلا معه ـ كيف كان النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ يصنع إذا سلم عليه ؟ قال : كان يشير بيده )) رواه أبو يعلى في مسنده رقم الحديث (5643) بإسناد صحيح .
فالنبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليهم السلام فدل ذلك على جوازه .
ومن قوله تعالى : (( إِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً)) .
لكن لا ينبغي رفع الصوت حتى لا يشوش على المصلين والذاكرين .
وأما قولك :وهل يشترط رد السلام من جميع المصلين او اذا رد احد المصلين فيجزىء ذلك ؟ وعدم الردهل يأثم صاحبة؟
لا يشترط ذلك لأن الصحيح الراجح أن رد السلام فرض كفاية وهو مذهب الجمهور فلو رد واحد أجزأ لحديث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( يجزىء عن الجماعة إذا مرت أن يسلم أحدهم ويجزىء عن القعود أن يرد أحدهم )) . حسنه الشيخ الألباني في الإرواء رقم (778) .
والله أعلم .

التكبير لسجود التلاوة؟

1122
السائل: السلام عليكم أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ
هل لسجود التلاوة تكبير ؟

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
سجود التلاوة لا يخلو من حالين :
الأولى : خارج الصلاة، والراجح أنه ليس فيه تكبير لكثرة النصوص الواردة في سجود التلاوة وليس فيها ذكر التكبير وسجود التلاة ليس بصلاة على الراجح من أهل العلم .
وهو رواية في مذهب الإمام مالك أعني عدم التكبير في هذه الحالة .ينظر الذخيرة(2/412)
ولا يصح الاستدلال بحديث عبد الله بن عمرعن نافع عن ابن عمر قال: (( كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ علينا القران، فإذا مر بالسجدة؛ كبر وسجد وسجدنا)) . فهو حديث ضعيف لأجل عبد الله بن عمر- وهو العمري
المكبر- ضعيف .
الثانية : أن يكون في الصلاة ، فهنا يكبر لأنه سنخفض إلى السجود ويرتفع بعده ففي حديث أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّى بِهِمْ ، فَيُكَبِّرُ كُلَّمَا خَفَضَ وَرَفَعَ ، فَإِذَا انْصَرَفَ قَالَ إِنِّى لأَشْبَهُكُمْ صَلاَةً بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رواه البخاري ومسلم .
وهذا هو مذهب الجمهور . ينظر :المغني (3/91)
والله أعلم .

رد السلام من القاريء للقرآن ؟

1121
السائل: إذا كنت اقرأ القران ودخل رجل وسلم فهل أرد السلام أم لا

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نعم ترد عليه السلام لأن رد السلام واجب ثم تعود لقراءتك لأن القراءة تقطع لأجل إجابة المؤذن فقطعها لرد السلام أولى .
قال الإمام النووي في المجموع (2/167) : ( إذا مر القارئ علي قوم سلم عليهم وعاد الي القراءة فان أعاد التعوذ كان حسنا ويستحب لمن مر علي القارئ ان يسلم عليه ويلزم القارئ رد السلام باللفظ ) .
وقال الهيتمي في تحفة المحتاج (39/442) : ( قَوْلُهُ نَدْبَهُ ) أَيْ : السَّلَامِ ( قَوْلُهُ عَلَى الْقَارِئِ ) وَمِثْلُهُ الْمُدَرِّسُ وَالطَّلَبَةُ فَيُنْدَبُ السَّلَامُ عَلَيْهِمْ وَيَجِبُ الرَّدُّ ا.
والله تعالى أعلى وأعلم