الوسوسة في عدم التفريق بين المذي والمني ؟

2138
السائل: كيف اتخلص من وساوس المنى والمذى وخصوصآ اذا كنت متزوجه انا اعرف ان لون المنى اصفر لدى المرأة والمذى ابيض لمن المنى احيانآ يصبح ابيض عند قوتها ماذا افعل لكن عجزة وتعبت حياتى مع زوجى سوف تتدمر لأننى سوف اغتسل لأي شى ينزل منى خصوصآ عند المداعبه دائمآ ينزل شئ وأقول انه منى لانهم قالوا احيانآ ينزل منى

الشيخ: أختي حفظك الله تعالى الأمر يسير وسهل ، فأعظم فرق بين المذي والمني هو :
أن المني يعقبه فتور وخمول وكسل بعد خروجه وأما المذي فليس كذلك .
فلو خرج منك شيئا عند المداعبة مع زوجك ولم يعقبه فتور أو كسل ونحو ذلك فهو مذي وعليك غسل الموضع فقط وليس عليك غسل ، فالفرق بينهما ظاهر بين . ولا تستمعي للقال والقيل في هذه المسألة فما أكثر من يتشدق ويتكلم بغير علم نسأل الله تعالى الهداية للجميع .
والله أعلم

حكم المسح على القلنسوة

2137
السائل: ماحكم المسح على القلنسوة (الطاقية )علماانهالاتغطي الراس كله؟

الشيخ: الحمد لله وحده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وبعد :
القلنسوة شَيْءٌ تَجْعَلُهُ الْأَعَاجِمُ عَلَى رُءُوسِهِمْ أَكْبَرُ مِنْ الْكُوفِيَّةِ وهي غِشَاءٌ مُبَطَّنٌ لِيُسْتَرَ بِهِ الرَّأْسُ ، وهي ما يُلبس على الرأس ويتعمم فوقه ، وهي التي تُغطى بها العَمائِم وتَسْتُر من الشَّمس والمطر .
والقَلَنْسُوة والقُلَنْسِيَة والقَلَنْساة جمعها قَلانِسُ وقَلاسٍ وقَلَنْسٍ .
وأما حكم المسح عليها :
اختلف العلماء –رحمهم الله تعالى- في جواز المسح على القلنسوة ، والراجح أنه يجوز المسح عليها ، وهو رواية عن الإمام أحمد(ينظر : المغني (1/384) ، والإنصاف (1/168) ) ، ورجحه ابن حزم(ينظر : المحلى (1/303) ) .
ورجحت هذا المذهب للأدلة الآتية :
الدليل الأول : عَنْ أَشْعَثَ ، عَنْ أَبِيهِ : (( أَنَّ أَبَا مُوسَى خَرَجَ مِنَ الْخَلاَءِ فَمَسَحَ عَلَى قَلَنْسُوَتِهِ ))( رواه ابن أبي شيبة في المصنف (1/22) رقم (222) . بإسناد صحيح ) .
الدليل الثاني : عن سعيد بن عبد الله بن ضرار قال : (( رأيت أنس بن مالك أتى الخلاء ثم خرج وعليه قلنسوة بيضاء مزرورة ، فمسح على القلنسوة وعلى جوربين له مرعزاً أسودين ثم صلى ))(رواه عبد الرزاق في المصنف (1/190) رقم (745) . بإسناد لا بأس به ، ويتقوى بما قبله ) .
وجه الاستدلال من الأثرين : أن الصحابة –رضي الله عنهم- أعلم بحال النبي ﷺ من غيرهم فلو كان المسح على القلنسوة لا يجوز لما فعلوا ذلك ، ففعل الصحابي إذا لم يعاض نصا مرفوعاً ، ولم يخالفه صحابي آخر فهو حجة ، وهذا غير موجود فيما أعلم هنا ، فإن وجد الخلاف بينهم فيؤخذ بما وافق ظاهر النص ، ووافق القياس الصحيح .
الدليل الثالث : قال ابن قدامة : (وقال أبو بكر الخلال : إن مسح إنسان على القلنسوة لم أر به بأسا لأن أحمد قال في رواية الميموني : أنا أَتَوَقَّاهُ وإن ذهب إليه ذاهب لم يعنفه ، قال الخلال : وكيف يعنفه وقد روي عن رجلين من أصحاب رسول الله ﷺ بأسانيد صحاح ورجال ثقات . فروى الأثرم باسناده عن عمر أنه قال : إن شاء حسر عن رأسه وإن شاء مسح على قلنسوته وعمامته ، وروى بإسناده عن أبي موسى أنه خرج من الخلاء فمسح على القلنسوة) .
ينظر : المغني (1/384) ، والإنصاف (1/168)

الدليل الرابع : قياس القلنسوة على العمامة ، فالعمامة والقلنسوة كل منهما ملبوس يستر الرأس معتاد في نزعه نوع كلفة ومشقة . قال الثوري : والقلنسوة بمنزلة العمامة(رواه عبد الرزاق في المصنف (1/190) رقم (745) ) .
وأما قولك : بأنها لا تغطي الرأس كله فلا يضر ذلك كالعمامة فإنه يمسح على الرأس المكشوف ويمسح على القلنسوةوبهذا يكون مسح جميع الرأس ولا يقتصر على أحدهما أو بعضهما فعن الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ –رضي الله عنه- : ((أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى الْعِمَامَةِ وَعَلَى الْخُفَّيْنِ ))( رواه مسلم في الطهارة /باب الْمَسْحِ عَلَى النَّاصِيَةِ وَالْعِمَامَةِ رقم الحديث (659) ) .
واعلم أن المسائل والشروط التي تذكر في المسح على العمامة هي كذلك هنا في المسح على القلنسوة ولا فرق .

والله أعلم .

هل الترتيب بين أعضاء الوضوء واجب أو مستحب ؟

2108
السائل:
صفحة الشيخ الألباني رحمه الله
10/05/2013 ·
  س)- هل الترتيب في الوضوء سنة أم فرض؟
  ليس هناك ما يدل على وجوب الترتيب , وقول ابن القيم في الزاد (وكان وضوؤه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرتباً متوالياَ لم يخل به مرة واحدة البتة) , غير مسلم في الترتيب , لحديث الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيَّ قَالَ (أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) , رواه أحمد , وعنه أبوداود بإسناد صحيح , وقال الشوكاني : (إسناد صالح , وقد أخرجه الضياء في المختارة) فهذا يدل على أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يلتزم الترتيب في بعض المرات , فذلك دليل على أن الترتيب غير واجب , ومحافظته عليه في غالب أحواله دليل على سنيته , والله أعلم. انتهى كلام الشيخ الالباني من السلسلة

————
تعليقكم يا شيخ في هذه المسألة

الشيخ:

السؤال


صفحة الشيخ الألباني رحمه الله
10/05/2013 ·
  س)- هل الترتيب في الوضوء سنة أم فرض؟
  ليس هناك ما يدل على وجوب الترتيب , وقول ابن القيم في الزاد (وكان وضوؤه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرتباً متوالياَ لم يخل به مرة واحدة البتة) , غير مسلم في الترتيب , لحديث الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيَّ قَالَ (أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا) , رواه أحمد , وعنه أبوداود بإسناد صحيح , وقال الشوكاني : (إسناد صالح , وقد أخرجه الضياء في المختارة) فهذا يدل على أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يلتزم الترتيب في بعض المرات , فذلك دليل على أن الترتيب غير واجب , ومحافظته عليه في غالب أحواله دليل على سنيته , والله أعلم. انتهى كلام الشيخ الالباني من السلسلة

————
تعليقكم يا شيخ في هذه المسألة


الجواب

الحمد لله وحده وأشهد وأن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وبعد :
اختلف العلماء –رحمهم الله تعالى- في حكم الترتيب بين الأعضاء ، والراجح أن الترتيب بين الأعضاء سنة مستحبة ، وهذا هو هدي النبي ﷺ الغالب ، وليس الترتيب فرضاً ، وهو مذهب الحنفية ، والمالكية ، (والثوري ، والأوزاعي ، والليث بن سعد المزني صاحب الشافعي) ، قال النووي(المجموع (1/471) ) : (حكاه البغوي عن أكثر العلماء ، وحكاه ابن المنذر عن علي وابن مسعود -رضي الله عنهما- ، وبه قال سعيد بن المسيب ، والحسن ، وعطاء ،ومكحول ، والنخعي ، والزهرى ، وربيعة ، والاوزاعي ، وأبو حنيفة ، ومالك وأصحابهما ، والمزني ، وداود ، واختاره ابن المنذر ، قال صاحب البيان : واختاره أبو نصر البندنجي ) .
ورجحت هذا المذهب للأدلة الآتية :
الدليل الأول : قوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ ﴾ سورة المائدة: ٦.
وجه الاستدلال : أن الآية ذكرت أعضاء الوضوء بحرف (الواو) الذي يدل على مطلق الجمع ولو كان الترتيب واجباً لذكر بحرف يفيد الترتيب مثل (ثم) أو (الفاء) .
وقد دل الشرع على ذلك فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ : (( إِذَا حَلَفَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَقُلْ مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ ، وَلَكِنْ لِيَقُلْ مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ شِئْتَ ))( رواه ابن ماجه في الكفارات/بَاب النَّهْيِ أَنْ يُقَالَ مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ رقم الحديث (2108) . وقال الشيخ الألباني في صحيح ابن ماجه رقم (1720) : (حسن صحيح) . وينظر : السلسلة الصحيحة رقم (1093) ) .
فالنبي ﷺ نهى أن يجمع بين مشيئة الله تعالى وبين مشيئته ﷺ بالواو ، فلو كانت الواو للترتيب لم يمنع من ذلك لأنها تكون بمنزلة الفاء وثم ، فدل هذا على أن الواو لا تفيد الترتيب .
وأيضاً لو كانت تفيد الترتيب بنفسها لصح أن تدخل حرف الترتيب في كل موضع تدخل الواو فيه كما يدخل كل حرف من حروف الترتيب المدخل الذي يدخله الآخر ، فقول القائل : تشاتم زيد وعمرو . لا يصح دخول الواو وثم مكان الواو هنا فعلمنا أن الواو لا تفيد الترتيب بنفسها .
قال ابن عبد البر(التمهيد (2/80) ) : (مذهب مالك في أكثر الروايات عنه وأشهرها أن الواو لا توجب التعقيب ، ولا تعطى رتبة ، وبذلك قال أصحابه ، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه ، والثوري ، والأوزاعي ، والليث بن سعد المزني صاحب الشافعي ، وداود بن علي ، قالوا فيمن غسل ذراعيه أو رجليه قبل أن يغسل وجهه ، أو قدم غسل رجليه قبل غسل يديه ، أو مسح برأسه قبل غسل وجهه : إن ذلك يجزئه … وكلّ من ذكرناه من العلماء مع مالك يستحب أن يكون الوضوء نسقاً ، والحجة لمالك ومن ذكرنا من العلماء أن سيبويه وسائر البصريين من النحويين قالوا في قول الرجل : أعط زيدا وعمرا دينارا ، إن ذلك إنما يوجب الجمع بينهما في العطاء ولا يوجب تقدمة زيد على عمرو ، فكذلك قول الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ )إنما يوجب ذلك الجمع بين الأعضاء المذكورة في الغسل ولا يوجب النسق ، وقد قال الله عز وجل : ﴿وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلهِ ﴾ سورة البقرة: ١٩٦. فبدأ بالحج قبل العمرة ، وجائز عند الجميع أن يعتمر الرجل قبل أن يحج ، وكذلك قوله : ﴿وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ﴾ سورة البقرة: ٤٣. جائز لمن وجب عليه إخراج زكاة ماله في حين وقت صلاة أن يبدأ بإخراج الزكاة ، ثم يصلي الصلاة في وقتها عند الجميع ، وكذلك قوله : ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ﴾ سورة النساء: ٩٢. لا يختلف العلماء أنه جائز لمن وجب عليه في قتل الخطأ إخراج الدية وتحرير الرقبة ويسلمها قبل أن يحرر الرقبة ، وهذا كلّه منسوق بالواو ، ومثله كثير في القرآن فدل على أن الواو لا توجب رتبة … وقد قال الله عز وجل : ﴿يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ سورة آل عمران: ٤٣. ومعلوم أن السجود بعد الركوع وإنما أراد الجمع لا الرتبة ) .

الدليل الثاني : عن الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ الْكِنْدِيَّ –رضي الله عنه- قَالَ : (( أُتِيَ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ ، فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا ، ثُمَّ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ))(رواه الإمام أحمد في المسند رقم الحديث (17188) ، وأبو داود في الطهارة/باب صِفَةِ وُضُوءِ النَّبِيِّ ﷺ رقم الحديث (121) . قال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (1/206) : (إسناد صحيح ، وقال النووي والعسقلاني : حسن ، والشوكاني : صالح ، وأخرجه الضياء في المختارة … (تنبيه) : يلاحظ أن المضمضة في هذا الحديث وقعت بعد غسل الذراعين . نعم ؛ وقعت في النسخة التازية- المطبوعة في مصر- بعد غسل الكفين ؛ كما في سائر الأحاديث ، لكن الصواب في هذا الحديث : الأول ؛ لأمرين :
الأول : أنه كذلك وقع في النسخة التي عليها شرح “عون المعبود”.
الثاني : أن الحديث في “المسند” كما سبق ، وقد جاءت فيه المضمضة بعد الذراعين … وقد رأيت الزيلعي نقل الحديث (1/12) عن المصنف موافقاً لها ، فدل ذلك على أن النسخ مختلفة ، لكن الراجح النسخة الأخرى ؛ لما ذكرنا من موافقتها لـ “المسند”. والله أعلم) .
قلت : يقويه أيضا حديث الربيع بنت معوذ –رضي الله عنها- الآتي في الدليل الثالث .
) .
الدليل الثالث : عن عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ ابْنِ عَفْرَاءَ –رضي الله عنها- قَالَتْ : (( كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَأْتِينَا فَحَدَّثَتْنَا أَنَّهُ قَالَ : اسْكُبِي لِي وَضُوءًا ، فَذَكَرَتْ وُضُوءَ رَسُولِ اللهِ ﷺ ، قَالَتْ فِيهِ : فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا ، وَوَضَّأَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا ، وَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مَرَّةً ، وَوَضَّأَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّتَيْنِ بِمُؤَخَّرِ رَأْسِهِ ثُمَّ بِمُقَدَّمِهِ ، وَبِأُذُنَيْهِ كِلْتَيْهِمَا ظُهُورِهِمَا وَبُطُونِهِمَا ، وَوَضَّأَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ))(رواه أبو داود في الطهارة/باب صِفَةِ وُضُوءِ النَّبِيِّ ﷺ رقم الحديث (108) . قال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (1/211) : (إسناده حسن ، وقال الترمذي : حديث حسن ، وقواه الحاكم والذهبي) . ) .
الدليل الرابع : عن عَلِيٍّ –رضي الله عنه- قال : (( مَا أُبَالِي لَوْ بَدَأْت بِالشِّمَالِ قَبْلَ الْيَمِينِ ، إذَا تَوَضَّأْت ))(رواه ابن أبي شيبة رقم (422) ، والدارقطني في سننه رقم (304) . وسنده صحيح ) .
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ –رضي الله عنه- : (( أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَوَضَّأَ فَبَدَأَ بِمَيَاسِرِهِ ؟ فَقَالَ : لاَ بَأْسَ ))(رواه الدارقطني في سننه رقم (306) ، وقال : صحيح ) .
وجه الاستدلال : أن هذا الفعل من هذين الصحابيين –رضي الله عنهما- يخالف أصل الترتيب ، لأن النبي ﷺ بين الآية بفعله فبدأ بالميامن قبل المياسر ، فدل هذا على أن الترتيب ليس واجباً .
فإن قيل : إن مخرج اليدين والرجلين في الآية واحد بمعنى أنه لم يذكر اليمنى ثم اليسرى بل قال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ﴾ فمخرج اليدين والرجلين في الآية واحد ، بمعنى أن اليدين في حكم اليد الواحدة وكذلك الرجلان ، فلا بأس بأن يبدأ باليسار قبل اليمين ، ونحن بحثنا في ترتيب المذكور في الآية وهو غسل الوجه قبل اليدين إلى المرفقين ، وغسل اليدين قبل مسح الرأس وهكذا بقية أعضاء الوضوء ، فحكم كل عضو منفرد عن الآخر .
جوابه :
أننا سلمنا لكم أن مخرج اليدين والرجلين في الآية واحد ، لكن هل المراد من الآية ترتيب أعضاء الوضوء ؟ فإن قلتم : نعم ، قلنا : كذلك هي في اليدين والرجلين بدليل فعل النبي ﷺ المفسر لهذه الآية ، وإن قلتم : الآية لا تدل على ترتيب الميامن والمياسر في اليدين والرجلين وإنما تدل على ترتيب باقي الأعضاء ، قلنا : هذا تحكم منكم لأن السنة بينت أن اليدين والرجلين في الآية يبدأ بالميامن منها ، فدل هذا على أن الترتيب في الآية مراد ، ومنه الميامن والمياسر ، ودل هذان الأثران وكذا بقية الأدلة المتقدمة على أن هذا الترتيب ليس واجباً ، هذا لو سلمنا لكم بأن الواو في الآية تفيد الترتيب ، وسبق أنه لا تفيد ذلك .
واستدل المخالفون القائلون بوجوب الترتيب بما يأتي :
الدليل الأول : قوله تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ﴾ سورة المائدة: ٦ .
وجه الاستدلال : قال النووي(المجموع (1/471) ) : (واحتج أصحابنا بالآية قالوا وفيها دلالتان إحداهما … أن الله تعالى ذكر ممسوحا بين مغسولات ، وعادة العرب إذا ذكرت أشياء متجانسة وغير متجانسة جمعت المتجانسة على نسق ، ثم عطفت غيرها لا يخالفون ذلك إلا لفائدة ، فلو لم يكن الترتيب واجبا لما قطع النظيره … الدلالة الثانية : أن مذهب العرب إذا ذكرت أشياء وعطفت بعضها على بعض تبتدئ الأقرب فالأقرب لا يخالف ذلك إلا لمقصود فلما بدأ سبحانه بالوجه ثم اليدين ثم الرأس ثم الرجلين دلّ على الأمر بالترتيب وإلا لقال فاغسلوا وجوهكم وامسحوا برؤوسكم واغسلوا أيديكم وأرجلكم ) .
جوابه :
الجواب الأول : أن لا يستطيع أحد أن يقطع بوجوب الترتيب بناء على ما ذكرتم من نكتة ذكر الممسوح بين المغسولات ، فقد يكون ذكر الممسوح بين المغسولات لبيان استحباب الترتيب .
الجواب الثاني : أنه لو سلم لكم جدلا بذلك فإن السنة دلت على عدم وجوب الترتيب ، فصرف هذا من الوجوب إلى الاستحباب .
الجواب الثالث : أن مسح الرأس المذكور بين الغسل هو أيضاً من جنس الغسل ، والوضوء لا يتم إلا به كما لا يتم إلا بغسل الأعضاء ، فإذا كانت الطهارة لا تتم إلا بالغسل والمسح لم يكن بعض الأعضاء بالتقديم أولى من الآخر .
الجواب الرابع : قولكم : العرب إذا ذكرت أشياء وعطفت بعضها على بعض تبتدئ الأقرب فالأقرب لا تخالف ذلك إلا لمقصود فلما بدأ سبحانه بالوجه ثم اليدين ثم الرأس ثم الرجلين دلّ على الأمر بالترتيب ، فنقول : ليس كما ذكرتم لأنه يقال لما بدأ الله تعالى بالوجه الذي لا يسقط في التيمم عطف عليه اليدين لأنهما لا يسقطان في التيمم ، ثم أتى بمسح الرأس ثم عطف عليه غسل الرجلين لأنهما يسقطان في التيمم فليس فيه الترتيب .
أو يقال : جمع الله تعالى ما في أعلى البدن في اللفظ ، ثم أخر الرجلين لأنهما من أسفل البدن .
الدليل الثاني : عن جابر – رضي الله عنه – في صفة حجة النبي ﷺ قال : ((ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا فَلَمَّا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ : ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ﴾ سورة البقرة: ١٥٨ أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ . فَبَدَأَ بِالصَّفَا ))(رواه مسلم في الحج / باب حجة النبي ﷺ ، رقم الحديث (1218) ).
وفي رواية قال : (( ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ ))(رواه النسائي في مناسك الحج / القول بعد ركعتي الطواف ، رقم الحديث (2962) ، وأحمد في المسند رقم الحديث (15280) . ينظر : إرواء الغليل (4/316) ) .
وجه الاستدلال : أن النبي ﷺ بدأ بما بدأ الله به في القرآن ، وأمرنا بذلك ، وقد بدأ الله تعالى بذكر الوجه ، فاليدين ، فالرأس ، فالرجلين ، فدل ذلك على أن الترتيب في الوضوء واجب .
جوابه :
الجواب الأول : أن الحديث لو سلم أنه على العموم يشمل الصفا والمروة وغيره من العبادات فإن النبي ﷺ قد بين بفعله أن الترتيب ليس واجباً كما سبق في أدلة المذهب الأول ، فيصرف هذا الأمر في ترتيب أفعال الوضوء من الوجوب إلى الاستحباب .

الجواب الثاني : أن هذا الحديث حج عليكم لا لكم لأن الواو في الآية لو كانت تقتضي الترتيب لما احتاج النبي ﷺ أن يبين أن الصفا مقدم على المروة لأن الآية صريحة في ذلك ﴿ إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ﴾ ، فلما كانت الواو لا تقتضي الترتيب في لسانهم بين لهم النبي ﷺ أن الترتيب بين الصفا والمروة مراد ، وعليه فالواو في آية الوضوء ليست للترتيب ، وهذا الحديث ورد في الصفا والمروة لبين أنه للترتيب فتحتاج الواو في آية الوضوء لدليل بأنها للترتيب .
واستدلوا بأدلة أخرى لا تصلح للاستدلال ، تراجع في الكتب الموسعة .
وعلى كل لا شك أن الترتيب في الوضوء أولى وأحوط ، لكن لو لم يرتب فقد عرفت حكم المسألة . والله أعلم .
ينظر : تبين الحقائق (1/6) ، والمبسوط (1/55) ، وحاشية ابن عابدين (1/122) ، وبدائع الصنائع (1/18) ، وأحكام القرآن للجصاص (2/507) ومواهب الجليل (1/249) ، والمدونة (1/14) ، والمنتقى (1/47) والتمهيد (2/80) .

تعريف المني ؟

2089
السائل: السلام عليكم يا شيخ انا يا شيخ لدى وساوس فى المنى والمذى اريد ان اعرف صفات المنى لدى المراءه لانى قرات كثير عنهو ووجد اختلاف يقولون لونه اصفر رقيق واخرون ابيض مائل للصفره وثخين واخرون ابيض ثخين واخرون اصفر رقيق لكن احيانآ يصبح ابيض لقوتها لا استطيع التميز واريد ان اعرف اهو يخرج بكثره ام يكون بسيط فى شكل نقاط .

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
المني :هو الماء الغليظ الدافق الذي يخرج عند اشتداد الشهوة .
وعرفه الفقهاء بأنه ماء غليظ أبيض بالنسبة للرجل ، وماء رقيق أصفر بالنسبة للمرأة يخرج عند اشتداد الشهوة بتلذذ عند خروجه ويعقب خروجه فتور ، ورائحته كرائحة طلع النخل ويقرب من رائحة العجين .
والفرق بين المذي والمني أن المني يخرج بشهوة مع الفتور عقيبه ، وأما المذي فيخرج عن شهوة لا بشهوة ولا يعقبه فتور .
والله أعلم .

الاحتلام والتفصيل فيه ؟

2083
السائل: السلام عليكم
لقد قراءة ان هنالك قول يقول انه لايجب الغسل عند الاحتلام اذا رايت شئ فى المنام ام لا حتى اذا وجت بلل.وهذا هو القول( ً ﺫﻛﺮ ﺍﺣﺘﻼﻣﺎ ﺃﻭ ﻟﻢ ﻳﺬﻛﺮ
ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻐﺴﻞ، ﻭﻫﻮ
ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭ ﻣﻦ ﻣﺬﻫﺐ ﺍﻟﺤﻨﺎﺑﻠﺔ ( فهل هذا صحيح ام انه يشترط ان لا يوجد بلل .

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
قد أجبت على هذا السؤال بالتفصيل على الرابط الأتي :
http://www.ebrahimalzaabi.co/?page_id=1861

هل رطوبة فرج المرأة نجسة وهل هي ناقضة للوضوء ؟

2078
السائل: الافرازات المهبليه أو الطبيعية للمراءه اذا خرجة خارج الفرج وايضآ القصه البيضاء ياشيخ هل تنقض الوضوء .هنالك شيوخ قالو لا لكن قلت انهم يقصدون انها اذا لم تخرج خارج الفرج .لان هنالك اخرون قالو ناقضه اذا خرجة خارج الفرج واذا لم تخرج لاتنقض و.الشيوخ الذين قالو لاتنقض لم يحددو اذا كانت داخل أم خارج فقط قالو حكم الافرازات الخاجه من المراءه قالو هى طاهره لانها تخرج من الرحم وقالو لاتنقض الوضوء ؟

الشيخ: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
المقصود برطوبة فرج المرأة هي البلل الذي تجده المرأة في فرجها ، وهي الإفرازات المهبلية ، وهي غير المذي النجس الذي هو ماء لزج رقيق يخرج عند الشهوة ، فإذا تحركت الشهوة بتفكيرٍ أو نظرٍ أو مسٍ خرج المذي ، ولا يعقبه فتور ، ويكون ذلك في الرجل والمرأة ، وهو في النساء أكثر .
فرطوبة فرج المرأة : هي ماء أبيض متردد بين المذي والعرق .ينظر : نهاية المحتاج (1/229) ، والمجموع (2/526) ، والموسوعة الفقهية (22/260)
اتفق العلماء –رحمهم الله تعالى- على طهارة رطوبة الفرج الخارجية ينظر : حاشية ابن عابدين (1/166 ، 313) .
لأنها بمنزلة رطوبة الأنف والعرق الخارج من البدن .
واختلفوا –رحمهم الله تعالى- في طهارة رطوبة فرج المرأة الداخلية ، وهي التي سبق تعريفها ، والراجح أنها طاهرة ، وهو مذهب الإمام أبي حنيفة ، وقول عند الشافعية ، ورجحه النووي وغيره ، وهو المشهور في مذهب الحنابلة ، رجحه ابن قدامة .
ورجحت هذا المذهب للأدلة الآتية :
الدليل الأول : الأصل الطهارة ولا يصار إلى النجاسة إلا بدليل صحيح صريح ، ولو كانت رطوبة فرج المرأة نجسة لجاء الأمر من النبي ﷺ لأمته بالتحرز منها ، فلما لم يأت شيء من هذا علمنا أنها طاهرة .
الدليل الثاني : القول بنجاسة رطوبة فرج المرأة فيه حرج شديد ، لأن في التحرز منها فيه مشقة كبيرة ، والحرج مرفوع عن هذه الأمة .
الدليل الثالث : أن رطوبة فرج المرأة بمنزلة العرق الذي يحصل خارج الفرج ولا فرق ، فكما أن العرق الذي يحصل خارج الفرج طاهر بالاتفاق فكذلك الرطوبة الحاصلة داخل الفرج .
الدليل الرابع : أن رطوبة فرج المرأة ليست بولاً أو مذياً أو دم حيض حتى يحكم بنجاستها ، ولو كانت نجسة لجاء الأمر بالوضوء منها كالبول والمذي ، أوجاء الأمر بغسلها قبل الصلاة ، قال تعالى : ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾ [سورة مريم: ٦٤] ، فعلم أنها طاهرة لسكوت الشارع عنها ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ : قَالَ رسول الله ﷺ : ((مَا أَحَلَّ اللهُ فِى كِتَابِهِ فَهُوَ حَلاَلٌ ، وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَافِيَةٌ ، فَاقْبَلُوا مِنَ اللهِ عَافِيَتَهُ ، فَإِنَّ اللهَ لَمْ يَكُنْ نَسِيًّا . ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ : ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ))(رواه الدارقطني (2/137) ، والحاكم (2/375) ، والبيهقي (10/12) . ينظر : السلسلة الصحيحة رقم الحديث (2256) ) .
وعليه إذا رحجنا طهارتها فإنها غير ناقضة للوضوء .
تنبيه :
أصحاب هذا المذهب يرون أن رطوبة فرج المرأة طاهر مطلقاً حتى الرطوبة التي تخرج على الذكر حال الجماع ، وهذا فيه نظر عندي لأن الرطوبة التي تخرج على الذكر من الفرج حال الجماع غالبا ما تكون مذياً ، والمذي نجس كما سبق سواء كان من الرجل أو المرأة ولا فرق ، والمذي إذا خرج من المرأة سواء عند الجماع أو قبله بالتفكر فإنه نجس ، فلا يصح أن يحكم بطهارة هذه الرطوبة التي هي في الحقيقة مذي ، وبحثنا كان في الرطوبة التي هي غير المذي .
أما قولك : القصة البيضاء فلا أدري ما سبب اقحامها في رطوبة فرج المرأة فالقصة البيضاء هي ما يكون بعد الحيض فعَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ مَوْلاَةِ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهَا قَالَتْ : ((كَانَ النِّسَاءُ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ بِالدِّرَجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ مِنْ دَمِ الْحَيْضَةِ يَسْأَلْنَهَا عَنِ الصَّلاَةِ ؟ فَتَقُولُ لَهُنَّ : لاَ تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ . تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنَ الْحَيْضَةِ ))( رواه الإمام مالك في الموطأ (1/59) بإسناد حسن )
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في معنى القصة البيضاء في هذا الأثر إلى قولين( ) :
الأول : أن القصة البيضاء عبارة عن سائل أبيض يخرج عقب الدم في آخر الحيض ، يكون علامة على طهرها ، ولا تطهر بدونه ، وقيل : إنه يشبه الخيط الأبيض .
الثاني : أن القصة البيضاء هي أن تخرج القطنة بيضاء ليس فيها شيء من صفرة ولا كدرة ، فيكون ذلك علامة على نقائها وطهرها . ينظر : فتح الباري لابن رجب (1/492) ، وفتح الباري (1/500) ، ولسان العرب (11/193) .
والأثر فيه ما يؤيد التفسير الثاني حيث إن النساء كن يبعثن إلى عائشة – رضي الله عنها – بالقطن فيها الصفرة من دم الحيض فكانت تقول لهن : (( لاَ تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ )) أي القطنة بيضاء لا صفرة فيها . والله أعلم .
فالمقصود أن القصة البيضاء تكون بعد الحيض بخلاف مبحث رطوبة فرج المرأة . والله اعلم .
وللازدياد في مبحث رطوبة فرج المرأة ينظر : ينظر : حاشية ابن عابدين (1/166 ، 313) وحاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (1/64) ، والدر المختار (1/349) ، وروضة الطالبين (1/18) ، شرح مسلم للنووي (3/198) ، والمجموع (2/526) والمبدع (1/255) ، والإنصاف (1/341) ، والكافي (1/87) ، وكشاف القناع (1/195) ، والمغني (1/414) .

هل مس المرأة ينقض الوضوء ؟

2067
السائل:
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ,,
جزاكم الله خيراً و أحسن إليكم,,
يا شيخ, أحيانا أتعرض لمواقف في السوق مثلا أدفع السعر و استرد الباقي من المال, احيانا تلامس يدي يد البائعة بغير قصد , السؤال هل هذا ناقض للوضوء و ما حكم فيه؟
جزاك الله خيراً

الشيخ:

السؤال


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ,,
جزاكم الله خيراً و أحسن إليكم,,

يا شيخ, أحيانا أتعرض لمواقف في السوق مثلا أدفع السعر و استرد الباقي من المال, احيانا تلامس يدي يد البائعة بغير قصد , السؤال هل هذا ناقض للوضوء و ما حكم فيه؟
جزاك الله خيراً


الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
سؤالك أخي حفظك الله تعالى ذو شقين :
الأول : حكم مس المرأة الأجنبية أو مصافحتها وأظن الحكم ظاهر لديك أنه للتحريم إلا للضرورة ولهذا انت قلت تلامس يدي يدها من غير قصد وقد أجب على هذا في هذا الموقع وسؤالك هو عن الشق الثاني .
الثاني : هو نقض الوضوءبمس المرأة اختلف العلماء في مس المرأة بدون حائل فذهب الحنفية إلى أنه لا ينقض الوضوء مطلقاً وهو رواية عن الإمام أحمد ، وذهب المالكية والمشهور عند الحنابلة إلى أنه ينقض الوضوء إذا كان لشهوة ، وذهب الشافعيةإلى أنه ينقض الوضوء مطلقاً ، وهو رواية عن الإمام أحمد .
والراجح أنه لا ينقض الوضوء مطلقاً سواء كان بشهوة أو غير شهوة إلا إذا خرج منه شيء ، ورجحت هذا المذهب للأدلة الآتية :
الدليل الأول : الأصل عدم النقض ، ولا يوجد دليل صريح صحيح في نقض الوضوء من مس المرأة ، والأدلة الواردة إما أدلة غير صريحة في الاستدلال أو غير صحيحة .
الدليل الثاني : عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهَا قَالَتْ : ((كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ ﷺ وَرِجْلاَيَ فِي قِبْلَتِهِ ، فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي ، فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ ، فَإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا . قَالَتْ : وَالْبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ ))(رواه البخاري رقم الحديث (382) ، ومسلم رقم الحديث (1173) ) .
وجه الاستدلال : أن مس المرأة لو كان ينقض الوضوء ما مس النبي ﷺ عائشة –رضي الله عنها- وهو في الصلاة ، فدل هذا على أن مس المرأة لا ينقض الوضوء .
فإن قيل : لعل الغمز من النبي ﷺ كان مع وجود حائل .
قلنا : الأصل عدمه ، خاصة أنها نائمة ، فاحتمال أن يمس شيئاً من جسدها من غير حائل احتمال كبير ، وليس في الحديث أن الغمز كان مع حائل حتى يقال به .
الدليل الثالث : عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ –رضي الله عنها- : ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَبَّلَ بَعْضَ نِسَائِهِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ . قُلْتُ : مَا هِيَ إِلَّا أَنْتِ فَضَحِكَتْ ))( رواه ابن ماجه رقم الحديث (495) ، والترمذي رقم الحديث (79) ، وأحمد في المسند رقم (25766) . قال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (1/317) : (حديث صحيح، وعروة: هو ابن الزبير، وقد صححه ابن التركماني والزيلعي وقال : وقد مال ابن عبد البر إلى تصحيح هذا الحديث ، فقال: صححه الكوفيون وثبتوه لرواية الثقات من أئمة الحديث له ) ، وينظر : صحيح ابن ماجه رقم (406) ) .
وعَنْ زَيْنَبَ السَّهْمِيَّةِ عَنْ عَائِشَةَ –رضي الله عنها- : ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يُقَبِّلُ وَيُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ وَرُبَّمَا فَعَلَهُ بِي))(رواه ابن ماجه رقم الحديث (496) ، وأحمد في المسند رقم (24329) . وصححه الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (1/316) ) .
وجه الاستدلال : أن النبي ﷺ قبل عائشة –رضي الله عنها- ثم ذهب إلى الصلاة ولم يتوضأ ، والتقبيل مس وزيادة ، ولا يكون غالبا للزوجة إلا مع شهوة ، فدل هذا على أن مس المرأة بشهوة لا ينقض الوضوء .
الدليل الرابع : عَنْ عَائِشَةَ –رضي الله عنها- قَالَتْ : (( فَقَدْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَيْلَةً مِنَ الْفِرَاشِ ، فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ يَقُولُ : اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لاَ أُحْصِى ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ ))(رواه مسلم رقم الحديث (1118) .
وجه الاستدلال : قولها : ((فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ)) فلو كان مس المرأة ينقض الوضوء لقطع النبي ﷺ صلاته ، فدل ذلك على أن مس المرأة لا ينقض الوضوء .
فإن قيل : المس لم يقع من النبي ﷺ إنما وقع من عائشة –رضي الله عنها- له ، فلهذا لم ينتقض الوضوء .
قلنا : لو كان مس المرأة حدثا ناقضا للوضوء فإن لا فرق بين مس المرأة للرجل أو الرجل للمرأة ، كخروج الريح فإنه لا فرق بين أن يخرج من غير قصد لإخراجه وبين إخراجه متعمدا فالكل ناقض للوضوء لأنه حدث .
الدليل الخامس : لو كان مس المرأة بمجرده حدثاً ناقضا للوضوء لكان مس الرجل للمرأة الكبيرة أو الصغيرة أو المحارم أو غيرها ناقضاً للوضوء ، وكذلك ومس المرأة للمرأة ناقضا للوضوء ، لأن بطلان الوضوء من أحكام الوضوء من الأحكام الوضعية وليس من الأحكام التكليفية ، وأنتم فرقتم في ذلك بين مس المرأة للمرأة ، ومس الصغيرة ، ونحو ذلك ، فدل ذلك على أن القول بالنقض ضعيف .

استدل المخالفون القائلون بنقض الوضوء من مس المرأة مطلقاً أو القائلون من مس المرأة مع شهوة ، بقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ﴾ سورة المائدة: ٦.

وجه الاستدلال : قوله تعالى : ﴿أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء﴾ فإن ملامسة النساء من نواقض الوضوء بنص الآية ، وهو يشمل اللمس باليد وغيره ، قال تعالى : ﴿وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴾ سورة الأنعام: ٧، فاللمس هنا باليد كما هو ظاهر ، وعليه فقوله تعالى : ﴿ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء﴾ دل على أن مس النساء من نواقض الوضوء .

جوابه : أن المراد بالملامسة في الآية الجماع لا غير وذلك لما يأتي :
الجواب الأول : أن الآية ذكرت طهارتين : الماء والتيمم .
أما طهارة الماء فقد ذكرت في وجوبه سببين : الحدث الأصغر والأكبر ، فالأصغر بقوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ ﴾ ، والحدث الأكبر بقوله : ﴿ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ ﴾ .
وأما طهارة التيمم فقد ذكرت كذلك في سبب وجوبه : الحدث الأصغر والأكبر ، فالحدث الأصغر بقوله تعالى : ﴿ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ ﴾ ، والحدث الأكبر بقوله : ﴿ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء﴾ أي جامعتموهن ، فلو كان المراد به اللمس باليد لكان فيه تكرار حدثين أصغرين في التيمم وأهملت الحدث الأكبر ، وهذا مناف لبلاغة القرآن ، لأن المقتضي أن نفس التقسيم الذي ذكر في طهارة الماء وهو الحدث الأصغر والأكبر أن يذكر في طهارة التيمم .
الجواب الثاني : أن القرآن أطلق المس وأراد به الجماع في مواطن كثيرة ، وأفضل ما فسر به القرآن هو القرآن نفسه ، قال تعالى : ﴿ لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً ﴾ سورة البقرة: ٢٣٦ ، وقال تعالى : ﴿ وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ﴾ سورة البقرة: ٢٣٧ ، وقال تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا﴾ سورة الأحزاب: ٤٩.
قال ابن المنذر(الأوسط (1/128) ) : (وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ مَسَّهَا بِيَدِهِ أَوْ قَبَّلَهَا بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ وَلَمْ يَخْلُ بِهَا فَطَلَّقَهَا أَنَّ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ إِنْ كَانَ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا ، وَالْمُتْعَةَ إِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى لَهَا صَدَاقًا وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا ، فَدَلَّ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ اللهَ إِنَّمَا أَرَادَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ الْجِمَاعَ ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ حَكَمْنَا اللَّمْسَ بِحُكْمِ الْمَسِّ إِذَا كَانَا فِي الْمَعْنَى وَاحِدًا ) .
الجواب الثالث : أن النبي ﷺ كان يقبل بعض أزواجه ولا يعيد الوضوء كما سبق ، فدل على أن المراد بالملامسة في الآية الجماع لا غير .

الجواب الرابع : أن ترجمان القرآن ابن عباس –رضي الله عنهما- فسر الملامسة في الآية بالجماع ، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- قَالَ : ((هُوَ الْجِمَاعُ))(رواه ابن أبي شيبة في المصنف رقم (1768) . وهو أثر صحيح عنه ) .
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ : (( اخْتَلَفْت أَنَا وَأُنَاسٌ مِنَ الْعَرَبِ فِي اللَّمْسِ ، فَقُلْتُ : أَنَا وَأُنَاسٌ مِنَ الْمَوَالِي : اللَّمْسُ مَا دُونَ الْجِمَاعِ ، وَقَالَتِ الْعَرَبُ : هُوَ الْجِمَاعُ ، فَأَتَيْنَا ابْنَ عَبَّاسٍ ، فَقَالَ : غَلَبَتِ الْعَرَبُ ، هُوَ الْجِمَاعُ ))(رواه ابن أبي شيبة في المصنف رقم (1779) . وإسناده صحيح ) .
فإن قيل : ثبت عن عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما- أنه كان يقول : ((قبلة الرجل امرأتَه وجَسِّها بيده من الملامسة ، فمن قبل امرأته أو جسها بيده فعليه الوضوء))( رواه الإمام مالك في الموطأ رقم (95) . وإسناده صحيح) .
قلت : إذا اختلف الصحابة ينظر إلى أقربهما إلى الصواب ، ولا شك أن قول ابن عباس –رضي الله عنهما- أرجح لأنه موافق لفعل النبي ﷺ ، ولأن في الآية قرينة تدل على أن المراد باللمس الجماع كما في الجواب الأول ، ولأن تفسير اللمس بالجماع موافق لآيات كثيرة تدل على ذلك كما تقدم . والله أعلم .

ينظر : المبسوط (1/68) ، وتبيين الحقائق (1/12) ، والبحر الرائق (1/47) ، وبدائع الصنائع (1/30) ، وشرح فتح القدير (1/54) والمدونة (1/13) ، وحاشية الدسوقي (1/119) ، والتمهيد (21/179) ، والاستذكار (1/320) ، والتفريع (1/196) ، ومواهب الجليل (1/296) ، والكافي (1/148)الأم (1/29) ، والمجموع (2/29) ، ومغني المحتاج (1/34) والإنصاف (1/205) ، والمغني (1/256) ، والكافي (1/46) ، والفروع (1/81) ومسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله (1/68)

اشتراط الطهارة للطواف بالبيت ؟

1888
السائل: هل الطهارة شرط للطواف بالبيت مع الدليل ؟

الشيخ: نعم ، يشترط لمن أراد أن يطوف بالبيت أن يكون على طهـارة مـن الحدثين ، وهو مذهب المالكية ، والشافعية ، والحنابلة .
ودليل ذلك :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال : ((الطَّوَافُ حَوْلَ الْبَيْتِ مِثْلُ الصَّلاَةِ إِلاَّ أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ فَمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ فَلاَ يَتَكَلَّمَنَّ إِلاَّ بِخَيْرٍ ))( رواه الترمذي رقم الحديث (960) . ينظر : الإرواء رقم الحديث (121)) .
وجه الدلالة : أنه إذا كان الطّواف مثل الصلاة فيشترط لـه الطهارة كالصلاة ، وعليه لا يجوز أن يطوف بغير وضوء ، ويشترط أن يكون طاهراً من الحدث الأكبر والأصغر ، ولهذا قال النبيّ صلى الله عليه وسلم لعائشة في الحجّ وهي حائض : (( فَافْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي ))(رواه البخاري رقم الحديث (299) ، ومسلم رقم الحديث (1211) ).
فمن طاف على غير طهارة فطوافه باطل .
والله أعلم .
ينظر : بداية المجتهد (3/322) ، ومواهب الجليل (4/165) ومغني الحتاج (2/243) ، والشرح الكبير (3/390) ، وحواشي الشرواني والعبادي (4/81) ، وحاشيتا القليوبي وعميرة (2/165) ، والحاوي (4/144) ، والبيان (4/273) ، والمجموع (8/19) والمبدع (3/200) ، والإقناع (2/12) ، ومطالب أولي النهى (3/319) ، والإنصاف (4/15) ، والمغني (5/222).

الاغتسال للمحرم ودلك الرأس ؟

1884
السائل: هل يجوز للمحرم أن يغتسل ويدلك رأسه ؟

الشيخ: ويجوز للمحرم أن يغتسل ، ويغسل رأسه ويدلكه ، ويستخدم الصابون الذي لا رائحة فيه ، وهو مذهب أكثر العلماء.
ودليل ذلك حديث ، وآثار :
أما الحديث فعن عبد الله بن حُنين – رضي الله عنه – : ((أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْعَبَّاسِ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ اخْتَلَفَا بِالأَبْوَاءِ( موضع بين مكة والمدينة ) ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ : يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ . وَقَالَ الْمِسْوَرُ : لاَ يَغْسِلُ المُحْرِمُ رَأْسَهُ . فَأَرْسَلَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَبَّاسِ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ ، وَهُوَ يُسْتَرُ بِثَوْبٍ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ فَقُلْتُ : أَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ حُنَيْنٍ ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الالْعَبَّاسِ ، أَسْأَلُكَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَغْسِلُ رَأْسَهُ ، وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ ، فَطَأْطَأَهُ حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ ثُمَّ قَالَ لإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ اصْبُبْ . فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ ، ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ وَقَالَ هَكَذَا رَأَيْتُهُ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ )) . وزاد مسلم : (( فقال المِسْوَر لابن عباس : لا أُماريكَ بَعْدَها أبداً ))( رواه البخاري رقم الحديث (1743) ، ومسلم رقم الحديث (1205) ).
أما الآثار :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما أنه قال : (( قَالَ لِي عُمَرُ ابْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : تَعَالَ أُبَاقِيكَ فِي المَاءِ أَيُّنَا أَطْوَلُ نَفَسًا . وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ ))(رواه الشافعي في مسنده رقم الأثر (536) ، والبيهقي في سننه رقم الأثر (8916) . وصححه الألباني في الإرواء رقم الأثر ( 1021) ) .
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ – رضي الله عنهما : (( أَنَّ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَيْدٍ وَقَعَا فِي الْبَحْرِ يَتَمَاقَلاَنِ( يتغاطسان) يُغَيِّبُ أَحَدُهُمَا رَأْسَ صَاحِبِهِ ، وَعُمَرُ يَنْظُرُ إِلَيْهِمَا ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا))( رواه البيهقي في سننه رقم الأثر (8917) . ينظر : حجة النبي صلى الله عليه وسلم ص(26) ).
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما قال : ((المُحْرِمُ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ ، وَيَنْزِعُ ضِرْسَهُ ، وَيَشُمُّ الرَّيْحَانَ ، وَإِذَا انْكَسَرَ ظُفُرَهُ طَرَحَهُ وَيَقُولُ : أَمِيطُوا عَنْكُمُ الأَذَى فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يَصْنَعُ بِأَذَاكُمْ شَيْئًا))(رواه البيهقي في سننه رقم الأثر (8907) ، وقال الألباني حجة النبي صلى الله عليه وسلم ص(29) : سنده صحيح ).
ينظر : الموسوعة الفقهية (2/170) ، والمغني (5/117) ، والبيان (4/203) ، والإجماع لابن المنذر ص(69) ، والإقناع في مسائل الإجماع (1/263) ، وكتاب الفقه على المذاهب الأربعة (1/557) .

معرفة وجوب الغسل من خروج المني حال الاحتلام ؟

1861
السائل: انا دائما أعاني من معرفة اذا كنت احتلمت اولا واحيانا أكون مع الاخرين وتخطر في بالي افكار ولذلك أصبحت اغتسل قبل كل صلاه ولكن هذا الشي ارهقني فاكيف اعرف اذا وجب الغسل ام لا ؟

الشيخ: اعلم -رحمك الله تعالى- أنه لا يجب عليك الغسل إلا إذا رأيت المني على ثوبك بعد قيامك من النوم أما إذا لم تر شيئا على ثوبك فلا يجب عليك الغسل ، وإليك التفصيل في الاحتلام ، اعلم أن خروج المني حال النوم له صورتان :
الصورة الأولى :
يستيقظ من نومه فيرى بللا في ثوبه :
اعلم أنه إذا استيقظ من نومه فرأى في ثوبه بللا فله حالتان :
الحال الأولى :
أن يستيقظ من نومه فيرى على ثوبه بللا ويتيقن أنه مني ، فيجب عليه الاغتسال باتفاق العلماء كما نقله غير واحد من أهل العلم ينظر : البحر الرائق (1/58) ، والمغني (1/269) .
ودليله :
الدليل الأول : عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ –رضي الله عنها- قَالَتْ : (( جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ اللهَ لاَ يَسْتَحْيِى مِنَ الْحَقِّ ، فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ ؟ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ . فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ تَعْنِي وَجْهَهَا وَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ وَتَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ ؟! قَالَ : نَعَمْ تَرِبَتْ يَمِينُكِ فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا ))(رواه البخاري رقم الحديث (130) ، ومسلم رقم الحديث (802) ) .
الدليل الثاني : عَنْ عَائِشَةَ –رضي الله عنها- قَالَتْ : (( سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يَجِدُ الْبَلَلَ وَلاَ يَذْكُرُ احْتِلاَمًا ؟ قَالَ : يَغْتَسِلُ . وَعَنِ الرَّجُلِ يَرَى أَنَّهُ قَدِ احْتَلَمَ وَلاَ يَجِدُ الْبَلَلَ ؟ قَالَ : لاَ غُسْلَ عَلَيْهِ . فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ : الْمَرْأَةُ تَرَى ذَلِكَ أَعَلَيْهَا غُسْلٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ ))(رواه أبو داود رقم الحديث (236) ، والإمام أحمد في المسند رقم الحديث (26195) . حديث حسن لغيره . قال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (1/429) : (حديث حسن. وقول أم سليم : المرأة ترى إلخ؛ أخرجه أبو عوانة في صحيحه من حديث أنس . وقال ابن القطان : إنه صحيح ) ) .
الحال الثانية :
أن يستيقظ من نومه فيرى على ثوبه بللا ولا يدري هل هو مني أو غيره ، ولم يستطع معرفة هذا البلل بعد شَمِّه ، ولم تظهر عليه آثار المني المعروفة ، فالراجح أن لا يجب عليه الغُسل ، والأحوط والأولى الاغتسال لإزالة الشك ، والقول بعدم وجوب الاغتسال والحالة هذه هو قول أبي يوسف إلا أنه قيده إذا لم يذكر احتلاماً أما لو ذكر احتلاما فيجب عليه الغسل ، وهو مذهب الشافعية مطلقاً ذكر احتلاما أو لم يذكر فإنه لا يجب عليه الغسل، وهو المشهور من مذهب الحنابلة. ورجحت عدم وجوب الغسل في هذه الحالة لأن الأصل عدم الغسل حتى يتيقن موجب الغسل أو يغلب على ظنه ، وهذا غير موجود في هذه الحالة ، واليقين لا يزول بالشك ، فهذا البلل يحتمل أن يكون عرقاً أو مذياً أو غيرهما ، والأصل أنه على طهارة ولا يزول هذا الأصل إلا بيقين أو غلبة ظن أنه انتقض ، والأحوط الاغتسال لإزالة الشك كما سبق . والله أعلم .
الصورة الثانية :
يستيقظ من نومه ويذكر احتلاما ولكن لا يرى بللا في ثوبه :
اختلف العلماء –رحمهم الله تعالى- فيمن استيقظ من نومه ويذكر احتلاما ولكن لا يرى بللا ، والراجح أنه لا يجب عليه الغسل ، وهو مذهب عامة أهل العلم من الحنفية ، والمالكية ، والشافعية ، والحنابلة ، بل نقل بعضهم الإجماع على هذا ، قال ابن المنذر : (أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا رَأَى فِي نَوْمِهِ أَنَّهُ احْتَلَمَ أَوْ جَامَعَ وَلَمْ يَجِدْ بَلَلًا أَنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ) ، إلا أن هذا الإجماع فيه نظر ، فقد حكي الخلاف على وجوب الغسل في مذهب الإمام أحمد ، والحنفية في قول أوجبوه على المرأة دون الرجل .
ورجحت عدم وجوب الغسل للأدلة الآتية :
الدليل الأول : عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ –رضي الله عنها- قَالَتْ : (( جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ اللهَ لاَ يَسْتَحْيِى مِنَ الْحَقِّ ، فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ ؟ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ . فَغَطَّتْ أُمُّ سَلَمَةَ تَعْنِى وَجْهَهَا وَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ وَتَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ ؟! قَالَ : نَعَمْ تَرِبَتْ يَمِينُكِ فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا ))(رواه البخاري رقم الحديث (130) ، ومسلم رقم الحديث (802) ) .
الدليل الثاني : عَنْ عَائِشَةَ –رضي الله عنها- قَالَتْ : (( سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الرَّجُلِ يَجِدُ الْبَلَلَ وَلاَ يَذْكُرُ احْتِلاَمًا ؟ قَالَ : يَغْتَسِلُ . وَعَنِ الرَّجُلِ يَرَى أَنَّهُ قَدِ احْتَلَمَ وَلاَ يَجِدُ الْبَلَلَ ؟ قَالَ : لاَ غُسْلَ عَلَيْهِ . فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ : الْمَرْأَةُ تَرَى ذَلِكَ أَعَلَيْهَا غُسْلٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ ))(رواه أبو داود رقم الحديث (236) ، والإمام أحمد في المسند رقم الحديث (26195) . حديث حسن لغيره . قال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (1/429) : (حديث حسن. وقول أم سليم : المرأة ترى إلخ؛ أخرجه أبو عوانة في صحيحه من حديث أنس . وقال ابن القطان : إنه صحيح ) ) .
الدليل الثالث : أنه لا يوجد ما يوجب الغسل ، فلا يوجد مني على ثوبه ، وذكر الاحتلام ليس من موجبات الغسل ، بل لا بد من خروج المني ، كالذي ينظر إلى زوجته بشهوة ولم يخرج منه شيء فإنه لا يجب عليه الغسل ولا الوضوء إذا كان متوضأ .
ينظر : البحر الرائق (1/59) ، وشرح فتح القدير (1/62) والمجموع (2/162) .
( ) ينظر : المغني (1/270) ، وكشاف القناع (1/139) المنتقى (1/106)والبيان للعمراني (1/241) والأوسط (2/83) .