متى يبدأ التكبير في يوم الفطر ؟

2693
السائل: متى يبدأ التكبير في يوم الفطر ؟

الشيخ:

 

يبدأ التكبير من أول ليلة عيد الفطر كما في  المغني (3/255) وحتى ينتهي من صلاة عيد الفطر ، ويستحب الجهر بالتكبير في طريقه إلى المصلى حتى يقضي الصلاة  ، ودليل ذلك :

الدليل الأول : قوله تعالى : ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ الله بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ الله عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ سورة البقرة: ١٨٥ .

قال الشيرازي في المهذب ص (121): (وأول وقت تكبير الفطر إذا غابت الشمس من ليلة الفطر لقوله عز وجل : ﴿ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ الله عَلَى مَا هَدَاكُمْ ﴾  وإكمال العدة بغروب الشمس من ليلة الفطر ) .

وقال ابن كثير في تفسيره (1/505) : (أخذ كثير من العلماء مشروعية التكبير في عيد الفطر من هذه الآية) .

وقَالَ الإمام الشَّافِعِىُّ : (سَمِعْتُ مَنْ أَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ يَقُولُ : فَتُكْمِلُوا عِدَّةَ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ ، وَتُكَبِّرُوا اللهَ عِنْدَ إِكْمَالِهِ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ، وَإِكْمَالُهُ مَغِيبُ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ شَهْرِ رَمَضَانَ ) ينظر : سنن البيهقي الكبرى (3/278).

قال الفاكهي : (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ : ثنا سُفْيَانُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ﴾ [البقرة: 185] قَالَ : نَرْجُو أَنْ يَكُونَ التَّكْبِيرُ لَيْلَةَ الْفِطْرِ . وَزَعَمَ الْمَكِّيُّونَ أَنَّهُمْ رَأَوْا مَشَايِخَهُمْ يُكَبِّرُونَ لَيْلَةَ الْفِطْرِ إِلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ يَوْمَ الْعِيدِ ، وَيُظْهِرُونَ التَّكْبِيرَ ، وَيَرَوْنَهُ سُنَّةً ، وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الْيَوْمَ ). أخرجه الفاكاهاني في أخبار مكة بسند صحيح رقم (1703)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (24/221): (أَمَّا التَّكْبِيرُ فَإِنَّهُ مَشْرُوعٌ فِي عِيدِ الْأَضْحَى بِالِاتِّفَاقِ . وَكَذَلِكَ هُوَ مَشْرُوعٌ فِي عِيدِ الْفِطْرِ : عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد . وَذَكَرَ ذَلِكَ الطَّحَاوِي مَذْهَبًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ . وَالْمَشْهُورُ عَنْهُمْ خِلَافُهُ لَكِنَّ التَّكْبِيرَ فِيهِ هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ وَالتَّكْبِيرُ فِيهِ أَوْكَدُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ اللهَ أَمَرَ بِهِ بِقَوْلِهِ : ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ . وَالتَّكْبِيرُ فِيهِ : أَوَّلُهُ مِنْ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَآخِرُهُ انْقِضَاءُ الْعِيدِ وَهُوَ فَرَاغُ الْإِمَامِ مِنْ الْخُطْبَةِ عَلَى الصَّحِيحِ … وَكَانَ التَّكْبِيرُ أَيْضًا مَشْرُوعًا عِنْدَنَا وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ حِينِ إهْلَالِ الْعِيدِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِيدِ إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ).

الدليل الثاني : عَنِ الزُّهْرِيِّ : (( أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ فَيُكَبِّرُ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُصَلَّى ، وَحَتَّى يَقْضِيَ الصَّلاَةَ ، فَإِذَا قَضَى الصَّلاَةَ قَطَعَ التَّكْبِيرَ)). رواه ابن أبي شيبة رقم (5667) . بسند صحيح مرسل

وهو وإن كان مرسلا إلا أن له شاهدا موصولا ، وطريقاً أخرى موقوفة على ابن عمر –رضي الله عنهما- يتقوى بها  . ينظر : السلسلة الصحيحة رقم الحديث (171)

قال ابن قدامة في المغني (3/256): (ويستحب أن يكبر في طريق العيد ، ويجهر بالتكبير . قال ابن أبي موسى : يكبر الناس في خروجهم من منازلهم لصلاتي العيدين جهرا ، حتى يأتي الإمام المصلى ، ويكبر الناس بتكبير الإمام في خطبته ، وينصتون فيما سوى ذلك) .

 

اجتماع يوم العيد مع يوم الجمعة

2686
السائل:
هل إذا اجتمع يوم العيد مع يوم الجمعة تسقط صلاة العيد صلاة الجمعة والظهر أو الجمعة فقط ؟

الشيخ:

هل إذا اجتمع يوم العيد مع يوم الجمعة تسقط صلاة العيد صلاة الجمعة والظهر أو الجمعة فقط ؟

اختلف العلماء –رحمهم الله تعالى- فيما إذا اجتمع يوم العيد مع يوم الجمعة ، فهل تسقط الجمعة عمن صلى العيد ؟ والراجح أنه يسقط حضور الجمعة عمن صلى العيد جماعة مع الإمام ، ويصلي من لم يحضر الجمعة الظهر ، وهو مذهب الحنابلة ، والشافعية إلا أنهم أسقطوها عن أهل القرى دون أهل البلد .

قال ابن قدامة في المغني (3/242) : (وممن قال بسقوطها الشعبي ، والنخعي ، والأوزاعي ، وقيل : هذا مذهب عمر ، وعثمان ، وعلي ، وسعيد ، وابن عمر ، وابن عباس ، وابن الزبير) .

 

ورجحت هذا المذهب للأدلة الآتية :

الدليل الأول : عَنْ إِيَاسِ بْنِ أَبِي رَمْلَةَ الشَّامِيِّ قَالَ : (( شَهِدْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ يَسْأَلُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ قَالَ : أَشَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ عِيدَيْنِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَكَيْفَ صَنَعَ ؟ قَالَ : صَلَّى الْعِيدَ ، ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ ، فَقَالَ : مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ)). رواه أبو داود رقم الحديث (904) ، وابن ماجه رقم الحديث (1300) . وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (4/237) : (حديث صحيح ، وصححه ابن المديني والحاكم والذهبي )

وجه الاستدلال : أن النبي ﷺ رخص في عدم حضور الجمعة ، ولم يفرق بين أهل القرى وغيرهم ، بل ظاهره أنه خطاب لأهل المدينة وغيرهم ، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ، والحاجة هنا قائمة فلو كان هناك فرق لبينه النبي ﷺ .

وأيضا ليس في الحديث أنه أسقط الظهر بل أسقط حضور صلاة الجمعة فقط ، وسقوط الجمعة لا يستلزم سقوط الظهر ، بل المعلوم أن الجمعة إذا لم تؤدّ لعذر فإنه يصليها ظهراً بلا خلاف ، وهكذا هنا ولا فرق كما سيأتي .

الدليل الثاني : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ : ((قَدِ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ)) . رواه أبو داود رقم الحديث (1159) . وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (4/322) : (إسناده صحيح ، وكذا قال البيهقي والعسقلاني ، وقال الدارقطني: ” إسناد حسن ثابت “، وصححه أيضا ابن المنذر وابن السكن وابن حزم)

وجه الاستدلال : أن النبي ﷺ بين أن من صلى العيد فقد أجزأه عن حضور صلاة الجمعة ، ولم يفرق بين أهل القرى وغيرهم ، وقوله : ((وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ)) فيه دليل على أن الظهر لم تسقط ، لأنه لو سقطت لترك النبي ﷺ صلاة الجمعة ، فمعناه أن من أراد أن يصلي معنا الجمعة فلا بأس فهي مسقطة للظهر ، ومن لم يُرد ذلك فعليه الظهر .

الدليل الثالث : عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ : ((اجْتَمَعَ عِيدَانِ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنْ الْجُمُعَةِ وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ إِنْ شَاءَ اللهُ )) . رواه ابن ماجه رقم الحديث (1301) . صحيح ابن ماجه رقم الحديث (1311)

الدليل الرابع : عن أَبي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ قَالَ : ((شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، فَصَلَّى قَبْلَ الْخُطْبَةِ ، ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ قَدْ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِيهِ عِيدَانِ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْتَظِرَ الْجُمُعَةَ مِنْ أَهْلِ الْعَوَالِي فَلْيَنْتَظِرْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ )). رواه البخاري رقم (5251)

وجه الاستدلال : أن عثمان –رضي الله عنه- رخص في ترك حضور صلاة الجمعة لمن صلى العيد كما فعل النبي ﷺ .

الدليل الرابع : عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ : (( صَلَّى بِنَا ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي يَوْمِ عِيدٍ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ أَوَّلَ النَّهَارِ ، ثُمَّ رُحْنَا إِلَى الْجُمُعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْنَا فَصَلَّيْنَا وُحْدَانًا ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالطَّائِفِ فَلَمَّا قَدِمَ ذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ : أَصَابَ السُّنَّةَ)) . رواه أبو داود رقم الحديث (1073) . وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (4/322) : (إسناده صحيح على شرط مسلم)

وعن عَطَاء قَالَ : (( اجْتَمَعَ يَوْمُ جُمُعَةٍ وَيَوْمُ فِطْرٍ عَلَى عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ : عِيدَانِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ، فَجَمَعَهُمَا جَمِيعًا فَصَلَّاهُمَا رَكْعَتَيْنِ بُكْرَةً لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِمَا حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ)) . رواه أبو داود رقم الحديث (1074) . وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (4/238) : (إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن خزيمة)

وجه الاستدلال : أن ابن الزبير –رضي الله عنه- صلى العيد ، ثم لم يحضر لصلاة الجمعة ، فبين ابن عباس –رضي الله عنهما- أنه أصاب السنة ، يعني سنة النبي ﷺ .

فائدة :

في هذا الأثر دليل على استحباب حضور الإمام للجمعة يوم العيد ، ولا يجب عليه ذلك، وهو رواية عن الإمام أحمد وغيره ينظر : المغني (3/242) فإن ابن الزبير –رضي الله عنه- كان هو الإمام ولم يحضر ، وصوبه ابن عباس –رضي الله عنهما- فلو كان حضور الإمام واجباً لأنكر عليه ابن عباس –رضي الله عنهما- ذلك.

إلا أنه ينبغي أن يعلم أنه إذا كان في تخلف الإمام عن الجمعة مفسدة فيجب عليه الحضور ، أو يعين غيره لينوب عنه ، فالنبي ﷺ رخص في حضور الجمعة إلا أنه حضرها وصلاها بالناس ، وخير الهدي هدي محمدٍ ﷺ .

تنبيه :

استدل بعض أهل العلم بفعل ابن الزبير رضي الله عنه- على سقوط الظهر أيضاً ، وهذا الاستدلال مردود من وجوه :

الوجه الأول : ليس في أثر ابن الزبير –رضي الله عنه- أنه لم يصلّ الظهر بل فيه أن لم يصلّ الجمعة فقط .

الوجه الثاني : الأثر فيه : ((فَجَمَعَهُمَا جَمِيعًا فَصَلَّاهُمَا رَكْعَتَيْنِ بُكْرَةً)) وهذا يدل على أمور :

الأول : أنه جمع الجمعة إلى العيد وصلاهما ركعتين ، وهذا باطل قطعاً لأن صلاة الجمعة غير صلاة العيد ، فلا يصح جمعهما ، وأيضاً لو كان المراد بأنه جمع الجمعة إلى العيد فإنه يدل على أن حضور الجمعة لم يسقط إلا لمن نوى الجمع بين الجمعة والعيد ، وهذا باطل مخالف للأدلة السابقة ، فلو أن شخصاً صلى العيد مع الجماعة ولم ينو إليها الجمعة لم يجز له التخلف عن صلاة الجمعة ، وهذا عين الباطل ،  وأيضا جاء في نفس الأثر ((ثُمَّ رُحْنَا إِلَى الْجُمُعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْنَا فَصَلَّيْنَا وُحْدَانًا)) فلو كانت الجمعة جمعت مع العيد فكيف صلوا وحداناً الظهر ، لأن من صلى الجمعة لا يجوز له أن يصلي الظهر .

الثاني : أنه صلى العيد وجمع في نيته أنه لن يحضر الجمعة ، وأنه لن يصليها في هذا اليوم ، وليس في هذا أنه لم يصلّ الظهر ، وهذا هو الموافق للأدلة الأخرى .

الثالث : أن هذا فهم عطاء –رحمه الله تعالى- وليس بحجة ، ففهم عطاء من قول ابن الزبير –رضي الله عنه- : ((عِيدَانِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ)) أنه جمع بين الجمعة والعيد وعليه فهذا مسقط للظهر ، ولهذا قال : ((فَجَمَعَهُمَا جَمِيعًا فَصَلَّاهُمَا رَكْعَتَيْنِ بُكْرَةً لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِمَا حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ)) ، وليس في هذا حجة ، لأنه فهم لعطاء -رحمه الله تعالى- .

الوجه الثالث : أن قول ابن عباس –رضي الله عنهما- : ((أَصَابَ السُّنَّةَ)) في تركه حضور الجمعة ، وليس في ترك الظهر كما يدل السياق ، فلا دلالة فيه ، إذ لو كان المراد أنه أصاب السنة في تركه الجمعة والظهر لبينه ابن عباس –رضي الله عنهما- بقوله أو فعله ، ولأنكر على من صلى الظهر ممن كان في المسجد بأنهم ما أصابوا السنة لأن عطاء قال : ((ثُمَّ رُحْنَا إِلَى الْجُمُعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْنَا فَصَلَّيْنَا وُحْدَانًا)) ، فدل هذا على أنه أصاب السنة في تركه الجمعة فقط ، وهو الموافق للأحاديث الأخرى .

الوجه الرابع : أنه لو سلم جدلا أن ابن الزبير –رضي الله عنه-فعل ذلك ، وهذا في غاية البعد ، وليس في الأثر ما يدل عليه ، فإن غيره من الصحابة –رضي الله عنهم- خالفوه ، والأحاديث المرفوعة تؤيدهم ، فلم يثبت عن النبي ﷺ أن رخص في الظهر أو هو لم يصلها ، وإنما ثبت خلاف ذلك ، والذي رخص فيه النبي ﷺ هو حضور الجمعة فقط فلا يجوز أن يتعدى بالحكم إلى غيره .

الوجه الخامس : أن صلاة العيد مسقطة للاجتماع للجمعة ، ولا يدل ذلك على أن الاجتماع للجمعة إذا سقط سقطت الظهر ، فإن الجمعة إذا سقطت للعذر وجبت الظهر، وهذا ظاهر بين لا إشكال فيه .

الوجه السادس : أن النبي ﷺ صلى بأصحابه الجمعة في يوم العيد ، وقال: ((وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ)) فهذا دليل ظاهر على أن الظهر لم تسقط ، لأن النبي ﷺ صلى الجمعة ليؤكد أن الجمعة لم تسقط وإنما سقط وجوب حضورها ، وهو الرخصة ، فإذا كانت الجمعة لم تسقط وإنما الرخصة في عدم حضورها فقط ، فمن باب أولى أن الظهر لم يسقط .

قال الصنعاني سبل السلام (2/53)  : (ولا يخفى أن عطاءاً أخبر أنه لم يخرج ابن الزبير لصلاة الجمعة ، وليس ذلك بنص قاطع أنه لم يصل الظهر في منزله ، فالجزم بأن مذهب ابن الزبير سقوط صلاة الظهر في يوم الجمعة يكون عيداً على من صلى صلاة العيد لهذه الرواية غير صحيح لاحتمال أنه صلى الظهر في منزله ، بل في قول عطاء أنهم صلوا وحدانا أي الظهر ما يشعر بأنه لا قائل بسقوطه ، ولا يقال : أن مراده صلوا الجمعة وحدانا فإنها لا تصح إلا جماعة إجماعاً ، ثم القول بأن الأصل في يوم الجمعة صلاة الجمعة والظهر بدل عنها قول مرجوح بل الظهر هو الفرض الأصلي المفروض ليلة الإسراء والجمعة متأخر فرضها ، ثم إذا فاتت وجب الظهر إجماعاً فهي البدل عنه ، وقد حققناه في رسالة مستقلة ) .

وقال ابن عبد البر التمهيد (10/270): (ليس في حديث ابن الزبير بيان أنه صلى مع صلاة العيد ركعتين للجمعة ، وأي الأمرين كان فإن ذلك أمر متروك مهجور ، وإن كان لم يصل مع صلاة العيد غيرها حتى العصر فإن الأصول كلّها تشهد بفساد هذا القول لأن الفرضين إذا اجتمعا في فرض واحد لم يسقط أحدهما ، فكيف أن يسقط فرض لسنة حضرت في يومه؟! هذا ما لا يشك في فساده ذو فهم … ) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية مجموع الفتاوى (24/210) : (الصَّحِيحُ أَنَّ مَنْ شَهِدَ الْعِيدَ سَقَطَتْ عَنْهُ الْجُمُعَةُ لَكِنْ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَ الْجُمُعَةَ لِيَشْهَدَهَا مَنْ شَاءَ شُهُودَهَا وَمَنْ لَمْ يَشْهَدْ الْعِيدَ . وَهَذَا هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ وَأَصْحَابِهِ : كَعُمَرِ وَعُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمْ . وَلَا يُعْرَفُ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ … وَأَيْضًا فَإِنَّهُ إذَا شَهِدَ الْعِيدَ حَصَلَ مَقْصُودُ الِاجْتِمَاعِ ، ثُمَّ إنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ إذَا لَمْ يَشْهَدْ الْجُمُعَةَ فَتَكُونُ الظُّهْرُ فِي وَقْتِهَا وَالْعِيدُ يُحَصِّلُ مَقْصُودَ الْجُمُعَةِ …) .

ينظر : المغني (3/242) ، ومسائل عبد الله رقم المسألة (482) ، والمحرر (1/159) ، والاختيارات الفقهية ص (81) ، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام (24/210) ، وزاد المعاد (1/448) ، والفروع (1/134) . ينظر : المجموع (4/358)

 

 

 

 

اجتماع عيد الفطر مع يوم الجمعة

2683
السائل: اذا اجتمع يوم العيد مع يوم الجمعة فهل تسقط صلاة الجمعة والظهر أو الجمعة فقط 

الشيخ:

اختلف العلماء –رحمهم الله تعالى- فيما إذا اجتمع يوم العيد مع يوم الجمعة ، فهل تسقط الجمعة عمن صلى العيد ؟

والراجح أنه يسقط  حضور الجمعة عمن صلى العيد جماعة مع الإمام ، ويصلي من لم يحضر الجمعة الظهر ، وهو مذهب الحنابلة ، والشافعية إلا أنهم أسقطوها عن أهل القرى دون أهل البلد

قال ابن قدامة في المغني (3/242: (وممن قال بسقوطها الشعبي ، والنخعي ، والأوزاعي ، وقيل : هذا مذهب عمر ، وعثمان ، وعلي ، وسعيد ، وابن عمر ، وابن عباس ، وابن الزبير) .

ورجحت هذا المذهب لما يأتي : :

الدليل الأول : عَنْ إِيَاسِ بْنِ أَبِي رَمْلَةَ الشَّامِيِّ قَالَ : (( شَهِدْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ يَسْأَلُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ قَالَ : أَشَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ ﷺ عِيدَيْنِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَكَيْفَ صَنَعَ ؟ قَالَ : صَلَّى الْعِيدَ ، ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ ، فَقَالَ : مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ))([1]).

وجه الاستدلال : أن النبي ﷺ رخص في عدم حضور الجمعة ، ولم يفرق بين أهل القرى وغيرهم ، بل ظاهره أنه خطاب لأهل المدينة وغيرهم ، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ، والحاجة هنا قائمة فلو كان هناك فرق لبينه النبي ﷺ .

وأيضا ليس في الحديث أنه أسقط الظهر بل أسقط حضور صلاة الجمعة فقط ، وسقوط الجمعة لا يستلزم سقوط الظهر ، بل المعلوم أن الجمعة إذا لم تؤدّ لعذر فإنه يصليها ظهراً بلا خلاف ، وهكذا هنا ولا فرق كما سيأتي .

([1]) رواه أبو داود في الصلاة /بَاب إِذَا وَافَقَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عِيدٍ رقم الحديث (904) ، وابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها /بَاب مَا جَاءَ فِيمَا إِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدَانِ فِي يَوْمٍ رقم الحديث (1300) . وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (4/237) : (حديث صحيح ، وصححه ابن المديني والحاكم والذهبي ) .

 ينظر : المغني (3/242) ، ومسائل عبد الله رقم المسألة (482) ، والمحرر (1/159) ، والاختيارات الفقهية ص (81) ، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام (24/210) ، وزاد المعاد (1/448) ، والفروع (1/134) .

)) ينظر : المجموع (4/358) .

صلاة التراويح قبل صلاة العشاء

2672
السائل: هل يجوز صلاة التراويح قبل صلاة العشاء .مع العلم انا في فرنسا.شكرا est ce que en faire salat trawih avant salat alichaa.merci

الشيخ:

صلاة التراويح والوتر لا تصلى قبل صلاة العشاء فوقتها بعد صلاة العشاء
والله أعلم

نجاسة الكلب ؟

611
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخنا الفاضل انا حاليا اقيم في دولة اجنبية وفي اثناء اصطحابي أطفالي الى الحديقة العامة الاحظ أن بعض اطفال المسلمين في الحديقة يقومون بلمس الكلاب .. ما اريد معرفته حكم السماح للاطفال بلمس الكلاب ، وهل الكلب نجس ؟ وكيفية ازالة نجاسته عن الثوب والبدن والمكان ؟ بارك الله فيكم وجزاكم خيرا

الشيخ:

السؤال

الجواب


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

اعلمي حفظك الله تعالى أن الجواب على سؤالك على النحو الآتي :
أولا :حكم سؤر الكلب ولعابه :

اختلف العلماء –رحمهم الله تعالى- في نجاسة سؤر الكلب على مذهبين ، والراجح
أنه نجس سواء كان كلب صيد أو غيره ، وهو مذهب الجمهور من الحنفية ، والشافعية
، والحنابلة وذلك للأدلة الآتية :
الدليل الأول : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللهِ صلى الله عليه وسلم : (( طُهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ
الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولاَهُنَّ بِالتُّرَابِ ))رواه
مسلم.
وجه الاستدلال : أن كلمة ((طُهُورُ)) في عرف الشارع لا تكون إلا من حدث أو
نجاسة ، ولا يتصور وجود الحدث على الإناء فدل ذلك على أن سؤره نجس .
الدليل الثاني : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللهِ صلى الله عليه وسلم : (( إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ
فَلْيُرِقْهُ ثُمَّ لْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مِرَارٍ ))رواه البخاري ومسلم واللفظ
له .
وجه الاستدلال :
أولا : أن الأمر بغسل الإناء دليل على نجاسته كما هو ظاهر والأمر بالسبع غسلات
يؤكد النجاسة .
ثانياً : أن الأمر بإراقة ما في الإناء دليل ظاهر على نجاسته أيضاً ، لأن
إراقة ما في الإناء من ماء أو طعام مائع إضاعة للمال المنهي عنه ، لكن لما كان
نجساً لا يجوز استعماله أمرنا بإراقته.
الدليل الثالث : إجماع الصحابة –رضي الله عنهم- ، قال الحافظ ابن حجر في فتح
الباري (1/332) : (وقد ثبت عن ابن عباس التصريح بأن الغسل من ولوغ الكلب بأنه
رجس ، رواه محمد بن نصر المروزي بإسناد صحيح ، ولم يصح عن أحد من الصحابة
خلافه ) .

وتطهير اليد والثوب من لعاب الكلب يكون بغسله بالماء فقط والتراب خاص بالإناء
ومكان في حكمه.

أما بدنه فقد اختلف العلماء –رحمهم الله تعالى- في نجاسة بدن الكلب غير لعابه
، على مذاهب ، والراجح أنه غير نجس ، وهو قول الإمام أبي حنيفة ، ومذهب
المالكية في المشهور ، وقول الزهري ، وداود الظاهري .

ورجحت هذا المذهب لأن الأصل في الأشياء الطهارة ، ولا يصار إلى النجاسة إلا
بدليل ، ولا يصح الاستدلال بالحديثين السابقين على نجاسة بدنه لأن الدليل أخص
من الاستدلال ، فالحديث وارد في نجاسة سؤره فلا يصح أن يعمم الحكم على جميع
بدنه ، ولا يلزم من نجاسة سؤره نجاسة بدنه ، فإن الإنسان بوله وغائطه نجس ومع
ذلك بدنه طاهر .
ولا يصح أيضا الاستدلال بحديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ –رضي الله عنه-
قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُقَالُ لَهُ : ((
إِنَّهُ يُسْتَقَى لَكَ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ ، وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا
لُحُومُ الْكِلاَبِ وَالْمَحَايِضُ وَعَذِرُ النَّاسِ. قَالَ رَسُولُ اللهِ
صلى الله عليه وسلم : « إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لاَ يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ »))
،رواه أبوداود والترمذي ينظر : صحيح سنن أبي داود (1/110) .
فإن فيه ذكر لحوم الكلاب مع المحايض وعذرة الناس فهي نجسة وتلقى في بئر بضاعة
، فأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على نجاستها إلا أنها لم تؤثر في الماء
لأنه ماء جار ، وجوابه أن لحوم الكلاب نجسة لأنها ميتة ، ولا تحل فيها الذكاة
، فهو ميتة حتى لو ذبح ، لأنه مما يحرم أكله ، والميتة نجسة بالإجماع .
إلا أنه ينبغي أن يعلم أنه إذا كان شعر الكلب رطباً أو مبتلاً ولا مس الثوب أو
البدن فإن يجب غسل ما أصاب الثوب والبدن من شعره ، وكذلك لو كانت اليد أو
الثوب بهما بلل ولا مسا شعر الكلب فإنه يجب غسلهما ، لأن الكلب غالباً ما يلعق
شعره وجسده بلسانه ، وسبق أن لعاب الكلب وسؤره نجس ، لكن لو كانت اليد جافة
وكذلك شعر الكلب فلا يجب غسل اليد بعد ملامسته.

ثانياً : لا ينبغي للوالدين أن يتركا أولادهما مع هذه الحيوانات النجسة الضارة
لأنهم بذلك يتشبهون بالكفار الذين يربون الكلاب ويلعبون معها أكثر من أبنائهم
ويجعلون أبنائهم يحبونها ويربونها في بيوتهم والنبي صلى الله عليه وسلم بين أن
هذا الفعل ينقص من الأجر عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « مَنْ أَمْسَكَ كَلْبًا فَإِنَّهُ
يَنْقُصُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ عَمَلِهِ قِيرَاطٌ ، إِلاَّ كَلْبَ حَرْثٍ أَوْ
مَاشِيَةٍ » رواه البخاري ومسلم . فالأطفال إذا تعودوا على ذلك أحبوا تربيتها
في البيت ، فينبغي أن يجنب الأطفال اللعب مع هذه الحيوانات بالرفق واللين
والحكمة .
والله أعلم .

مصافحة المرأة العجوز ؟

561
السائل: السلام عليكم شيخنا الفاضل وبعد…فاني استفتيكم في مسألة مصافحة المرأة الطاعنة في السن اي العجائز.وما تقولون في الاثار التي رويت في هذا الباب عن أبي بكر وقتادة وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهم وغيرهم..أفيدونا في أقرب وقت ممكن بارك الله فيكم

الشيخ:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

قد أجبت على هذا السؤال على هذا الرابط
http://www.ebrahimalzaabi.co/?page_id=1045

ولافرق فيه بين الكبيرة والصغيرةوهو مذهب المالكية والشافعية فإن لم يقع في
قبله هو شيء فقد يقع في قلب هذه المرأة الكبيرة في السن والنصوص التي ذكرتها
في جوابي على السؤال المرفق رابطه لم تفرق بين المرأة الكبيرة والصغيرة
فالنصوص عامة والعام يبقى على عمومه حتى يرد ما يخصصه
أما الآثار المنقولة عن الصحابة -رضي الله عنهم- فلا أعلمها تصح وليس
لهاإسانيدولم أجدهافي كتب الحديث المسنده .
والله أعلم

ما هي الدار الذي نشر كتاب الزاد في بيان مناسك المعتمر والحاج؟

2157
السائل:
ما هي الدار الذي نشر كتاب الزاد في بيان مناسك المعتمر والحاج؟

الشيخ:

السؤال


ما هي الدار الذي نشر كتاب الزاد في بيان مناسك المعتمر والحاج؟

دار ابن حزم في لبنان وهذه هي الطبعة الأولى 1429هـ-2008م

الغسل من الجنابة أو الحيض ؟

2153
السائل: السلام عليكم
اريد ان اعرف طريقه الغسل الصحيحه من الحيض والجنابه بالنسبه للمرأة لأنني وجدت اختلافا فى طريقه الغسل فهل اغسل قدمي عند الوضوء فى الغسل ام اواجل غسلها عند نهابة الغسل .ام اغسلها عند الوضوء واغسل شعرى ثلاثه واغسل الجزو الايمن ثم الايسر ومره اخرى اغسل القدمين

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أولا : غسل المحيض كالغسل من الجنابة :
عَنْ عَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ قَالاَ : ( الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَاحِدٌ)( رواه ابن أبي شيبة في المصنف (1/74) رقم الأثر (804) ، والدارمي في سننه رقم (1147) . وسنده صحيح .).
وقال الإمام مالك : ( اغتسال المرأة من الحيض كاغتسالها من الجنابة )( ينظر : التمهيد (22/98)).
وقال الإمام الشافعي الأم (1/40) .: ( وغسلها من الحيض كغسلها من الجنابة لا يختلفان ) .
قال الإمام ابن قدامةالمغني (1/302): ( وغسل الحيض كغسل الجنابة ) .
ثانيا : صفة غسل الحيض :
أن تنوي المرأة التي ستغتسل من الحيض في قلبها أنها تغتسل لأجل الطهارة من الحيض ، ثم تغسل دم الحيض الذي على بدنها ، ثم تغسل يدها ، ثم تقول : بسم الله . ثم تتوضأ كما تتوضأ للصلاة ، ثم تغسل شق رأسها الأيمن مع شق بدنها الأيمن ، ثم شق رأسها الأيسر مع شق بدنها الأيسر ، أو تغسل رأسها كلّه ، ثم تغسل شق بدنها الأيمن ، ثم شق بدنها الأيسر ، ويجب أن تروي بشرة رأسها بالماء فيسن في غسل الرأس أن تخلل شعرها بالماء ، ولا يجب نقض شعر رأسها ولاضفيرتها ولكن إن نقضته وغسلته فهو حسن ، ويستحب أن تغسل بدنها بالماء والسدر أو ما يقوم مقامه من الصابون ونحوه ، ثم تعمم الماء حتى يغلب على ظنها أن الماء قد أصاب جميع بدنها ، ثم يستحب لها بعد الفراغ من الغسل أن تأخذ قطعة من القطن ونحوها وتضع فيها شيئاً من المسك أونحوه من الطيب وتتبع بها أثر الدم .
ثالثا: صفة غسل الجنابة :
أن ينوي المغتسل في قلبه أنه يغتسل لأجل رفع الحدث أو استباحة ما تشترط له الطهارة من صلاة ونحوها ، ثم يغسل اليدين في ابتداء الغسل قبل غسل الفرج وقبل الوضوء ، ويسن غسلهما ثلاثاً ، ثم بعد غسل يديه يغسل فرجه ويزيل ما أصابه من الأذى ، ثم يغسل يديه بالصابون ونحوه ، ثم يقول : بسم الله . ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ، فهو مخير بين تقديم غسل رجليه مع الوضوء وبين تأخيرها بعد الغسل ، وإن كان الأولى فيما يظهر –والله أعلم- هو تقديم غسل الرجلين مع الوضوء حتى يكون وضوءا كاملا لكن لو أخر فلا يضره ذلك ، ثم يغسل شق رأسه الأيمن مع شق بدنه الأيمن ، ثم شق رأسه الأيسر مع شق بدنه الأيسر ، أو يغسل رأسه كلّه ، ثم يغسل شق بدنه الأيمن ، ثم شق بدنه الأيسر ، ويجب أن يروي بشرة رأسه بالماء ، فيسن في غسل الرأس أن يخلل شعره بالماء ، ولا يجب نقض شعر الرأس ولا الضفيرة للمرأة ولكن إن نقضته وغسلته فهو حسن ، ثم يعمم الماء حتى يغلب على ظنه أن الماء قد أصاب جميع بدنه .
والله أعلم

الفرق بين الأصل والظاهر

2151
السائل: السلام عليكم ورحمة الله أود طلب المساعدة في موضوع:الفرق بين الأصل والظاهر ، والأصل والمتصحب وأجزل الله لكم المثوبة.

الشيخ:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

الفرق بين الأصل والظاهر ، أن الأصل عند الأصوليين يطلق على عدة معان :

أولاً : الدليل : كقولهم : الأصل في وجوب الحج قوله تعالى : ﴿وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [سورة آل عمران:97] . يعني الدليل ، وكقولهم : الأصل في المسح على الخفين السنة ، فيراد بالأصل هنا الدليل من الكتاب أو السنة أو غيرهما .

ثانياً : الرجحان : كقولهم : الأصل في الكلام الظاهر دون التأويل ، والأصل براءة الذمة يعني الراجح .

ثالثاً : القاعدة الكلية المستمرة : كقولهم : إباحة أكل الميتة للمضطر على خلاف الأصل ، يعني على خلاف القاعدة المستمرة وهي عدم أكلها .

رابعاً : المقيس عليه : وهو ما يقابل الفرع في باب القياس فإن أركان القياس كما سيأتي أصل (وهو المقيس عليه) ، وفرع ، وعلة ، وحكم .

          إلا أن الإمام الزركشي –رحمه الله تعالى- قال في البحر المحيط (1/26) : ( وفيه نظر ، لأن الصورة المقيس عليها ليست معنى زائداً ، لأن أصل القياس اختلف فيه هل هو محل الحكم أو دليله أو حكمه؟ 

وأياً ما كان  فليس معنى زائداً ، لأنه إن كان أصل القياس دليله فهو المعنى السابق ، وإن كان محله أو حكمه فهما يسميان أيضاً دليلاً مجازاً ، فلم يخرج الأصل عن معنى الدليل ) .

          وعلى هذا فإن إطلاق الأصل على المقيس عليه فيه نظر حيث إنه لا فرق بينه وبين الإطلاق   الأول .

أما الظاهر : هو ما احتمل معنيين فأكثر هو في أحدهما أرجح من الآخر .

وأما الاستصحاب : استدامة إثبات ما كان ثابتاً أو نفي ما كان منفياً حتى يقوم دليل على تغير الحالة . 

اعلم أن الاستصحاب ثلاثة أنواع :

النوع الأول : استصحاب العدم الأصلي حتى يرد دليل ناقل عنه . يسميه بعضهم : عدم الدليل دليل على البراءة .

فإن العقل يدل على براءة ذمة المكلف حتى يقوم الدليل على تكليفه به ، كعدم وجوب صيام – شوال – مثلاً – لأن الأصل براءة الذمة منه ، فيستصحب الحال في ذلك .

وهذا النوع هو الذي ينصرف إليه اسم الاستصحاب ، هو المعروف بالبراءة الأصلية والإباحة العقلية .

وذهب أكثر العلماء إلى حجية هذا النوع ، بل نقل بعضهم الإجماع على ذلك

النوع الثاني : استصحاب دليل الشرع ، بمعنى استصحاب ما دلّ الشرع على ثبوته واستمراره .

مثل : استصحاب النص حتى يرد الناسخ ، واستصحاب العموم حتى يرد المخصص ، ودوام الملك حتى يثبت انتقاله ، ونحوها .

وهذا النوع حجة معمول به ، وقد نقل غير واحد الإجماع على ذلك . واختلفوا في تسمية هذا النوع بالاستصحاب ، فذهب جمهور الأصوليين إلى إثباته وأنه يسمى به ، ومنعه بعضهم .

النوع الثالث : استصحاب حكم الإجماع في محل النزاع . 

مثاله : انعقد الإجماع على صحة صلاة المتيمم الفاقد للماء ، فإذا وجد الماء قبل الدخول في الصلاة بطل تيممه ، ولا تصح صلاته .

لكن إذا تيمم ثم دخل في الصلاة ، وهو في الصلاة وجد الماء ، فهل تصح صلاته استصحاباً للأصل على صحة صلاة المتيمم الفاقد للماء بالإجماع قبل الصلاة فيستصحب هذا الأصل أثناء الصلاة ، أو لا تصح الصلاة لتغير الحال الذي كان عليه وهو فقد الماء قبل الدخول في الصلاة إلى وجوده أثنائها ؟

اختلف العلماء في هذا النوع فذهب الجمهور إلى أنه ليس بحجة وهو الراجح ، لأن الإجماع أنما دلّ على الدوام في الصلاة حال عدم وجود الماء ، أما مع وجوده فلا إجماع حتى يقال بالاستصحاب ، بمعنى أن الإجماع كان قائماً حالة فقد الماء على صحة الصلاة بالتيمم ، لكن بشرط ألا تتغير حالة فقدان الماء بحالة وجوده ، فإن الحالة التي أجمعوا عليها تخالف الحالة الأخرى ، فالحالة الأولى عدم وجود الماء ، والثانية وجوده فلا يصح استصحاب الإجماع لأن الحال مختلفة كلياً .

فأنت تلاحظ أن الظاهر قد يدخل في النوع الثاني من أنواع الأصل وهو الرجحان ، والاستصحاب قد يدخل في النوع الثالث من أنواع الأصل وهو القاعدة المستمرة .

التعارض بين الأصل والظاهر:

اعلم أن المقصود بالأصل هنا القاعدة المستمرة ، والظاهر هو ما غلب على الظن ، وهو الذي تقدم تعريفه ، فقد يتعارض عند المجتهد الأصل مع الظاهر ، فالفقهاء في هذا التعارض أحيانا يقدمون الظاهر وأحيانا يقدمون الأصل ، قال ابن رجب في القواعد ص(338) : (إذَا تَعَارَضَ الْأَصْلُ وَالظَّاهِرُ فَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ حُجَّةً يَجِبُ قَبُولُهَا شَرْعًا كَالشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ وَالْإِخْبَارِ فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَصْلِ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بَلْ كَانَ مُسْتَنِدُهُ الْعُرْفُ أَوْ الْعَادَةُ الْغَالِبَةُ أَوْ الْقَرَائِنُ أَوْ غَلَبَةُ الظَّنِّ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَتَارَةً يُعْمَلُ بِالْأَصْلِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى الظَّاهِرِ، وَتَارَةً يُعْمَلُ بِالظَّاهِرِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى الْأَصْلِ، وَتَارَةً يُخَرَّجُ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ.

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ : مَا تُرِكَ الْعَمَلُ فِيهِ بِالْأَصْلِ لِلْحُجَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَهِيَ قَوْلُ مَنْ يَجِبُ الْعَمَلُ بِقَوْلِهِ، وَلَهُ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا:

مِنْهَا: شَهَادَةُ عَدْلَيْنِ بِشَغْلِ ذِمَّةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
وَمِنْهَا: شَهَادَةُ عَدْلَيْنِ بِبَرَاءَةِ ذِمَّةِ مَنْ عُلِمَ اشْتِغَالُ ذِمَّتِهِ بِدَيْنٍ وَنَحْوِهِ.
وَمِنْهَا: إخْبَارُ الثِّقَةِ الْعَدْلِ بِأَنَّ كَلْبًا وَلَغَ فِي هَذِهِ الْإِنَاءِ.

وَمِنْهَا: إخْبَارُهُ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ.

....

الْقِسْمُ الثَّانِي: مَا عُمِلَ بِالأَصْلِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى الْقَرَائِنِ الظَّاهِرَةِ وَنَحْوِهَا، وَلَهُ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ:

... وَمنها: إذَا تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ أَوْ النَّجَاسَةَ فِي مَاءٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ بَدَنٍ وَشَكَّ فِي زَوَالِهَا فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الأَصْلِ إلَى أَنْ يَتَيَقَّنَ زَوَالَهُ، وَلاَ يَكْتَفِي فِي ذَلِكَ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ وَلاَ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَيَقَّنَ حَدَثًا أَوْ نَجَاسَةً وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ زَوَالُهَا فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الأَصْلِ، وَكَذَلِكَ فِي النِّكَاحِ وَالطَّلاَقِ وَغَيْرِهِمَا.
وَمنها: إذَا شَكَّ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ فِي رَمَضَانَ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الأَكْلُ حَتَّى يَتَيَقَّنَ طُلُوعَهُ نَصَّ عَلَيْهِ، أَحْمَدُ، وَلاَ عِبْرَةَ فِي ذَلِكَ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ وَبِالْقَرَائِنِ وَنَحْوِهَا مَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَنِدًا إلَى إخْبَارِ ثِقَةٍ بِالطَّلْعِ.
...
الْقِسْمُ الثَّالِثُ: مَا عُمِلَ فِيهِ بِالظَّاهِرِ وَلَمْ يُلْتَفَتْ إلَى الأَصْلِ وَلَهُ صُوَرٌ:
منها: إذَا شَكَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلاَةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ فِي تَرْكِ رُكْنٍ منها فَإِنَّهُ لاَ يَلْتَفِتُ إلَى الشَّكِّ، وَإِنْ كَانَ الأَصْلُ عَدَمَ الإِتْيَانِ بِهِ وَعَدَمَ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ لَكِنَّ الظَّاهِرَ مِنْ أَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ لِلْعِبَادَاتِ أَنْ تَقَعَ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ فَيَرْجِعُ هَذَا الظَّاهِرُ عَلَى الأَصْلِ، وَلاَ فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَغَيْرِهِ عَلَى الْمَنْصُوصِ عَنْ أَحْمَدَ، وَفِي الْوُضُوءِ وَجْهٌ أَنَّ الشَّكَّ فِي تَرْكِ بَعْضِهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ كَالشَّكِّ فِي ذَلِكَ قَبْلَ الْفَرَاغِ؛ لاِنَّ حُكْمَهُ بَاقٍ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ، بِخِلاَفِ الصَّلاَةِ وَغَيْرِهَا.
وَمنها: لَوْ صَلَّى ثُمَّ رَأَى عَلَيْهِ نَجَاسَةً وَشَكَّ هَلْ لَحِقَتْهُ قَبْلَ الصَّلاَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَأَمْكَنَ الأَمْرَانِ فَالصَّلاَةُ صَحِيحَةٌ، وَإِنْ كَانَ الأَصْلُ عَدَمَ انْعِقَادِ الصَّلاَةِ وَبَقَاؤُهَا فِي الذِّمَّةِ حَتَّى يَتَيَقَّنَ صِحَّتَهَا، لَكِنْ حُكِمَ بِالصِّحَّةِ؛ لاِنَّ الظَّاهِرَ صِحَّةُ أَعْمَالِ الْمُكَلَّفِ وَجَرَيَانُهَا عَلَى الْكَمَالِ وَعَضَّدَ ذَلِكَ أَنَّ الأَصْلَ عَدَمُ مُقَارَنَةِ الصَّلاَةِ لِلنَّجَاسَةِ، وَتُرْجَعُ الْمَسْأَلَةُ حِينَئِذٍ إلَى تَعَارُضِ أَصْلَيْنِ رُجِّحَ أَحَدُهُمَا بِظَاهِرٍ عَضَّدَهُ ...) انتهى كلام ابن رجب وقد ذكر أمثلة كثيرة تحت هذه الأقسام .