الاضطباع في الطواف ؟

1893
السائل: هل الاضباع في الطوالف واجب ، وهل في الطواف فقط ؟

الشيخ: الاضطباع هو أن يُدخل وسط الرداء تحت إبطهِ الأيمن ويَرُدّ طرفيه على منكبه الأيسر ويكون منكبه الأيمن مكشوفاً . وهو سنة مستحبة للرجل وليس واجبا ويكون في جميع الأشـواط عند جمهور العلماء .
ودليل الاستحباب حديث يعلى بن أميـة- رضي الله عنه قال ((طَافَ النَّبِيُ صلى الله عليه وسلم مُضْطَبِعًا ))(رواه أبو داود في المناسك / باب الاضطباع في الطواف ، رقم الحديث (1883) ، والترمذي في أبواب الحج / باب ما جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف مضطبعا ، رقم الحديث (859) ، وابن ماجه في المناسك / باب الاضطباع ، رقم الحديث (2954) . ينظر: صحيح ابن ماجه رقم (2391) ) .
واعلـم أن الاضطباع قبل الطّواف وبعده خلاف السنة لأنه عبادة في الطواف فقط فلا يتعبد به في غيره .
قال الإمام ابن قدامة( المغني (5/217) ): (وإذا فرغ من الطواف سوى رداءه ، لأن الاضطباع غير مستحب في الصلاة ولا يضطبع في غير هذا الطواف ولا يضطبع في السعي قال أحمد : ما سمعنا فيه شيئاً والقياس لا يصح إلا فيما عقل معناه ، وهذا تعبد محض ) .

ينظر : المغني (5/216) ، والمجموع (8/25) ، والبيان (4/277) ، والموسوعة الفقهية (5/109) و (29/134) ، وكتاب الفقه على المذاهب الأربعة (1/562).

اشتراط الطهارة للطواف بالبيت ؟

1888
السائل: هل الطهارة شرط للطواف بالبيت مع الدليل ؟

الشيخ: نعم ، يشترط لمن أراد أن يطوف بالبيت أن يكون على طهـارة مـن الحدثين ، وهو مذهب المالكية ، والشافعية ، والحنابلة .
ودليل ذلك :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال : ((الطَّوَافُ حَوْلَ الْبَيْتِ مِثْلُ الصَّلاَةِ إِلاَّ أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ فَمَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ فَلاَ يَتَكَلَّمَنَّ إِلاَّ بِخَيْرٍ ))( رواه الترمذي رقم الحديث (960) . ينظر : الإرواء رقم الحديث (121)) .
وجه الدلالة : أنه إذا كان الطّواف مثل الصلاة فيشترط لـه الطهارة كالصلاة ، وعليه لا يجوز أن يطوف بغير وضوء ، ويشترط أن يكون طاهراً من الحدث الأكبر والأصغر ، ولهذا قال النبيّ صلى الله عليه وسلم لعائشة في الحجّ وهي حائض : (( فَافْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ ، غَيْرَ أَنْ لاَ تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي ))(رواه البخاري رقم الحديث (299) ، ومسلم رقم الحديث (1211) ).
فمن طاف على غير طهارة فطوافه باطل .
والله أعلم .
ينظر : بداية المجتهد (3/322) ، ومواهب الجليل (4/165) ومغني الحتاج (2/243) ، والشرح الكبير (3/390) ، وحواشي الشرواني والعبادي (4/81) ، وحاشيتا القليوبي وعميرة (2/165) ، والحاوي (4/144) ، والبيان (4/273) ، والمجموع (8/19) والمبدع (3/200) ، والإقناع (2/12) ، ومطالب أولي النهى (3/319) ، والإنصاف (4/15) ، والمغني (5/222).

قتل الحيوانات والحشرات المؤذية للمحرم ؟

1886
السائل: هل يجوز قتل الحيوانات والحشرات المؤذية للمحرم ؟

الشيخ: يباح للمحرم قتل الفواسق وكلّ ما هو مؤذي فقد أجمع العلماء على أنه يجوز للمحرم قتل الأفعى ، والثعبان ، والسبع ، والذئب ، والكلّب العقور(وهو كل ما عقر الناس وأخافهم وعدا عليهم مثل الأسد ، والنمر ، والفهد ، والذئب ) ، والزَّنبور ، والفأرة ، والغراب ، إلا غراب الزرع الصغير الذي يأكلّ الحب فاتفقوا على عدم جواز قتله من المحرم(ينظر : موسوعة الإجماع (78) ، والإقناع في مسائل الإجماع (1/262) ، والموسوعة الفقهية (2/166) ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية( شرح العمدة (2/136) ) : ( إن ما آذى الناس أو آذى أموالهم فإن قتله مباح سواء كان قد وجد منه الأذى كالسبع الذي قد عدا على المحرم ، أو لا يؤمن أذاه ، مثل الحية ، و العقرب ، والفأرة ، و الكلّب العقور … ) . دليله :
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ : ((خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ ، يَقْتُلُهُنَّ فِي الْحَرَمِ : الْغُرَابُ ، وَالْحِدَأَةُ ، وَالْعَقْرَبُ ، وَالْفَأْرَةُ ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ ))( رواه البخاري رقم الحديث (1732) ، ومسلم رقم الحديث (1198)) .
والله أعلم

الاغتسال للمحرم ودلك الرأس ؟

1884
السائل: هل يجوز للمحرم أن يغتسل ويدلك رأسه ؟

الشيخ: ويجوز للمحرم أن يغتسل ، ويغسل رأسه ويدلكه ، ويستخدم الصابون الذي لا رائحة فيه ، وهو مذهب أكثر العلماء.
ودليل ذلك حديث ، وآثار :
أما الحديث فعن عبد الله بن حُنين – رضي الله عنه – : ((أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الْعَبَّاسِ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ اخْتَلَفَا بِالأَبْوَاءِ( موضع بين مكة والمدينة ) ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ : يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ . وَقَالَ الْمِسْوَرُ : لاَ يَغْسِلُ المُحْرِمُ رَأْسَهُ . فَأَرْسَلَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَبَّاسِ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ ، وَهُوَ يُسْتَرُ بِثَوْبٍ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ فَقُلْتُ : أَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ حُنَيْنٍ ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الالْعَبَّاسِ ، أَسْأَلُكَ كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَغْسِلُ رَأْسَهُ ، وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ ، فَطَأْطَأَهُ حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ ثُمَّ قَالَ لإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ اصْبُبْ . فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ ، ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ وَقَالَ هَكَذَا رَأَيْتُهُ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ )) . وزاد مسلم : (( فقال المِسْوَر لابن عباس : لا أُماريكَ بَعْدَها أبداً ))( رواه البخاري رقم الحديث (1743) ، ومسلم رقم الحديث (1205) ).
أما الآثار :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما أنه قال : (( قَالَ لِي عُمَرُ ابْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : تَعَالَ أُبَاقِيكَ فِي المَاءِ أَيُّنَا أَطْوَلُ نَفَسًا . وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ ))(رواه الشافعي في مسنده رقم الأثر (536) ، والبيهقي في سننه رقم الأثر (8916) . وصححه الألباني في الإرواء رقم الأثر ( 1021) ) .
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ – رضي الله عنهما : (( أَنَّ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَيْدٍ وَقَعَا فِي الْبَحْرِ يَتَمَاقَلاَنِ( يتغاطسان) يُغَيِّبُ أَحَدُهُمَا رَأْسَ صَاحِبِهِ ، وَعُمَرُ يَنْظُرُ إِلَيْهِمَا ، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا))( رواه البيهقي في سننه رقم الأثر (8917) . ينظر : حجة النبي صلى الله عليه وسلم ص(26) ).
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما قال : ((المُحْرِمُ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ ، وَيَنْزِعُ ضِرْسَهُ ، وَيَشُمُّ الرَّيْحَانَ ، وَإِذَا انْكَسَرَ ظُفُرَهُ طَرَحَهُ وَيَقُولُ : أَمِيطُوا عَنْكُمُ الأَذَى فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يَصْنَعُ بِأَذَاكُمْ شَيْئًا))(رواه البيهقي في سننه رقم الأثر (8907) ، وقال الألباني حجة النبي صلى الله عليه وسلم ص(29) : سنده صحيح ).
ينظر : الموسوعة الفقهية (2/170) ، والمغني (5/117) ، والبيان (4/203) ، والإجماع لابن المنذر ص(69) ، والإقناع في مسائل الإجماع (1/263) ، وكتاب الفقه على المذاهب الأربعة (1/557) .

الامتشاط وحك الرأس والبدن للمحرم ؟

1882
السائل: هل يجوز للمحرم أن يمتشط أو يحك رأسه وبدنه ؟ وإذا كان لا يجوز فماذا عليه ؟

الشيخ: اعلم رحمك الله تعالى أنه يباح للمحرم الامتشاط . قال الإمام النووي(شرح مسلم (8/199) . وينظر : المجموع (7/141) ) : ( نقض الرأس والامتشاط جائزان عندنا في الإحرام بحيث لا ينتف شعراً ، ولكن يكره الامتشاط إلا لعذر ) . دليله :
عدم ورود المنع ، والأصل الإباحة ولا يصار إلى التحريم إلا بدليل .
ولقول النبيّ صلى الله عليه وسلم لعائشة -رضي الله عنها- لما حاضت وهي محرمة : (( انْقُضِي رَأْسَكِ ، وَامْتَشِطِي ))(رواه البخاري رقم الحديث (310) ، ومسلم رقم الحديث (1211) ) .
وأما حك الرأس والبدن فإنه يجوز للمحرم أن يحك رأسه وبدنه ولا خلاف بين العلماء في ذلك . ينظر : موسوعة الإجماع (1/80)
قال الإمام النووي(المجموع (7/263) ) : ( وأما حك المحرم رأسه فلا أعلم خلافاً في إباحته ) . دليله :
عدم ورود المنع ، والأصل الإباحة ولا يصار إلى التحريم إلا بدليل .
والامتشاط أشدّ وأعظم من حكّ الرأس وسبق أنه يجوز وعن أبي مجلز قال : ((رأيتُ ابنَ عُمرَ يحك رأْسَهُ وهو محرمٌ ، فتفطنتُ فإذا هو يحكُ بأنامِلِهِ ))( رواه ابن أبي شيبة رقم الأثر (14954) . وهو صحيح . ينظر : ما صح من آثار الصحابة (2/706) ) .
عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه : (( أن رجلاً قال لابنِ عباسٍ وهو في الحجِّ وهو مُحرمٌ : أحكُّ رأسي وأنا محرمٌ ؟ فَجَمَعَ ابنُ عباسٍ يديهِ جمعاً فحكَّ بهما رأسَهُ ، قال : أما أنا فأقولُ هكذا ، فقال له الرجلُ : أرأيتَ إن قتلتُ قملةً ؟ فقال : بَعُدتَ ، وما القملةُ مانعتني من حكِّ رأسي ، وما نهيتُم إلا عن الصيدِ ))( رواه ابن أبي شيبة رقم الأثر (14950) . وهو حسن . ينظر : ما صح من آثار الصحابة (2/707) ) .
وعن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما- قال : (( سألني رجلٌ أحكُّ رأسي وأنا محرمٌ ؟ قال : إن شئتَ ، قال : إني حَككتُهُ فوقعت مني قملةٌ فطلبتُها ولم أجدْها ؟ قال : ضالة لا توجد ))(رواه ابن أبي شيبة رقم الأثر (14949) . وهو صحيح . ينظر : ما صح من آثار الصحابة (2/706) ) .
والله أعلم .

لبس الحزام للمحرم ؟

1880
السائل: هل يجوز للمحرم أن يبلس الحزام ؟

الشيخ: يجوز للمحرم أن يشدّ الحزام على إزاره وأن يعقده عند الحاجة ، وهو مذهب المالكية ، والحنابلة ، أما الحنفية ، والشافعية أطلقوا الجواز فله أن يعقد الهميان وهو الحزام الذي تحفظ فيه الأموال سواء وجدت الحاجة لعقده أم لم توجد .
قال ابن قدامة(المغني (5/125) ) : ( إن لبس الهِمْيان مباح للمحرم في قول أكثر أهل العلم ) .
وله أن يلبس الخاتم وهو مذهب الحنفية ، والشافعية ، والحنابلة . ويجوز له أن يلبس ساعة اليد والنظارة . دليله :
الأصل الإباحة والجواز ولا يصار إلى التحريم إلا بدليل ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً ﴾ سورة مريم : 64.
وصح عن عائشة وابن عباس – رضي الله عنهم أنهما قالا : (( لاَ بَأْسَ بِالْهِمْيَانِ وَالْخَاتَمِ لِلْمُحْرِمِ ))( رواه الدارقطني في سننه (2/233) ، والطبراني في الكبير (10/327) ، والبيهقي في سننه رقم الأثر (8970) . ينظر : ما صح من الآثار (2/729))
والله أعلم
ينظر : الشرح الكبير (1/458) ومطالب أولي النهى (3/252) ، والمغني (5/125) والمسك المتقسط ص (83) ، والموسوعة الفقهية (2/170) والمجموع (7/260) .

ما هي محظورات الإحرام مع الدليل ؟

1878
السائل: أرجو توضيح محظورات الإحرام مع الأدلة الدالة عليها ؟
وجزاكم الله خيرا

الشيخ: محظورات الإحرام هي :
المحظور الأول :
لُبْسُ المخيط :
أجمع أهل العلم على أن المحرم الرجل لا يجوز له لبس المخيط .
ينظر : الإجماع ابن عبد البر ص (156) ، والإجماع لابن المنذرص (62) ، وموسوعة الإجماع لابن تيمية ص (287) ، والإجماع عند أئمة أهل السنة الأربعة ص (93)
والمراد بالمخيط هو ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى شرح العمدة (3/15) : ( إن المحرم يحرم عليه أن يلبس على بدنه المخيط المصنوع على قدر العضو مثل القميص … وكذلك لو وضع على مقدار العضو بغير خياطة مثل أن ينسج نسجاً أو يُلْصَق بِلَصُوق أو يربط بخيوط … ونحو ذلك مما يوصل به الثوب المقطع حتى يصير كالمخيط فإن حكمه حكم المخيط ، وإنما يقول الفقهاء المخيط بناءً على الغالب ، فأما إن خيط أو وصل لا لِيُحيط بالعضو ويكون على قدره مثل الإزار والرداء … فلا بأس به فإن مناط الحكم هو اللباس المصنوع على قدر الأعضاء ) .
دليل تحريم المخيط :
عن ابن عمر رضي الله عنهما : (( أن رجلاً قال : يا رسول الله ما يَلْبَسُ المحرم من الثياب ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يَلْبًسُ القُمُصَ ولا العمائِمَ ولا السراويلاتِ ولا البرانسَ(جمع بُرْنُس ثوب رأسه منه ملتزق به يلبسه المغاربه ) ولا الخفاف( وهو ما يلبس في الرِّجل ويغطي الكعبين ويصل إلى نصف الساق أحياناً ) إلا أحدٌ لا يجد نعلينِ فليلبَسْ خفينِ وليقطعهما أسفل من الكعبين ولا تلبسوا شيئاً مَسَّه زعفران أو وَرْسٌ(نبت أصفر يصبغ به الثياب له رائحة طيبة )))( أخرجه البخاري رقم الحديث (1468) ، ومسلم رقم الحديث (1178).) .
قال الإمام ابن عبد البر( التمهيد (15/103)) : ( كلّ ما في هذا الحديث فمجمع عليه من أهل العلم أنه لا يلبسه المحرم ما دام محرماً وأجمعوا أن المراد بهذا الخطاب في اللباس المذكور الرجال دون النساء ) .
ومن لم يجد الإزار والرداء أو النعلين فإنه يلبس ما يجد ، ولا فدية عليه . وهو مذهب الشافعية والحنابلة . دليله :
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبيّ صلى الله عليه وسلم خطب بعرفات وقال : (( مَنْ لم يجدِ الإزارَ فَلْيَلْبَسَ السَّراويلَ ومن لم يجدِ النَّعْلَينِ فليلبس الخُفين ))(أخرجه البخاري رقم الحديث (1746) ، ومسلم رقم الحديث (1177) . ) .
المحظور الثاني :
يحرم لُبْسُ القفازين للرجل والمرأة ، ويحرم على المرأةِ شَدُّ النقابِ أو اللثامِ ونحوها على وجهها :
اتفق العلماء على أنه يحرم على الرجل لُبس القفازين( ينظر : الموسوعة الفقهية (2/156) ، والمجموع (7/272)) ، واتفقوا كذلك على أنه يحرم على المرأة شدّ النقاب أو اللثام ونحوهما على وجهها ، كذلك يحرم على المرأة لبس القفازين ، وهو مذهب المالكية ، والمعتمد عند الشافعية ، وهو مذهب الحنابلة دليله :

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : (( لا تَنتَقبُ المرأةُ المحرمةُ ولا تَلبَس القُفَّازين))( رواه البخاري رقم الحديث (1741) ) .
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم : (( نَهَى النِّسَاءَ فِي إِحْرَامِهِنَّ عَنِ الْقُفَّازَيْنِ ، وَالنِّقَابِ ، وَمَا مَسَّ الْوَرْسُ وَالزَّعْفَرَانُ مِنَ الثِّيَابِ ، وَلْتَلْبَسْ بَعْدَ ذَلِكَ مَا أَحَبَّتْ مِنْ أَلْوَانِ الثِّيَابِ مُعَصْفَرًا( المصبوغ بالعُصفر) ، أَوْ خَزًّا(نوع من الحرير ) ، أَوْ حُلِيًّا ، أَوْ سَرَاوِيلَ ، أَوْ قَمِيصًا ، أَوْ خُفًّا (رواه أبو داودرقم الحديث (1827) . ينظر : صحيح أبي داود رقم الحديث (1612) ) .
ويجوز لها أن تسدل على وجهها وهي محرمة كما سبق بيانه في جواب لسؤال أجبت عليه في هذا الموقع.
المحظور الثالث :
تغطية المُحرم رأسه بعمامة ونحوها :
اتفق العلماء على تحريم تغطية المحرم رأسه أو بعضه بعمامة ونحوها(ينظر : الموسوعة الفقهية (2/154) ، والتمهيد (15/104و109) ، والإجماع لابن المنذر ص (64) ) .
دليله :
عن ابن عمر رضي الله عنهما : (( أن رجلاً قال : يا رسولَ اللهِ ما يَلْبَسُ المُحْرِمُ من الثِّيابِ ؟ قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : لا يَلْبًسُ القُمُصَ ولا العمائِمَ ))( أخرجه البخاري رقم الحديث (1468) ، ومسلم رقم الحديث (1178)) .
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما – قَالَ : (( وَقَصَتْ بِرَجُلٍ مُحْرِمٍ نَاقَتُهُ ، فَقَتَلَتْهُ ، فَأُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : اغْسِلُوهُ ، وَكَفِّنُوهُ ، وَلاَ تُغَطُّوا رَأْسَهُ ، وَلاَ تُقَرِّبُوهُ طِيبًا ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يُهِلُّ ))( رواه البخاري رقم الحديث (1742) ) .
المحظور الرابع :
تغطية وجه المحرم المتوفى :
يحرم تغطية وجه المحرم المتوفى خاصة دون الحي ، وهو مذهب طائفة من أهل العلم ، ونصره ابن حزم ، المحلى (5/78) . وينظر : السلسلة الصحيحة (6/2/943).
أما المحرم الحي فيجوز له أن يغطي وجهه ، وهو مذهب الشافعية ، والحنابلة في الصحيح من المذهب، وعزاه الإمام النووي إلى الجمهور .
أما دليل تحريم تغطية وجه المحرم المتوفى خاصة دون الحي :
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما – قَالَ : (( كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَوَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ فَمَاتَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : اغْسِلُوهُ وَلاَ تُقَرِّبُوهُ طِيبًا وَلاَ تُغَطُّوا وَجْهَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يُلَبِّي ))(رواه البخاري رقم الحديث (1206) ، ومسلم رقم الحديث (1206) واللفظ له ) .
أما دليل جواز تغطية وجه المحرم الحي ما يأتي :
عن عثمان رضي الله عنه : (( أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يُخَمّرُ وَجْهَهُ وهو مُحْرِمٌ ))(ينظر : السلسلة الصحيحة رقم الحديث (2899) ) .
وثبت من قول وفعل الصحابة رضي الله عنهم ولم ينكر بعضهم على بعض(ينظر : ما صح من الآثار (2/744و745) ، وفتح الباري لابن حجر (4/65) ، والمحلى (5/78) ) ، منها :
عن الْفُرَافِصَة بْنِ عُمَيْرٍ الْحَنَفِىّ : (( أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ بِالْعَرْجِ يُغَطِّى وَجْهَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ ))(أخرجه الإمام مالك في الموطأ (1/327) ، وابن حزم في المحلى (5/78) . وهو صحيح ) .
وعَنْ جَابِر بن عبد الله رضي الله عنهما قَالَ : (( يَغْتَسِلُ المُحْرِمُ وَيَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيُغَطِّي أَنْفَهُ مِنَ الْغُبَارِ وَيُغَطِّي وَجْهَهُ وَهُوَ نَائِمٌ…))( أخرجه البيهقي في سننه (5/54) ، وابن حزم في المحلى (5/79) ، وأبو داود في مسائله (110) . وهو صحيح ) .
قال الإمام ابن قدامة(المغني (5/153) ) : ( ولنا ما ذكرنا من قول الصحابة ، ولم نعرف لهم مخالفاً في عصرهم ، فيكون إجماعاً ) .
المحظور الخامس :
الطّيب :
قال الإمام ابن قدامة( المغني (5/140) ) : ( ومعنى الطّيب : ما تُطيّب رائحته ، ويتّخذ للشّمّ ، كالمسك ، والعنبر ، والكافور ، و الغالية ، والزّعفران ، وماء الورد ، والأدهان المطيّبة ) .
أجمع العلماء على أنه يحرم على الرجل والمرأة استعمال الطيب سواء كان في الثوب أو البدن ، وأجمعوا أيضا على أنه يحرم الرجل والمرأة لبس إحرام أو ثياب مسها طيب إلا بعد غسلها . ينظر : التمهيد (2/254) و (15/104و122) ، والمغني (5/140-142) ، والمجموع (7/282)
دليله :
عن ابن عمر رضي الله عنهما : (( أن رجلاً قال : يا رسول الله ما يَلْبَسُ المحرم من الثياب ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ولا تلبسوا شيئاً مَسَّه زعفران أو وَرْسٌ ))(أخرجه البخاري رقم الحديث (1468) ، ومسلم رقم الحديث (1178). ) .
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم : (( نَهَى النِّسَاءَ فِي إِحْرَامِهِنَّ عَنِ الْقُفَّازَيْنِ ، وَالنِّقَابِ ، وَمَا مَسَّ الْوَرْسُ وَالزَّعْفَرَانُ مِنَ الثِّيَابِ ، (((رواه أبو داود برقم (1827) . ينظر : صحيح أبي داود رقم (1612) ) .
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما – قَالَ : (( كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَوَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ فَمَاتَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : اغْسِلُوهُ وَلاَ تُقَرِّبُوهُ طِيبًا وَلاَ تُغَطُّوا وَجْهَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يُلَبِّي ))( رواه البخاري رقم الحديث (1206) ، ومسلم رقم الحديث (1206) واللفظ له ) .
المحظور السادس :
تقليم الأظافر :
أجمع أهل العلم على أن المحرم لا يجوز له قَلْم أظفاره ، وأجمعوا أيضا على أن للمحرم أن يزيل ظفره إذا انكسر ينظر : المغني (5/146) ، والإقناع في مسائل الإجماع (1/260) ، وموسوعة الإجماع (1/72) . وخالف ابن حزم في المحلى (5/278) وقال بالجواز مطلقاً . واستدل بأثر ابن عباس – رضي الله عنهما – الآتي وهو حجه عليه لا له لأن ابن عباس رضي الله عنهما رأى جواز إزالة الظفر إذا انكسرلا مطلقاً ، ومفهومه أنه لا يجوز تقليم أظفاره إذ أنه يستطيع أن يقول : لا بأس للمحرم أن يقلم أظفاره . ولا مخالف لابن عباس في هذا يعرف فكان إجماعاً أن المحرم لا يجوز له قلم أظفاره .
.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضي الله عنهما قال : ((المُحْرِمُ يَدْخُلُ الْحَمَّامَ ، وَيَنْزِعُ ضِرْسَهُ ، وَيَشُمُّ الرَّيْحَانَ ، وَإِذَا انْكَسَرَ ظُفُرَهُ طَرَحَهُ وَيَقُولُ : أَمِيطُوا عَنْكُمُ الأَذَى فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يَصْنَعُ بِأَذَاكُمْ شَيْئًا))( رواه البيهقي في سننه في الحج / باب المحرم ينكسر ظفره ، رقم الأثر (8907) . وقال الألباني حجة النبي صلى الله عليه وسلم ص(29) : سنده صحيح ).
المحظور السابع :
إزالة شعر الرأس وبقية شعر الجسد :
أجمع العلماء على أن المحرم يحرم عليه أخذ شيء من شعر رأسه إلا من عذر ، وذهب أكثر العلماء إلى أن بقية شعر الجسد كذلك . وإزالة شعر الرأس والجسد محرمة سواء أكان بالحلق ، أو التقصير ، أو النتف ، أو غير ذلك .وخالف ابن حزم في المحلى (5/278) وقال بالجواز في بقية الجسد وإن المنع في شعر الرأس خاصة . وهو قول مرجوح ، والراجح ما ذهب إليه الجمهور ، وأثر ابن عباس – رضي الله عنهما – الآتي حجة عليه بل لو قيل : إن الإجماع السكوتي في عهد الصحابة – رضي الله عنهم – على المنع لما بعُد لأثر ابن عباس كما سيأتي فيكون بذلك قد وقع الإجماع قبل خلاف الظاهرية . والله أعلم .
ينظر : المغني (5/145) ، والمجموع (7/262) ، وموسوعة الإجماع لابن تيمية ص (288) ، وموسوعة الإجماع (1/71) ، والإقناع في مسائل الإجماع (1/261)
والدليل على تحريم إزالة شعر الرأس :
قوله تعالى : ﴿ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ﴾ سورة البقرة : 196.
والآية نبهت بالأعلى وهو الحلق على الأدنى وهو التقصير ، وأيضاً الحلق أو التقصير يتحلل بأحدهما المحـرم فهما سـواء في التحريم .
الدليل على تحريم إزالة شعر الجسد :
قوله تعالى : ﴿ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ﴾ سورة الحجّ :29.
وجه الدلالة : أن الشارع الحكيم قال : ﴿ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ﴾ أي بعد التحلل ، مفهوم الآية أنه لا يحل له ذلك قبل التحلل ، فلا يحل له إزالة شيء من شعر جسده بقص أو حلق أو غيرهما ، كما لا يجوز له قص أظفاره ، لأن التفث معناه :
قال ابن عباس – رضي الله عنهما : (( التَّفَثُ : الرَّمْيُّ ، والذَّبْحُ ، والحَلقُ ، والتَّقصيرُ ، والأخذُ من الشاربِ والأَظْفَارِ واللحيةِ ))(أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف رقم الأثر (15673) ، بسند صحيح . ينظر : ما صح من آثار الصحابة (2/702) ).
وهذا قول صحابي لا يعرف له مخالف من الصحابة ، وقول الصحابي حجّة على الراجح من أقوال أهل العلم .
قال الإمام أحمد : ( شعر الرأس واللحية والإبط سواء لا أعلم أحداً فرق بينهما ) .ينظر : شرح العمدة لابن تيمية (2/7) .
وكذا فسر التفث بما قاله ابن عباس – رضي الله عنهما غير واحدٍ من أهل العلم (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (12/34) ، وأحكام القرآن للجصاص (3/310) ، وأحكام القرآن لابن العربي (3/284) ، وأضواء البيان (5/404) ) .
قال الجوهري( الصحاح (1/274) ) : ( التفث في المناسك : ما كان من نحو قص الأظفار والشارب وحلق الرأس والعانة ، قاله أبو عبيدة ) .
ويجوز له أن يزيل شعر رأسه وهو محرم إذا كان يتأذى ببقائه بالإجماع كما سبق ، لكن عليه الفدية .
دليله :
قوله تعالى : ﴿ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ﴾ سورة البقرة 196.
وعَنْ كَعْبٍ هُوَ ابْنُ عُجْرَةَ قَالَ : (( أَتَى عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ ، وَأَنَا أُوقِدُ تَحْتَ بُرْمَةٍ ، وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَنْ رَأْسِي ، فَقَالَ : أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ : فَاحْلِقْ وَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةً ، أَوِ انْسُكْ نَسِيكَةً )) ( رواه البخاريرقم الحديث (3954) ، ومسلم ، رقم الحديث (1201) ) .
المحظور الثامن :
الجماع ودواعيه الفعلية أو القولية :
يحرم على المحرم باتفاق العلماء الجماع ودواعيه الفعلية أو القوليةوالجماع أشد المحظورات حظراً .
( ينظر : الموسوعة الفقهية (2/168) ، وموسوعة الإجماع (1/69) ، والتمهيد (10/24) ، والإقناع في مسائل الإجماع (1/257) ، وبداية المجتهد (3/386) ، والمغني (5/166) ) .
دليله :
قوله تعالى : ﴿ الْحجّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحجّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحجّ ﴾ سورة البقرة 197 .
قال ابن عباس – رضي الله عنهما – في قوله تعالى : ﴿ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ ﴾ : (( هو التعريض بذكر الجماع ))( أخرجه الطبري في تفسيره (2/263) . بإسناد صحيح . ينظر : ما صح من آثار الصحابة (2/703) ) .
وقال – رضي الله عنه – : (( إنما الرَّفَث ما رُوجِعَ به النساء))( أخرجه الطبري في تفسيره (2/263-264) . وهو صحيح . ينظر : ما صح من آثار الصحابة (2/703) ) .
وعن ابن عمر – رضي الله عنهما- قال : (( الرَّفث : الجماع))( رواه الحاكم في المستدرك رقم الأثر (3094) ، وقال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم . وأخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه رقم الأثر (13237) . ينظر : ما صح من آثار الصحابة (2/704)) .
المحظور التاسع : اقتراف المعاصي وهو الفسوق : وهو حرام في كلّ حال وفي حال الإحرام آكد وأغلظ .
دليله :
قوله تعالى : ﴿ الْحجّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحجّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحجّ ﴾ سورة البقرة 197 .
قال الشنقيطي(أضواء البيان (5/357) ) : ( والأظهر في معنى الفسوق في الآية أنه شامل لجميع أنواع الخروج عن طاعة الله تعالى ) .
المحظور العاشر : الجِدال : وهو المخاصمة والمراد به الجدال بغير علم أو الجدال في الباطل .
دليله :
قوله تعالى : ﴿ الْحجّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحجّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحجّ ﴾ سورة البقرة 197 .
أما الجدال في طلب الحق فلا يدخل في هذا لأنه الله تعالى يقول : ﴿ ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ سورة النحل 125.
قال في الموسوعة الفقهية( الموسوعة الفقهية (2/169) ) : (والجدال : المخاصمة . وقد قال جمهور المفسرين المتقدمين : أن تُماري صاحبك حتى تغضبه . وهذا يقتضي النهي عن كلّ مساوىء الأخلاق والمعاملات . لكن ما يحتاج إليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يدخل في حظر الجدال ) .

المحظور الحادي عشر والثاني عشر :
الخِطْبَة وعقدُ النكاح :
ذهب جمهور العلماء من المالكية ، والشافعية ، والحنابلةإلى أنه يحرم على المحرم عقد النكاح وأنه يقع باطلاً .
قال الإمام النووي(المجموع (7/302) ) : ( وبه قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم ، وهو مذهب عمر بن الخطاب ، وعثمان ، وعلي ، وزيد بن ثابت ، وابن عمر ، وابن عباس ، وسعيد بن المسيب ، وسليمان بن بشار ، والزهري ) .
والمشهور عن ابن عباس – رضي الله عنهما – خلافه ، كما رواه ابن أبي شيبة برقم (12964) . وكذا نقله ابن قدامة في المغني (5/162).والله أعلم.
دليله :
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : ((لا يَنْكِح المُحرمُ ولا يُنْكَح ولا يَخْطُب ))(رواه مسلم رقم الحديث (1409) ) .
المحظور الثالث عشر :
التعرض لصيد البر بقتل أو ذبح أو إشارةٍ أو دلالة عليه لصيده :
أجمع العلماء على أنه يحرم على المحرم قتل أو صيد البر مما يؤكلّ ، وأجمعوا على أن الصيد يحرمه الإحرام على المحرم ويحرمه الحَرَم على الحلال( ) ، وأجمعوا أيضا على أنه لا يحلّ للمحرم الإعانة على الصيد بشيء ، مثل : الدلالة عليه ، أو الإشارة إليه ، أو غير ذلك(ينظر : المجموع (7/310) ، والمغني (5/132) ، ومراتب الإجماع ص(78) ، والإقناع في مسائل الإجماع (1/260) ، وموسوعة الإجماع (173) ) .
دليله :
قوله تعالى : ﴿ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُواْ الله الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ سورة المائدة : 96 .
وقوله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ ﴾ سورة المائدة :95 .
وقوله تعالى : ﴿ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ ﴾ سورة المائدة : 2 ، مفهومه أنه إذا لم تحلوا فلا تصطادوا .
ولقوله صلى الله عليه وسلم لما سألوه عن الأتان(الأنثى من الحمر الوحشية ) التي صادها أبو قتادة رضي الله عنه وكان حلالاً وهم محرمون فقال صلى الله عليه وسلم : ((مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا ، أَوْ أَشَارَ إِلَيْهَا ؟ قَالُوا : لاَ . قَالَ : فَكُلُوا مَا بَقِىَ مِنْ لَحْمِهَا ))( رواه البخاري رقم الحديث (1728) ، ومسلم رقم الحديث (1196) ).
وأجمع العلماء على إباحة صيد البحر للمحرم ، وأجمعوا أيضاً على أن للمحرم أن يذبح من الأنعام والدجاج الأنسيّ( ينظر : مراتب الإجماع ص (78) ، والإقناع في مسائل الإجماع (1/260) ) .
دليله :
قوله تعالى : ﴿أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُواْ الله الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ سورة المائدة :96.
المحظور الرابع عشر :
الأكلّ من الصيد الذي صيد من أجلــه أو بإشارته أو بإعانته عليه :
ذهب جمهور العلماء من المالكية ، والشافعية ، والحنابلة .
دليله :
قوله صلى الله عليه وسلم لما سألوه عن الأتان التي صادها أبو قتادة رضي الله عنه وكان حلالاً وهم محرمون فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا ، أَوْ أَشَارَ إِلَيْهَا ؟ قَالُوا : لاَ . قَالَ : فَكُلُوا مَا بَقِىَ مِنْ لَحْمِهَا ))( رواه البخاري رقم الحديث (1728) ، ومسلم رقم الحديث (1196) ).
مفهوم الحديث أنه لو أشار إليه أحد من المحرمين أو أعان عليه أو أمر حتى يصاد له لحرم أكله عليهم وإلا لم يكن للسؤال فائدة .
وعن عبد الله بن عباس عن الصعب بن جثامة الليثي – رضي الله عنهم : ((أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حماراً وحشياً وهو بالأبواء أو بودان ، فرده عليه ، فلما رأى ما في وجهه قال : إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم )) .
فالنبيّ صلى الله عليه وسلم ردّ لحم الصيد في هذا الحديث وحرمه على المحرم ، وأباحه في حديث أبي قتادة رضي الله عنه فتعين للجمع بين الحديثين أن يقال : إنه أباحه لأنه لم يصد للمحرم ولم يعن أو يشر إليه ، ومنعه لأجل ذلك ، وأيضا حرم لأنه صِيد للمحرم كما لو أمر أو أعان عليه .
والله أعلم .

شبهة ملحد ؟

1876
السائل:
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
سأل أحد الملحدين:هل ترى أي فرق في الحوارين التاليين:-
الجندي الذي يعذبه حراس هتلر: أرجوك يا هتلر لقد كنت أعتقد أني أنفذ أوامرك و لم أقصد أن أعصيك.
هتلر: لقد أخطأت و أنت تحسب أنك تحسن صنعا.
و الحوار الآخر:-
أرجوك يا ربي, لقد كنت أعتقد بأنني أنفذ أوامرك و لم أقصد أن أعصيك.
القرآن: قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
أرجو الرد لإزالة الشبهة شديد الرجاء.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

الشيخ:

السؤال


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
سأل أحد الملحدين:هل ترى أي فرق في الحوارين التاليين:-
الجندي الذي يعذبه حراس هتلر: أرجوك يا هتلر لقد كنت أعتقد أني أنفذ أوامرك و لم أقصد أن أعصيك.
هتلر: لقد أخطأت و أنت تحسب أنك تحسن صنعا.
و الحوار الآخر:-
أرجوك يا ربي, لقد كنت أعتقد بأنني أنفذ أوامرك و لم أقصد أن أعصيك.
القرآن: قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
أرجو الرد لإزالة الشبهة شديد الرجاء.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الفرق واضح بين فالله تعالى في الآية يتكلم عن الكفار المعاندين للحق الرادين له وهو يحسبون أنهم بعنادهم لدين الله تعالى وكفرهم به أنه يحسنون صنعا بذلك فإنهم ما منعهم من معرفة الحق مع ظهوره إلا شدة التعصب للكفر، كما في الآيات الدالة على ذلك كقوله: {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} ، وقوله: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}، وقوله: {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ}فالآية نازلة في الكفار الذين يعتقدون أن كفرهم صواب وحق، والدليل على نزولها في الكفار تصريحه تعالى بذلك في قوله: بعده {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ…} ، وهي وإن كانت نازلة في الكفار فإنها تشمل كل من عاند الحق وأعرض عن الكتاب والسنة وقد بينت له الحجة فإنه يكون فيه من معنى الآية بقدر ما فعل، وقد ضل سيعه وهو يحسب أنه يحسن صنعاً . لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .

فالفرق واضح بارك الله فيك فالله تعالى بين الحق من الباطل بإرسال الرسل وإنزال الكتب وقطع العذر على البشرية ومع ذلك خالف من خالف من الكفار وغيرهم بخلاف قول هتلر الملحد في قوله لحارسه : أخطأت وأنت تحسب أنك تحسن صنعا ، فهل هتلر بين مايريد من حراسه الذي أخطأ وأقام عليه الحجة؟ الجواب لا ، لو بين له ما يريد بالتفصيل ما خالفه .

ولله المثل الأعلى ، ولا تستمع أخي لكل ما يلقى من كلام الملحدين والكفرة ولا تجعل قبلك كالاسفنجة يستشرب ما يسمع ولكن اجعله كالمرآة يصد كل ما يأتيه من الشبه ولا يلتفت إليها ولا يلقي لها بال ولا يستمع إليها أصلا .
والله أعلم .

ما هي أنواع الإحرام وما هو أفضلها ؟

1868
السائل: ما هي أنواع الإحرام وما هو أفضلها ؟

الشيخ: أنواع الإحرام ثلاثة باتفاق الفقهاء :
النوع الأول : القران : وله ثلاث صور :
الصورة الأولى : أن يحرم بالحجّ والعمرة معاً ، فيقول : (لبيك اللهم بحجّ وعمرة) .
وهذا يقتضي بقاء المحرم على صفة الإحرام إلى أن يفرغ من أعمال العمرة والحجّ جميعاً .
الصورة الثانية : أن يحرم بالعمرة وحدها ، ويدخل عليها الإحرام بالحجّ قبل طواف العمرة . فيكون بذلك قرن بين العمرة والحجّ .
الصورة الثالثة : أن يحرم بالحجّ أولا ثم يدخل عليه الإحرام بالعمرة .
النوع الثاني : التمتع : هو الاعتمار في أشهر الحجّ ثم يحجّ من عامه الذي اعتمر فيه ، ويتحلل بين العمرة والحجّ .
صورته : أن يحرم بالعمرة وحدها ، ويقول : ( لبيك اللهم بعمرة ) .
وهذا يقتضي البقاء على صفة الإحرام حتى يصل إلى مكة ، فيطوف بالبيت ، ويفعل بقية أعمال العمرة ، ويتحلل ويخلع ثياب الإحرام ويلبس ثيابه المعتادة ، ويأتي كلّ ما كان قد حرم عليه بالإحرام ، إلى أن يجيء يوم التروية فيحرم من مكة بالحجّ .
النوع الثالث : الإفراد : وهو أن يحرم بالحجّ وحده .
صورته : أن يحرم بالحجّ وحده ، ويقول : ( لبيك اللهم بحجّ ) .
وهذا يقتضي أن يبقى محرماً حتى ينتهي من أعمال الحجّ .
وأفضل هذه الأنواع التمتع ، وهو مذهب الشافعية في قول ، والحنابلة ، بل قد ذهب بعض أهل العلم إلى وجوب التمتع ، وهو الظاهر ، وممن قال به حَبُر الأمةِ وبَحرُها ابن عباس رضي الله عنهما ونصره ابن حزم ، وابن القيم.
قال ابن القيم( زاد المعاد (2/178) ) : ( وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم الأمرَ بفسخِ الحجّ إلى العمرةِ أربعة عشر من أصحابه وأحاديثُهم كلّها في الصحاح وقد ذهب جماعة من السلف والخلف إلى إيجاب القران على من ساق الهدي ، والتمتع بالعمرة المفردة على من لم يسق الهدي منهم عبد الله بن عباس وجماعةٌ فعندهم لا يجوز العدول عما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر به أصحابه فإنه قرن وساق الهدي وأمر كلّ من لا هدي معه بالفسخ إلى عمرة مفردة فالواجب أن نفعل كما فعل أو كما أمر ( .
وقال : ( ولا يوحِشُكَ قلةُ القائلين بوجوب ذلك فإن فيهم البحر الذي لا يَنْزِفُ عبد الله بن عباس وجماعةً من أهـل الظاهـر والسنـة هي الحَكَمُ بين الناس والله المستعان ) .
وعليه إذا أراد الإحرام فإن كان قد ساق الهدي يقول : (لبيك اللهم بحجّةٍ وعمرةٍ ) وهذا هو القِران ، وإن لم يسق الهدي لبى بالعمرة وحدها وهو التمتع ، فيقول : ( لبيك اللهم بعمرة ) ، فإن كان لبى بالحجّ وحده وهو الإفراد فعليه أن يفسخه بأن يجعل معه عمرة لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه جميعاً أن يُحِلُّوا من إحرامهم وأن يجعلوا طوافَهُم وسعيهم عمرةً إلا من ساق الهدي منهم .
استدل من قال بوجوب التمتع على من لم يسق الهدي بما يأتي :
الدليل الأول : عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قال: ((قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَقُولُ : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ بِالْحَجِّ . فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً ))( رواه البخاري رقم الحديث (1495) ، ومسلم رقم الحديث (1216) ) .
وفي رواية : (( فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً ، وَيَطُوفُوا ، ثُمَّ يُقَصِّرُوا وَيَحِلُّوا ، إِلاَّ مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ ، فَقَالُوا : نَنْطَلِقُ إِلَى مِنًى ، وَذَكَرُ أَحَدِنَا يَقْطُرُ ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ ، وَلَوْلاَ أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لأَحْلَلْتُ))( رواه البخاريرقم الحديث (1568) ، ومسلم رقم الحديث (1216) ) .
وفي رواية : قال صلى الله عليه وسلم : (( لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقِ الْهَدْيَ وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً . فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لأَبَدٍ ؟ فَشَبَّكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَصَابِعَهُ وَاحِدَةً فِي الأُخْرَى وَقَالَ : دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ مَرَّتَيْنِ لاَ بَلْ لأَبَدٍ أَبَدٍ )) (رواه مسلم رقم الحديث (1218)) .
الدليل الثاني : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال : ((قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلموَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ( من ذي الحجة ) مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً ، فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ الْحِلِّ ؟ قَالَ : الْحِلُّ كُلُّهُ ))(رواه البخاري رقم الحديث (3620) ، ومسلم رقم الحديث (1240) واللفظ له .
الدليل الثالث : عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال النبيّ صلى الله عليه وسلم لأصحابه : ((اجْعَلُوهَا عُمْرَةً . فَأَحَلَّ النَّاسُ إِلاَّ مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ ))( رواه مسلم رقم الحديث (1211) ) .
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت : (( دَخَلَ عَلَيَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ غَضْبَانُ فَقُلْتُ : مَنْ أَغْضَبَكَ يَا رَسُولَ اللهِ أَدْخَلَهُ اللهُ النَّارَ . قَالَ : أَوَمَا شَعَرْتِ أَنِّي أَمَرْتُ النَّاسَ بِأَمْرٍ فَإِذَا هُمْ يَتَرَدَّدُونَ ، وَلَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ مَعِي حَتَّى أَشْتَرِيَهُ ثُمَّ أَحِلُّ كَمَا حَلُّوا ))( رواه مسلم رقم الحديث (1211) ) .
وأحاديث أمره صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالتمتع كثيرة ، والأصل في الأمر أنه للوجوب .
والله أعلم
ينظر : كتاب الفقه على المذاهب الأربعة (1/592) ، والموسوعة الفقهية ( 2/140) ، وبداية المجتهد (3/293) ، والمغني (5/82) ، والمجموع (7/141) وشرح العمدة لابن تيمية (1/438) ، والمغني (5/82) ، والإنصاف (3/392) ، والإقناع (1/560) ، والشرح الممتع (7/84) والمحلى (5/87) مسألة رقم (883) .

هل يسن صلاة ركعتين قبل الإحرام ؟

1865
السائل: هل يسن صلاة ركعتين قبل الإحرام ؟

الشيخ: ليس هناك سنة صلاة ركعتين قبل الإحرام على الراجح لكن يستحب أن يحرم عقيب صلاة فرض ، وإلا فليس للإحرام صلاة تخصه . وهو رواية عن الإمام أحمد ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، وابن القيم ، وابن عثيمين ، والألباني .
وذهب الأئمة الأربعة إلى سنية ركعتي الإحرام استدلالا بحديث عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ – رضي الله عنهما قال : (( كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَرْكَعُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ ))( رواه مسلم رقم الحديث (1184) ) .
ولكن لا دلالة في الحديث إلى ما ذهبوا إليه – رحمهم الله تعالى – لأن المراد بهاتين الركعتين ركعتا الظهر ، والله أعلم ، فعن أنس بن مالك – رضي الله عنه : ((خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وخَرَجْنا مَعَهُ فَلما بَلَغَ ذا الحُليفةِ صلى الظُّهرَ ثمَّ رَكِبَ راحلتَهُ فلما استوت به على البيداء أهلَّ بالحجِّ والعمرةِ جميعاً ))( رواه أبو داود رقم الحديث (1774) ، والنسائي رقم الحديث (2931) واللفظ له . ينظر : صحيح أبي داود رقم الحديث (1559) ) .
ولكن إذا كان ميقاتُه ذا الحليفة استحب له أن يصلي فيها ركعتين لخصوص المكان وبركته .
دليله :
الدليل الأول : عن عُمَرَ رضي الله عنه قال : (( سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِوَادِي الْعَقِيقِ يَقُولُ : أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّي فَقَالَ : صَلِّ فِي هَذَا الْوَادِي المُبَارَكِ وَقُلْ : عُمْرَةً فِي حَجَّةٍ))( رواه البخاري رقم الحديث (1461) ) .
الدليل الثاني : عن مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ الهِن بن عمر عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : (( أَنَّهُ رُئِيَ وَهُوَ فِي مُعَرَّسٍ( وهو وادي العقيق ) بِذِي الْحُلَيْفَةِ بِبَطْنِ الْوَادِي ، قِيلَ لَهُ : إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ ))(رواه البخاري رقم الحديث (1462) ، ومسلم رقم الحديث (1346) ) .
قال الحافظ ابن حجّر( فتح الباري (3/459) ) : ( وفي الحديث فضل العقيق كفضل المدينة وفضل الصلاة فيه ) .
قال العيني(عمدة القاري (7/40) ) : ( فيه فضل العقيق لفضل المدينة ، وفيه فضل الصلاة فيه ومطلوبيتها عند الإحرام لاسيما في هذا الوادي المبارك ، وهو مذهب العلماء كافة ).
والله أعلم .
ينظر : الإنصاف (3/391) ومجموع الفتاوى (26/108) ، وتيسير الفقه الجامع للإختيارات الفقهية (1/483) ، والإختيارات الفقهية ص (116) .مناسك الحج للألباني ص (15) زاد المعاد (2/107) الشرح الممتع (7/76) ، وفتاوى أركان الإسلام ص (519) والموسوعة الفقهية (2/172) ، وكتاب الفقه على المذاهب الأربعة (1/548) .