السائل: فضيلة الشيخ السلام عليك ورحمة الله ماحكم ختان المرأه ؟ وماهو الافضل وهل يشترط سن معين بالنسبة للبنات الصغار ؟ وجزاك الله خيرا
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد : اعلم أن الكلام على ختان المرأة سيكون فيما يأتي : أولا : كيفية ختان المرأة : قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (10/352) : ( قال الماوردي : ختانها قطع جلدة تكون في أعلى فرجها فوق مدخل الذكر كالنواة أو كعرف الديك ، والواجب قطع الجلدة المستعلية منه دون استئصاله) . ثانيا : حكم ختان الرجل والمرأة : أولاً : أجمع العلماء –رحمهم الله تعالى- على مشروعية ختان الرجل والمرأة(ينظر : مراتب الإجماع ص (157) ، وتحفة المودود ص (206) ، وإجماعات ابن عبد البر (1/168) ، وموسوعة الإجماع (1/393) ) . فلا خلاف بين العلماء في مشروعية الختان للرجل والمرأة وإنما الخلاف في حكمه هل هو واجب أو مستحب ؟ ومن العجب أن تجد في هذا العصر من ينكر ختان المرأة وأنه غير مشروع ، وهذا القول مخالف للإجماع على مشروعيته للنساء ، ومخالف لقوله النبي صلى الله عليه وسلم : ((إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ وَمَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ ))( رواه مسلم رقم الحديث (812)) . يعني مس ختان الرجل ختان المرأة ، فختان المرأة كان معروفاً عنده كختان الرجل . وعن عمرو أن بكيرا حدثه : أن أم علقمة أخبرته : (( أن بنات أخي عائشة ختن ، فقيل لعائشة : ألا ندعو لهن من يلهيهن ؟ قالت : بلى . فأرسلت إلى عدي ، فأتاهن ، فمرت عائشة في البيت فرأته يتغنى ويحرك رأسه طربا ، وكان ذا شعر كثير ، فقالت : أف شيطان أخرجوه أخرجوه ))( رواه الإمام البخاري في الأدب رقم (1247) . وحسنه الشيخ الألباني في صحيح الأب المفرد رقم (945) ، و السلسلة الصحيحة تحت حديث رقم (722) ) . و عن الحسن قال : ((دعي عثمان بن أبي العاص إلى طعام فقيل : هل تدري ما هذا ؟ هذا ختان جارية فقال : هذا شيء ما كنا نراه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى أن يأكل ))( رواه الطبراني في الكبير (9/57) رقم (8382) وحسنه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة تحت حديث رقم (722) ) . والذي جعل من ينكر سنة ختان المرأة هو جهل بعض المسلمين في بعض البلدان بالذهاب ببناتهم عند من لا يحسن الختان بل ولا يعرف سنة الختان فيقوم هذا الخاتن أو الخاتنة بإزالة البظر بأكمله ، أو أخذ البظر والشفرتين الصغيرتين ، أو أخذ ذلك كلّه مع إزالة الشفرتين الكبيرتين ، ولا شك أن هذا النوع من الختان لا يجوز شرعاً ، ولا طباً لأنه يؤدي إلى مضاعفات ومضار كثيرة مثل : النزيف ، والالتهابات ، والبرود الجنسي وعدم الرغبة في الجماع ، والرتق وهو التصاق فتحة الفرج مما يؤدي إلى صعوبة الجماع والولادة . لكن هذا كلّه ناتج عن مخالفة السنة الصحيحة في الختان وليس لذات الختان نفسه ، وقد بينت لك كلام أهل العلم في كيفية ختان المرأة أنه قطع جزء صغير من جلدة تكون في أعلى فرجها فوق مدخل الذكر كالنواة أو كعرف الديك ، والواجب قطع الجلدة المستعلية منه دون استئصاله ، كما قال النبي صلي الله عليه وسلم للخاتنة : ((إِذَا حَفَضْتِ فَأَشِمِّي وَلاَ تَنْهَكِي ، فَإِنَّهُ أَسْرَى لِلْوَجْهِ وَأَحْظَى للزَّوْجِ))( ينظر : تخريجه في السلسلة الصحيحة رقم الحديث (722) ). قال السيوطي(جمع الجوامع رقم الحديث (1872) و (1873) ) : ((خفضتِ) : الَخْفض : هو خَتْن المرأة خاصّة . (فَأَشمِّي ولا تَنْهَكي) : لا تأْخذي من البَظْرِ كثيرًا ، شَبَّهَ القطعَ اليسير بإِشمام الرائحة ، (أسرى للوجه) : أصفى للونه وأبقى لنضارته ) انتهى . فلا يجوز إنكار مشروعية ختان المرأة لأجل هذه الأمور ، ولي أعناق النصوص الصريحة في ختانها ، بل الإجماع كما بينته لك ، أَوْرَدَهَا سَعْدٌ وَسَعْدٌ مُشْتَمِلٌ ، مَا هاكَذَا تُورَدُ يَا سَعْدُ الاْبِلْ ، فلا تنكر السنة لأجل خطأ الجهال ممن لا يعرفون كيفية الختان ، بل يجب أن تكون هناك توعية للناس بأن يذهبوا إلى الأطباء المتخصصين لختان أبنائهم وبناتهم ، لأن هذه المصيبة والجهل بكيفية سنة الختان قد عمت حتى في ختان الذكور فتجد بعض الناس يذهب بولده إلى الحلاق أو العوام مما نتج عنه أضرار بالغة ، فلا يجوز أن ننكر سنة الختان سواء كان للذكور أو الإناث بسبب جهل العوام في تطبقها ، فالواجب كما قلت توعية الناس ، بل ينبغي على الدول الإسلامية أن تمنع الختان للذكور والإناث إلا عن طريق المستشفيات أو العيادات المتخصصة لدفع الضرر وتطبق سنة النبي صلى الله عليه وسلم . قال الدكتور محمد علي البار في كتابه الختان : (هذا هو الختان الذي أمر به المصطفى ، وأما ما يتم في مناطق كثيرة من العالم ومنه بعض بلاد المسلمين ، مثل الصومال ، والسودان ، وأرياف مصر ، من أخذ البظر بأكمله، أو أخذ البظر والشفرين الصغيرين ، أو أخذ ذلك كله مع أخذ الشفرين الكبيرين ، فهو مخالف للسنة ، ويؤدي إلى مضاعفات كثيرة ، وهو الختان المعروف باسم الختان الفرعوني ، وهو على وصفه لا علاقة له بالختان الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم . لذا فإن الضجة المفتعلة ضد ختان البنات لا مبرر لها ، لأن المضاعفات والمشاكل ناتجة عن شيئين لا ثالث لهما : الأول مخالفة السنة ، الثاني إجراء العملية بدون تعقيم ومن قبل غير الأطباء ) . ثالثاً :حكم ختان المرأة : اختلف العلماء –رحمهم الله تعالى- في حكم ختان الرجل والمرأة ، والراجح أنه واجب على الرجال والنساء ، إلا أن وجوب ختان المرأة فيه تفصيل سأبينه لك في نهاية البحث ، والقول بوجوب الختان على الرجل والمرأة هو مقتضى قول سحنون من المالكية ، وهو المشهور من مذهب الشافعية ، والحنابلة .ينظر : المنتقى (7/232) ، والموسوعة الفقهية (19/27) . والمجموع (1/349) ، وحاشيتا قيلوبي وعميرة (4/211) ، وتحفة المحتاج (9/198) ، ونهاية المحتاج (8/35) ، وطرح التثريب (1/75) ، وفتح الباري (10/341) وكشاف القناع (1/80) ، والإنصاف (1/123) ، والمبدع (1/103) قال الإمام النووي في المجموع (1/349) : (الختان واجب على الرجال والنساء عندنا ، وبه قال كثيرون من السلف كذا حكاه الخطابي ، وممن أوجبه أحمد) . ورجت هذا المذهب للأدلة الآتية وٍسأذكر منها ما يتعلق بختان المرأة : الدليل الأول : جواز كشف العورة من المختون والنظر إليها من الخاتن ، وكشف العورة والنظر إليها من البالغ حرام كما هو معلوم ، فلو لم يجب الختان لما أبيح ذلك الفعل المحرم . اعتراض : أن كشف العورة كما أنه يباح للضرورة كذلك يباح للحاجة ، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (10/354) : (وتعقبه عياض بأن كشف العورة مباح لمصلحة الجسم ، والنظر إليها يباح للمداواة ، وليس ذلك واجبا إجماعا ، وإذا جاز في المصلحة الدنيوية كان في المصلحة الدينية أولى) . جوابه : أن كشف العورة الأصل فيه التحريم ، ولا يكشف إلا لضرورة ، والنصوص على ذلك كثيرة ، والمداواة لا تخلو إما أن تركها فيه ضرر أو يغلب على الظن ذلك فهنا يباح له كشف عورته ، وإما أن هذه المداواة ليس في تركها ضرر مطلقاً فلا يبيح ذلك النظر إلى العور . قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (10/354) : (وأجاب النووي بأن كشف العورة لا يجوز لكل مداواة فلا يتم المراد) . الدليل الثاني: أن في الختان إدخال الألم الشديد على النفس ، ويخرج من ماله أجرة الخاتن ، وثمن الدواء ، وهذا لا يكون إلا في ما كان واجباً . الدليل الثالث : أن في ترك ختان المرأة خاصة في البلاد الحارة فيه مفسدة وهي شدة الشهوة ، وذلك وسيلة في الوقوع في الفاحشة ، نسأل الله السلامة ، والختان يخفف هذه الشهوة ويضبطها ، وما يتم ترك الحرام إلا به فو واجب ، والوسائل لها أحكام المقاصد . قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (21/114) : (وَالْمَقْصُودُ مِنْ خِتَانِ الْمَرْأَةِ تَعْدِيلُ شَهْوَتِهَا فَإِنَّهَا إذَا كَانَتْ قلفاء كَانَتْ مُغْتَلِمَةً شَدِيدَةَ الشَّهْوَةِ . وَلِهَذَا يُقَالُ فِي الْمُشَاتَمَةِ : يَا ابْنَ القلفاء ، فَإِنَّ القلفاء تَتَطَلَّعُ إلَى الرِّجَالِ أَكْثَرَ ، وَلِهَذَا يُوجَدُ مِنْ الْفَوَاحِشِ فِي نِسَاءِ التتر وَنِسَاءِ الْإِفْرِنْجِ مَا لَا يُوجَدُ فِي نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِذَا حَصَلَتْ الْمُبَالَغَةُ فِي الْخِتَانِ ضَعُفَتْ الشَّهْوَةُ فَلَا يَكْمُلُ مَقْصُودُ الرَّجُلِ ، فَإِذَا قُطِعَ مِنْ غَيْرِ مُبَالِغَةٍ حَصَلَ الْمَقْصُودُ بِاعْتِدَالِ) . الدليل الرابع : قول النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الخاتنات : (( اخْفِضِي وَلاَ تَنْهَكِي فَإِنَّهُ أَسْرَى لِلْوَجْهِ وَأَحْظَى عِنْدَ الزَّوْجِ ))( ينظر : تخريجه في السلسلة الصحيحة رقم الحديث (722) ، وتمام المنة ص (67) ) . وجه الاستدلال : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الخاتنة بالخفض من غير إنهاك والأمر يقتضي الوجوب . الدليل الخامس :أنه لو لم يكن واجبا لما جاز للخاتن الإقدام عليه ، وإن أذن فيه المختون أو وليه ، فإنه لا يجوز له الإقدام على قطع عضو لم يأمر الله ورسوله بقطعه ، ولا أوجب قطعه ، كما لو أذن له في قطع أذنه أو إصبعه فإنه لا يجوز له ذلك ولا يسقط الإثم عنه بالإذن . رابعاً : ختان المرأة يختلف من بلد إلى بلد : ختان المرأة يختلف باختلاف البلاد ، ففي بلاد المغرب لا توجد هذه الفضلة التي تقطع غالباً بل هي صغيرة بخلاف بلاد المشرق ، وعلى كلّ إذا وجدت هذه الفضلة ظاهرة بارزة وجب الختان سواء كان في بلاد المشرق أو المغرب ، لأن سبب الختان للمرأة وجد ، بخلاف ما لو كانت هذه الفضلة قصيرة أو غير موجودة فلا يشرع الختان حينئذ . قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (10/353) : (وأفاد الشيخ أبو عبد الله بن الحاج في المدخل أنه اختلف في النساء هل يخفضن عموماً أو يفرق بين نساء المشرق فيخفضن ، ونساء المغرب فلا يخفضن لعدم الفضلة المشروع قطعها منهن بخلاف نساء المشرق ؟ قال : فمن قال : إن من ولد مختونا استحب إمرار الموسى على الموضع امتثالا للأمر قال في حق المرأة كذلك ومن لا فلا ) . خامساً : وقت ختان المرأة : الأولى أن يكون في السن التي تستطيع الخاتنة أن تقطع فيها الفضلة ، وهذا يختلف من طفلة إلى أخرى ، فينبغي أن يجرى لها فحص هل سنها يصلح للختان أولا . قالت الدكتورة آمال أحمد البشير في وقت ختان الإناث في كتاب ختان الأنثى في الطب والإسلام بين الإفراط والتفريط ص (38) : (أن يكون في السن التي يسهل فيها على الطبيبة أو القابلة المدربة فصل القلفة عن حشفة البظر وقطعها دون أن تأخذ معها أي جزء آخر من المنطقة المجاورة . ويختلف ذلك بين طفلة وأخرى لذلك يجب أن يكون هناك كشف على العضو التناسلي لكل طفلة بواسطة الطبيبة المختصة قبل تحديد وقت ختانها). سادساً : فوائد ختان المرأة : فوائد ختان المرأة : في ختان المرأة فوائد كثيرة منها : قال الدكتور حامد الغوابى : ( فائدة الختان للبنات تتلخص طبياً فيما يأتي : أولاً : الإفرازات الدهنية المنفرزة من ( الشفرين الصغيرين ) إن لم يقطعهما مع جزء من البظر في الختان تتجمع وتتزنخ ، ويكون لها رائحة غير مقبولة ، وتحدث إلتهابات قد تمتد إلى المهبل ، بل إلى قناة مجرى البول وقد رأيت حالات كثيرة بهذه الالتهابات في بعض السيدات سببها عدم الختان . ثانياً : هذا القطع كما أشرنا يقلل الحساسية للبنت حيث لا شيء لديها ينشأ عنه احتكاك جالب للاشتهاء وحينئذ لا تصير البنت عصبية من صغرها )( ينظر : ختان البنات بين الطب والإسلام للدكتور حامد الغوابى وهو في كتاب الختان لأبي بكر عبد الرازق ، ص (50) ) . وقال الدكتور محمد علي البار(خلق الإنسان ص (33) ) : (والختان في النساء سنة ، ويقطع شيء من البظر ، والبظر في المرأة يقابل القضيب في الرجل إلا أن حجمه صغير جداً ولا تخترقه قناة مجرى البول ، وعلى البظر قلفة ، وإن كانت صغيرة ، ولها عيوب القلفة في الرجل ، إذ تتجمع فيها الإفرازات ، وتنمو الميكروبات ، والبظر عضو حساس جداً مثل حشفة القضيب ، وهو عضو انتصابي كذلك ، ولا شك أنه مما يزيد الغلمة والشبق ، وذلك من دواعي الزنا إذا لم يتسنَّ الزواج ) . وقال الدكتور أحمد خفاجى : (وإذا كان الهدف من ختان الذكور هو تعديل الشهوة ، ومنع الإفرازات الصادرة من الحشفة ، فإن الختان للإناث مرتبط أساساً بتقليل الشهوة أو تعديلها ، فأكثر أعضاء الإناث استثارة البظر ، ويأتي من بعده الشفران الصغيران ، ثم الكبيران ، ولذلك فإن من يختنون البنات بإزالة كل هذه الأجزاء الحساسة إنما يظلمونهن ، ويمنعونهن نعمة وهبها الله لهن أما إزالة جزء معين من البظر ، فإنه تعديل لهذه الشهوة التي قد تؤذي الأنثى وترهقها ، وتكون سبباً في عدم إشباعها من الطرق الطبيعية عن طريق زوجها ، وحافزاً لها على تكملته من طرق أخرى )(ينظر : حكم الإسلام في الختان للشيخ عبد الرحمن حسن محمود ، ص (27) ) ولعلي بهذا أجبت على سؤالك . والله أعلم
السائل: السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أحسن الله إليك , عندي إشكالات في مسألة المسح على الخفين
1- من لبس الخفين و مسح عليهما ثم بعد ذلك نزعهما و لبس غيرهما فهل يمسح عليهما بدون وضوء
2- هل يصح المسح على الجورب و النعلين
3- اذا انقضت المده او نزعت الخقين فما الذي يترتب على ذلك و هل ينتقض الوضوء
جزاك الله خيرا
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أما سؤالك : 1- من لبس الخفين و مسح عليهما ثم بعد ذلك نزعهما و لبس غيرهما فهل يمسح عليهما بدون وضوء جوابه : لا يجوز له أن يمسح عليهما لأنه لا يصدق أنه لبس هذين الخفين على قدمين مغسولتين ومن شروط جواز المسح عليهما أن يلبس الخفين على قدمين مغسولتين وأدلة هذا الشرط كثيرة منها : عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : (( كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ ، فَأَهْوَيْتُ لأَنْزِعَ خُفَّيْهِ ، فَقَالَ : دَعْهُمَا ، فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ . فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا )) رواه البخاري ومسلم وقوله صلى الله عليه وسلم : ((طاهرتين)) أي مغسولتين . وعن أَبي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ((إذَا أَدْخَلَ أَحَدُكُمْ رِجْلَيْهِ فِي خُفَّيْهِ وَهُمَا طَاهِرَتَانِ فَلْيَمْسَحْ عَلَيْهِمَا ؛ ثَلاَثًا لِلْمُسَافِرِ ، وَيَوْمًا لِلْمُقِيمِ))رواه ابن أبي شيبة في المصنف رقم الحديث (1894) . وصحح إسناده الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (15/30) تحت حديث رقم (3455) . ولا خلاف بين العلماء في اشتراط تقدم الوضوء لجواز المسح على الخفين ينظر : المجموع (1/542) ، والمغني (1/361) . وهذا لا يصدق عليه أن توضأ قبل لبس الخفين . أما سؤالك الثاني : 2- هل يصح المسح على الجورب و النعلين جوابه : اختلف العلماء –رحمهم الله تعالى- في جواز المسح على الجوربين ، فذهب جمهور العلماء –رحمهم الله تعالى إلى جواز المسح على الجوربين( الموسوعة الفقهية (37/271) ) ، قال ابن المنذر في الأوسط (1/462) : (رُوِيَ إِبَاحَةُ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ عَنْ تِسْعَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ ، وَأَبِي مَسْعُودِ ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، وَابْنِ عُمَرَ ، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، وَبِلَالٍ ، وَأَبِي أُمَامَةَ ، وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ وَقَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ ، وَالْحَسَنُ ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ، كَذَلِكَ قَالَا : إِذَا كَانَا صَفِيقَيْنِ وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، وَالْأَعْمَشُ ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ ، وَزُفَرُ ، وَأَحْمَدُ ، وَإِسْحَاقُ . قَالَ أَحْمَدُ : قَدْ فَعَلَهُ سَبْعَةٌ أَوْ ثَمَانِيَةٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَقَالَ إِسْحَاقُ : مَضَتِ السُّنَّةُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ ، لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ) . فالقول بجواز المسح على الجوربين هو مذهب جمهور العلماء ، واختلفوا في بعض الشروط : فقيل : يشترط لجواز المسح عليهما أن يكونا صفيقين . وقيل : يشترط لجواز المسح عليهما أن يكونا مجلدين أو منعلين . وقيل : يشترط لجواز المسح عليهما أن يكونا مجلدين فقط . وقيل : يجوز المسح على الجوربين مطلقاً ما دام يسميان جوربين . والراجح أنه يجوز المسح على الجوربين مطلقاً وإن كانا يشفان القدمين مادام يسميان جوربين ، وهو مذهب عمر وعلي –رضي الله عنهما- ، وهو قول أبي يوسف ، ومحمد ، وإسحاق ، وداود ، وابن حزم ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية. قال النووي في المجموع (1/527) : (وحكى أصحابنا عن عمر وعلى -رضى الله عنهما- جواز المسح على الجورب وإن كان رقيقا ، وحكوه عن أبي يوسف ومحمد واسحق وداود) . وينظر : المحلى (1/324) مسألة (212) . ومجموع الفتاوى (21/214) . وأدلة ترجيح هذا المذهب كثيرة ، منها : الدليل الأول : عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ –رضي الله عنه- : ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ ))رواه أبو داود رقم الحديث (137) ، وابن ماجه رقم الحديث (552) ، والإمام أحمد في المسند رقم الحديث (18206) ، والترمذي رقم الحديث (92) ، وقال : (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) . وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (1/274) : (إسناده صحيح على شرط البخاري ، وصححه ابن حبان ، وقال الترمذي : إنه حديث حسن صحيح ، واحتج به ابن حزم) . الدليل الثاني : عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ –رضي الله عنه- : ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ ))رواه ابن ماجه رقم الحديث (553) . قواه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (1/274) بحديث المغيرة –رضي الله عنه- المتقدم . الدليل الثالث : آثار الصحابة الكثيرة مع عدم وجود مخالف حتى قال ابن قدامة في المغني (1/374) : (الصحابة -رضي الله عنهم- مسحوا على الجوارب ولم يظهر لهم مخالف في عصرهم فكان إجماعاً ) ومن هذه الآثار: أولا : عَنْ يُسَيْرِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : ((رَأَيْتُ أَبَا مَسْعُودٍ بَالَ ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ ))رواه ابن أبي شيبة في المصنف (1/189) رقم (2000) . بإسناد صحيح . وعن خالد بن سعد قال : ((كان أبو مسعود الأنصاري يمسح على جوربين له من شعر ونعليه))(رواه عبد الرزاق في المصنف (1/199) رقم (774) . بإسناد صحيح على شرط الشيخين ) . وعن همام بن الحارث عن أبي مسعود –رضي الله عنه- : ((أنه كان يمسح على الجوربين والنعلين ))(رواه عبد الرزاق في المصنف (1/200) رقم (777) . بإسناد صحيح ) . ثانياً : عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ –رضي الله عنه- : (( أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ ))(رواه ابن أبي شيبة في المصنف (1/188) رقم (1990) . بإسناد صحيح ) . وعن قتادة عن أنس بن مالك –رضي الله عنه- : ((أنه كان يمسح على الجوربين قال نعم يمسح عليهما مثل الخفين ))( رواه عبد الرزاق في المصنف (1/200) رقم (779) . بإسناد صحيح على شرط الشيخين ) . ثالثاً : عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ رَجَاءٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : ((رَأَيْتُ الْبَرَاءَ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ ))(رواه ابن أبي شيبة في المصنف (1/189) رقم (1996) . ورواه عبد الرزاق في المصنف (1/200) رقم (778) . وإسناد حسن ) . رابعاً : عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْث –رضي الله عنه- : (( أَنَّ عَلِيًّا تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ))(رواه ابن أبي شيبة في المصنف (1/189) رقم (1998) . ورواه ابن المنذر في الأوسط (1/462) . وإسناد حسن . تنبيه : تحرفت (حريث) إلى (كريب) عن ابن أبي شيبة ، والصواب حريث كما عند ابن المنذر ) . خامساً : عَنْ أَبِي غَالِبٍ قَالَ : (( رَأَيْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَمْسَحُ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ ))(رواه ابن أبي شيبة في المصنف (1/188) رقم (1991) . وإسناد حسن ) . الدليل الرابع : أن أحاديث المسح على الجوربين ، وكذلك الآثار وردت مطلقة من غير تقييد بقيد ، وتقييد ما أطلقة الشرع لا يجوز إلا بدليل من الكتاب أو السنة الإجماع ، وعليه يجوز المسح على كل ما يطلق عليه أنه جورب . واما المسح على النعلين : اختلف العلماء –رحمهم الله تعالى- في جواز المسح على النعلين ، والراجح أن يجوز المسح عليهما ، وهو مذهب جماعة من الصحابة –رضي الله عنهم- ، وقال به طائفة من أهل العلم( ينظر : شرح معاني الآثار (1/97) ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية إلا أنه قيده بالنعل التي يشق نزعها إلا بيد ورجل(ينظر : الفتاوى الكبرى (1/304) ، والإنصاف (1/180) ) . وما ذهب إليه شيخ الإسلام –رحمه الله تعالى- من تقييد النعلين بهذا القيد هو الظاهر ، لأن الظاهر من حكمة المسح على الخفين والجوربين هي مشقة النزع والحاجة وهذا لا يكون إلا في النعل التي يشق نزعها إلا باليد والرجل كالخفين والجوربين ، أما النعل التي تنزع بدون ذلك بمجرد رفع الرجل عنها أو إخراجها بسهولة ، فحكمة المسح غير متحققة ، فلا يجوز أن يترك غسل القدمين في الوضوء ، الذي هو ركن من أركان الوضوء الوارد في تركه الوعيد من غير سبب ، وأيضا من تتبع سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته –رضي الله عنهم- يظهر له أن نعالهم كانت لا تنزع إلا باليد . والله أعلم . والأدلة على ذلك كثيرة منها ما تقدم ذكره في أدلة المسح على الجوربين فقد ورد فيها كذلك المسح على النعلين ومن الأدلة كذلك : الدليل الأول : عن أَوْسِ بْنِ أَبِي أَوْسٍ الثَّقَفِيُّ –رضي الله عنه- : ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى نَعْلَيْهِ وَقَدَمَيْهِ ))( رواه أبو داود رقم الحديث (138) . وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (1/282) : (حديث صحيح . وأخرجه ابن حبان في صحيحه . وصححه ابن القطان من حديث ابن عمر ) ) . الدليل الثاني : عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : قِيلَ لاِبْنِ عُمَرَ : رَأَيْنَاكَ تَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ نَرَ أَحَدًا يَفْعَلُهُ غَيْرُكَ . قَالَ : وَمَا هُوَ؟ قَالَ : رَأَيْنَاكَ تَلْبَسُ هَذِهِ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ . قَالَ : (( إِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُهَا وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا ، وَيَمْسَحُ عَلَيْهَا )) رواه البيهقي في السنن الكبرى (1/287) رقم الحديث (1415) ، وابن خزيمة في صحيحه رقم الحديث (199) . وصحح إسناده الشيخ الألباني في صحيح ابن خزيمة ، والمسح على الجوربين ص (45) . الدليل الثالث : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما- : (( أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً وَمَسَحَ عَلَى نَعْلَيْهِ ))رواه البيهقي في السنن الكبرى (1/286) رقم الحديث (1410) . وقال الشيخ الألباني في المسح على الجوربين ص (45) : (أخرجه عبد الرزاق في ( المصنف ) ( رقم 783 ) والبيهقي ( 1 / 286 ) من طريقين عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عنه . وهذا إسناد صحيح غاية وهو على شرط الشيخين ) . وغيرها من الأدلة كثير . أما سؤالك الثالث : 3- اذا انقضت المده او نزعت الخقين فما الذي يترتب على ذلك و هل ينتقض الوضوء جوبه : إذا انتهت مدة المسح فلا يجوز له أن يمسح بعد ذلك إلا بعد أن يخلع خفيه وتوضأ وضوءا كاملا وإلا لم يكن ثم لتوقيت المسح فائدة ، وإذا كا على وضوء وانتهت مدة المسح فإن وضوءه لا ينتقض فانتهاء مدة المسح لا تبطل الوضوء إنما تبطل الاستمرار في المسح ، وعليه فوضوؤه صحيح يستطيع أن يصلي به ما شاء من الصلوات ما لم يأت بناقض له ، وهو قول (الحسن البصري ، والنخعي ، وأبي العالية ، وقتادة ، وسليمان بن حرب) ، واختاره ابن المنذر ، والنووي ، وابن حزم ، وشيخ الإسلام ابن تيمية. ينظر : الأوسط (1/457) .المجموع (1/557) .المحلى (1/321) .الاختيارات ص (15). والأدلة على ذلك ما يأتي : الدليل الأول : الأصل فيمن توضأ الوضوء الصحيح شرعاً أنه على وضوء ، فلا تنقض طهارة إلا بدليل من كتاب أو سنة أو إجماع ، ولا يوجد دليل يدل على أن انتهاء مدة المسح أو خلع الخفين ناقض للوضوء . الدليل الثاني : أحاديث توقيت المسح حددت ابتداء المسح وانتهائه ، ولم تتعرض لانتهاء الطهارة ، فمن جعل الطهارة تنتهي بمدة المسح أو خلع الخفين فقد حمل الأحاديث ما لا تحتمل . الدليل الثالث : أنه قد دل الدليل على أن خلع الخفين لا ينقض الوضوء ، مع أن مدة المسح تنتهي بخلع الخفين ، فكذلك إذا انتهت مدة المسح بالوقت المحدد شرعاً ولا فرق ، فعَنْ أَبِي ظَبْيَانَ قَالَ : ((رَأَيْتُ عَلِيًّا بَالَ قَائِمًا ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى نَعْلَيْهِ ، ثُمَّ أَقَامَ الْمُؤَذِّنُ فَخَلَعَهُمَا ))(رواه ابن أبي شيبة في المصنف (1/190) رقم (2010) . بإسناد صحيح ) ، ولا أعلم له مخالفاً من الصحابة . الدليل الرابع : أن انتهاء مدة المسح شيء وانتقاض الوضوء شيء آخر ، فكما أن انتقاض الوضوء لا يؤثر على انتهاء مدة المسح مادام الوقت باقياً ، فكذلك انتهاء مدة المسح لا تؤثر على الوضوء مادام لم يأتِ بناقض من نواقض الوضوء . الدليل الخامس : أن الطهارة لا ينقضها إلا الحدث ، وانتهاء مدة المسح ليس حدثاً حتى يحكم على الطهارة بالانتقاض به ، ومن قال بأنه حدث فإنه مطالب بالدليل ولا دليل . والله أعلم .
السائل: السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
جزاك الله خيرا
في غسل الجنابة جاء في الحديث .. ثم ضرب بشماله الارض فدلكها دلكا شديدا .. هل يكفي الغسل حتى نصيب السنة ام ندلكها بالارض علما ان الارض اليوم من البلاط و الرخام
و ايضا اذا توضات قبل الغسل فهل يدخل غسل الرجلين في هذا الوضوء ام اتوضا بدون غسل الرجلين و اغسلها بعد ان اغتسل
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته اعلم -رحمك الله تعالى- أن غسل اليدين في غسل الجنابة يكون قبل غسل الفرج ثم بعد غسل فرجه يغسل يديه ويدلكهما لما رواه البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ قَالَتْ : ((وَضَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غُسْلاً وَسَتَرْتُهُ ، فَصَبَّ عَلَى يَدِهِ ، فَغَسَلَهَا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ، ثُمَّ أَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ ، فَغَسَلَ فَرْجَهُ ، ثُمَّ دَلَكَ يَدَهُ بِالأَرْضِ أَوْ بِالْحَائِطِ ، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ ، وَغَسَلَ رَأْسَهُ ، ثُمَّ صَبَّ عَلَى جَسَدِهِ ، ثُمَّ تَنَحَّى فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ ، فَنَاوَلْتُهُ خِرْقَةً ، فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا ، وَلَمْ يُرِدْهَا)) . ودلك اليدين بعد غسل الفرج لازالة ما علق بهما من الأذى بعد غسل الفرج فيكفى في وقتنا أن يغسلهما بالأشنان أي الصابون ويدلكهما ويكون بذلك أصاب السنة إن شاء الله تعالى . وأما غسل الرجلين مع الوضوء قبل الغسل فهو أمر وردت به السنة فقد روى البخاري ومسلم عن عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم : ((أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ ، ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِى الْمَاءِ ، فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعَرِهِ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثَ غُرَفٍ بِيَدَيْهِ ، ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ ))، ولو أخرت غسل رجليك بعدالغسل فلا بأس لحديث ميمونه -رضي الله عنها- والأول أولى لأنه صفة فالوضوء لا يكون إلى مع غسل الرجلين لكن تأخير غسل الرجلين بعد الغسل جاء في حديث ميمونة -رضي الله عنها- لأن الموالاة موجودة ولأنه بصب الماء على جسه بعد الوضوء يكون غسل رجليه ، ولعل تأخير غسل الرجلين يكون بحسب المغتسل والله أعلم فإذا كان المغتسل يجتمع فيه الماء فالأولى تأخير غسل الرجلين حتى لا يعلق بهما شيء من الأذى وإن كان المغتسل لا يجتمع فيه الماء كما هو الغالب في عصرنا فغسل الرجلين مع الوضوء أولى والله أعلم . . والله أعلم
السائل: السلام عليكم
هل الذي عنده سلسل البول يجب ان يتوضأ وقت ودخول الصلاة لأني كنت لاأعرف أنه يجب علي في وقت دخول الصلاة ان اتوضأ ؟
وهل اعيد صلواتي علما أني لاأتذكر عدد الصلوت التي توضأت فيها قبل دخول الوقت.
وجزاك الله خيره عما تقوم به من خدمة الناس
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته اعلم -حفظك الله تعالى- أن من كان به حدث دائم كسلس البول والاستحاضةونحوهما يشترط في صحة وضوئه للصلاة التي سيصليها أن يدخل وقتها فلو توضأ لصلاة الظهر قبل وقتها لم يصح منه وضوؤه وعليه أن يتوضأ مرة أخرى ، فدخول الوقت للصلاة المفروضة المراد صلاتها شرط في صحة الوضوء لمن به حدث دائم ، وهو مذهب الحنفية ، والشافعية ، والحنابلة. والدليل على ذلك ما يأتي : الدليل الأول : عَنْ عَائِشَةَ –رضي الله عنها- قَالَتْ : (( جَاءَتْ فَاطِمَةُ ابْنَةُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ ، أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لاَ ، إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ ، وَلَيْسَ بِحَيْضٍ ، فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي الصَّلاَةَ ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي . قَالَ وَقَالَ أَبِي : ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاَةٍ ، حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ ))( رواه البخاري في الوضوء /باب غسل الدم رقم الحديث (226)وينظر : صحيح أبي داود (2/104) طبعة غراس ) . الدليل الثاني : عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنها- قَالَتْ : (( جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي امْرَأَةٌ أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ ؟ قَالَ : لاَ إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ وَلَيْسَ بِالْحَيْضَةِ ، اجْتَنِبِي الصَّلاَةَ أَيَّامَ مَحِيضِكِ ، ثُمَّ اغْتَسِلِي ، وَتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاَةٍ وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الْحَصِيرِ ))(رواه ابن ماجه رقم الحديث (624) ، وأحمد في المسند رقم الحديث (25722) ، من طريق حبيب بن أبي ثابت عن عروة بن الزبير عن عائشة –رضي الله عنها- ، ورواه ابن حبان في صحيحه (4/188) من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة –رضي الله عنها- . وصححه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (2/95) طبعة غراس) . وجه الاستدلال من الحديثين : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة – رضي الله عنها بالوضوء لكل صلاة ، والأصل في الأمر أنه للوجوب ، وإنما أمرها بذلك لأن بها حدثاً دائماً ، فدل هذا على أنه يشترط لصحة الوضوء التي تصح به الصلاة أن يكون بعد دخول الوقت ، وإلا لم يكن لأمره صلى الله عليه وسلم بالوضوء لكل صلاة وكذلك قوله : ((تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلاَةٍ ، حَتَّى يَجِيءَ ذَلِكَ الْوَقْتُ)) فائدة ، وحاشاه صلى الله عليه وسلم من ذلك ، يؤيده : الدليل الثالث : عَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنها- قَالَتِ : ((الْمُسْتَحَاضَةُ تَجْلِسُ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا ثُمَّ تَغْتَسِلُ غُسْلاً وَاحِدًا ، وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلاَةٍ ))(رواه الدارمي في سننه (1/224) رقم الأثر (799) . بإسناد صحيح . وينظر : صحيح أبي داود (2/102) طبعة غراس ) . وجه الاستدلال : أن عائشة – رضي الله عنها- هي راوية الحديثين السابقين ، وكانت ترى الوضوء لكل صلاة ، والغالب على الظن أنها أخذ هذا من النبي صلى الله عليه وسلم فيقوي أن الأمر بالوضوء مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا يدل على أنه يشترط لصحة الوضوء لمن به حدث دائم دخول الوقت . الدليل الرابع : عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُسْتَحَاضَةِ : ((تَدَعُ الصَّلاَةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي ، وَالْوُضُوءُ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ ))( رواه أبو داود رقم الحديث (297) . وصححه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (2/93) طبعة غراس ) . واعلم أن المراد بالوضوء بقوله صلى الله عليه وسلم : ((عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ)) أي وقت كل صلاة لما تقدم . وأما سؤالك عن الصلوات التي صليتها وربما قد توضأت قبل وقتها فليس عليك إعاده إن شاء الله تعالى لجهلك بالمسألة ، وخروج وقت تلك الصلوات ،فمن جهل شيئا غير مفرط في تعلمه وخرج وقت تلك العبادة فإنه لا إعاده عليه لحديث المسيء فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره بإعادة الصلوات التي صلاها لخروج وقتها وإنما أمره بإعادة الصلاة الحاضرة . والله أعلم . ينظر : حاشية ابن عابدين (1/504) ، والبحر الرائق (1/226) ، وشرح فتح القدير (1/181) ، وبدائع الصنائع (1/28) ،و المجموع (1/363 ،543) ، ومغني المحتاج (1/111) ، وروضة الطالبين (1/125 ، 147) ، وحاشية الجمل (1/101) ، وحاشية البجيرمي على الخطيب (1/116) ، وتحفة المحتاج (1/189) ، والمغني (1/421) ، والإنصاف (1/377) ، وشرح الزركشي (1/437) ، وكشاف القناع (1/215) ، والروض المربع (1/21) .
السائل: هل المرأة تعتبر مستحاضة باليوم التاسع أو العاشر؟
العادة منتظمة و هي تستمر من 8 إلى 10 أيام شهريا و لا ادري إذا كانت استحاضة أم حيض
الشيخ: الحمد لله وحده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وبعد : هذه المرأة تعرف عند الفقهاء بالمعتاده وهي التي تعرف شهرها ووقت حيضها ووقت طهرها . وهذه المعتادة التي يأتيها الحيض ويستمر معها مدة معينة من الزمن هو حيض ولا إشكال فيه ، ولكن لو استمر بها الدم ولم ينقطع كما في السؤال ، فهذه لها حالتان : الحال الأولى : معتادة مميزة : وهي التي كان يأتيها دم الحيض في أيام معلومات من كلِّ شهر ، 8 أيام كما في السؤال ولكنه استمر بها إلى اليوم العاشر ، وتستطيع أن تميز بين دم الحيض بأوصافه المعروفه عند النساء فإنه دم أسود له رائحة نتنه وبين دم الاستحاضة الذي ليس له تلك الأوصاف . فالراجح أنه إذا زاد الدم عن عادتها فإنها تجلس مقدار عادتها ثمانية أيام وما زاد عليه فهو دم استحاضة ، فتغتسل في اليوم الثامن وتصلي وتصوم وهو مذهب الحنفية ، والحنابلة ، ووجه عند الشافعية . أما لو استمر بها الدم بنفس أوصافه المعروفة أعني أوصاف دم الحيض فإنها تنتظر لأن الدم النازل بها يكون دم حيض فلا يجوز العدول عنه ، وذلك أن عادة المرأة قد تزيد أياماً وقد تنقص في شهر دون آخر ، فلا يجوز أن تحكم بعد اليوم الثامن مباشرة بأنه دم استحاضة ، بل تتأكد من وصف الدم. الدليل الأول : عَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنها – (( أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ : إِنِّي أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ ، أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ فَقَالَ : لاَ ، إِنَّ ذَلِكِ عِرْقٌ ، وَلَكِنْ دَعِي الصَّلاَةَ قَدْرَ الأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا ، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي ))(رواه البخاري ) وجه الدلالة : أن النبي صلى الله عليه وسلم رد فاطمة – رضي الله عنها- وقد استمر بها الدم إلى عادتها . الدليل الثاني : عَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنها – قَالَتْ : (( إِنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ سَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الدَّمِ ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ : رَأَيْتُ مِرْكَنَهَا مَلآنَ دَمًا ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : امْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّى))(رواه مسلم ) الحال الثانية : معتادة غير المميزة : وهي التي كان يأتيها دم الحيض في أيام معلومات من كل شهر ، ثمانية أيام ولكنه استمر بها إلى عشرة أيام، ولا تستطيع أن تميز بين دم الحيض وبين دم الاستحاضة. والراجح أنه إذا زاد الدم عن عادتها فإنها تجلس مقدار عادتها وما زاد عليه فهو دم استحاضة ، وهو مذهب جمهور العلماء من الحنفية ، والحنابلة ، ووجه عند الشافعية . والأدلة هي نفس الأدلة السابقة . والله أعلم . ينظر : البناية (1/665) ، وشرح فتح القدير (1/177) ، والبحر الرائق (1/224) ، بدائع الصنائع (1/41) وكشاف القناع (1/208) ، المبدع (1/277) ، الإقناع (1/66) والبيان (1/365) ،الحاوي الكبير (1/404) ، روضة الطالبين (1/150).
السائل: فضيلة الشيخ ماحكم من تيمم لعدم وجود ماء كافي في الصحراء لدية وقبل ان يصلي وجد ماء لدى سيارة صديقه فهل يتوضأ ام يصلي ؟ وكذلك عند خروجه من الصحراء أذن للصلاة فهل يصلي على التيمم ام يتوضأ .؟ جزاك الله خيرا ..
الشيخ: اعلم أخي حفظك الله تعالى أن جواب سؤالك على النحو الآتي : أولا : أنه إذا تيمم ولم يصل بعد ثم وجد الماء فإن وضوءه ينتقض وعليه أن يتوضأ لأن من نواقض التيمم وجود الماء وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((إِنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ طَهُورٌ وَإِنْ لَمْ تَجِدِ الْمَاءَ إِلَى عَشْرِ سِنِينَ فَإِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ فَأَمِسَّهُ جِلْدَكَ )) . رواه أبوداود بإسناده صحيح، وصححه ابن حبان والدارقطني . ينظر : صحيح أبي داود (2/152) . وجه الاستدلال : أن مفهوم الحديث دل على أنه لا يكون طهورا عند وجود الماء ، ودل بمنطوقه على وجوب إمساسه جلده عند وجوده. قال ابن قدامة في المغني (1/270) : ( المشهور في المذهب أن المتيمم إذا قدر على استعمال الماء بطل تيممه ، سواء كان في الصلاة أو خارجا منها ؛ فإن كان في الصلاة بطلت ، لبطلان طهارته ، ويلزمه استعمال الماء ، فيتوضأ إن كان محدثا ، ويغتسل إن كان جنبا . وبهذا قال الثوري ، وأبو حنيفة ) . ثانيا : قولك : (وكذلك عند خروجه من الصحراء أذن للصلاة فهل يصلي على التيمم ام يتوضأ ) جوابه : أنه إذا علم أنه سيصل إلى المكان الذي فيه الماء قبل خروج الوقت فليس له أن يصلي بالتيمم بل يجب عليه أن يبحث عن الماء أو يذهب إليه إذا كان يعلم أنه ببحثه عنه أو الذهاب إليه لن يخرج وقت الصلاة . والله أعلم
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخنا الفاضل انا حاليا اقيم في دولة اجنبية وفي اثناء اصطحابي أطفالي الى الحديقة العامة الاحظ أن بعض اطفال المسلمين في الحديقة يقومون بلمس الكلاب .. ما اريد معرفته حكم السماح للاطفال بلمس الكلاب ، وهل الكلب نجس ؟ وكيفية ازالة نجاسته عن الثوب والبدن والمكان ؟ بارك الله فيكم وجزاكم خيرا
الشيخ: على سؤالك على النحو الآتي : أولا :حكم سؤر الكلب ولعابه : اختلف العلماء –رحمهم الله تعالى- في نجاسة سؤر الكلب على مذهبين ، والراجح أنه نجس سواء كان كلب صيد أو غيره ، وهو مذهب الجمهور من الحنفية ، والشافعية ، والحنابلة وذلك للأدلة الآتية : الدليل الأول : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : (( طُهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولاَهُنَّ بِالتُّرَابِ ))رواه مسلم. وجه الاستدلال : أن كلمة ((طُهُورُ)) في عرف الشارع لا تكون إلا من حدث أو نجاسة ، ولا يتصور وجود الحدث على الإناء فدل ذلك على أن سؤره نجس . الدليل الثاني : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : (( إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيُرِقْهُ ثُمَّ لْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مِرَارٍ ))رواه البخاري ومسلم واللفظ له . وجه الاستدلال : أولا : أن الأمر بغسل الإناء دليل على نجاسته كما هو ظاهر والأمر بالسبع غسلات يؤكد النجاسة . ثانياً : أن الأمر بإراقة ما في الإناء دليل ظاهر على نجاسته أيضاً ، لأن إراقة ما في الإناء من ماء أو طعام مائع إضاعة للمال المنهي عنه ، لكن لما كان نجساً لا يجوز استعماله أمرنا بإراقته. الدليل الثالث : إجماع الصحابة –رضي الله عنهم- ، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (1/332) : (وقد ثبت عن ابن عباس التصريح بأن الغسل من ولوغ الكلب بأنه رجس ، رواه محمد بن نصر المروزي بإسناد صحيح ، ولم يصح عن أحد من الصحابة خلافه ) . وتطهير اليد والثوب من لعاب الكلب يكون بغسله بالماء فقط والتراب خاص بالإناء ومكان في حكمه. أما بدنه فقد اختلف العلماء –رحمهم الله تعالى- في نجاسة بدن الكلب غير لعابه ، على مذاهب ، والراجح أنه غير نجس ، وهو قول الإمام أبي حنيفة ، ومذهب المالكية في المشهور ، وقول الزهري ، وداود الظاهري . ورجحت هذا المذهب لأن الأصل في الأشياء الطهارة ، ولا يصار إلى النجاسة إلا بدليل ، ولا يصح الاستدلال بالحديثين السابقين على نجاسة بدنه لأن الدليل أخص من الاستدلال ، فالحديث وارد في نجاسة سؤره فلا يصح أن يعمم الحكم على جميع بدنه ، ولا يلزم من نجاسة سؤره نجاسة بدنه ، فإن الإنسان بوله وغائطه نجس ومع ذلك بدنه طاهر . ولا يصح أيضا الاستدلال بحديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ –رضي الله عنه- قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُقَالُ لَهُ : (( إِنَّهُ يُسْتَقَى لَكَ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ ، وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا لُحُومُ الْكِلاَبِ وَالْمَحَايِضُ وَعَذِرُ النَّاسِ. قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : « إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لاَ يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ »)) ،رواه أبوداود والترمذي ينظر : صحيح سنن أبي داود (1/110) . فإن فيه ذكر لحوم الكلاب مع المحايض وعذرة الناس فهي نجسة وتلقى في بئر بضاعة ، فأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على نجاستها إلا أنها لم تؤثر في الماء لأنه ماء جار ، وجوابه أن لحوم الكلاب نجسة لأنها ميتة ، ولا تحل فيها الذكاة ، فهو ميتة حتى لو ذبح ، لأنه مما يحرم أكله ، والميتة نجسة بالإجماع . إلا أنه ينبغي أن يعلم أنه إذا كان شعر الكلب رطباً أو مبتلاً ولا مس الثوب أو البدن فإن يجب غسل ما أصاب الثوب والبدن من شعره ، وكذلك لو كانت اليد أو الثوب بهما بلل ولا مسا شعر الكلب فإنه يجب غسلهما ، لأن الكلب غالباً ما يلعق شعره وجسده بلسانه ، وسبق أن لعاب الكلب وسؤره نجس ، لكن لو كانت اليد جافة وكذلك شعر الكلب فلا يجب غسل اليد بعد ملامسته. ثانياً : لا ينبغي للوالدين أن يتركا أولادهما مع هذه الحيوانات النجسة الضارة لأنهم بذلك يتشبهون بالكفار الذين يربون الكلاب ويلعبون معها أكثر من أبنائهم ويجعلون أبنائهم يحبونها ويربونها في بيوتهم والنبي صلى الله عليه وسلم بين أن هذا الفعل ينقص من الأجر عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « مَنْ أَمْسَكَ كَلْبًا فَإِنَّهُ يَنْقُصُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ ، إِلاَّ كَلْبَ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ » رواه البخاري ومسلم . فالأطفال إذا تعودوا على ذلك أحبوا تربيتها في البيت ، فينبغي أن يجنب الأطفال اللعب مع هذه الحيوانات بالرفق واللين والحكمة . والله أعلم .
السائل: هل نزع الخف يبطل المسح عليه لو اعاده الي رجله؟ بمعنى رجل مسح علي خفيه ثم نزعهما بعد المسح فهل يبطل المسح عليهما بعد ما نزعه؟
الشيخ: اعلم رحمني الله تعالى وإياك أن مبطلات المسح على الخفين هي : أولا : انقضاء مدة المسح ،لحديث شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ : أَتَيْتُ عَائِشَةَ أَسْأَلُهَا عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَتْ : عَلَيْكَ بِابْنِ أَبِى طَالِبٍ فَسَلْهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ : ((جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ)) رواه مسلم . لكن لا يعني ذلك أنه إذا انقضت مدة المسح بطل الوضوء بل الوضوء صحيح حتى يأتي بنواقضه فانتهاء مدة المسح مبطلة للمسح بمعنى أنه لا يستطيع المسح مره أخرى حتى يخلع الخفين ويتوضأ وضوءا كاملا .وهو مذهب جمهور العلماء . ثانياً : الجنابة ، لحديث صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ قَالَ : (( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَأْمُرُنَا أَنْ لاَ نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ مِنْ جَنَابَةٍ لَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ)). رواه ابن ماجه وغيره وهو حديث حسن . ينظر الإرواء (104) . ثالثا: نزع الممسوح عليه من الرجلين ، لحديث عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم فِى سَفَرٍ ، فَأَهْوَيْتُ لأَنْزِعَ خُفَّيْهِ فَقَالَ « دَعْهُمَا ، فَإِنِّى أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ » . فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا . رواه البخاري ومسلم . ولحديث صفوان -رضي الله عنه-المتقدم . وهذا هو محل سؤالك وإليك التفصيل : نزع الخفين له صورتان : الصورة الأولى : توضأ وضوءا كاملا ثم لبس الخفين ثم أحدث وتوضأ لصلاة الظهر ومسح عليهما ثم قبل العصر نزع خفيه ثم لبسهما مرة أخرى في هذه الصور لا يجوز له أن يمسح عليهما بل يجب عليه أن يخلعهما ثم يتوضأ وضوءا كاملا مع غسل الرجلين لأنه لو مسح عليهما لم يصدق عليه حديث : (( فَإِنِّى أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ )) يعني مغسولتين ، فهو يمسح على قدمين ممسوح عليهماغير مغسولتين لأنه قد أحدث فأبطل وضوءه ثم توضأ ومسح عليهما ثم خلعهما فبمجرد الخلع بطل المسح لا الوضوء ثم لبسهما فلا يصح له أن يمسح عليهما مرة أخرى إلا بعد الوضوء الكامل مع غسل القدمين للحديث. الصورة الثانية : توضأ وضوءا كاملا ثم لبس الخفين وصلى الفجر ولم يحدث ثم جدد وضوءه فتوضأ لصلاة الظهر ومسح عليهما ثم قبل العصر نزع خفيه ولم يحدث ثم لبسهما مرة أخرى في هذه الصورة يجوز له المسح عليهما لأنه يصدق عليه حديث : (( فَإِنِّى أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ )) يعني مغسولتين فإنه لبس الخفين على قدمين مغسولتين لأن الوضوء لم ينتقض . والله أعلم .
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. نريد معرفة كيفية غسل الجنابة ..صفة الغسل .. من البداية ..وجزاكم الله خير ..الله ينفعنا واخواننا بعلمكم
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي حفظك الله تعالى غسل الجنابة على نوعين . النوع الأول : صفة غسل كمال . النوع الثاني : صفة غسل إجزاء . أما النوع الأول : وهو غسل الكمال فهو على النحو الآتي : أولا : النية : يشترط للغسل من الجنابة النية ، فينوي المغتسل الذي سيغتسل من الجنابة في قلبه أنه يغتسل لأجل الطهارة من الجنابة ، أو رفع حدث الجنابة وإلى اشتراط النية للطهارة ذهب جمهور العلماء من المالكية ، والشافعية ، والحنابلة دليل إشتراط النية حديث عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه – قَالَ : (( سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ))رواه البخاري .فالنبي صلى الله عليه وسلم حصر صحة الأعمال التعبدية بالنية ، فلا يقبل عمل إلا بنية ، والطهارة من الحدث الأكبر كالجنابة عبادة ، فيشترط لها النية كبقية العبادات . ثانياً : يغسل يديه وفرجه ، وهو مذهب جمهور العلماءمن الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة لحديث مَيْمُونَةَ –رضي الله عنها-: (( أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ ، فَغَسَلَ فَرْجَهُ بِيَدِهِ ، ثُمَّ دَلَكَ بِهَا الْحَائِطَ ، ثُمَّ غَسَلَهَا ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ))رواه البخاري في الغسل /باب مَسْحِ الْيَدِ بِالتُّرَابِ لِيَكُونَ أَنْقَى رقم الحديث (257). وفي لفظ مسلم : ((ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ ثُمَّ أَفْرَغَ بِهِ عَلَى فَرْجِهِ وَغَسَلَهُ بِشِمَالِهِ ثُمَّ ضَرَبَ بِشِمَالِهِ الْأَرْضَ فَدَلَكَهَا دَلْكًا شَدِيدًا ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ))رواه مسلم في الحيض/بَاب صِفَةِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ رقم الحديث (476). ثالثاً : الوضوء : ثم تتوضأ كوضوء الصلاة وهو سنة مستحبة في غسل الجنابة ، وهو مذهب الجمهور لحديث ميمونة -رضي الله عنها-المتقدم وفيه: ((ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ)) . وحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها – (( أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ ، ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ ، فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعَرِهِ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثَ غُرَفٍ بِيَدَيْهِ ، ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ ))رواه البخاري ومسلم. وهذا الوضوء إذا لم تأت بنواقضه فإنه يبيح لك الصلاةَ بعد تمام الاغتسال ، وعليك أن تسمي قبل الوضوء فتقول : بسم الله . لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ((لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لاَ وُضُوءَ لَهُ وَلاَ وُضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِ ))صحيح أبي داود رقم الحديث (92). ولا يعيد الوضوء بعد الغسل إلا إذا انتقض وضوؤه وهو يغتسل لحديث عائشة-رضي الله عنها- قالت: ((كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يغتسل ويصلي الركعتين وصلاة الغداة؛ ولا أراه يُحْدِثُ وُضوءاً بعد الغسل )).إسناده صحيح ينظر صحيح أبي داود رقم (245) وقال الشيخ -رحمه الله تعالى-: (إسناده صحيح على شرط البخاري ) . رابعا: يستحب البدء باليمن عند غسل الرأس والجسد وهو مذهب أكثر الفقهاء ، بل نقل بعضهم الاتفاق على ذلك كما في الموسوعة الفقهية (31/214) . وذلك لحديث عَائِشَةَ – رضي الله عنها – قَالَتْ : (( كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ دَعَا بِشَيْءٍ نَحْوَ الْحِلاَبِ ، فَأَخَذَ بِكَفِّهِ بَدَأَ بِشِقِّ رَأْسِهِ الأَيْمَنِ ، ثُمَّ الأَيْسَرِ ، ثُمَّ أَخَذَ بِكَفَّيْهِ فَقَالَ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ ))رواه البخاري ومسلم . والحلاب : وعاء يملؤه قدر حلب الناقة . وعنها– رضي الله عنها قَالَتْ : (( كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ ، وَتَرَجُّلِهِ ، وَطُهُورِهِ ، وَفِى شَأْنِهِ كُلِّهِ ))رواه البخاري ومسلم . خامساً : ثم يعمم الماء على جميع جسده وهو شرط لصحة الغسل ، وأن يصل الماء إلى بشرة الرأس وأصول الشعر وقد أجمع العلماء على أنه يشترط لصحة الغسل أن يعمم الماء على جميع البدن كما في الموسوعة الفقهية (31/207) ، والإقناع في مسائل الإجماع (1/99) ، والإنصاف (1/246) . إذ أنه لا يصح مسمى الغسل إلا به لحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها – (( أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ ، ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ ، فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعَرِهِ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثَ غُرَفٍ بِيَدَيْهِ ، ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ ))رواه البخاري ومسلم. هذا غسل الكمال باختصار . أما النوع الثاني : صفة غسل إجزاء . هوأن ينوي المغتسل لغسل الجنابة في قلبه أنه يغتسل لأجل الطهارة من الجنابة ، ثم تعمم الماء على جميع بدنه . والله أعلم .
السائل: فضيلة الشيخ اعاني من كثرة الوساوس في الوضوءفعلى سبيل المثال لا أدري كم غسلة يدي او وجهي مرتين او ثلاثة مما يجعلني اعيد الوضوء اكثر من مرة فارجو ان توجهوني لما يساعدني في الخلاص من هذه الوساوس وفقني الله و اياكم لما يحبه و يرضاه
الشيخ: الحمد لله وحده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وبعد : أخي حفظك الله تعالى وجنبني وإياك وساوس الشيطان اعلم حفظك الله تعالى أن مرض الوسواس من الشيطان نسأل الله تعالى العافية يريد من ذلك أن يجعل العبادة عليك شاقة حتى تعجز عن فعلها ويريد منك أن تتركها بالكلية فلهذا يخيل لك أنك لم تغسل هذا العضو وإذا لم تعد غسله فوضوءك باطل وعليه فإن صلاتك باطلة وهكذا لا يترك لك مجالا إلا ووسوس لك فيه ولهذا قال العلماء : (الوسوسة نوع من المبالغة في الورع والاحتياط ، حتى يخرج الموسوس من حد الورع إلى ما ليس منه ، وهو التشدد في الدين ، والخروج عن سماحته ويسره ، وعن مسلك السلف الصالحين) وتنشأ الشبهة المؤدية إلى الوسوسة من التصور الخاطئ لمعنى الاحتياط واتقاء الشبهات لأنه قد جرت كثير من مسائل الفقه على قاعدة الاحتياط ، فيظن الموسوسون أن ما هم فيه من أمر الوسوسة داخل في قاعدة الاحتياط ، ورأوا أن ذلك خير من التفريط وهذا باطل قطعا لأنه من التشديد في الدين النهي عنه ولم يقل به أحد من علماء المسلمين بل هو من الشيطان الرجيم . وعلاج ذلك بإذن الله تعالى فيما يأتي : أولا : إذا علمنا أن الشيطان يوسوس للإنسان كما هو صريح القرآن فعليك أخي إذا شعرت بعد غسلك للعضو بأن الشيطان يأمرك بغسل العضو مرة أخرى فاستعذ بالله منه وأكثر الاستعاذة لأنه الوسواس الخناس وإياك أن توافقه في غسل العضو مرة أخرى لأنك قد غسلته وأعلم أن وضوءك صحيح بإذن الله تعالى . قال تعالى : {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }الأعراف200 ثانياً : عليك أخي بعد وضوئك مباشرة أن لا تفكر في الوضوء أو تفتح لك باب الأسئلة غسلت هذا العضو أم لا ؟! لا تفكر في ذلك مطلقا ولو جاءك الشيطان فقال لك إنك لم تغسل العضو الفلاني وبدأ بالوسوسة فقل له : كذبت ولا تبالي به . ثالثا : أكثر من ذكر الله تعالى ومن دعائه أن يعافيك من هذا المرض فإن الله تعالى لا يرد عبدا دعاه . رابعا: اعلم أن الزيادة والتنطع والتشدد في الدين منهي عنه شرعا وهو مذموم فتذكر عندما يأتيك الشيطان ليوسوس لك بإعادة غسل العضو أكثر من ثلاث أن هذا منهي عنه وعليه فلا تفعله ولا تطعه في ذلك . والله أعلم .