رجل كبير لا يعقل في الصلاة

618
السائل: والدي كبير في السن ومريض بحيث لايدرك مايجري حوله ولو تكلم لعله لايعي أحيانا مايقول بسبب ضعف حواسه و ضعف تركيزه العقلي. الوالدة تذكرة بالصلاة ولو لم تذكره لما صلى (رغم أنه كان من المصلين الملتزمين في حال صحته قديما)وتساعدة على الوضوء ولكن عندما صلي يظل ساكتا ولايقوم بحركات الصلاة بل أحيانا يلتفت في صلاته. فما رأي الشرع في صلاته وهل نلزمه على هذه الصلاة وهل يجب عليه أو علينا فعل شيء آخر لسد هذا في صلاته.أفيدونا بارك الله في علمكم

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاتهالحمد لله وحده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . وبعد:أولاً : قولك : ما رأي الشرع ! لفظ غير صحيح والصواب أن يقال ما حكم الشرع لأن الرأي إنما هو للفقهاء المجتهدين ولأن الرأي منه ماهو حق ومنه ماهو باطل ومنه ما هو صواب ومنه ما هو على خلاف ذلك أما حكم الشرع فلا يكون إلا حق والشارع الحكيم أوامره ونواهيه أحكام قال تعالى : { إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ }الأنعام57 .ولهذا لن تجد فيما أعلم في كتب العلماء (رأي الشرع).ثانياً :أما بالنسبة لوالدك فإن كان كما قلت فإن من شروط التكليف الإدراك وفهم الخطاب قال الإبهاج (1/156) : (اتفق الكل حتى القائلون بجواز التكليف بما لا يطاق على أنه يشترط في المأمور أن بكون عاقلا بفهم الخطاب أو يتمكن من فهمه) . والظاهرأن والدك لايدرك ولايفم الخطاب فيلحق بالمعتوه وهي آفة ناشئة عن الذات توجب خللاً في العقل فيصير صاحبها مختلط الكلام ، يشبه بعض كلامه العقلاء وبعضه كلام المجانين ، وكذا سائر أموره . فالمعتوه له عقل لكنه ضعيف عن إدراك وفهم الخطاب ، أما المجنون فإنه لا عقل له . والراجح أنه غير مكلف مطلقاً ، وهو مذهب جمهور العلماء ، والدليل على عدم تكليفه ما يأتي :الدليل الأول : عَنْ عَلِيِّ -رضى الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : (( رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ : عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ ، وَعَنِ الْمَعْتُوهِ حَتَّى يَبْرَأَ )) صحيح الترمذي رقم الحديث (1150) ..الدليل الثاني : قياس المعتوه على المجنون والصبي غير المميز والجامع : ضعف العقل عن إدراك حقائق الأمور عن فهم خطاب الشارع .لكن ينبغي أن يلاحظ أن والدك إن كان يدرك بعض الأحيان فعليكم إعلامه بالصلاة ومعاونته أما إذا كان لا يدركا مطلقا وهذا هو الحال الدائم لديه فإنه غير مكلف .والله تعالى أعلم .

التعامل مع زملاء غير مسلمين

617
السائل: نريد توضيح في كيفية التعامل مع زملاء العمل الغير مسلمين. هل يتوجب علينا عدم إبدا الود لهم وعدم إبدائهم بالسلام ومصافحتهم أم ماذا, وكيف يتوافق ذلك مع إظهار مخاسن الإسلام لهم وأنه دين الأخلاق والتسامح ، أفيدونا جزاكم الله خيرا فهذا الحديث يدور أحيانا بين الموظفين والآراء في ذلك متضاربة؟

الشيخ: الحمدلله وحده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وبعد :اعلم أخي السائل أن ديننا دين العزة والرحمة والعدل ولم يترك لنا شيء إلا وقد بينه قال تعلى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً)ومعاملة الكفار قد تكلم عليها العلماء في أحكام أهل الذمة وسأقتصر على الإجابة على سؤالك بدون توسع :1-فيما يتعلق بإبداء الود وغير ذلك في هذا تفصيل مهم جدا وهو أن الإحسان إليهم لإنسانيتهم ولحسن أخلاقهم وحسن معاملتهم والرغبة في دعوته ونجاتهم مما هم عليه من الكفر شيء وبغض كفرهم وضلالهم شيء آخر وإن من عدل الإسلام ومن رحمته إذا كان غير المسلم لا ينال المسلمين منه سوء فانه لا حرج أن يهدي إليه وان يحسن إليه لقول الله تبارك وتعالي : (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) الممتحنة8 . فأظهار محاسن الإسلام وعدل الإسلام والخلق الحميد مطلوب من المسلم مع المسلمين وغير المسلمين ما دام هذا الشخص لم يظهر عداءه للإسلام والمسلمين وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك كثيرة وآثر الصحابة كذلك ولكن هذا لا ينسنا أن كفرهم الذي عليه نبغضه ولانحبه كما أننا نبغض الفجور وأهله .قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه أحكام أهل الذمة (1/602) : ( فإن الله سبحانه لما نهى في أول السورة عن اتخاذ المسلمين الكفار أولياء وقطع المودة بينهم وبينهم توهم بعضهم أن برهم والإحسان إليهم من الموالاة والمودة فبين الله سبحانه أن ذلك ليس من الموالاة المنهي عنها وأنه لم ينه عن ذلك بل هو من الإحسان الذي يحبه ويرضاه وكتبه على كل شيء وإنما المنهي عنه تولي الكفار والإلقاء إليهم بالمودة).ومن أراد الإزدياد فعليه بما كتب في أحكام أهل الذمة وغيرهم .2- أما ما يتعلق بالسلام ففيه تفصيل :- أما إلقاء السلام الإسلامي (السلام عليكم ورحمة الله) فلا يجوز لقوله صلى الله عليه وسلم : (لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام) رواه مسلم . لكن يجوز أن يقول لهم صباح الخير وغير ذلك .-أما لو ابتدأ هو بالسلام فقال : السلام عليكم ورحمة الله . بلفظ واضح فيجوز أن نرد عليه لقوله تعالى :{وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً }النساء86 .كما قال بعض أهل العلم . أما إذا كان السلام منهم غير واضح كأن يقول السام عليكم يعني الموت فيقال : وعليكم لقوله صلى الله عليه وسلم : (إن اليهود إذا سلموا عليكم يقول أحدهم : السام عليكم فقل : عليك ) .والله أعلم .وعلى الأخوة أن يتفقهوا في دينهم وخاصة فيما يتعلق بعقائدهم وأحكام دينهم ولا يتكلموا إلا بعلم وجزاكم الله خيرا ووفقنا وإيكم إلى ما يحبه ويرضاه . والحمد لله رب العالمين