هل يصلى الوتر ثلاث ركعات وكيف تكون صفة هذه الصلاة ؟

1150
السائل: بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم فضيلة الشيخ
عندي استفسار بخصوص صلاتي الشفع والوتر .. هل اصلي الشفع واسلم بعدها اصلي الوتر أو يجوز ان اصليها كصلاة المغرب؟؟ ما هي الطريقة الصحيحة وجزاكم الله خيرا.

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اعلم -حفظك الله تعالى- أن لصلاة الوتر صفات متعددة:
أفضلها أن يصلي الشفع ويسلم ثم يوتر والأفضل أن يصلي ركعتين ركعتين ثم يوتر بواحدة وأفضله والسنة إحدى عشرة وذلك للأدلة الآتية :
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رضي الله عنها كَيْفَ كَانَتْ صَلاَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَانَ ؟ فَقَالَتْ : (( مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلاَ فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً ، يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاَثًا))رواه البخاري رقم الحديث (1096) ، ومسلم رقم الحديث (1757).
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ –رضي الله عنهما- أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَلاَةِ اللَّيْلِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ((صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى ، فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً ، تُوتِرُ لَهُ مَا قَدْ صَلَّى))رواه البخاري رقم الحديث (946) ، ومسلم رقم الحديث (1782).
قال ابن رجب –رحمه الله تعالى- في فتح الباري له (6/193، 197) : (وهذا الحديث : يدل على أن التطوع بالليل كلّه مثنى مثنى ، سوى ركعة الوتر ، فإنها واحدة وحكى الترمذي في (كتابه) أن العمل عند أهل العلم على أن صلاة الليل مثنى مثنى . قال : وهو قول سفيان ، وابن المبارك ، والشافعي ، وأحمد وإسحاق . وحكاه ابن المنذر وغيره عن ابن عمر ، وعمار ، وعن الحسن ، وابن سيرين ، والشعبي ، والنخعي ، وسعيد بن جبير ، وحماد ، ومالك ، والأوزاعي ).

أما لو أراد أن يصلي الشفع ثمان ركعات يسلم في كل ركعتين أو يصلي ركعتين فقط ثم يصلي الوتر ثلاث ركعات متصلات فلا مانع من ذلك لكن لا يصلي الثلاث بتشهدين بل بتشهد واحد فقط بمعنى أنه يصلي الوتر ثلاث ركعات متصلات بتشهد واحد وذلك للأدلة الآتية :
حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها المتقدم وفي آخره : (( ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاَثًا)). يعني الوتر .
وعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ –رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (( الْوِتْرُ حَقٌّ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُوتِرْ بِخَمْسٍ ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُوتِرْ بِثَلَاثٍ ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُوتِرْ بِوَاحِدَةٍ ))رواه ابن ماجه رقم الحديث (1180) ، والحاكم في المستدرك رقم الحديث (1128) وقال : (هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه ) ووافقه الذهبي . وصححه النووي في المجموع (4/17) ، والألباني في صحيح ابن ماجه رقم (1190).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ((لاَ تُوتِرُوا بِثَلاَثٍ تَشَبَّهُوا بِالْمَغْرِبِ))رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار رقم الحديث (1609) ، والبيهقي في السنن رقم الحديث (4594) ، والحاكم في المستدرك رقم الحديث (1138) . قال الحافظ ابن حجر في الفتح (2/481) : (وإسناده على شرط الشيخين ، وقد صححه بن حبان والحاكم) . ينظر : قيام رمضان ص(84و97) .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله تعالى في فتح الباري (2/481) : ( والجمع بين هذا وبين ما تقدم من النهي عن التشبه بصلاة المغرب أن يحمل النهي على صلاة الثلاث بتشهدين ) .
والله أعلم .

هل اجتماع يوم العيد مع يوم الجمعة مسقط للجمعة والظهر ؟

1134
السائل: شيخا العزيز ابا سيف حفظة الله ورعاه
اخي العزيز سوالى هو هل تجزىء صلاة العيد اذا اجتمعت مع الجمعة عن الجمعة والظهر ام فقط عن الجمعة.
ارجو التوضيح لانة دار نقاش بيننا والبعض يرى ان صلاة العيد تجزىء عن صلاة الظهر لفعل ابن الزبير ورد ابن عباس على من سال حيث قال ان ابن الزبير اصاب السنة بفعلة افيدونا جزاكم الله خيرا

الشيخ: الحمد لله وحده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وبعد :
اختلف العلماء –رحمهم الله تعالى- فيما إذا اجتمع يوم العيد مع يوم الجمعة ، فهل تسقط الجمعة عمن صلى العيد ؟ والراجح أنه يسقط حضور الجمعة عمن صلى العيد جماعة مع الإمام ، ويصلي من لم يحضر الجمعة الظهر ، وهو مذهب الحنابلة ، والشافعية إلا أنهم أسقطوها عن أهل القرى دون أهل البلد .
ينظر : المغني (3/242) ، ومسائل عبد الله رقم المسألة (482) ، والمحرر (1/159) ، والاختيارات الفقهية ص (81) ، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام (24/210) ، وزاد المعاد (1/448) ، والفروع (1/134)،والمجموع (4/358)
قال ابن قدامةفي المغني (3/242) : (وممن قال بسقوطها الشعبي ، والنخعي ، والأوزاعي ، وقيل : هذا مذهب عمر ، وعثمان ، وعلي ، وسعيد ، وابن عمر ، وابن عباس ، وابن الزبير) .
والراجح مذهب الحنابلة للأدلة الآتية :
الدليل الأول : عَنْ إِيَاسِ بْنِ أَبِي رَمْلَةَ الشَّامِيِّ قَالَ : (( شَهِدْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ يَسْأَلُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ قَالَ : أَشَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِيدَيْنِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَكَيْفَ صَنَعَ ؟ قَالَ : صَلَّى الْعِيدَ ، ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ ، فَقَالَ : مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ))رواه أبو داود في الصلاة /بَاب إِذَا وَافَقَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عِيدٍ رقم الحديث (904) ، وابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها /بَاب مَا جَاءَ فِيمَا إِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدَانِ فِي يَوْمٍ رقم الحديث (1300) . وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (4/237) : (حديث صحيح ، وصححه ابن المديني والحاكم والذهبي ).
وجه الاستدلال : أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في عدم حضور الجمعة ، ولم يفرق بين أهل القرى وغيرهم ، بل ظاهره أنه خطاب لأهل المدينة وغيرهم ، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ، والحاجة هنا قائمة فلو كان هناك فرق لبينه النبي صلى الله عليه وسلم .
الدليل الثاني : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : ((قَدِ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ))رواه أبو داود في الصلاة /باب إِذَا لَمْ يَخْرُجِ الإِمَامُ لِلْعِيدِ مِنْ يَوْمِهِ يَخْرُجُ مِنَ الْغَدِ رقم الحديث (1159) . وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (4/322) : (إسناده صحيح ، وكذا قال البيهقي والعسقلاني ، وقال الدارقطني: إسناد حسن ثابت ، وصححه أيضا ابن المنذر وابن السكن وابن حزم)
وجه الاستدلال : أن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن من صلى العيد فقد أجزأه عن حضور صلاة الجمعة ، ولم يفرق بين أهل القرى وغيرهم .
الدليل الثالث : عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : ((اجْتَمَعَ عِيدَانِ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنْ الْجُمُعَةِ وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ إِنْ شَاءَ اللهُ ))رواه ابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها /بَاب مَا جَاءَ فِيمَا إِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدَانِ فِي يَوْمٍ رقم الحديث (1301) . صحيح ابن ماجه رقم الحديث (1311).
الدليل الرابع : عن أَبي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ قَالَ : ((شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، فَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ ، ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ قَدْ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِيهِ عِيدَانِ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْتَظِرَ الْجُمُعَةَ مِنْ أَهْلِ الْعَوَالِي فَلْيَنْتَظِرْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ ))رواه البخاري في الأضاحي /بَاب مَا يُؤْكَلُ مِنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ وَمَا يُتَزَوَّدُ مِنْهَا رقم (5251) .
وجه الاستدلال : أن عثمان –رضي الله عنه- رخص في ترك حضور صلاة الجمعة لمن صلى العيد كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم .
وبهذا الحديث استدل الشافعية –رحمهم الله تعالى- على أن الحكم خاص بأهل القرى .
وهذا الاستدلال مردود من وجوه :
أولا : الأدلة السابقة المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم لم تفرق .
ثانياً : أن إذن عثمان –رضي الله عنه- لأهل القرى لا ينفي ما عداه ، فلا يدل على التخصيص .
ثالثاً : لو سلم أن هذا مذهب لعثمان –رضي الله عنه- فقد خالفه غيره من الصحابة –رضوان الله عليه- وإذا اختلف الصحابة ننظر فيمن وافق ظاهر النصوص المرفوعة فيؤخذ بقوله ، وقد أثبتنا أن المرفوع لم يفرق بين أهل القرى وغيرهم ، فيرجح على غيره .
رابعا : الدليل الآتي ، وهو من أقوى الأدلة في الرد على مذهب الشافعية –رحمهم الله تعالى- .
الدليل الرابع : عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ : (( صَلَّى بِنَا ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي يَوْمِ عِيدٍ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ أَوَّلَ النَّهَارِ ، ثُمَّ رُحْنَا إِلَى الْجُمُعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْنَا فَصَلَّيْنَا وُحْدَانًا ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ فَلَمَّا قَدِمَ ذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ : أَصَابَ السُّنَّةَ))رواه أبو داود في الصلاة /باب إِذَا وَافَقَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عِيدٍ رقم الحديث (1073) . وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (4/322) : (إسناده صحيح على شرط مسلم) .
وعن عَطَاء قَالَ : (( اجْتَمَعَ يَوْمُ جُمُعَةٍ وَيَوْمُ فِطْرٍ عَلَى عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ : عِيدَانِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ، فَجَمَعَهُمَا جَمِيعًا فَصَلَّاهُمَا رَكْعَتَيْنِ بُكْرَةً لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِمَا حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ))رواه أبو داود في الصلاة /باب إِذَا وَافَقَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عِيدٍ رقم الحديث (1074) . وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (4/238) : (إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن خزيمة).

وجه الاستدلال : أن ابن الزبير –رضي الله عنه- صلى العيد ، ثم لم يحضر لصلاة الجمعة ، فبين ابن عباس –رضي الله عنهما- أنه أصاب السنة ، يعني سنة النبي صلى الله عليه ، فهذا فيه دليل ظاهر على أن الحكم عام يشمل من كان في المدينة وأهل القرى فيرد مذهب الشافعية المفرق ، لأن ابن الزبير –رضي الله عنه- ليس من أهل القرى ، بل هو كان أمامهم ، وجعل ابن عباس –رضي الله عنهما فعله من السنة ، ولقوة هذا الدليل ولا نصاف الإمام النووي –رحمه الله تعالى- قال في المجموع (4/359) : (واحتج أصحابنا بحديث عثمان وتأولوا الباقي على أهل القرى لكن قول ابن عباس من السنة مرفوع وتأويله أضعف ).
هذا ما يتعلق بسقوط حضور الجمعة أما صلاة الظهر فإنها لا تسقط بل يجب على من لم يحضر الجمعة أن يصلي الظهر وأما الاستدلال بفعل ابن الزبير –رضي الله عنه- على سقوط الظهر مع الجمعة ، فهو الاستدلال مردود من وجوه :
الوجه الأول : ليس في أثر ابن الزبير –رضي الله عنه- أنه لم يصلّ الظهر بل فيه أن لم يصلّ الجمعة فقط .
الوجه الثاني : الأثر فيه : ((فَجَمَعَهُمَا جَمِيعًا فَصَلَّاهُمَا رَكْعَتَيْنِ بُكْرَةً)) وهذا يدل على أمور :
الأول : أنه جمع الجمعة إلى الظهر وصلاهما ركعتين ، وهذا باطل قطعاً لأن صلاة الجمعة غير صلاة العيد ، فلا يصح جمعهما ، وأيضاً لو كان المراد بأنه جمع الجمعة إلى العيد فإنه يدل على أن حضور الجمعة لم يسقط إلا لمن نوى الجمع بين الجمعة والعيد ، وهذا باطل مخالف للأدلة السابقة ، فلو أن شخصاً صلى العيد مع الجماعة ولم ينو إليها الجمعة لم يجز له التخلف عن صلاة الجمعة ، وهذا عين الباطل ، وأيضا جاء في نفس الأثر ((ثُمَّ رُحْنَا إِلَى الْجُمُعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْنَا فَصَلَّيْنَا وُحْدَانًا)) فلو كانت الجمعة جمعت مع العيد فكيف صلوا وحداناً الظهر ، لأن من صلى الجمعة لا يجوز له أن يصلي الظهر .
الثاني : أنه صلى العيد وجمع في نيته أنه لن يحضر الجمعة ، وأنه لن يصليها في هذا اليوم ، وليس في هذا أنه لم يصلّ الظهر ، وهذا هو موافق للأدلة الأخرى .
الثالث : أن هذا فهم عطاء –رحمه الله تعالى- وليس بحجة ، ففهم عطاء من قول ابن الزبير –رضي الله عنه- : ((عِيدَانِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ)) أنه جمع بين الجمعة والعيد وعليه فهذا مسقط للظهر ، ولهذا قال : ((فَجَمَعَهُمَا جَمِيعًا فَصَلَّاهُمَا رَكْعَتَيْنِ بُكْرَةً لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِمَا حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ)) ، وليس في هذا حجة ، لأنه فهم لعطاء -رحمه الله تعالى- .
الوجه الثالث : أن قول ابن عباس –رضي الله عنهما- : ((أَصَابَ السُّنَّةَ)) في تركه حضور الجمعة ، وليس في ترك الظهر كما يدل السياق ، فلا دلالة فيه ، إذ لو كان المراد أنه أصاب السنة في تركه الجمعة والظهر لبينه ابن عباس –رضي الله عنهما- بقوله أو فعله ، ولأنكر على من صلى الظهر ممن كان في المسجد بأنهم ما أصابوا السنة لأن عطاء قال : ((ثُمَّ رُحْنَا إِلَى الْجُمُعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْنَا فَصَلَّيْنَا وُحْدَانًا)) ، فدل هذا على أنه أصاب السنة في تركه الجمعة فقط ، وهو الموافق للأحاديث الأخرى .
الوجه الرابع : أنه لو سلم جدلا أن ابن الزبير –رضي الله عنه-فعل ذلك ، وهذا في غاية البعد ، وليس في الأثر ما يدل عليه ، فإن غيره من الصحابة –رضي الله عنهم- خالفوه ، والأحاديث المرفوعة تؤيدهم ، فلم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رخص في الظهر أو هو لم يصلها ، وإنما ثبت خلاف ذلك ، والذي رخص فيه النبي صلى الله عليه وسلم هو حضور الجمعة فقط فلا يجوز أن يتعدى بالحكم إلى غيره .

قال الصنعاني في سبل السلام (2/53) : (ولا يخفى أن عطاءاً أخبر أنه لم يخرج ابن الزبير لصلاة الجمعة ، وليس ذلك بنص قاطع أنه لم يصل الظهر في منزله ، فالجزم بأن مذهب ابن الزبير سقوط صلاة الظهر في يوم الجمعة يكون عيداً على من صلى صلاة العيد لهذه الرواية غير صحيح لاحتمال أنه صلى الظهر في منزله ، بل في قول عطاء أنهم صلوا وحدانا أي الظهر ما يشعر بأنه لا قائل بسقوطه ، ولا يقال : أن مراده صلوا الجمعة وحدانا فإنها لا تصح إلا جماعة إجماعاً ، ثم القول بأن الأصل في يوم الجمعة صلاة الجمعة والظهر بدل عنها قول مرجوح بل الظهر هو الفرض الأصلي المفروض ليلة الإسراء والجمعة متأخر فرضها ، ثم إذا فاتت وجب الظهر إجماعاً فهي البدل عنه ، وقد حققناه في رسالة مستقلة ) .

وقال ابن عبد البر في التمهيد (10/270) : (ليس في حديث ابن الزبير بيان أنه صلى مع صلاة العيد ركعتين للجمعة ، وأي الأمرين كان فإن ذلك أمر متروك مهجور ، وإن كان لم يصل مع صلاة العيد غيرها حتى العصر فإن الأصول كلّها تشهد بفساد هذا القول لأن الفرضين إذا اجتمعا في فرض واحد لم يسقط أحدهما ، فكيف أن يسقط فرض لسنة حضرت في يومه؟! هذا ما لا يشك في فساده ذو فهم ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيميةفي مجموع الفتاوى (24/210) : (الصَّحِيحُ أَنَّ مَنْ شَهِدَ الْعِيدَ سَقَطَتْ عَنْهُ الْجُمُعَةُ لَكِنْ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَ الْجُمُعَةَ لِيَشْهَدَهَا مَنْ شَاءَ شُهُودَهَا وَمَنْ لَمْ يَشْهَدْ الْعِيدَ . وَهَذَا هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ : كَعُمَرِ وَعُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمْ . وَلَا يُعْرَفُ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إذَا شَهِدَ الْعِيدَ حَصَلَ مَقْصُودُ الِاجْتِمَاعِ ، ثُمَّ إنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ إذَا لَمْ يَشْهَدْ الْجُمُعَةَ فَتَكُونُ الظُّهْرُ فِي وَقْتِهَا وَالْعِيدُ يُحَصِّلُ مَقْصُودَ الْجُمُعَةِ ) .
والله أعلم .

هل من السنة السلام على المصلين عند دخول المسجد ؟

1127
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة فضيلة الشيخ هل من السنة السلام على المصلين عند دخول المسجد ؟ وهل يشترط رد السلام من جميع المصلين او اذا رد احد المصلين فيجزىء ذلك ؟ وعدم الردهل يأثم صاحبة؟

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته :
السنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم عند دخوله للمسجد ما يأتي :
أولا : دخوله إلى المسجد بالرجل اليمنى وذلك لما ثبت عن أنس بن مالك -رضي الله عنه أنه كان يقول : ((من السنة إذا دخلت المسجد أن تبدأ برجلك اليمنى و إذا خرجت أن تبدأ برجلك اليسرى ))
أخرجه الحاكم في المستدرك وقال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي . وهو في السلسلة الصحيحة رقم (2478) . قال الحافظ في الفتح : (1/523) : ( والصحيح أن قول الصحابي من السنة كذا محمول على الرفع) .
وعموم حديث عائشة -رضي الله عنها- يؤيد الدخول باليمين عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : ((كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطُهُورِهِ وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ)) رواه البخاري ومسلم .
ثانياً : أن يقول الدعاء الآتي :
عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِكَ وَإِذَا خَرَجَ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ فَضْلِكَ )) . صحيح ابن ماجه رقم (625) .
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رضي الله عنهما-عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ : ((أَعُوذُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)) . صحيح أبي داود (2/364) .
هذا هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم في دخول المسجد ولم يثبت فيما أعلم أنه إذا دخل المسجد سلم على الحاضرين بصوت مرتفع وإنما يفعل ذلك الخطيب إذا صعد على المنبر يوم الجمعة .
نعم قد يستفاد جواز بل استحباب السلام للداخل إلى المسجد من حديث ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ : (( دخل رسول الله ـ صلى الله عليه و سلم ـ مسجد قباء ـ وهو مسجد بني عمرو بن عوف ـ يصلي فيه فدخلت عليه رجال من الأنصار فسلموا عليه وهو في الصلاة فسالت صهيبا ـ وكان داخلا معه ـ كيف كان النبي ـ صلى الله عليه و سلم ـ يصنع إذا سلم عليه ؟ قال : كان يشير بيده )) رواه أبو يعلى في مسنده رقم الحديث (5643) بإسناد صحيح .
فالنبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليهم السلام فدل ذلك على جوازه .
ومن قوله تعالى : (( إِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً)) .
لكن لا ينبغي رفع الصوت حتى لا يشوش على المصلين والذاكرين .
وأما قولك :وهل يشترط رد السلام من جميع المصلين او اذا رد احد المصلين فيجزىء ذلك ؟ وعدم الردهل يأثم صاحبة؟
لا يشترط ذلك لأن الصحيح الراجح أن رد السلام فرض كفاية وهو مذهب الجمهور فلو رد واحد أجزأ لحديث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( يجزىء عن الجماعة إذا مرت أن يسلم أحدهم ويجزىء عن القعود أن يرد أحدهم )) . حسنه الشيخ الألباني في الإرواء رقم (778) .
والله أعلم .

التكبير لسجود التلاوة؟

1122
السائل: السلام عليكم أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ
هل لسجود التلاوة تكبير ؟

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
سجود التلاوة لا يخلو من حالين :
الأولى : خارج الصلاة، والراجح أنه ليس فيه تكبير لكثرة النصوص الواردة في سجود التلاوة وليس فيها ذكر التكبير وسجود التلاة ليس بصلاة على الراجح من أهل العلم .
وهو رواية في مذهب الإمام مالك أعني عدم التكبير في هذه الحالة .ينظر الذخيرة(2/412)
ولا يصح الاستدلال بحديث عبد الله بن عمرعن نافع عن ابن عمر قال: (( كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ علينا القران، فإذا مر بالسجدة؛ كبر وسجد وسجدنا)) . فهو حديث ضعيف لأجل عبد الله بن عمر- وهو العمري
المكبر- ضعيف .
الثانية : أن يكون في الصلاة ، فهنا يكبر لأنه سنخفض إلى السجود ويرتفع بعده ففي حديث أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّى بِهِمْ ، فَيُكَبِّرُ كُلَّمَا خَفَضَ وَرَفَعَ ، فَإِذَا انْصَرَفَ قَالَ إِنِّى لأَشْبَهُكُمْ صَلاَةً بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رواه البخاري ومسلم .
وهذا هو مذهب الجمهور . ينظر :المغني (3/91)
والله أعلم .

قراءة أواخر سورة الكهف لقيام الليل والفجر؟

1096
السائل: قرأت في قصة إن قراءة الآيات الأخيرة من سورة الكهف توقظ الانسان عند اذان الفجر .. هل هذا صحيح ؟

الشيخ: الحمد لله وحده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنه محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وبعد :
لم يثبت في حديث مرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وقد روى الدارمي قال حدثنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن عبدة عن زر بن حبيش قال : ((من قرأ آخر سورة الكهف لساعة يريد يقوم من الليل قامها قال عبدة فجربناه فوجدناه كذلك )) . وهو أثر موقوف وإسناده ضعيف
وقد روي في ذلك أيضا أثر عن ابن عباس رضي الله عنه عند الثعلبي وهو لايثبت .
وعن عائشة رضي الله عنها أخرجه ابن مردويه فى تفسيره وهو ضعيف .
فلا يصح العمل بمثل هذا لأنه لم يثبت لا في السنة ولا عن الصحابة رضي الله عنهم.
وما جاء في السنة من الأذكار قبل النوم غنيةفي ذلك . والله أعلم .

إذا نسي الإمام آية ولم يفتح عليه أحد من المأمومين .

985
السائل: السلام عليكم
ما حكم اذا نسي الامام اية في بداية الصلاة ولم يصححه احد من المامومين فهل يجوز الانتقال الى سورة اخرى

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
إذا نسي الإمام آية في بداية الصلاة غير الفاتحة ولم يفتح عليه أحد من المأمومين
وما استطاع أن يستحضر الآية فإنه لا بأس أن ينتقل إلى سورة أخرى بل هذه هو الأولى .
والله أعلم .

حكم من نسي التسليم في صلاته

876
السائل: ماذا يفعل من صلى صلاة نسى أن يسلم فيها؟

الشيخ: السلام من الصلاة ركن من أركان الصلاة ولا تصح الصلاة بدونه كما هو مذهب الجمهور . فمن نسي أن يسلم من صلاته فله حالتان :
الحال الأولى : أن يتذكر في نفس الوقت ولا يكون بين صلاته وتذكره للسلام فاصل كبير ، كما لو أن قام من صلاته ثم مشى فأراد أن يخرج من المسجد ثم تذكر فعليه أن يرجع مباشرة إلى الصلاة ويجلس للتشهد ثم يسلم تسليمتين ثم يسجد سجدتي السهو حيث إنه لم يتحلل من الصلاة ودليل ذلك حديث ذي اليدين فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه : (( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم انْصَرَفَ مِنَ اثْنَتَيْنِ ، فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ أَقَصُرَتِ الصَّلاَةُ أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ » . فَقَالَ النَّاسُ نَعَمْ . فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى اثْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ ، ثُمَّ كَبَّرَ فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ )) . رواه البخاري ومسلم .قال الحافظ في فتح الباري (4/249) : (وَفِيهِ جَوَازُ اَلْبِنَاءِ عَلَى اَلصَّلَاةِ لِمَنْ أَتَى بِالْمُنَافِي سَهْوًا ، وَفِيهِ أَنَّ اَلْبَانِيَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَكْبِيرَة اَلْإِحْرَام ، وَأَنَّ اَلسَّلَامَ وَنِيَّة اَلْخُرُوجِ مِنْ اَلصَّلَاةِ سَهْوًا لَا يَقْطَعُ اَلصَّلَاةَ )
الحال الثانية : إذا تذكر بعد مدة بحيث إنه خرج من المسجد أو أنه تذكر في البيت ويرجع في ذلك كله إلى العرف فيجب عليه أن يعيد الصلاة كاملة لحديث أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « مَنْ نَسِىَ صَلاَةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا ، لاَ كَفَّارَةَ لَهَا إِلاَّ ذَلِكَ » . رواه البخاري ومسلم . وأيضا هي صلاة مطالب بها لم تسقط من ذمته فيجب أن يصليها . والله أعلم .

تحية المسجد بعد أذان الفجر في المسجد

875
السائل: هل يشرع لمن دخل المسجد بعد آذان الفجر الثاني أن يصلي ركعتين بنية تحية المسجد وركعتين بنية السنة القبلية للفجر (أي يصلي أربع ركعات ) ؟

الشيخ: أرى أنه لا يشرع له أن يصلي أربع ركعات بل يصلي ركعتين بنية سنة الفجر ونية تحية المسجد تبع وذلك أن تحية المسجد ليست مقصودة بذاتها بل هي تؤدى بأي ركعتين لقول النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم : « إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلاَ يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّىَ رَكْعَتَيْنِ » . رواه البخاري ومسلم . ظاهر فيما ذكرت قال الإمام النووي في شرح مسلم (3/34) : (وَلَا يُشْتَرَط أَنْ يَنْوِي التَّحِيَّة ، بَلْ تَكْفِيه رَكْعَتَانِ مِنْ فَرْض أَوْ سُنَّة رَاتِبَة أَوْ غَيْرهمَا لَوْ نَوَى بِصَلَاتِهِ التَّحِيَّة وَالْمَكْتُوبَة اِنْعَقَدَتْ صَلَاته وَحَصَلَتَا لَهُ ) .وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد الفجر وقبل صلاة الفجر فعَنْ يَسَارٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ قَالَ رَآنِي ابْنُ عُمَرَ وَأَنَا أُصَلِّى بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَقَالَ يَا يَسَارُ إِنَّ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- خَرَجَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نُصَلِّى هَذِهِ الصَّلاَةَ فَقَالَ « لِيُبَلِّغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ لاَ تُصَلُّوا بَعْدَ الْفَجْرِ إِلاَّ سَجْدَتَيْنِ ». صحيح أبي داود (1278) . وغيرها من أحاديث النهي فلا ينبغي أن يزيد على ركعتين بغير سبب شرعي مقصود بذاته ، وأما تحية المسجد فهي تؤدى بأي ركعتين ، نعم لو فرضنا أنه صلى سنة الفجر في البيت ثم أتى المسجد فهنا يجب عليه أن يصلي تحية المسجد لو أراد الجلوس . والله أعلم

حكم التأمين على دعاء الإمام يوم الجمعة

1041
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة , فضيلة الشيح احسن الله اليك اثناء خطبة الجمعة ماحكم التأمين بعد دعاء الامام وهل يعد من اللغو وكذلك الصلاة على الرسول صلى الله علية وسلم اثناء ذكر الامام .؟ وجزاكم الله خير

الشيخ: على سؤاليك على النحو الآتي :أولا : أما ما يتعلق بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والخطيب يخطب فبحث هذه المسألة من وجهين :الوجه الأول : تعارض واجب مع واجب فيجمع بينهما قدر المستطاع أو يقدم الأوجب .أما الجمع فيمكن أن يقال إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الخطيب مباشرة قد لا تشغل المستمع عن الخطبة لأنه مع صلاته للنبي صلى الله عليه وسلم هو متابع للخطيب ويعجبني في هذا المقام ما ذكره الباجي في كتابه المنتقى (1/241) : (( مَسْأَلَةٌ ) إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ مَنْ حَضَرَ الْجُمُعَةَ عَلَى ضَرْبَيْنِ ضَرْبٌ فِيهِ عِبَادَةٌ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَذِكْرِ اللهِ تَعَالَى وَضَرْبٌ لَا عِبَادَةَ فِيهِ فَقَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ مَمْنُوعٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ وَأَمَّا مَا فِيهِ عِبَادَةٌ فَإِنَّ كَثِيرَهُ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ مَشْرُوعَةٌ لِمَعْنَى التَّذْكِيرِ وَالْوَعْظِ وَأَمْرُ الْإِمَامِ وَنَهْيُهُ وَتَعْلِيمُهُ فَهُوَ ذِكْرٌ مَخْصُوصٌ يُفَوِّتُ مَا قُصِدَ بِهَا وَمَا يَأْتِي بِهِ مِنْ الذِّكْرِ وَالتَّسْبِيحِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لَا يُفَوِّتُهُ وَأَمَّا يَسِيرُ الذِّكْرِ فَإِنَّهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ ضَرْبٌ يَخْتَصُّ بِهِ كَحَمْدِ اللهِ عِنْدَ الْعُطَاسِ وَالتَّعَوُّذِ مِنْ النَّارِ عِنْدَ ذِكْرِهَا فَهَذَا خَفِيفٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ يَشْغَلُ عَنْ الْإِصْغَاءِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ الْإِنْصَاتِ إِلَى الْخُطْبَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ الْإِنْصَاتُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْهُ وَإِنْ فَعَلُوا فَسِرًّا فِي أَنْفُسِهِمْ وَالضَّرْبُ الثَّانِي لَا يَخْتَصُّ بِهِ مِثْلُ أَنْ يَعْطِسَ غَيْرُهُ فَيُشَمِّتَهُ فَهَذَا مَمْنُوعٌ مِنْهُ ) .وأما إذا لم يمكن الجمع بما سبق ولم يكن مرضياً فلا شك أن الاستماع إلى الخطبة أوجب .الوجه الثاني : أن الاستماع إلى الخطبة واجب مستمر إلى نهاية الخطبة بخلاف الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد فإن الواجب أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في المرة الأولى وأما المرات الأخرى فإنها مستحبة للقاعدة الأصولية أن الأمر المطلق لا يقتضي التكرار وهو مذهب أكثر الحنفية ، والظاهرية ، ورواية عن الإمام أحمد ، وهو اختيار كثير من الحنابلة كأبي الخطاب وابن قدامة ، والطوفي ، وهو قول أكثر الفقهاء ، ورجحه الرازي ، والآمدي ، والبيضاوي، وإمام الحرمين والشنقيطي .فعلى هذا الوجه فإنه يصلي في المرة الأولى للوجوب ولأنه غالبا لا ينشغل بها فأما في البقية فلا .والراجح إن شاء الله تعالى أنه يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وخاصة في المرة الأولى لأن الظاهر من أحاديث النهي أنه منصب على من انشغل عن الخطيب مع نفسه أو مع غيره أما من انشغل مع الخطيب فلا بأس به إن شاء الله تعالى ومنها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإن الخطيب عند صلاته على النبي صلى الله عليه وسلم كأنه يحثهم عليها يؤيده ما ورد في حديث أَنَسَ بن مَالِكٍ –رضي الله عنه- : (( أَنَّ رَجُلًا دخل يوم الْجُمُعَةِ من بَابٍ كان وِجَاهَ الْمِنْبَرِ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمٌ يَخْطُبُ فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَائِمًا فقال : يا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتْ الْمَوَاشِي وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا قال : فَرَفَعَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ فقال اللهم اسْقِنَا اللهم اسْقِنَا اللهم اسْقِنَا )) رواه البخاري ومسلم. فالنبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على الرجل لأنه كان منشغلا مع الخطيب ليس مع نفسه ولا مع غيره . وغيرها من الأحاديث . والله أعلمثانياً : أما التأمين على الدعاء فهو متعلق بمشروعية تكرار الدعاء في كل جمعة فمن رأى أنه مشروع لحديث أنس السابق في طلب السقيا فإنه يجوز التأمين وأما من رأى أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم الدائم في خطبة الجمعة عدم الدعاء وحديث أنس رضي الله عنه كان لعارض فإنه لا يرى التأمين خلف الإمام إلا إذا دعا لعارض . وهو الأظهر . والله أعلم .

رجل كبير لا يعقل في الصلاة

618
السائل: والدي كبير في السن ومريض بحيث لايدرك مايجري حوله ولو تكلم لعله لايعي أحيانا مايقول بسبب ضعف حواسه و ضعف تركيزه العقلي. الوالدة تذكرة بالصلاة ولو لم تذكره لما صلى (رغم أنه كان من المصلين الملتزمين في حال صحته قديما)وتساعدة على الوضوء ولكن عندما صلي يظل ساكتا ولايقوم بحركات الصلاة بل أحيانا يلتفت في صلاته. فما رأي الشرع في صلاته وهل نلزمه على هذه الصلاة وهل يجب عليه أو علينا فعل شيء آخر لسد هذا في صلاته.أفيدونا بارك الله في علمكم

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتهالحمد لله وحده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . وبعد:أولاً : قولك : ما رأي الشرع ! لفظ غير صحيح والصواب أن يقال ما حكم الشرع لأن الرأي إنما هو للفقهاء المجتهدين ولأن الرأي منه ماهو حق ومنه ماهو باطل ومنه ما هو صواب ومنه ما هو على خلاف ذلك أما حكم الشرع فلا يكون إلا حق والشارع الحكيم أوامره ونواهيه أحكام قال تعالى : { إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ }الأنعام57 .ولهذا لن تجد فيما أعلم في كتب العلماء (رأي الشرع).ثانياً :أما بالنسبة لوالدك فإن كان كما قلت فإن من شروط التكليف الإدراك وفهم الخطاب قال الإبهاج (1/156) : (اتفق الكل حتى القائلون بجواز التكليف بما لا يطاق على أنه يشترط في المأمور أن بكون عاقلا بفهم الخطاب أو يتمكن من فهمه) . والظاهرأن والدك لايدرك ولايفم الخطاب فيلحق بالمعتوه وهي آفة ناشئة عن الذات توجب خللاً في العقل فيصير صاحبها مختلط الكلام ، يشبه بعض كلامه العقلاء وبعضه كلام المجانين ، وكذا سائر أموره . فالمعتوه له عقل لكنه ضعيف عن إدراك وفهم الخطاب ، أما المجنون فإنه لا عقل له . والراجح أنه غير مكلف مطلقاً ، وهو مذهب جمهور العلماء ، والدليل على عدم تكليفه ما يأتي :الدليل الأول : عَنْ عَلِيِّ -رضى الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (( رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ : عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنِ الْمَعْتُوهِ حَتَّى يَبْرَأَ )) صحيح الترمذي رقم الحديث (1150) ..الدليل الثاني : قياس المعتوه على المجنون والصبي غير المميز والجامع : ضعف العقل عن إدراك حقائق الأمور عن فهم خطاب الشارع .لكن ينبغي أن يلاحظ أن والدك إن كان يدرك بعض الأحيان فعليكم إعلامه بالصلاة ومعاونته أما إذا كان لا يدركا مطلقا وهذا هو الحال الدائم لديه فإنه غير مكلف .والله تعالى أعلم .