هل هناك سنة قبل صلاة العيد أو بعدها ؟

2696
السائل: هل هناك سنة قبل صلاة العيد أو بعدها ؟

الشيخ:

لا يشرع التنفل قبل صلاة العيد ولا بعدها ، وهو مذهب جمهور العلماء، كما في المغني (3/280) فليس هناك سنة قبلية أو بعدية للعيد ، وذلك للأدلة الآتية :

الدليل الأول : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما- : (( أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ خَرَجَ يَوْمَ الْفِطْرِ ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلاَ بَعْدَهَا وَمَعَهُ بِلاَلٌ)). رواه البخاري رقم الحديث (945) ، ومسلم رقم الحديث (2094)

الدليل الثاني : عَنْ نَافِعٍ : ((أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَا بَعْدَهَا)) . رواه مالك في الموطأ (1/181) رقم (435) . بسند صحيح

الدليل الثالث : عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ : ((الصَّلَاةُ قَبْلَ الْعِيدِ ، لَيْسَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ صَلَاةٌ )). أخرجه ابن المنذر في الأوسط (4/266) رقم (2137) . بسند حسن

الدليل الرابع : عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ : ((أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةَ كَانَا يَنْهَيَانِ النَّاسَ يَوْمَ الْعِيدِ عَنِ الصَّلَاةِ قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ)). أخرجه ابن المنذر في الأوسط (4/266) رقم (2135) . بسند حسن . والطبراني في الكبير (9/305) رقم (9525)

الدليل الخامس : عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَهْدَمٍ : (( أَنَّ عَلِيًّا اسْتَخْلَفَ أَبَا مَسْعُودٍ عَلَى النَّاسِ فَخَرَجَ يَوْمَ عِيدٍ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ السُّنَّةِ أَنْ يُصَلَّى قَبْلَ الْإِمَامِ)). رواه النسائي رقم الحديث (1543) . وصححه الشيخ الألباني في صحيح النسائي رقم الحديث (1561)

تنبيه :  إذا كانت صلاة العيد في المسجد :

إذا كانت صلاة العيد في المسجد فإنه إذا دخل المسجد قبل الصلاة فلا يجلس حتى يصلى ركعتي تحية المسجد ، لحديث أَبَي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الأَنْصَارِيَّ – رضي الله عنه – قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ ﷺ : ((إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلاَ يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلّيَ رَكْعَتَيْنِ )). رواه البخاري رقم الحديث (1110)

فائدة : يشرع له إذا رجع إلى بيته بعد صلاة العيد أن يصلي ركعتين :

سبق أنه لا تشرع الصلاة قبل العيد ولا بعدها لأنه ليس هناك سنة قبلية أو بعديه ، ولكن إذا رجع إلى بيته بعد صلاة العيد يشرع له أن يصلي ركعتين لما ثبت عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ –رضي الله عنه- قَالَ : ((كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ لاَ يُصَلِّي قَبْلَ الْعِيدِ شَيْئًا ، فَإِذَا رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ )). رواه ابن ماجه رقم الحديث (1283) ، والحاكم في المستدرك رقم الحديث (1102) . وحسنه الحافظ ابن حجر في الفتح (2/476) ، والألباني في إرواء الغليل (3/100)

قال الحاكم في المستدرك (1/437) : (هذه سنة عزيزة بإسناد صحيح) .

 

متى يبدأ التكبير في يوم الفطر ؟

2693
السائل: متى يبدأ التكبير في يوم الفطر ؟

الشيخ:

 

يبدأ التكبير من أول ليلة عيد الفطر كما في  المغني (3/255) وحتى ينتهي من صلاة عيد الفطر ، ويستحب الجهر بالتكبير في طريقه إلى المصلى حتى يقضي الصلاة  ، ودليل ذلك :

الدليل الأول : قوله تعالى : ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ الله عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ سورة البقرة: ١٨٥ .

قال الشيرازي في المهذب ص (121): (وأول وقت تكبير الفطر إذا غابت الشمس من ليلة الفطر لقوله عز وجل : ﴿ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ الله عَلَى مَا هَدَاكُمْ ﴾  وإكمال العدة بغروب الشمس من ليلة الفطر ) .

وقال ابن كثير في تفسيره (1/505) : (أخذ كثير من العلماء مشروعية التكبير في عيد الفطر من هذه الآية) .

وقَالَ الإمام الشَّافِعِىُّ : (سَمِعْتُ مَنْ أَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ يَقُولُ : فَتُكْمِلُوا عِدَّةَ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ ، وَتُكَبِّرُوا اللهَ عِنْدَ إِكْمَالِهِ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ، وَإِكْمَالُهُ مَغِيبُ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ شَهْرِ رَمَضَانَ ) ينظر : سنن البيهقي الكبرى (3/278).

قال الفاكهي : (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ : ثنا سُفْيَانُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ﴾ [البقرة: 185] قَالَ : نَرْجُو أَنْ يَكُونَ التَّكْبِيرُ لَيْلَةَ الْفِطْرِ . وَزَعَمَ الْمَكِّيُّونَ أَنَّهُمْ رَأَوْا مَشَايِخَهُمْ يُكَبِّرُونَ لَيْلَةَ الْفِطْرِ إِلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ يَوْمَ الْعِيدِ ، وَيُظْهِرُونَ التَّكْبِيرَ ، وَيَرَوْنَهُ سُنَّةً ، وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الْيَوْمَ ). أخرجه الفاكاهاني في أخبار مكة بسند صحيح رقم (1703)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (24/221): (أَمَّا التَّكْبِيرُ فَإِنَّهُ مَشْرُوعٌ فِي عِيدِ الْأَضْحَى بِالِاتِّفَاقِ . وَكَذَلِكَ هُوَ مَشْرُوعٌ فِي عِيدِ الْفِطْرِ : عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد . وَذَكَرَ ذَلِكَ الطَّحَاوِي مَذْهَبًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ . وَالْمَشْهُورُ عَنْهُمْ خِلَافُهُ لَكِنَّ التَّكْبِيرَ فِيهِ هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ وَالتَّكْبِيرُ فِيهِ أَوْكَدُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ اللهَ أَمَرَ بِهِ بِقَوْلِهِ : ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ . وَالتَّكْبِيرُ فِيهِ : أَوَّلُهُ مِنْ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَآخِرُهُ انْقِضَاءُ الْعِيدِ وَهُوَ فَرَاغُ الْإِمَامِ مِنْ الْخُطْبَةِ عَلَى الصَّحِيحِ … وَكَانَ التَّكْبِيرُ أَيْضًا مَشْرُوعًا عِنْدَنَا وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ حِينِ إهْلَالِ الْعِيدِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِيدِ إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ).

الدليل الثاني : عَنِ الزُّهْرِيِّ : (( أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ فَيُكَبِّرُ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُصَلَّى ، وَحَتَّى يَقْضِيَ الصَّلاَةَ ، فَإِذَا قَضَى الصَّلاَةَ قَطَعَ التَّكْبِيرَ)). رواه ابن أبي شيبة رقم (5667) . بسند صحيح مرسل

وهو وإن كان مرسلا إلا أن له شاهدا موصولا ، وطريقاً أخرى موقوفة على ابن عمر –رضي الله عنهما- يتقوى بها  . ينظر : السلسلة الصحيحة رقم الحديث (171)

قال ابن قدامة في المغني (3/256): (ويستحب أن يكبر في طريق العيد ، ويجهر بالتكبير . قال ابن أبي موسى : يكبر الناس في خروجهم من منازلهم لصلاتي العيدين جهرا ، حتى يأتي الإمام المصلى ، ويكبر الناس بتكبير الإمام في خطبته ، وينصتون فيما سوى ذلك) .

 

اجتماع يوم العيد مع يوم الجمعة

2686
السائل:
هل إذا اجتمع يوم العيد مع يوم الجمعة تسقط صلاة العيد صلاة الجمعة والظهر أو الجمعة فقط ؟

الشيخ:

هل إذا اجتمع يوم العيد مع يوم الجمعة تسقط صلاة العيد صلاة الجمعة والظهر أو الجمعة فقط ؟

اختلف العلماء –رحمهم الله تعالى- فيما إذا اجتمع يوم العيد مع يوم الجمعة ، فهل تسقط الجمعة عمن صلى العيد ؟ والراجح أنه يسقط حضور الجمعة عمن صلى العيد جماعة مع الإمام ، ويصلي من لم يحضر الجمعة الظهر ، وهو مذهب الحنابلة ، والشافعية إلا أنهم أسقطوها عن أهل القرى دون أهل البلد .

قال ابن قدامة في المغني (3/242) : (وممن قال بسقوطها الشعبي ، والنخعي ، والأوزاعي ، وقيل : هذا مذهب عمر ، وعثمان ، وعلي ، وسعيد ، وابن عمر ، وابن عباس ، وابن الزبير) .

 

ورجحت هذا المذهب للأدلة الآتية :

الدليل الأول : عَنْ إِيَاسِ بْنِ أَبِي رَمْلَةَ الشَّامِيِّ قَالَ : (( شَهِدْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ يَسْأَلُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ قَالَ : أَشَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ عِيدَيْنِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَكَيْفَ صَنَعَ ؟ قَالَ : صَلَّى الْعِيدَ ، ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ ، فَقَالَ : مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ)). رواه أبو داود رقم الحديث (904) ، وابن ماجه رقم الحديث (1300) . وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (4/237) : (حديث صحيح ، وصححه ابن المديني والحاكم والذهبي )

وجه الاستدلال : أن النبي ﷺ رخص في عدم حضور الجمعة ، ولم يفرق بين أهل القرى وغيرهم ، بل ظاهره أنه خطاب لأهل المدينة وغيرهم ، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ، والحاجة هنا قائمة فلو كان هناك فرق لبينه النبي ﷺ .

وأيضا ليس في الحديث أنه أسقط الظهر بل أسقط حضور صلاة الجمعة فقط ، وسقوط الجمعة لا يستلزم سقوط الظهر ، بل المعلوم أن الجمعة إذا لم تؤدّ لعذر فإنه يصليها ظهراً بلا خلاف ، وهكذا هنا ولا فرق كما سيأتي .

الدليل الثاني : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ : ((قَدِ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ)) . رواه أبو داود رقم الحديث (1159) . وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (4/322) : (إسناده صحيح ، وكذا قال البيهقي والعسقلاني ، وقال الدارقطني: ” إسناد حسن ثابت “، وصححه أيضا ابن المنذر وابن السكن وابن حزم)

وجه الاستدلال : أن النبي ﷺ بين أن من صلى العيد فقد أجزأه عن حضور صلاة الجمعة ، ولم يفرق بين أهل القرى وغيرهم ، وقوله : ((وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ)) فيه دليل على أن الظهر لم تسقط ، لأنه لو سقطت لترك النبي ﷺ صلاة الجمعة ، فمعناه أن من أراد أن يصلي معنا الجمعة فلا بأس فهي مسقطة للظهر ، ومن لم يُرد ذلك فعليه الظهر .

الدليل الثالث : عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ : ((اجْتَمَعَ عِيدَانِ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنْ الْجُمُعَةِ وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ إِنْ شَاءَ اللهُ )) . رواه ابن ماجه رقم الحديث (1301) . صحيح ابن ماجه رقم الحديث (1311)

الدليل الرابع : عن أَبي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ قَالَ : ((شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، فَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ ، ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ قَدْ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِيهِ عِيدَانِ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْتَظِرَ الْجُمُعَةَ مِنْ أَهْلِ الْعَوَالِي فَلْيَنْتَظِرْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ )). رواه البخاري رقم (5251)

وجه الاستدلال : أن عثمان –رضي الله عنه- رخص في ترك حضور صلاة الجمعة لمن صلى العيد كما فعل النبي ﷺ .

الدليل الرابع : عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ : (( صَلَّى بِنَا ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي يَوْمِ عِيدٍ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ أَوَّلَ النَّهَارِ ، ثُمَّ رُحْنَا إِلَى الْجُمُعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْنَا فَصَلَّيْنَا وُحْدَانًا ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ فَلَمَّا قَدِمَ ذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ : أَصَابَ السُّنَّةَ)) . رواه أبو داود رقم الحديث (1073) . وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (4/322) : (إسناده صحيح على شرط مسلم)

وعن عَطَاء قَالَ : (( اجْتَمَعَ يَوْمُ جُمُعَةٍ وَيَوْمُ فِطْرٍ عَلَى عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ : عِيدَانِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ، فَجَمَعَهُمَا جَمِيعًا فَصَلَّاهُمَا رَكْعَتَيْنِ بُكْرَةً لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِمَا حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ)) . رواه أبو داود رقم الحديث (1074) . وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (4/238) : (إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن خزيمة)

وجه الاستدلال : أن ابن الزبير –رضي الله عنه- صلى العيد ، ثم لم يحضر لصلاة الجمعة ، فبين ابن عباس –رضي الله عنهما- أنه أصاب السنة ، يعني سنة النبي ﷺ .

فائدة :

في هذا الأثر دليل على استحباب حضور الإمام للجمعة يوم العيد ، ولا يجب عليه ذلك، وهو رواية عن الإمام أحمد وغيره ينظر : المغني (3/242) فإن ابن الزبير –رضي الله عنه- كان هو الإمام ولم يحضر ، وصوبه ابن عباس –رضي الله عنهما- فلو كان حضور الإمام واجباً لأنكر عليه ابن عباس –رضي الله عنهما- ذلك.

إلا أنه ينبغي أن يعلم أنه إذا كان في تخلف الإمام عن الجمعة مفسدة فيجب عليه الحضور ، أو يعين غيره لينوب عنه ، فالنبي ﷺ رخص في حضور الجمعة إلا أنه حضرها وصلاها بالناس ، وخير الهدي هدي محمدٍ ﷺ .

تنبيه :

استدل بعض أهل العلم بفعل ابن الزبير رضي الله عنه- على سقوط الظهر أيضاً ، وهذا الاستدلال مردود من وجوه :

الوجه الأول : ليس في أثر ابن الزبير –رضي الله عنه- أنه لم يصلّ الظهر بل فيه أن لم يصلّ الجمعة فقط .

الوجه الثاني : الأثر فيه : ((فَجَمَعَهُمَا جَمِيعًا فَصَلَّاهُمَا رَكْعَتَيْنِ بُكْرَةً)) وهذا يدل على أمور :

الأول : أنه جمع الجمعة إلى العيد وصلاهما ركعتين ، وهذا باطل قطعاً لأن صلاة الجمعة غير صلاة العيد ، فلا يصح جمعهما ، وأيضاً لو كان المراد بأنه جمع الجمعة إلى العيد فإنه يدل على أن حضور الجمعة لم يسقط إلا لمن نوى الجمع بين الجمعة والعيد ، وهذا باطل مخالف للأدلة السابقة ، فلو أن شخصاً صلى العيد مع الجماعة ولم ينو إليها الجمعة لم يجز له التخلف عن صلاة الجمعة ، وهذا عين الباطل ،  وأيضا جاء في نفس الأثر ((ثُمَّ رُحْنَا إِلَى الْجُمُعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْنَا فَصَلَّيْنَا وُحْدَانًا)) فلو كانت الجمعة جمعت مع العيد فكيف صلوا وحداناً الظهر ، لأن من صلى الجمعة لا يجوز له أن يصلي الظهر .

الثاني : أنه صلى العيد وجمع في نيته أنه لن يحضر الجمعة ، وأنه لن يصليها في هذا اليوم ، وليس في هذا أنه لم يصلّ الظهر ، وهذا هو الموافق للأدلة الأخرى .

الثالث : أن هذا فهم عطاء –رحمه الله تعالى- وليس بحجة ، ففهم عطاء من قول ابن الزبير –رضي الله عنه- : ((عِيدَانِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ)) أنه جمع بين الجمعة والعيد وعليه فهذا مسقط للظهر ، ولهذا قال : ((فَجَمَعَهُمَا جَمِيعًا فَصَلَّاهُمَا رَكْعَتَيْنِ بُكْرَةً لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِمَا حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ)) ، وليس في هذا حجة ، لأنه فهم لعطاء -رحمه الله تعالى- .

الوجه الثالث : أن قول ابن عباس –رضي الله عنهما- : ((أَصَابَ السُّنَّةَ)) في تركه حضور الجمعة ، وليس في ترك الظهر كما يدل السياق ، فلا دلالة فيه ، إذ لو كان المراد أنه أصاب السنة في تركه الجمعة والظهر لبينه ابن عباس –رضي الله عنهما- بقوله أو فعله ، ولأنكر على من صلى الظهر ممن كان في المسجد بأنهم ما أصابوا السنة لأن عطاء قال : ((ثُمَّ رُحْنَا إِلَى الْجُمُعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْنَا فَصَلَّيْنَا وُحْدَانًا)) ، فدل هذا على أنه أصاب السنة في تركه الجمعة فقط ، وهو الموافق للأحاديث الأخرى .

الوجه الرابع : أنه لو سلم جدلا أن ابن الزبير –رضي الله عنه-فعل ذلك ، وهذا في غاية البعد ، وليس في الأثر ما يدل عليه ، فإن غيره من الصحابة –رضي الله عنهم- خالفوه ، والأحاديث المرفوعة تؤيدهم ، فلم يثبت عن النبي ﷺ أن رخص في الظهر أو هو لم يصلها ، وإنما ثبت خلاف ذلك ، والذي رخص فيه النبي ﷺ هو حضور الجمعة فقط فلا يجوز أن يتعدى بالحكم إلى غيره .

الوجه الخامس : أن صلاة العيد مسقطة للاجتماع للجمعة ، ولا يدل ذلك على أن الاجتماع للجمعة إذا سقط سقطت الظهر ، فإن الجمعة إذا سقطت للعذر وجبت الظهر، وهذا ظاهر بين لا إشكال فيه .

الوجه السادس : أن النبي ﷺ صلى بأصحابه الجمعة في يوم العيد ، وقال: ((وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ)) فهذا دليل ظاهر على أن الظهر لم تسقط ، لأن النبي ﷺ صلى الجمعة ليؤكد أن الجمعة لم تسقط وإنما سقط وجوب حضورها ، وهو الرخصة ، فإذا كانت الجمعة لم تسقط وإنما الرخصة في عدم حضورها فقط ، فمن باب أولى أن الظهر لم يسقط .

قال الصنعاني سبل السلام (2/53)  : (ولا يخفى أن عطاءاً أخبر أنه لم يخرج ابن الزبير لصلاة الجمعة ، وليس ذلك بنص قاطع أنه لم يصل الظهر في منزله ، فالجزم بأن مذهب ابن الزبير سقوط صلاة الظهر في يوم الجمعة يكون عيداً على من صلى صلاة العيد لهذه الرواية غير صحيح لاحتمال أنه صلى الظهر في منزله ، بل في قول عطاء أنهم صلوا وحدانا أي الظهر ما يشعر بأنه لا قائل بسقوطه ، ولا يقال : أن مراده صلوا الجمعة وحدانا فإنها لا تصح إلا جماعة إجماعاً ، ثم القول بأن الأصل في يوم الجمعة صلاة الجمعة والظهر بدل عنها قول مرجوح بل الظهر هو الفرض الأصلي المفروض ليلة الإسراء والجمعة متأخر فرضها ، ثم إذا فاتت وجب الظهر إجماعاً فهي البدل عنه ، وقد حققناه في رسالة مستقلة ) .

وقال ابن عبد البر التمهيد (10/270): (ليس في حديث ابن الزبير بيان أنه صلى مع صلاة العيد ركعتين للجمعة ، وأي الأمرين كان فإن ذلك أمر متروك مهجور ، وإن كان لم يصل مع صلاة العيد غيرها حتى العصر فإن الأصول كلّها تشهد بفساد هذا القول لأن الفرضين إذا اجتمعا في فرض واحد لم يسقط أحدهما ، فكيف أن يسقط فرض لسنة حضرت في يومه؟! هذا ما لا يشك في فساده ذو فهم … ) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية مجموع الفتاوى (24/210) : (الصَّحِيحُ أَنَّ مَنْ شَهِدَ الْعِيدَ سَقَطَتْ عَنْهُ الْجُمُعَةُ لَكِنْ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَ الْجُمُعَةَ لِيَشْهَدَهَا مَنْ شَاءَ شُهُودَهَا وَمَنْ لَمْ يَشْهَدْ الْعِيدَ . وَهَذَا هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ وَأَصْحَابِهِ : كَعُمَرِ وَعُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمْ . وَلَا يُعْرَفُ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ … وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إذَا شَهِدَ الْعِيدَ حَصَلَ مَقْصُودُ الِاجْتِمَاعِ ، ثُمَّ إنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ إذَا لَمْ يَشْهَدْ الْجُمُعَةَ فَتَكُونُ الظُّهْرُ فِي وَقْتِهَا وَالْعِيدُ يُحَصِّلُ مَقْصُودَ الْجُمُعَةِ …) .

ينظر : المغني (3/242) ، ومسائل عبد الله رقم المسألة (482) ، والمحرر (1/159) ، والاختيارات الفقهية ص (81) ، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام (24/210) ، وزاد المعاد (1/448) ، والفروع (1/134) . ينظر : المجموع (4/358)

 

 

 

 

هل تشرع التهنئة بالعيد ؟

1409
السائل: هل تشرع التهنئة بالعيد ؟

الشيخ:

تشرع التهنئة بالعيد وهو مذهب جمهور العلماء ، ويشرع أن يقول : تقبل الله منا ومنك ، فقد ثبت ذلك عن الصحابة –رضوان الله عليهم – فعن جبير بن نفير قال : ((كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض : تقبل الله منا ومنك ))( حسنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري (2/446) ، وصححه الشيخ الألباني في تمام المنة ص (355))
والله أعلم
ينظر : رد المحتار على الدر المختار (1/557) ، والفواكه الدواني (1/322) ، ونهاية المحتاج (2/391) ، ومغني المحتاج (1/316) ، والمغني (3/294) ، وكشاف القناع (2/60) .

هل من السنة رفع اليدين مع تكبيرات العيد ؟

1392
السائل: هل من السنة رفع اليدين مع تكبيرات العيد ؟

الشيخ: اختلف العلماء-رحمهم الله تعالى- في رفع اليدين في التكبيرات الزائدة ، والراجح أنه لا يرفع يديه مع هذه التكبيرات الزوائد ، (وهو مذهب أبي يوسف من الحنفية ، ومالك ، والثوري ، وابن أبي ليلى) .
ورجحت هذا المذهب لأنه لم يثبت في حديث صحيح أو حسن أو عن صحابي رفع اليدين مع هذه التكبيرات ، ورفع اليدين عمل زائد في الصلاة لا يشرع إلا بدليل .
قال المباركفوري في مرعاة المفاتيح (5/54) : ( والحقّ أنه ليس في رفع اليدين مع تكبيرات العيدين حديث صريح مرفوع لا قوي ولا ضعيف ، وأقوى ما استدل به القائلون بالرفع إنما هو عموم بعض الأحاديث وإطلاقه والأولى عندي ترك الرفع لعدم ورود نص صريح في ذلك ، ولعدم ثبوته صريحاً بحديث مرفوع صحيح) .
ولا يصح الاستدلال بما جاء عَنْ بَكْرِ بْنِ سُوَادَةَ : ((أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ فِي الْجَنَازَةِ وَالْعِيدَيْنِ))(رواه البيهقي في الكبرى (3/293) رقم الأثر (6410) ).
لأنه أثر ضعيف ، قال البيهقي في السنن الكبرى (3/293) : (وَهَذَا مُنْقَطِعٌ ) .
وقال ابن الملقن في البدر المنير (5/112) : (وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ (الْبَيْهَقِيّ) فِي «سنَنه» من حَدِيث أبي زَكَرِيَّا فِي الْجِنَازَة وَالْعِيدَيْنِ ، ثمَّ قَالَ : هُوَ مُنْقَطع . قلت : وَضَعِيف لأجل ابْن لَهِيعَة ) .
وضعفه الشيخ الألباني في إرواء الغليل رقم (640) .
والله أعلم .
ينظر : الأوسط لابن المنذر (4/282) ، والمجموع (5/26) ، والمغني (3/272) .

هل هناك صلاة قبل صلاة العيد أو بعدها ؟

1391
السائل: هل هناك صلاة قبل صلاة العيد أو بعدها ؟

الشيخ: لا يشرع التنفل قبل صلاة العيد ولا بعدها ، وهو مذهب جمهور العلماء ، ( )ينظر : المغني (3/280) .
فليس هناك سنة قبلية أو بعدية للعيد ، وذلك للأدلة الآتية :
الدليل الأول : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما- : (( أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْمَ الْفِطْرِ ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلاَ بَعْدَهَا وَمَعَهُ بِلاَلٌ))(رواه البخاري رقم الحديث (945) ، ومسلم رقم الحديث (2094) ).
الدليل الثاني : عَنْ نَافِعٍ : ((أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَا بَعْدَهَا))( رواه مالك في الموطأ (1/181) رقم (435) . بسند صحيح ) .
الدليل الثالث : عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ : ((الصَّلَاةُ قَبْلَ الْعِيدِ ، لَيْسَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ صَلَاةٌ ))( أخرجه ابن المنذر في الأوسط (4/266) رقم (2137) . بسند حسن) .
الدليل الرابع : عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ : ((أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةَ كَانَا يَنْهَيَانِ النَّاسَ يَوْمَ الْعِيدِ عَنِ الصَّلَاةِ قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ))( أخرجه ابن المنذر في الأوسط (4/266) رقم (2135) . بسند حسن . والطبراني في الكبير (9/305) رقم (9525) ).
الدليل الخامس : عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَهْدَمٍ : (( أَنَّ عَلِيًّا اسْتَخْلَفَ أَبَا مَسْعُودٍ عَلَى النَّاسِ فَخَرَجَ يَوْمَ عِيدٍ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ السُّنَّةِ أَنْ يُصَلَّى قَبْلَ الْإِمَامِ ))( رواه النسائي رقم الحديث (1543) . وصححه الشيخ الألباني في صحيح النسائي رقم الحديث (1561) ) .
تنبيه : إذا كانت صلاة العيد في المسجد :
إذا كانت صلاة العيد في المسجد فإنه إذا دخل المسجد قبل الصلاة فلا يجلس حتى يصلى ركعتي تحية المسجد ، لحديث أَبَي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الأَنْصَارِيَّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : ((إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلاَ يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّىَ رَكْعَتَيْنِ ))( رواه البخاري رقم الحديث (1110) ) .
تنبيه آخر : يشرع له إذا رجع إلى بيته بعد صلاة العيد أن يصلي ركعتين :
سبق أنه لا تشرع الصلاة قبل العيد ولا بعدها لأنه ليس هناك سنة قبلية أو بعديه ، ولكن إذا رجع إلى بيته بعد صلاة العيد يشرع له أن يصلي ركعتين لما ثبت عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ –رضي الله عنه- قَالَ : ((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاَ يُصَلِّي قَبْلَ الْعِيدِ شَيْئًا ، فَإِذَا رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ))( رواه ابن ماجه رقم الحديث (1283) ، والحاكم في المستدرك رقم الحديث (1102) . وحسنه الحافظ ابن حجر في الفتح (2/476) ، والألباني في إرواء الغليل (3/100) ) .
قال الحاكم في المستدرك (1/437) : (هذه سنة عزيزة بإسناد صحيح) .
والله أعلم .

هل السنة في صلاة العيد أن تكون في المصلى أو المسجد؟

1386
السائل: هل السنة في صلاة العيد أن تكون في المصلى أو المسجد؟

الشيخ: السنة في صلاة العيد أن تكون في المصلى سواء أكان مسجد البلد واسعاً أو لا إلا أهل مكة فإن الأفضل أن تصلى في المسجد الحرام ، وهو مذهب الحنفية ، والمالكية ، والشافعية في وجه ، والحنابلة .
قال البغوي في شرح السنة (4/294) : (السنة أن يخرج إلى المصلى لصلاة العيد ، إلا من عذر ، فيصلي في المسجد ) .
ودليل ذلك ما يأتي :
الدليل الأول : عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ –رضي الله عنها- قَالَتْ : ((أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الْحُيَّضَ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ ، فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَدَعْوَتَهُمْ ، وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ عَنْ مُصَلاَّهُنَّ . قَالَتِ امْرَأَةٌ : يَا رَسُولَ اللهِ إِحْدَانَا لَيْسَ لَهَا جِلْبَابٌ ؟ قَالَ : لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا))( رواه البخاري رقم الحديث (344) ، ومسلم رقم الحديث (1473) ولفظه عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ –رضي الله عنها- قَالَتْ : ((أَمَرَنَا تَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُخْرِجَ فِي الْعِيدَيْنِ )).).
الدليل الثاني : عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ –رضي الله عنه- قَالَ : ((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى ، فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلاَةُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ ))( رواه البخاري رقم الحديث (913) ) .
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (2/450) : (وفيه الخروج إلى المصلى في العيد ، وأن صلاتها في المسجد لا تكون إلا عن ضرورة واستدل به على استحباب الخروج إلى الصحراء لصلاة العيد ، وأن ذلك أفضل من صلاتها في المسجد لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك مع فضل مسجده) .
الدليل الثالث : عَنْ ابْنِ عُمَرَ –رضي الله عنهما- : ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ أَمَرَ بِالْحَرْبَةِ فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ ، فَمِنْ ثَمَّ اتَّخَذَهَا الْأُمَرَاءُ))( رواه البخاري رقم الحديث (472) ، ومسلم في الصلاة /باب سُتْرَةِ الْمُصَلِّي رقم الحديث (1143) ).
وأدلة ذلك كثيرة ، قال ابن قدامة في المغني (3/260) : (السنة أن يصلي العيد في المصلى ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى المصلى ويدع مسجده ، وكذلك الخلفاء بعده ، ولا يترك النبي صلى الله عليه وسلم الأفضل مع قربه ، ويتكلف فعل الناقص مع بعده ، ولا يشرع لأمته ترك الفضائل ، ولأننا قد أمرنا بإتباع النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به ، ولا يجوز أن يكون المأمور به هو الناقص ، والمنهي عنه هو الكامل ، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى العيد بمسجده إلا من عذر ، ولأن هذا إجماع المسلمين ، فإن الناس في كلّ عصر ومصر يخرجون إلى المصلى ، فيصلون العيد في المصلى ، مع سعة المسجد وضيقه ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في المصلى مع شرف مسجده ) .
والله أعلم
ينظر : فتح القدير (3/249) ، والبحر الرائق (5/209) ، وبدائع الصنائع (3/106) والتاج والإكليل (2/294) ، والفواكه الدواني (2/648) ، شرح الخرشي (5/303) والمجموع (5/8) والمغني (3/260).

ما هو حكم صلاة العيدين ؟

1385
السائل: ما هو حكم صلاة العيدين ؟

الشيخ: اختلف العلماء –رحمهم الله تعالى- في حكم صلاة العيدين ، والراجح أنها واجبة على الأعيان ، وهو الصحيح المفتى به عند الحنفية ، وهو رواية عن الإمام أحمد ، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية ، وابن حزم ، والشوكاني ، والصنعاني ، وصديق حسن خان.
ورجحت هذا المذهب للأدلة الآتية :
الدليل الأول : عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ –رضي الله عنها- قَالَتْ : ((أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الْحُيَّضَ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ ، فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَدَعْوَتَهُمْ ، وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ عَنْ مُصَلاَّهُنَّ . قَالَتِ امْرَأَةٌ : يَا رَسُولَ اللهِ إِحْدَانَا لَيْسَ لَهَا جِلْبَابٌ ؟ قَالَ : لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا))( رواه البخاري رقم الحديث رقم الحديث (344) ، ومسلم رقم الحديث (1473) ولفظه عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ –رضي الله عنها- قَالَتْ : ((أَمَرَنَا تَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُخْرِجَ فِي الْعِيدَيْنِ ))).
وجه الاستدلال : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء أن يخرجن لصلاة العيد ، فالرجال من باب أولى ، والأصل في الأمر أنه للوجوب ، إلا لقرينة ولا قرينة هنا تصرف هذا الأمر إلى غيره .
قال صديق حسن خان في الروضة الندية (1/357) : (فالأمر بالخروج يقتضي الأمر بالصلاة لمن لا عذر لها بفحوى الخطاب , والرجال أولى من النساء بذلك لأن الخروج وسيلة إليها ، ووجوب الوسيلة يستلزم وجوب المتوسل إليه ) .
الدليل الثاني : عَنْ حَفْصَةَ –رضي الله غنها- قَالَتْ : ((كُنَّا نَمْنَعُ عَوَاتِقَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ فِي الْعِيدَيْنِ ، فَقَدِمَتِ امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِي خَلَفٍ ، فَحَدَّثَتْ عَنْ أُخْتِهَا ، وَكَانَ زَوْجُ أُخْتِهَا غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثِنْتَيْ عَشَرَةَ ، وَكَانَتْ أُخْتِي مَعَهُ فِي سِتٍّ . قَالَتْ : كُنَّا نُدَاوِي الْكَلْمَى ، وَنَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى ، فَسَأَلَتْ أُخْتِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم : أَعَلَى إِحْدَانَا بَأْسٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ أَنْ لاَ تَخْرُجَ ؟ قَالَ : لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا ، وَلْتَشْهَدِ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ . فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ سَأَلْتُهَا : أَسَمِعْتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ؟ قَالَتْ : بِأَبِي نَعَمْ وَكَانَتْ لاَ تَذْكُرُهُ إِلاَّ قَالَتْ : بِأَبِي سَمِعْتُهُ يَقُولُ : يَخْرُجُ الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ ، أَوِ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ وَالْحُيَّضُ ، وَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى . قَالَتْ حَفْصَةُ : فَقُلْتُ : الْحُيَّضُ ؟! فَقَالَتْ : أَلَيْسَ تَشْهَدُ عَرَفَةَ وَكَذَا وَكَذَا ))(رواه البخاري رقم الحديث رقم الحديث (318) ) .
وجه الاستدلال : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء بالخروج لصلاة العيد ، بل أمر الحيض أن يخرجن ليشهدن الخير ، بل لم يأذن للتي ليس عندها جلباب بعدم الحضور ، وأمرها أن تبحث عن جلباب عند أختها ، فالرجل الذي ليس كذلك من باب أولى أن تكون صلاة العيدين واجبة عليه .
الدليل الثالث : عن أَبي بَكْرٍ الصديق –رضي الله عنه- قال : ((حَقٌّ عَلَى كُلِّ ذَاتِ نِطَاقٍ الْخُرُوجُ إِلَى الْعِيدَيْنِ ))( رواه ابن أبي شيبة في المصنف رقم (5835) . وصحح سنده الشيخ الألباني في صلاة العيدين ص (13) ، والسلسلة الصحيحة (5/407)) .
قال الحافظ في فتح الباري (2/545) : ( وقد ورد هذا الحديث مرفوعاً بإسناد لا بأس به) .
والحق بمعنى الواجب كما هو مقرر عند علماء الأصول .
الدليل الرابع : عَنْ أُخْتِ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : ((وَجَبَ الْخُرُوجُ عَلَى كُلِّ ذَاتِ نِطَاقٍ))( رواه الإمام أحمد في المسند رقم الحديث (27014) . ينظر : السلسلة الصحيحة رقم الحديث (2408)) .
الدليل الخامس : أنها مسقطة لحضور صلاة الجمعة كما سيأتي تفصيله ، ولا يسقط الواجب إلا ما هو واجب ، فدل هذا على وجوب صلاة العيد .
عَنْ إِيَاسِ بْنِ أَبِي رَمْلَةَ الشَّامِيِّ قَالَ : ((شَهِدْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ يَسْأَلُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ قَالَ : أَشَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِيدَيْنِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَكَيْفَ صَنَعَ ؟ قَالَ : صَلَّى الْعِيدَ ، ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ ، فَقَالَ : مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ ))( رواه أبو داود رقم الحديث (904) ، وابن ماجه رقم الحديث (1300) . وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (4/237) : (حديث صحيح ، وصححه ابن المديني والحاكم والذهبي ) ) .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ الهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : ((قَدِ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ ))( رواه أبو داود رقم الحديث (1159) . وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (4/322) : (إسناده صحيح ، وكذ ا قال البيهقي والعسقلاني ، وقال الدارقطني: إسناد حسن ثابت ، وصححه أيضا ابن المنذر وابن السكن وابن حزم)) .
الدليل السادس : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتركها قط ، بل داوم عليها ، وأمر أصحابه عندما لم يروا الهلال إلا بعد خروج الوقت أن يصلوها من الغد ، وهذا يؤكد الوجوب لأنها مع خرج وقتها إلا أنه صلى الله عليه وسلم أمرهم بصلاتها ، فعَنْ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : (( أَنَّ رَكْبًا جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ رَأَوُا الْهِلاَلَ بِالأَمْسِ ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا وَإِذَا أَصْبَحُوا أَنْ يَغْدُوا إِلَى مُصَلاَّهُمْ ))(رواه أبو داود رقم الحديث (1075) . وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (4/239) : (حديث صحيح) ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (24/182) : (وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِهِ عَلَى الْأَعْيَانِ أَقْوَى مِنْ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ . وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ : إنَّهُ تَطَوُّعٌ فَهَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا ؛ فَإِنَّ هَذَا مِمَّا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، وَدَاوَمَ عَلَيْهِ هُوَ وَخُلَفَاؤُهُ وَالْمُسْلِمُونَ بَعْدَهُ ، وَلَمْ يُعْرَفْ قَطُّ دَارُ إسْلَامٍ يُتْرَكُ فِيهَا صَلَاةُ الْعِيدِ ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ . وقَوْله تَعَالَى : ﴿وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ سورة البقرة: ١٨٥ . وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأَمْرِ بِالتَّكْبِيرِ فِي الْعِيدَيْنِ أَمْرٌ بِالصَّلَاةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى التَّكْبِيرِ الرَّاتِبِ وَالزَّائِدِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى ، وَإِذَا لَمْ يُرَخِّصْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي تَرْكِهِ لِلنِّسَاءِ فَكَيْفَ لِلرِّجَالِ . وَمَنْ قَالَ : هُوَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ . قِيلَ لَهُ : هَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا تَحْصُلُ مَصْلَحَتُهُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ كَدَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَهْرِ الْعَدُوِّ ، وَلَيْسَ يَوْمُ الْعِيدِ مَصْلَحَةً مُعَيَّنَةً يَقُومُ بِهَا الْبَعْضُ ، بَلْ صَلَاةُ يَوْمِ الْعِيدِ شَرَعَ لَهَا الِاجْتِمَاعَ أَعْظَمَ مِنْ الْجُمُعَةِ ، فَإِنَّهُ أَمَرَ النِّسَاءَ بِشُهُودِهَا وَلَمْ يُؤْمَرْنَ بِالْجُمُعَةِ بَلْ أَذِنَ لَهُنَّ فِيهَا ، وَقَالَ : { صَلَاتُكُنَّ فِي بُيُوتِكُنَّ خَيْرٌ لَكُنَّ }) .
والله أعلم .
ينظر : بدائع الصنائع (1/274) ، والهداية (1/60) ، وتحفة الفقهاء (1/283) والإنصاف (2/396) ومجموع الفتاوى (23/161) ، والاختيارات الفقهية ص (82) ، والجامع للاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية (1/254) والمحلى (3/301) وسبل السلام (2/138) والروضة الندية (1/358)

ما هي الشعائر والآداب والمستحبات في عيد الفطر ؟

1382
السائل: ما هي الشعائر والآداب والمستحبات في عيد الفطر ؟

الشيخ: الشعائر والآداب والمستحبات في عيد الفطر هي :
المسألة الأولى : الاغتسال :
يستحب الاغتسال ، والتطيب ، ولبس أحسن الثياب ، وهو مذهب كافة العلماء( ينظر : المجموع (5/10) ، وفتح الباري لابن رجب (6/67) ، والمغني (3/256) ) .
فعن نافع عن ابن عمر : ((أنه كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو))( رواه الإمام مالك في الموطأ رقم (70) بسند صحيح ) .
وعن نافع : (( أن ابن عمر كان يغتسل ويتطيب يوم الفطر ))( رواه الفريابي في أحكام العيدين رقم (16) . وهو أثر صحيح ) .
وَعَنْ زَاذَانَ : أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ عَلِيًّا -رَضِيَ الله عَنْهُ- عَنِ الْغُسْلِ ؟ فَقَالَ : (( اغْتَسِلْ كُلَّ يَوْمٍ إِنْ شِئْتَ ، قَالَ : لاَ بَلِ الْغُسْلُ؟ قَالَ : اغْتَسِلْ كُلَّ يَوْمِ جُمُعَةٍ ، وَيَوْمِ الْفِطْرِ ، وَيَوْمِ النَّحْرِ ، وَيَوْمِ عَرَفَةَ ))(أخرجه الإمام الشافعي في الأم (7/163) والمسند (114) ، والبيهقي في الكبرى (3/278) وفي المعرفة (7/291) ، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/119) ، وابن المنذر في الأوسط (4/256) ، ومسدد في المسند كما في المطالب العالية رقم (727) . وسنده صحيح . ينظر : إرواء الغليل (1/177) ) .
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- قَالَ : (( كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُ يَوْمَ الْعِيدِ بُرْدَةً حَمْرَاءَ ))(رواه الطبراني في الأوسط (7/316) رقم الحديث (7609) . وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة رقم الحديث (1279) ) .
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ((إِنَّ هَذَا يَوْمُ عِيدٍ ، جَعَلَهُ اللهُ لِلْمُسْلِمِينَ ، فَمَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ ، وَإِنْ كَانَ طِيبٌ فَلْيَمَسَّ مِنْهُ ، وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ ))( رواه ابن ماجه رقم الحديث (1088) . وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه رقم الحديث (901) ) .
وجه الاستدلال : أن النبي صلى الله عليه وسلم علل الغسل والطيب والسواك يوم الجمعة بكون الجمعة عيداً .
المسألة الثانية : أن يأكل شيئاً قبل غدوه إلى المصلى :
يستحب أن يطعم شيئا قبل غدوه إلى الصلاة ، ويسن أن يكون المطعوم حلوا كالتمر ونحوه ، وأن يكون وتراً .
عَنْ أَنَسٍ –رضي الله عنه- قَالَ : (( كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاَ يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ))( رواه البخاري رقم الحديث (910) ) .
وزاد البخاري في رواية معلقة بعد الحديث مباشرة : ((وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا ))( علقه البخاري بعد حديث أنس –رضي الله عنه- السابق . قال الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة (9/249) : (وقد وصله أحمد (3/ 126) بسند حسن ، وصححه ابن خزيمة (1429) ) ) .
وعن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال : ((مِنَ السُّنَّةِ أنْ يَطْعَمَ [يومَ الفِطْرِ] قَبْلَ أنْ يَخْرُجَ وَلَوْ بِتَمْرَةٍ))(أخرجه البزار في مسنده (1/312/ 651) . وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة رقم الحديث (3038) ) .
قال ابن قدامة في المغني (3/258) : (السنة أن يأكل في الفطر قبل الصلاة ، ولا يأكل في الأضحى حتى يصلي ، وهذا قول أكثر أهل العلم منهم علي ، وابن عباس ، و مالك ، و الشافعي ، وغيرهم لا نعلم فيه خلافا ) .
المسألة الثالثة : التكبير يوم العيد :
أولا : يستحب التكبير في ليلة عيد الفطر( ينظر : المغني (3/255)) لقوله تعالى : ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) سورة البقرة: ١٨٥ .
قال الشيرازي في المهذب ص (121) : (وأول وقت تكبير الفطر إذا غابت الشمس من ليلة الفطر لقوله عز وجل : ﴿ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ﴾ وإكمال العدة بغروب الشمس من ليلة الفطر ) .
وقال ابن كثير في تفسيره (1/505) : (أخذ كثير من العلماء مشروعية التكبير في عيد الفطر من هذه الآية).
وقال القرطبي في تفسيره (2/307) : (وأكثر أهل العلم على التكبير في عيد الفطر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم فيما ذكر ابن المنذر ) .
ثانياً : ويستحب الجهر بالتكبير في طريقه إلى المصلى حتى يقضي الصلاة .
قال ابن قدامة في المغني (3/256) : (ويستحب أن يكبر في طريق العيد ، ويجهر بالتكبير . قال ابن أبي موسى : يكبر الناس في خروجهم من منازلهم لصلاتي العيدين جهرا ، حتى يأتي الإمام المصلى ، ويكبر الناس بتكبير الإمام في خطبته ، وينصتون فيما سوى ذلك) .
عَنِ الزُّهْرِيِّ : (( أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ فَيُكَبِّرُ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُصَلَّى ، وَحَتَّى يَقْضِيَ الصَّلاَةَ ، فَإِذَا قَضَى الصَّلاَةَ قَطَعَ التَّكْبِيرَ))( رواه ابن أبي شيبة رقم (5667) . بسند صحيح مرسل ) .
وهو وإن كان مرسلا إلا أن له شاهدا موصولا ، وطريقاً أخرى موقوفة على ابن عمر –رضي الله عنهما- يتقوى بها( ينظر : السلسلة الصحيحة رقم الحديث (171) ) .
ثالثا : صفة التكبير( ينظر : إرواء الغليل (3/125) ) ، الأمر فيه واسع ، فله أن يقول : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، الله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد .
أو يقول كالصفة السابقة إلا أنه يثني التكبير .
أو يقول : الله أكبر كبيرا ، الله أكبر كبيرا ، الله أكبر وأجل ، الله أكبر ولله الحمد .
أو يقول : الله أكبر وأجل ، الله أكبر على ما هدانا .
المسألة الرابعة : مخالفة الطريق :
يسن أن يذهب إلى المصلى من طريق ويرجع من طريق آخر .
قال ابن رجب في فتح الباري لابن رجب (6/166) : (وقد استحب كثير من أهل العلم للإمام وغيره إذا ذهبوا في طريق إلى العيد أن يرجعوا في غيره ، وهو قول مالك والثوري والشافعي وأحمد) .
عَنْ جَابِرٍ –رضي الله عنه- قَالَ : (( كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ))(رواه البخاري رقم الحديث (943) ) .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- قَالَ : (( كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ فِي طَرِيقٍ رَجَعَ فِي غَيْرِهِ ))( رواه الترمذي رقم الحديث (496) . وصححه الألباني في صحيح الترمذي رقم الحديث (541) ) .
والله أعلم .