تأخير غسل الجنابة إلى ما بعد الفجر

2674
السائل: هل من لم يغتسل من الجنابة قبل الظهر فصيامه باطل

الشيخ:

الحمد لله وحده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله ، وبعد :

 
من أصبح جنبا من جماع الليل فصيامه صحيح وهو مذهب جمهور العلماء وذلك لما ثبت عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبٍ الْحِمْيَرِيِّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ حَدَّثَهُ أَنَّ
مَرْوَانَ أَرْسَلَهُ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها يَسْأَلُ عَنِ الرَّجُلِ يُصْبِحُ جُنُبًا أَيَصُومُ ؟ فَقَالَتْ : (( كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ
يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ لاَ مِنْ حُلُمٍ ، ثُمَّ لاَ يُفْطِرُ وَلاَ يَقْضِي )) رواه مسلم في الصيام/باب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب رقم
الحديث (1109) .

 
إلا أنني لاحظت في السؤال أنه لم يغتسل للجنابة قبل الظهر وهذا يدل على أنه لم يصل الفجر فلا يجوز لمسلم أن يترك صلاة الفجر وغيرها من الصلوات حتى يخرج
وقتها من غير عذر لأن من تعمد إخراج الصلاة عن وقتها من غير فقد ارتكب جرما وإثما عظيما نسأل الله تعالى للجميع الهداية والتوفيق

تذوق الطعام للصائم

624
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة فضيلة الشيخ هل صحيح أنة يجوز لمن يعد الطعام إن كان صائما أن يتذوق طعم الاكل بطرف لسانة ثم يبصقه ؟ بارك الله فيك

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته الحمد لله وحده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أما بعد :نعم أخي يباح للصائم ذوق الطعام بشرط أن لا يدخل منه شيء إلى حلقه ، وهو قول الإمام أحمد كما في الإنصاف (3/294) ، والفروع (3/46) ، و قول غيره من أهل العلم كما في الموسوعة الفقهية (28/68) ، وعمدة القاري (11/12) ، ودليله ما ثبت عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال : (( لا بأس أن يذوق الخل أو الشيء ما لم يدخل حلقه وهو صائم )) علقه البخاري في صحيحه (4/154) ، ووصله ابن أبي شيبة برقم (9277) وهو أثر حسن . ينظر : إرواء الغليل (4/86) ، و ما صح من الآثار (2/646) .والله أعلم .

اجتماع عيد الفطر مع يوم الجمعة

2683
السائل: اذا اجتمع يوم العيد مع يوم الجمعة فهل تسقط صلاة الجمعة والظهر أو الجمعة فقط 

الشيخ:

اختلف العلماء –رحمهم الله تعالى- فيما إذا اجتمع يوم العيد مع يوم الجمعة ، فهل تسقط الجمعة عمن صلى العيد ؟

والراجح أنه يسقط  حضور الجمعة عمن صلى العيد جماعة مع الإمام ، ويصلي من لم يحضر الجمعة الظهر ، وهو مذهب الحنابلة ، والشافعية إلا أنهم أسقطوها عن أهل القرى دون أهل البلد

قال ابن قدامة في المغني (3/242: (وممن قال بسقوطها الشعبي ، والنخعي ، والأوزاعي ، وقيل : هذا مذهب عمر ، وعثمان ، وعلي ، وسعيد ، وابن عمر ، وابن عباس ، وابن الزبير) .

ورجحت هذا المذهب لما يأتي : :

الدليل الأول : عَنْ إِيَاسِ بْنِ أَبِي رَمْلَةَ الشَّامِيِّ قَالَ : (( شَهِدْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ يَسْأَلُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ قَالَ : أَشَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ عِيدَيْنِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَكَيْفَ صَنَعَ ؟ قَالَ : صَلَّى الْعِيدَ ، ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ ، فَقَالَ : مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ))([1]).

وجه الاستدلال : أن النبي ﷺ رخص في عدم حضور الجمعة ، ولم يفرق بين أهل القرى وغيرهم ، بل ظاهره أنه خطاب لأهل المدينة وغيرهم ، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ، والحاجة هنا قائمة فلو كان هناك فرق لبينه النبي ﷺ .

وأيضا ليس في الحديث أنه أسقط الظهر بل أسقط حضور صلاة الجمعة فقط ، وسقوط الجمعة لا يستلزم سقوط الظهر ، بل المعلوم أن الجمعة إذا لم تؤدّ لعذر فإنه يصليها ظهراً بلا خلاف ، وهكذا هنا ولا فرق كما سيأتي .

([1]) رواه أبو داود في الصلاة /بَاب إِذَا وَافَقَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عِيدٍ رقم الحديث (904) ، وابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها /بَاب مَا جَاءَ فِيمَا إِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدَانِ فِي يَوْمٍ رقم الحديث (1300) . وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (4/237) : (حديث صحيح ، وصححه ابن المديني والحاكم والذهبي ) .

 ينظر : المغني (3/242) ، ومسائل عبد الله رقم المسألة (482) ، والمحرر (1/159) ، والاختيارات الفقهية ص (81) ، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام (24/210) ، وزاد المعاد (1/448) ، والفروع (1/134) .

)) ينظر : المجموع (4/358) .

استعمال المراهم الجلدية والعطور هل يبطل الصيام ؟

2091
السائل: فضيلة الشيخ / السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. سوالي بخصوص استعمال العطور ومزيلات العرق القوية للصائم ،، وكذلك استعمال المراهم الجلدية ذات الروايح النفاذة التى تستعل للعضلات لغرض التداوي مع العلم بان هذة الروائح والمراهم اشعر بها في الحلق من شدة اختراقها للجلد ،، وجزاكم الله كل خير .

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
يباح للصائم الطيب والادهان ، وهو مذهب الحنفية ، والشافعية ، وغيرهم .ينظر : مراقي الفلاح ص (372) ، والدر المختار (2/113) . روضة الطالبين (2/358)
أما الدهانات والمراهم واللصقات العلاجية التي توضع على الجلد :
من المعلوم أن في الجلد مسامات يحصل من خلالها امتصاص ما يوضع على الجلد ، ففي داخل الجلد أوعية دموية ، تمتص الشعيرات الدموية ما يوضع على سطح الجلد إلى الدم ، وهو امتصاص بطيء جداً .
والراجح أنها كذلك غير مفطرة ، ولا ينبغي أن يكون فيها خلاف ، فإن الإبر والحقن غير المغذية وهي تعطى عن طريق الجلد أو العضل أو الوريد غير مفطرة فهذه من باب أولى .
وقد ذهب المجمع الفقهي(مجلة المجمع ع10 ج2 ص (289) ) إلى أن ما يدخل الجسم امتصاصاً من الجلد ؛ كالدهونات و المراهم واللصقات العلاجية الجلدية المحملة بالمواد الدوائية أو الكيميائية لا تعتبر من المفطرات .
ورجحت عدم الفطر للأدلة الآتية :
الدليل الأول : الأصل الجواز وعدم الفطر ، والصيام ثبت بيقين فلا يرفع إلا بيقين .
الدليل الثاني : إن مما لاشك فيه أن الناس على عهد النبي ﷺ كانوا يحتاجون إلى الادهان في جلودهم وشعورهم ولو كان مفطراً لبينه النبي ﷺ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ، ولو ذكر ذلك لعلمه الصحابة –رضي الله عنهم- وبلغوه الأمة كما بلغوا سائر شرعه ، فلما لم ينقل ذلك علمنا أنه على الأصل غير مفطر .
الدليل الثالث : الطيب والدهان ونحوهما كالاغتسال بالماء بالبارد ولا فرق ، فإذا كان الاغتسال لا يفطر فكذلك الطيب والدهان .
والله أعلم

ما بقي من ماء الوضوء في الفم هل يفطر الصائم؟

2066
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي امران فعلتهما وانا صائمة
الاول : أني إن شعرت بدخول شيءٍ لجوفي مما يتطاير في الهواء من الغبار وغيره لاابتلع ريقي ولا اخرجه وافكر هل دخل شيءٌ حقًا ام لا
وكذلك افعل في الوضوء
لا ابتلع ماتبقى من اثر الضمضة بل ربما اتركه قليلًا في فمي واكمل الوضوء وانا لاانوي بلعه ابدا
ونتيجة لهذين الأمرين كان يصيبني جفاف في الحلق بشدة فأبتلع ريقي بسرعة وفيه شيء متطاير او بقايا الماء
والأمر الأخر انني ربما توضات فيحدث فجأة اني اكاد اختنق بالماء لدخوله بقوة أو غير ذلك فأضطر بشدَّة لبلع ريقي
فما حكم صومي في الأيام الثلاثة وتكون الأمور شديدة فلابد من بلع الريق

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ما ذكرت حفظك الله تعالى من الأمرين من دخول الغبار إلى الحلق وكذلك بقايا ماء الوضوء في الفم مما هو خارج عن إرادة الإنسان فهو مما عفا عنه الشارع فلو بلع الإنسان ريقه وهو أمر لا بد منه فهو غير مؤاخذ على ذلك إذا كان لم يتعمد بلع الماء أو الإفطار .
فالوضوء لابد منه للصلاة وهو صائم وستبقى رطوبة الماء بعد مجه خارج الفم وهذا لا يؤثر فى الصوم .
ولا ينبغي للإنساء أن يتشكك في هذه الأشياء لأنها ربما تنتقل به إلى الوسوسة نسأل الله السلامة لنا ولكم .
والله أعلم

هل وضع العطر و قص الاظفار من مبطلات الصيام ؟

2045
السائل: السلام عليكم ورحمة الله
هل وضع العطر و قص الاظفار من مبطلات الصيام
وجزيل الشكر والتقدير واتمنا من الله أن يوفقني و إياكم وشكرا

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
استخدام الطيب -غير البخور- وقص الأظفار مما يباح للصائم إذ لا دليل على أنه من المفطرات فيبقى على الأصل من الإباحة والمقصود بالطيب غير البخور لأن البخور من المفطرات على الراجح
والله أعلم .

ليلة القدر وقول ابن مسعود رضي الله عنه :مَنْ يَقُمْ الْحَوْلَ يُصِبْهَا ؟

1849
السائل: السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هل هناك تعارض بين قول ابن مسعود رضي الله عنهما سُئِل عنها:مَنْ يَقُمْ الْحَوْلَ يُصِبْهَا. و بين الآيتين في القرآن{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى وَالْفُرْقَانِ} و الآية الأخرى:{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ}
فهاتان الآيتان تدلان في ظاهرهما على أن ليلة القدر في رمضان فهل قول ابن مسعود رضي الله عنه مردود عليه أم أن الآيتين ليستا كما يبدو في ظاهرهما؟

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ليس هناك تعارض بين قول ابن مسعود رضي الله عنه وبين الآيتين وذلك أن أثر ابن مسعود رضي الله عنه لفظه هو ما رواه الترمذي وغيره بإسناده إلى زِرّ بْنُ حُبَيْشٍ يَقُولُ قُلْتُ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ : إِنَّ أَخَاكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ : مَنْ يَقُمْ الْحَوْلَ يُصِبْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ .
فَقَالَ : يَغْفِرُ اللَّهُ لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَقَدْ عَلِمَ أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ وَأَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَلَكِنَّهُ أَرَادَ أَنْ لَا يَتَّكِلَ النَّاسُ ، ثُمَّ حَلَفَ لَا يَسْتَثْنِي أَنَّهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ . قَالَ قُلْتُ لَهُ : بِأَيِّ شَيْءٍ تَقُولُ ذَلِكَ يَا أَبَا الْمُنْذِرِ ؟ قَالَ : بِالْآيَةِ الَّتِي أَخْبَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بِالْعَلَامَةِ أَنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ يَوْمَئِذٍ لَا شُعَاعَ لَهَا.
قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
فأثر ابن مسعود رضي الله عنه أنها في الحول لا يعارض أنها في رمضان لأمور :
أولا : أنه قال إنها في الحول ورمضان من الحول ولهذا قال : (مَنْ يَقُمْ الْحَوْلَ يُصِبْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ ) وهذا صحيح من اجتهد طوال السنة بالقيام سيصيب ليلة القدر التي في رمضان فلم يرد أن يحدد حتى يجتهد الناس بالعبادة طوال السنة لا أنه يجتهدون في رمضان أو العشر الأواخر فقط .
ثانيا : أن أبي بن كعب رضي الله عنه صرح أن أبا مسعود رضي الله عنه يعلم أنها في العشر الأواخر من رمضان لكنه أراد أن يجتهد الناس في العبادة طوال السنة ولهذا قال إنها في الحول .
ثالثا : أن الآيتين والأحاديث الكثيرة دالة صراحة على أن ليلة القدر في رمضان وقول ابن مسعود رضي الله عنه لو سلمنا جدلا أنه معارض لهذا فإنه يرد بهذه الأدلة الصريحة ، وقد عرفت أنه لا تعارض .
والله أعلم .

ما هي علامات لية القدر ؟

1820
السائل: ما هي علامات لية القدر ؟

الشيخ: من علامات ليلة القدر أنها سهلة طيبة ، ليس فيها حر ولا برد يؤذيان ، وتكون الشمس في صبيحتها بيضاء لا شعاع لها ، والدليل على ذلك ما يأتي :
الدليل الأول : عَن ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ الله عَنْهُمَا- أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ : ((لَيْلَةٌ سَمْحَةٌ طَلْقَةٌ ، لاَ حَارَّةٌ ، وَلاَ بَارِدَةٌ ، تُصْبِحُ شَمْسُهَا صَبِيحَتَهَا ضَعِيفَةً حَمْرَاءَ ))( رواه الطيالسي في مسنده رقم الحديث (2680) ، والبيهقي في الشعب رقم الحديث (3693) . ينظر : صحيح ابن خزيمة (3/330) ، وصحيح الجامع رقم (5475)) .
الدليل الثاني : عن أبيّ بن كعب -رضي الله عنه- قال : (( وَأَمَارَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِهَا بَيْضَاءَ لَا شُعَاعَ لَهَا))(رواه مسلم رقم الحديث (1272) ) .
الدليل الثالث : عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ليلةُ القدرِ ليلةُ السابعة أو التاسعة وعشرين ، و إن الملائكة تلك الليلة أكثر في الأرض من عدد الحصى))(رواه ابن خزيمة في صحيحة رقم الحديث (2194) . وقال الشيخ الألباني : إسناده حسن ) .

وقت ومحل ليلة القدر ؟

1818
السائل: ما هو محل ووقت ليلة القدر ؟

الشيخ: اختلف العلماء – رحمهم الله تعالى – في تحديد وقتها ومحلها لاختلاف الروايات الواردة في تحديدها ، فالأحوط أن تلتمس في العشر الأواخر من رمضان وخاصة أوتارها ، وهو الصحيح المشهور وعليه جمهور الفقهاء ، منهم المالكية ، والشافعية ، والحنابلة ، وهو قول الأوزاعي وأبي ثور .
قال ابن دقيق العيد(إحكام الأحكام (2/250) ) : (والقول بتنقلها حسن لأن فيه جمعا بين الأحاديث وحثاً على إحياء جميع تلك الليالي ) .
والدليل على ذلك ما يأتي :
الدليل الأول : عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (( تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ))(رواه البخاري رقم الحديث (1913) ، ومسلم رقم الحديث (1998) ) .
وبوب عليه البخاري بقوله : (باب تَحَرِّي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ)( صحيح البخاري ص (381) ) .
قال الحافظ ابن حجر( فتح الباري (4/305) ) : (في هذه الترجمة إشارة إلى رجحان كون ليلة القدر منحصرة في رمضان ، ثم في العشر الأخير منه ، ثم في أوتاره لا في ليلة منه بعينها ، وهذا هو الذي يدل عليه مجموع الأخبار الواردة فيها) .
الدليل الثاني : عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (( الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى ، فِي سَابِعَةٍ تَبْقَى ، فِي خَامِسَةٍ تَبْقَى))(رواه البخاري رقم الحديث (1917) ) .
الدليل الثالث : عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما – قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ((الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ يَعْنِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ- فَإِنْ ضَعُفَ أَحَدُكُمْ أَوْ عَجَزَ فَلاَ يُغْلَبَنَّ عَلَى السَّبْعِ الْبَوَاقِي))( رواه مسلم رقم الحديث (2822) ) .
الدليل الرابع : عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : ((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَحْيَا اللَّيْلَ ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ ، وَجَدَّ ، وَشَدَّ الْمِئْزَرَ ))(رواه البخاري رقم الحديث (1920) ، ومسلم رقم الحديث (2844) واللفظ له ) .
الدليل الخامس : عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال : ((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُجَاوِرُ(يعني يعتكف ) فِي رَمَضَانَ الْعَشْرَ الَّتِي فِي وَسَطِ الشَّهْرِ ، فَإِذَا كَانَ حِينَ يُمْسِى مِنْ عِشْرِينَ لَيْلَةً تَمْضِي ، وَيَسْتَقْبِلُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ ، رَجَعَ إِلَى مَسْكَنِهِ وَرَجَعَ مَنْ كَانَ يُجَاوِرُ مَعَهُ . وَأَنَّهُ أَقَامَ فِي شَهْرٍ جَاوَرَ فِيهِ اللَّيْلَةَ الَّتِي كَانَ يَرْجِعُ فِيهَا ، فَخَطَبَ النَّاسَ ، فَأَمَرَهُمْ مَا شَاءَ اللهُ ، ثُمَّ قَالَ : « كُنْتُ أُجَاوِرُ هَذِهِ الْعَشْرَ ، ثُمَّ قَدْ بَدَا لِي أَنْ أُجَاوِرَ هَذِهِ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ ، فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَثْبُتْ فِي مُعْتَكَفِهِ ، وَقَدْ أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ، ثُمَّ أُنْسِيتُهَا فَابْتَغُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ وَابْتَغُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ ، وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ » . فَاسْتَهَلَّتِ السَّمَاءُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ ، فَأَمْطَرَتْ ، فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ(يعني قطر ماء المطر من سقفه ) فِي مُصَلَّي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ ، فَبَصُرَتْ عَيْنِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَظَرْتُ إِلَيْهِ انْصَرَفَ مِنَ الصُّبْحِ ، وَوَجْهُهُ مُمْتَلِئٌ طِينًا وَمَاءً ))( رواه البخاري رقم الحديث (1914) ، ومسلم رقم الحديث (2826) ) .
قال ابن بطال( شرح البخاري (4/155)) : (قال أيوب عن أبي قلابة : إنها تجول في ليالي العشر كلّها . قال الطبري : والآثار المروية في ذلك عن النبي عليه السلام صحاح ، وهى متفقة غير مختلفة ، وذلك أن جميعها ينبئ عنه عليه السلام أنها في العشر الأواخر ، وغير منكر أن تتجول في كلّ سنة في ليلة من ليالي العشر كما قال أبو قلابة قال المؤلف : وإنما يصح معناه وتوافق ليلة القدر وترًا من الليالي على ما ذكر في الحديث إذا كان الشهر ناقصًا ، فأما إن كان كاملاً فإنها لا تكون إلا في شفع فتكون التاسعة الباقية ليلة ثنتين وعشرين ، والخامسة الباقية ليلة ست وعشرين ، والسابعة الباقية ليلة أربع وعشرين على ما ذكره البخاري عن ابن عباس ، فلا تصادف واحدة منهن وترا ، وهذا يدل على انتقال ليلة القدر كلّ سنة في العشر الأواخر من وتر إلى شفع ، ومن شفع إلى وتر ؛ لأن النبي عليه السلام لم يأمر أمته بالتماسها في شهر كامل دون ناقص ، بل أطلق على طلبها في جميع شهور رمضان التي قد رتبها الله مرة على التمام ، ومرة على النقصان ، فثبت انتقالها في العشر الأواخر كلّها ما قاله أبو قلابة ) .
قال في الموسوعة الفقهية(35/366) : (القول الثامن : إنها متنقلة في ليالي العشر الأواخر تنتقل في بعض السنين إلى ليلة وفي بعضها إلى غيرها ، وذلك جمعا بين الأحاديث التي وردت في تحديدها في ليال مختلفة من شهر رمضان عامة ومن العشر الأواخر خاصة ، لأنه لا طريق إلى الجمع بين تلك الأحاديث إلا بالقول بأنها متنقلة ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجيب على نحو ما يسأل ، فعلى هذا كانت في السنة التي رأى أبو سعيد -رضي الله عنه- النبي صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين ليلة إحدى وعشرين ، وفي السنة التي أمر عبد الله بن أنيس بأن ينزل من البادية ليصلي في المسجد ليلة ثلاث وعشرين ، وفي السنة التي رأى أبي بن كعب -رضي الله عنه- علامتها ليلة سبع وعشرين ، وقد ترى علامتها في غير هذه الليالي ، وهذا قول مالك وأحمد والثوري وإسحاق وأبي ثور وأبي قلابة والمزني وصاحبه أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة والماوردي وابن حجر العسقلاني من الشافعية ، وقال النووي : وهذا هو الظاهر المختار ، لتعارض الأحاديث الصحيحة في ذلك ولا طريق إلى الجمع بين الأحاديث إلا بانتقالها ) .
فائدة :
قال ابن قدامة(المغني (4/453) ) : (قال بعض أهل العلم : أبهم الله تعالى هذه الليلة على الأمة ليجتهدوا في طلبها ، ويجدوا في العبادة في الشهر كلّه طمعا في إدراكها ، كما أخفى ساعة الإجابة في يوم الجمعة ، ليكثروا من الدعاء في اليوم كلّه ، وأخفى اسمه الأعظم في الأسماء ورضاه في الطاعات ، ليجتهدوا في جمعها ، وأخفى الأجل وقيام الساعة ، لِيَجِدَّ الناس في العمل ، حذرا منهما) .
والله أعلم .
ينظر : حاشية البجيرمي (2/93) ، وروضة الطالبين (2/389) ، والمجموع (6/449) ، والإنصاف (3/354) ، وكشاف القناع (2/345) ، والمغني (4/450) ، وشرح مسلم للنووي (8/57) ، وفتح الباري (4/265) ، وتفسير القرطبي (2/135) ، والموسوعة الفقهية (35/364) ، وإحكام الأحكام (2/250)