ما هي أنواع الإحرام وما هو أفضلها ؟

1868
السائل: ما هي أنواع الإحرام وما هو أفضلها ؟

الشيخ: أنواع الإحرام ثلاثة باتفاق الفقهاء :
النوع الأول : القران : وله ثلاث صور :
الصورة الأولى : أن يحرم بالحجّ والعمرة معاً ، فيقول : (لبيك اللهم بحجّ وعمرة) .
وهذا يقتضي بقاء المحرم على صفة الإحرام إلى أن يفرغ من أعمال العمرة والحجّ جميعاً .
الصورة الثانية : أن يحرم بالعمرة وحدها ، ويدخل عليها الإحرام بالحجّ قبل طواف العمرة . فيكون بذلك قرن بين العمرة والحجّ .
الصورة الثالثة : أن يحرم بالحجّ أولا ثم يدخل عليه الإحرام بالعمرة .
النوع الثاني : التمتع : هو الاعتمار في أشهر الحجّ ثم يحجّ من عامه الذي اعتمر فيه ، ويتحلل بين العمرة والحجّ .
صورته : أن يحرم بالعمرة وحدها ، ويقول : ( لبيك اللهم بعمرة ) .
وهذا يقتضي البقاء على صفة الإحرام حتى يصل إلى مكة ، فيطوف بالبيت ، ويفعل بقية أعمال العمرة ، ويتحلل ويخلع ثياب الإحرام ويلبس ثيابه المعتادة ، ويأتي كلّ ما كان قد حرم عليه بالإحرام ، إلى أن يجيء يوم التروية فيحرم من مكة بالحجّ .
النوع الثالث : الإفراد : وهو أن يحرم بالحجّ وحده .
صورته : أن يحرم بالحجّ وحده ، ويقول : ( لبيك اللهم بحجّ ) .
وهذا يقتضي أن يبقى محرماً حتى ينتهي من أعمال الحجّ .
وأفضل هذه الأنواع التمتع ، وهو مذهب الشافعية في قول ، والحنابلة ، بل قد ذهب بعض أهل العلم إلى وجوب التمتع ، وهو الظاهر ، وممن قال به حَبُر الأمةِ وبَحرُها ابن عباس رضي الله عنهما ونصره ابن حزم ، وابن القيم.
قال ابن القيم( زاد المعاد (2/178) ) : ( وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم الأمرَ بفسخِ الحجّ إلى العمرةِ أربعة عشر من أصحابه وأحاديثُهم كلّها في الصحاح وقد ذهب جماعة من السلف والخلف إلى إيجاب القران على من ساق الهدي ، والتمتع بالعمرة المفردة على من لم يسق الهدي منهم عبد الله بن عباس وجماعةٌ فعندهم لا يجوز العدول عما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر به أصحابه فإنه قرن وساق الهدي وأمر كلّ من لا هدي معه بالفسخ إلى عمرة مفردة فالواجب أن نفعل كما فعل أو كما أمر ( .
وقال : ( ولا يوحِشُكَ قلةُ القائلين بوجوب ذلك فإن فيهم البحر الذي لا يَنْزِفُ عبد الله بن عباس وجماعةً من أهـل الظاهـر والسنـة هي الحَكَمُ بين الناس والله المستعان ) .
وعليه إذا أراد الإحرام فإن كان قد ساق الهدي يقول : (لبيك اللهم بحجّةٍ وعمرةٍ ) وهذا هو القِران ، وإن لم يسق الهدي لبى بالعمرة وحدها وهو التمتع ، فيقول : ( لبيك اللهم بعمرة ) ، فإن كان لبى بالحجّ وحده وهو الإفراد فعليه أن يفسخه بأن يجعل معه عمرة لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه جميعاً أن يُحِلُّوا من إحرامهم وأن يجعلوا طوافَهُم وسعيهم عمرةً إلا من ساق الهدي منهم .
استدل من قال بوجوب التمتع على من لم يسق الهدي بما يأتي :
الدليل الأول : عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قال: ((قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَقُولُ : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ بِالْحَجِّ . فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً ))( رواه البخاري رقم الحديث (1495) ، ومسلم رقم الحديث (1216) ) .
وفي رواية : (( فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً ، وَيَطُوفُوا ، ثُمَّ يُقَصِّرُوا وَيَحِلُّوا ، إِلاَّ مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ ، فَقَالُوا : نَنْطَلِقُ إِلَى مِنًى ، وَذَكَرُ أَحَدِنَا يَقْطُرُ ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ ، وَلَوْلاَ أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لأَحْلَلْتُ))( رواه البخاريرقم الحديث (1568) ، ومسلم رقم الحديث (1216) ) .
وفي رواية : قال صلى الله عليه وسلم : (( لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً . فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لأَبَدٍ ؟ فَشَبَّكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَصَابِعَهُ وَاحِدَةً فِي الأُخْرَى وَقَالَ : دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ مَرَّتَيْنِ لاَ بَلْ لأَبَدٍ أَبَدٍ )) (رواه مسلم رقم الحديث (1218)) .
الدليل الثاني : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال : ((قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلموَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ( من ذي الحجة ) مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً ، فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ الْحِلِّ ؟ قَالَ : الْحِلُّ كُلُّهُ ))(رواه البخاري رقم الحديث (3620) ، ومسلم رقم الحديث (1240) واللفظ له .
الدليل الثالث : عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال النبيّ صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ((اجْعَلُوهَا عُمْرَةً . فَأَحَلَّ النَّاسُ إِلاَّ مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ ))( رواه مسلم رقم الحديث (1211) ) .
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت : (( دَخَلَ عَلَيَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ غَضْبَانُ فَقُلْتُ : مَنْ أَغْضَبَكَ يَا رَسُولَ اللهِ أَدْخَلَهُ اللهُ النَّارَ . قَالَ : أَوَمَا شَعَرْتِ أَنِّي أَمَرْتُ النَّاسَ بِأَمْرٍ فَإِذَا هُمْ يَتَرَدَّدُونَ ، وَلَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ مَعِي حَتَّى أَشْتَرِيَهُ ثُمَّ أَحِلُّ كَمَا حَلُّوا ))( رواه مسلم رقم الحديث (1211) ) .
وأحاديث أمره صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالتمتع كثيرة ، والأصل في الأمر أنه للوجوب .
والله أعلم
ينظر : كتاب الفقه على المذاهب الأربعة (1/592) ، والموسوعة الفقهية ( 2/140) ، وبداية المجتهد (3/293) ، والمغني (5/82) ، والمجموع (7/141) وشرح العمدة لابن تيمية (1/438) ، والمغني (5/82) ، والإنصاف (3/392) ، والإقناع (1/560) ، والشرح الممتع (7/84) والمحلى (5/87) مسألة رقم (883) .

هل يسن صلاة ركعتين قبل الإحرام ؟

1865
السائل: هل يسن صلاة ركعتين قبل الإحرام ؟

الشيخ: ليس هناك سنة صلاة ركعتين قبل الإحرام على الراجح لكن يستحب أن يحرم عقيب صلاة فرض ، وإلا فليس للإحرام صلاة تخصه . وهو رواية عن الإمام أحمد ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، وابن القيم ، وابن عثيمين ، والألباني .
وذهب الأئمة الأربعة إلى سنية ركعتي الإحرام استدلالا بحديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ – رضي الله عنهما قال : (( كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَرْكَعُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ ))( رواه مسلم رقم الحديث (1184) ) .
ولكن لا دلالة في الحديث إلى ما ذهبوا إليه – رحمهم الله تعالى – لأن المراد بهاتين الركعتين ركعتا الظهر ، والله أعلم ، فعن أنس بن مالك – رضي الله عنه : ((خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وخَرَجْنا مَعَهُ فَلما بَلَغَ ذا الحُليفةِ صلى الظُّهرَ ثمَّ رَكِبَ راحلتَهُ فلما استوت به على البيداء أهلَّ بالحجِّ والعمرةِ جميعاً ))( رواه أبو داود رقم الحديث (1774) ، والنسائي رقم الحديث (2931) واللفظ له . ينظر : صحيح أبي داود رقم الحديث (1559) ) .
ولكن إذا كان ميقاتُه ذا الحليفة استحب له أن يصلي فيها ركعتين لخصوص المكان وبركته .
دليله :
الدليل الأول : عن عُمَرَ رضي الله عنه قال : (( سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِوَادِي الْعَقِيقِ يَقُولُ : أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي فَقَالَ : صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي المُبَارَكِ وَقُلْ : عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ))( رواه البخاري رقم الحديث (1461) ) .
الدليل الثاني : عن مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ الهِن بن عمر عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : (( أَنَّهُ رُئِيَ وَهُوَ فِي مُعَرَّسٍ( وهو وادي العقيق ) بِذِي الْحُلَيْفَةِ بِبَطْنِ الْوَادِي ، قِيلَ لَهُ : إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ ))(رواه البخاري رقم الحديث (1462) ، ومسلم رقم الحديث (1346) ) .
قال الحافظ ابن حجّر( فتح الباري (3/459) ) : ( وفي الحديث فضل العقيق كفضل المدينة وفضل الصلاة فيه ) .
قال العيني(عمدة القاري (7/40) ) : ( فيه فضل العقيق لفضل المدينة ، وفيه فضل الصلاة فيه ومطلوبيتها عند الإحرام لاسيما في هذا الوادي المبارك ، وهو مذهب العلماء كافة ).
والله أعلم .
ينظر : الإنصاف (3/391) ومجموع الفتاوى (26/108) ، وتيسير الفقه الجامع للإختيارات الفقهية (1/483) ، والإختيارات الفقهية ص (116) .مناسك الحج للألباني ص (15) زاد المعاد (2/107) الشرح الممتع (7/76) ، وفتاوى أركان الإسلام ص (519) والموسوعة الفقهية (2/172) ، وكتاب الفقه على المذاهب الأربعة (1/548) .

هل يجوز للمرأة أن تسدل على وججها بالخمار ونحوه ؟

1863
السائل: هل يجوز للمرأة أن تسدل على وججها بالخمار ونحوه ؟

الشيخ: يجوز للمرأة أن تستر وجهها بالخمار ونحوه من غير أن تنتقب أو تشد الخمار على وجهها كأنه نقاب فيجوز لها أن تستر وجهها بشيء كالخمار أو غيره تلقيه على رأسها وتسْدِلهُ على وجهها ، باتفاق الفقهاء، وإن كان يمس الوجه على الصحيح ، وهو ظاهر مذهب المالكية حيث إنهم لم يشترطوا في سدل المرأة على وجهها أن لا يمس الساتر الوجه ، والإمام أحمد .
دليله :
عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ قَالَتْ : ((كُنَّا نُخَمِّرُ وُجُوهَنَا وَنَحْنُ مُحْرِمَاتٌ وَنَحْنُ مَعَ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ))(رواه مالك في الموطأ في الحج / باب تخمير المحرم وجهه ، رقم الحديث (718) ، ومسند إسحاق بن راهويه (5/136) رقم الحديث (37) . ينظر : الإرواء رقم الحديث (1023) وقال : إسناده صحيح ) .
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : ((كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُحْرِمَاتٌ ، فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا إِلَى وَجْهِهَا فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ ))( رواه الدارقطني في سننه في الحج / باب المواقيت ، رقم الحديث (261) ، والبيهقي في سننه في الحج / باب المحرمة تلبس الثوب من علو فيستر وجهها وتجافي عنه ، رقم الحديث (8833) ، وأبو داود في المناسك / باب في المحرمة تغطي وجهها ، رقم الحديث (1833) واللفظ له . وحسنه الألباني بالشواهد كما في جلباب المرأة المسلمة ص (107)) .
قال ابن قدامة(المغني (5/155) ) : ( ولم أرَ هذا الشرط(يعني شرط عدم ملامسة الساتر الوجه ) عن أحمد ، ولا هو في الخبر ، مع أن الظاهر خلافه ، فإن الثوب المسدول لا يكاد يسلم من إصابة البشرة ، فلو كان شرطاً لَبُيِّن ، وإنما منعت المرأة من البرقع والنِّقاب ونحوهما … ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية(شرح العمدة (2/270) ) : ( والذي عليه كلام أحمد وقدماء أصحابه جواز الإسبال سواء وقع على البشرة أو لم يقع … لأن عائشة ذكرت أنهنّ كنّ يدلين جلابيبهنّ على وجوههنّ من رؤوسهنّ ، ولم تذكر مجافاتها ، فالأصل عدمه … ولأن في مجافاته مشقة شديدة … ولم ينهها – يعني النبيّ صلى الله عليه وسلم عن تخمير الوجه مطلقاً ، فمن إدعى تحريم تخميره مطلقاً فعليه الدليل … ) .
والله اعلم

ما الذي يسن ويجوز فعله عند وقبل الإحرام ؟

1859
السائل: ما الذي يسن ويجوز فعله عند وقبل الإحرام ؟

الشيخ: يسن ويجوز عند الإحرام وقبله الآتي :
أولا :
يُسَنّ عند الإحرام لمن أراد الحجّ أو العمرة أن يغتسل للإحرام سواء كان صغيراً أو كبيراً ، ذكراً أو أنثى ، ولو كانت المرأة حائضاً أو نفساء ، وهو مذهب الأئمة الأربعة(ينظر : كتاب الفقه على المذاهب الأربعة (1/548) ، والموسوعة الفقهية (2/171) ) .
دليله :
عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه : ((أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَجَرَّدَ(يعني تجرد من المخيط ولبس إزاراً ورداءً) لإِهْلاَلِهِ وَاغْتَسَلَ ))( رواه الترمذي رقم الحديث (830) . ينظر : صحيح الترمذي رقم الحديث (664)) .
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ : ((الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ إِذَا أَتَتَا عَلَى الْوَقْتِ(يعني الميقات ) تَغْتَسِلاَنِ وَتُحْرِمَانِ وَتَقْضِيَانِ المَنَاسِكَ كُلَّهَا غَيْرَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ ))( رواه أبو داود رقم الحديث (1744) . ينظر : صحيح أبي داود رقم الحديث (1534) ، وصحيح الترمذي رقم الحديث (754) ، والسلسة الصحيحة رقم الحديث (1818) ).
والأمر في قوله صلى الله عليه وسلم : (( تغتسلان )) للاستحباب بالإجماع .
قال ابن المنذر : ( أجمع عوام أهل العلم على أن الإحرام بغير غسل جائز ، وأجمعوا على أن الغسل للإحرام ليس بواجب إلا ما روي عن الحسن البصري أنه قال : إذا نسى الغسل يغتسل إذا ذكره) ينظر : المجموع (7/220) ، المغني (5/75) .
ثانياً :
ويسنّ له قبل أن يلبي بالحجّ أو العمرة عند الميقات أن يَدَّهن ويتطيب في بدنه دون لباس الإحرام بأي طيب شاء له رائحة إلا النساء فطيبهن ما له لون ولا رائحة له ، وهو مذهب الجمهور من الحنفية ، والشافعية ، والحنابلة .ينظر : فتح الباري (3/466) ، والموسوعة الفقهية (2/171) ، وكتاب الفقه على المذاهب الأربعة (1/548) ، والمغني (5/77) ، والمجموع (7/228).
ولا يجوز التطيب بعد التلبية لأن الطيب من المحظورات كما سيأتي .
دليله :
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ : ((كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لإِحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ))( رواه البخاري رقم الحديث (1456) ، ومسلم رقم الحديث (1189)).
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (( كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُحْرِمٌ ))(رواه البخاري رقم الحديث (1464) ، ومسلم رقم الحديث (1190)) .
ثالثا :
يجوز له أن يلبس الإحرام قبل الميقات ولو في بيته كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم ، وهذا فيه تيسير على الذين يحجّون بالطائرة ولا يمكنهم لُبْس الإحرام عند الميقات فيجوز لهم أن يصعدوا الطائرة في لباس الإحرام لكنهم لا يحرمون بمعنى يُلَبُّون بالحجّ أو العمرة إلا عند الميقات .
رابعاً :
يُسنّ له أن يحرم في إزار ورداء أبيضين ، وقد اتفق الفقهاء على ذلك( ينظر : كتاب الفقه على المذاهب الأربعة (1/548) ، والموسوعة الفقهية (6/131 ) . دليله :

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: ((انْطَلَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ المَدِينَةِ ، بَعْدَ مَا تَرَجَّلَ وَادَّهَنَ وَلَبِسَ إِزَارَهُ وَرِدَاءَهُ ، هُوَ وَأَصْحَابُهُ))( رواه البخاري رقم الحديث (1470) ) .
وأما البياض فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسل : ((الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ ، وَإِنَّ خَيْرَ أَكْحَالِكُمُ الإِثْمِدُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ ))(رواه أبو داود رقم الحديث (3878) ، والترمذي رقم الحديث (994) ، وابن ماجه رقم الحديث (1472) . ينظر : صحيح الجامع رقم الحديث (2116) ، وصحيح ابن ماجه رقم الحديث (3236) ) .
أما المرأة فلا تنزع شيئاً من لباسها المشروع بل تبقى بحجّابها الشرعي وجلبابها إلا أنها لا تنتقب ولا تلبس القفازين كما سيأتي في محظورات الإحرام ، ويجوز لها أن تستر وجهها بشيء كالخمار أو غيره تلقيه على رأسها وتسْدِلهُ على وجهها ، باتفاق الفقهاء، وإن كان يمس الوجه على الصحيح ، وهو ظاهر مذهب المالكية حيث إنهم لم يشترطوا في سدل المرأة على وجهها أن لا يمس الساتر الوجه ، والإمام أحمد . دليله :
عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ قَالَتْ : ((كُنَّا نُخَمِّرُ وُجُوهَنَا وَنَحْنُ مُحْرِمَاتٌ وَنَحْنُ مَعَ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ))(رواه مالك في الموطأ في الحج / باب تخمير المحرم وجهه ، رقم الحديث (718) ، ومسند إسحاق بن راهويه (5/136) رقم الحديث (37) . ينظر : الإرواء رقم الحديث (1023) وقال : إسناده صحيح ) .
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : ((كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُحْرِمَاتٌ ، فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا إِلَى وَجْهِهَا فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ ))( رواه الدارقطني في سننه في الحج / باب المواقيت ، رقم الحديث (261) ، والبيهقي في سننه في الحج / باب المحرمة تلبس الثوب من علو فيستر وجهها وتجافي عنه ، رقم الحديث (8833) ، وأبو داود في المناسك / باب في المحرمة تغطي وجهها ، رقم الحديث (1833) واللفظ له . وحسنه الألباني بالشواهد كما في جلباب المرأة المسلمة ص (107)) .
قال ابن قدامة(المغني (5/155) ) : ( ولم أرَ هذا الشرط(يعني شرط عدم ملامسة الساتر الوجه ) عن أحمد ، ولا هو في الخبر ، مع أن الظاهر خلافه ، فإن الثوب المسدول لا يكاد يسلم من إصابة البشرة ، فلو كان شرطاً لَبُيِّن ، وإنما منعت المرأة من البرقع والنِّقاب ونحوهما ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية(شرح العمدة (2/270) ) : ( والذي عليه كلام أحمد وقدماء أصحابه جواز الإسبال سواء وقع على البشرة أو لم يقع لأن عائشة ذكرت أنهنّ كنّ يدلين جلابيبهنّ على وجوههنّ من رؤوسهنّ ، ولم تذكر مجافاتها ، فالأصل عدمه ولأن في مجافاته مشقة شديدة ولم ينهها – يعني النبيّ صلى الله عليه وسلم عن تخمير الوجه مطلقاً ، فمن إدعى تحريم تخميره مطلقاً فعليه الدليل ) .

ينظر : الموسوعة الفقهية (2/156) ، والمغني (5/154) ، والمجموع (7/228)بداية المجتهد (3/278) ، وحاشية الدسوقي (2/86) ، والفواكه الدواني (1/568) ، والموسوعة الفقهية (2/157)الإنصاف (3/453) ، والمغني (5/154) ، والفروع (3/332).

ما هي المواقيت وما هي أصناف الناس بالنسبة لها ؟

1855
السائل: ما هي المواقيت وما هي أصناف الناس بالنسبة لها ؟

الشيخ: اعلم رحمك الله الله تعالى جواب سؤالك هو :
أولا : أما أصناف الناس بالنسبة لمواقعهم للميقات :
يختلف الميقات المكاني للإحرام بالحجّ باختلاف مواقع الناس ، فإنهم من حيث المواقيت المكانية على ثلاثة أصناف :
الصنف الأول : الأُفُقِي : وهو من كان منزله خارج منطقة المواقيت .
الصنف الثاني : الميقاتي : وهو الذي يسكن في مناطق المواقيت ، أو ما يحاذيها ، أو في مكان دونها إلى الحرم المحيط بمكة .
الصنف الثالث : الحرمي والمكي : وهو من كان منزله في الحرم أو في مكة سواء أكان مستوطناً أو نازلاً .
ثانيا : وأماالمواقيت المكانية للأفقي للحجّ أو العمرة :
المواقيت المكانية للأفقي خمسة ، نظمها أحدهم بقوله :
عِرْق العراقِ يلملم اليمن وبذي الحُليفة يُحرم المدني
والشامُ جُحفةُ إن مررت بها ولأهل نجدٍ قرْنُ فاسْتِبِنِ
قال الإمام النووي( المجموع (7/199)): ( قال ابن المنذر وغيره : أجمع العلماء على هذه المواقيت ) .
قال الإمام ابن قدامة( المغني (5/56)) : ( وجملة ذلك أن المواقيت المنصوص عليها الخمسة التي ذكرها الخرقي – رحمه الله ، وقد أجمع أهل العلم على أربعة منها ، وهي : ذو الحليفة ، و الجحفة ، و قرن ، ويلملم ، وأما ذات عرق فميقات أهل المشرق في قول أكثر أهل العلم ، وقال ابن عبد البر : أجمع أهل العلم على أن إحرام العراقيّ من ذات عرق إحرامٌ من الميقات ) .
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما – قَالَ : (( إِنَّ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لأَهْلِ المَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ ، وَلأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ ، وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ المَنَازِلِ ، وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ ، هُنَّ لَهُنَّ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ ، مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ ))( رواه البخاري رقم الحديث (1452) ، ومسلم رقم الحديث (1181) ) .
وعن أَبُي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما يُسْأَلُ عَنِ المُهَلِّ فَقَالَ سَمِعْتُ أَحْسِبُهُ رَفَعَ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَ : ((مُهَلُّ أَهْلِ المَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ ، وَالطَّرِيقُ الآخَرُ الْجُحْفَةُ ، وَمُهَلُّ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ ، وَمُهَلُّ أَهْلِ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ ، وَمُهَلُّ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ ))(رواه مسلم رقم الحديث (1183) ، وابن خزيمة في صحيحه رقم الحديث (2592) ) .
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها : (( أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ ))( رواه أبو داود رقم الحديث (1739) . وهو حديث صحيح . ينظر : الإرواء رقم الحديث (999) ).
ثالثاً : وميقات الميقاتي للحجّ أو العمرة ، وأما الميقاتي وهو الذي يسكن في مناطق المواقيت ، أو ما يحاذيها ، أو في مكان دونها إلى الحرم المحيط بمكة فإن ميقات إحرامه المكاني للحجّ أو العمرة هو موضعه الذي ينشأ منه الإحرام بالعمرة أو الحجّ ، أو أقرب ميقات له ، وهو مذهب الحنفية ، والمالكية ، والشافعية ، والحنابلة ، إلا أنهم اختلفوا في المكان الذي يتعين عليه منه الإحرام ، فالحنفية يرون أن ميقاته جميع المسافة ما بين المواقيت إلى الحرم ، والمالكية يرون أنه يحرم من داره أو من مسجده ، والشافعية والحنابلة يرون أنه يحرم من القرية التي يسكنها أو المكان النازل فيه .
والأمر فيه واسع لأن الحديث يحتمل جميع ما سبق ؛ دليله :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما – قَالَ : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ))(رواه البخاري رقم الحديث (1452) ، ومسلم رقم الحديث (1181) ) .
رابعاً : وميقات الحرمي والمكي للحجّ أو العمرة ، وأما الحرمي والمكي وهو من كان منزله في الحرم أو في مكة سواء أكان مستوطناً أو نازلاً فميقاته بالنسبة للحجّ من حيث أنشأ ، وهو مذهب الحنفية ، والمالكية ، والشافعية، والحنابلة . دليله :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما – قَالَ : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ))( رواه البخاري رقم الحديث (1452) ، ومسلم رقم الحديث (1181)) .
أما ميقاته بالنسبة للعمرة الحِلّ ، فلا بدَّ أن يخرج للعمرة عن الحرم إلى الحلّ ولو بخطوه واحدة يتجاوز بها الحرم إلى الحلّ ، ولا خلاف في ذلك بين الفقهاء . والأفضل أن يكون إحرامه من الجعرانة أو التنعيم .
ينظر : الإقناع في مسائل الإجماع (1/251) ، والموسوعة الفقهية (2/151) .
الموسوعة الفقهية (2/151)وبدائع الصنائع (2/166) ، و الفتاوى الولوالجية (1/266) ، والمبسوط (4/169) والمعونة (1/327) ، وحاشية الدسوقي (2/36) ، وحاشية الزرقاني (2/445) ، وبداية المجتهد (3/271) ، ومواهب الجليل (4/43)والمجموع (7/200) ، والبيان (4/111) ، والشرح الكبير (3/331) ، ومغني المحتاج (2/226) ، وحاشية البجيرمي (2/172) ، وإخلاص الناوي (1/401) والإنصاف (3/383) ، ومنتهى الإرادات (2/77) ، ومطالب أولي النهى (3/219) ، وكتاب المنور ص (222) ، وكشاف القناع (2/401) ، والإقناع (1/552).

ما هي شروط الحج عن الغير ؟

1853
السائل: ما هي شروط الحج عن الغير ؟

الشيخ: اعلم أنه يشترط للحج عن الغير شرطان :
الشرط الأول : يشترط فيمن يحجّ عن غيره أن يكون قد حجّ عن نفسه أولاً ، وهذا هو مذهب الشافعية ورجحه النووي ، والحنابلة وهو قول الأوزاعي وإسحاق بن راهويه ورجحه ابن قدامة ، والشوكاني. دليله :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما – : ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَمِعَ رَجُلاً يَقُولُ : لَبَّيْكَ عَنْ شُبْرُمَةَ . قَالَ : مَنْ شُبْرُمَةَ . قَالَ : أَخٌ لِي أَوْ قَرِيبٌ لِي . قَالَ : حَجَجْتَ عَنْ نَفْسِكَ . قَالَ : لاَ. قَالَ : حُجَّ عَنْ نَفْسِكَ ثُمَّ حُجَّ عَنْ شُبْرُمَةَ ))(رواه أبو داود رقم الحديث (1811) ، وابن ماجه رقم الحديث (2903) . ينظر : صحيح أبي داود رقم الحديث (1596) ، والإرواء رقم الحديث (994) ).
الشرط الثاني : أن يكون المحجّوج عنه عاجزاً عن الحجّ الواجب بنفسه ، وهذا بالإجماع ، فإنه لا يجوز أن يستنيب من يقدر على الحجّ بنفسه إجماعاً ، قاله ابن قدامة ، ونقل الإجماع عن ابن المنذر .
ينظر : المغني (5/19-23) والموسوعة الفقهية (17/72) ، ونيل الأوطار (4/347) ، والمجموع (7/103) ، وشرح العمدة لابن تيمية (1/295) ، والشرح الممتع (7/38) ونيل الأوطار (4/347) .

العاجز عن الحج بنفسه هل يجب أن ينيب غيره للحج عنه ؟

1851
السائل: هل العاجز عن الحج بنفسه هل يجب أن ينيب غيره للحج عنه ؟

الشيخ: اعلم رحمك الله تعالى أن من توفرت فيه شروط الحجّ الإسلام والعقل والبلوغ والحرية والاستطاعة بملك المال وغيره وكان عند وجود هذه الشروط مريضاً مرضاً مزمناً ، أو مصاباً بعاهة دائمة ، أو مقعداً ، أو شيخاً كبيراً لا يثبت على آلة الركوب بنفسه ، فإنه لا يجب عليه أن يؤدي فريضة الحجّ بنفسه باتفاق العلماء ، لكن يجب عليه أن يرسل إلى الحجّ من ينوب عنه إذا وجد ، وهو مذهب أبي يوسف ومحمد بن الحسن من الحنفية والشافعية ، والحنابلة ، لأن صحة البدن ليست شرطا لوجوب الحجّ عليه ، بل هي شرط للزوم أداء الحجّ بالنّفس ، دليله :
الدليل الأول : عن أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِي – رضي الله عنه : ((أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ : إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لاَ يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَلاَ الْعُمْرَةَ وَلاَ الظَّعْنَ( أي لا يقوى على السير ولا على الركوب من كبر السن ). قَالَ : حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ ))( رواه الترمذي رقم الحديث (930) ، والنسائي رقم الحديث (2621) ، وابن خزيمة في صحيحه رقم الحديث (3040) . ينظر : صحيح الترمذي رقم الحديث (1595) .
وجه الدلالة : أن النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر أبا رزين أن يحجّ عن أبيه مع أنه شيخ كبير لا يستطيع الحجّ ، فدل هذا على أنه قد وجب على أبيه الحجّ .
الدليل الثاني : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما – قال : ((جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ ، عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، قَالَتْ : يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا ، لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِي عَلَى الرَّاحِلَةِ فَهَلْ يَقْضِي عَنْهُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ))( رواه البخاري رقم الحديث (1755) ، ومسلم رقم الحديث (1335)) .
فالخثعمية أخبرت أن أباها قد فرض عليه الحجّ وهو شيخ كبير لا يثبت على الرحل ، وأقرها النبيّ صلى الله عليه وسلم على ذلك ، وأمرها أن تحجّ عنه ، وشبه ذلك بالدين المقضي كما جاء في بعض الروايات .
الدليل الثالث : إن فرائض الله إذا قدر العبد أن يفعلها بأصل أو بدل وجب عليه ذلك كما يجب بدل الصوم وهو الإطعام ، وبدل الكفارات ، وبدل الوضوء والغسل .
ينظر : شرح فتح القدير (2/421) ، وحاشية ابن عابدين (3/405) ، والبناية (4/143) والبيان (4/39) ، وحاشية البجيرمي (2/164) ، وحاشيتا القيلوبي وعميرة (2/144) . وحاشية الجمل (4/30) والمغني (5/19) ، وشرح العمدة (1/162) ، والإنصاف (3/365) ، وكشاف القناع (2/390) ، والإقناع (1/543) .

هل يجوز مجاوزة الميقات لمن أراد الحج بدون إحرام ؟

1622
السائل: سوف أسافر من ابوظبي الى جدة بطائرةللحج ولكن سوف انوي الحج من الطائف لانني سأقيم في الطائف لعدة أيام فما الحكم من تجاوز الميقات بدون الاحرام؟ وما علي فعله.

جزاكم الله خيرا

الشيخ: اعلم رحمك الله تعالى أنه لا يجوز لمن أراد الحجّ أو العمرة وهو أُفُقي مجاوزة الميقات من غير إحرام .
وقد فصلت في الإجابة على مثل هذا السؤال على هذا الرابط
https://ebrahimalzaabi.co/?page_id=1141
فانظره .
والله أعلم .

هل يجوز الإحرام بالحج قبل أشهر الحج ؟

1493
السائل: هل يجوز الإحرام بالحج قبل أشهر الحج ؟

الشيخ: لا يجوز الإحرام بالحجّ قبل أشهر الحجّ ومن أحرم قبل أشهره فلا يصح إحرامه ولا ينعقد وإنما ينعقد إحرامه عمرة .
وهو مذهب الشافعية .ينظر : المجموع (7/131) ، والبيان (4/59) ، والحاوي الكبير (4/28) ، وحواشي الشرواني والعبادي (4/57) ، وحاشيتا القيلوبي وعميرة (2/154) ، وحاشية الجمل (4/43) ، إخلاص الناوي (1/397) ، وحاشية البجيرمي (2/167) .
قال الإمام الماوردي في الحاوي الكبير (4/28) : ( وبه قال من الصحابة عمر ، وابن مسعود ، وجابر بن عبد الله ، وابن عباس( ) . ومن التابعين طاوس ، ومجاهد ، وعطاء . ومن الفقهاء الأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق ) .
ورجحه ابن خزيمةفي صحيحه (4/161) . والشوكاني في نيل الأوطار (2/168) ، والشنقيطي في أضواء البيان (5/342) ) . دليله :
الدليل الأول : قوله تعالى : ﴿ الْحجّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحجّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحجّ ﴾ سورة البقرة 197 .
قال الشنقيطي : ( هذه الأدلة لا يعول عليها في مقابل آية محكمة من كتاب الله تعالى صريحة في توقيت الحجّ بأشهر معلومات وهي قوله تعالى : ﴿ الْحجّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ﴾ فتجاهل هذا النص القرآني ومعارضته بما رأيت من الغرائب كما ترى ) .
الدليل الثاني : القياس ، قياس الإحرام بالحجّ قبل وقته على الإحرام بالصلاة قبل وقتها ، فكما أن صلاة الفريضة لا تنعقد قبل وقتها ولا تصح فكذلك الحجّ ولا فرق .
قال ابن خزيمة في صحيحه (4/161) : ( باب النهي عن الإحرام بالحجّ في غير أشهر الحجّ إذ الله جلّ جلاله جعل الحجّ أشهراً معلومات فغير جائز الدخول في الحجّ قبل وقته كما لا يجوز الدخول في الصلـوات قبل وقتها ) .
وأما انعقاد إحرامه الذي أراد به الحجّ في غير أشهر الحجّ إلى عمرة ، فقد قال الشنقيطي في أضواء البيان (5/342) : ( وانقلاب إحرامه عمرة له وجه من النظر ، ويستأنس له بأن النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه المحرمين بالحجّ الذين لم يسوقوا هديا أن يقلبوا حجّهم الذي أحرموا به عمرة ، وبأن من فاته الحجّ تحلل من إحرامه للحجّ بعمرة ) .
والله أعلم .

هل الحجّ يجب على الفور أو على التراخي ؟

1460
السائل: هل الحجّ يجب على الفور أو على التراخي ؟

الشيخ: الراجح أن وجوب الحجّ على الفور ، وإليه ذهب الأئمة أبو حنيفة في أصح الروايتين عنه وأبو يوسف ، ومالك في الراجح عنه ، وأحمد ، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية ، وابن قدامة ، والشوكاني .
ودليل الفورية ما يأتي :
الدليل الأول : قال الله تعالى : ﴿ وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حجّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَأن الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ سورة آل عمران : 97 .
وهذا أمر والأصل فيه أنه للوجوب و الفور ، كما هو مقرر عند جمهور علماء أصول الفقه .
الدليل الثاني : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ فَإِنَّهُ قَدْ يَمْرَضُ المَرِيضُ ، وَتَضِلُّ الضَّالَّةُ ، وَتَعْرِضُ الْحَاجَةُ ))(رواه أبو داود رقم الحديث (1732) ، وابن ماحه رقم الحديث (2833) واللفظ له . ينظر : صحيح أبي داود رقـم الحديث (1524) ، وصحيح ابن ماجـه رقـم الحديث (2331) ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة (2/207) : (وأمره بالتعجيل من أراده لا يمنع الوجوب فإن إرادة الواجب واجبة ، كما قال تعالى : ﴿لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ ﴾ سورة التكوير : 28 . ويجب عليه أن يريده ويعزم عليه حين وجوبه عليه ) .
الدليل الثالث : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ((تَعْجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ يَعْنِي الْفَرِيضَةَ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لاَ يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ ))(رواه أحمد في المسند رقم الحديث (2869) وهو حديث حسن . ينظر : الإرواء رقم الحديث (990) ).
الدليل الرابع: عن الْحَجَّاجِ بْنَ عَمْرٍو الأَنْصَارِيِ – رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : (( مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ))(رواه أبو داود رقم الحديث (1862) ، والنسائي رقم الحديث (2861) ، وابن ماجه رقم الحديث (3077) . ينظر : صحيح أبي داود رقم الحديث (1639) ) .
قال الشوكاني في نيل الأوطار (4/337) : ( لو كان على التراخي لم يعيّن العام المقبل).
الدليل الخامس : الحجّ على الفور هو المستقر عند السلف ، عن عمر بن خطاب – رضي الله عنه قال : (( لقد هممت أن أبعث رجالاً فينظروا كلّ رجل ذا جَدَّةٍ – أي صاحب غنى – لم يحجّ فيضربوا عليه الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين ))(قال الحافظ في التلخيص (2/237) : رواه سعيد بن منصور من طريق صحيح ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة (2/215) : ( وهذا قاله عمر ولم يخالفه مخالف من الصحابة ، ولولا أن وجوبه على الفور لم يجعل تركه شعاراً للكفر ) .
والله أعلم .
ينظر : الهداية (1/132) ، والبناية شرح الهداية (4/141) ، والفتاوى الولواجية (1/254) ، وبدائع الصنائع (2/119) ، وشرح فتح القدير (2/417) ، وحاشية ابن عابدين (3/403) ، والإيضاح (1/235) ، وحاشية الطحطاوي ص (727) وحاشية الدسوقي (2/3) ، والشرح الكبير (1/411) ، وبداية المجتهد (3/259) ، ومواهب الجليل (3/420) ، وشرح الزرقاني (2/407) وكتاب المنور ص (220) ، والإنصاف (3/365) ، وكشاف القناع (2/389) ، والإقناع (1/543) ، والمبدع (3/89) وشرح العمدة (2/198) والاختيارات الفقهية (1/580) ونيل الأوطار (4/363) .