هل المرأة تعتبر مستحاضة باليوم التاسع أو العاشر؟

1427
السائل: هل المرأة تعتبر مستحاضة باليوم التاسع أو العاشر؟
العادة منتظمة و هي تستمر من 8 إلى 10 أيام شهريا و لا ادري إذا كانت استحاضة أم حيض

الشيخ: الحمد لله وحده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وبعد :
هذه المرأة تعرف عند الفقهاء بالمعتاده وهي التي تعرف شهرها ووقت حيضها ووقت طهرها .
وهذه المعتادة التي يأتيها الحيض ويستمر معها مدة معينة من الزمن هو حيض ولا إشكال فيه ، ولكن لو استمر بها الدم ولم ينقطع كما في السؤال ، فهذه لها حالتان :
الحال الأولى : معتادة مميزة : وهي التي كان يأتيها دم الحيض في أيام معلومات من كلِّ شهر ، 8 أيام كما في السؤال ولكنه استمر بها إلى اليوم العاشر ، وتستطيع أن تميز بين دم الحيض بأوصافه المعروفه عند النساء فإنه دم أسود له رائحة نتنه وبين دم الاستحاضة الذي ليس له تلك الأوصاف .
فالراجح أنه إذا زاد الدم عن عادتها فإنها تجلس مقدار عادتها ثمانية أيام وما زاد عليه فهو دم استحاضة ، فتغتسل في اليوم الثامن وتصلي وتصوم وهو مذهب الحنفية ، والحنابلة ، ووجه عند الشافعية .
أما لو استمر بها الدم بنفس أوصافه المعروفة أعني أوصاف دم الحيض فإنها تنتظر لأن الدم النازل بها يكون دم حيض فلا يجوز العدول عنه ، وذلك أن عادة المرأة قد تزيد أياماً وقد تنقص في شهر دون آخر ، فلا يجوز أن تحكم بعد اليوم الثامن مباشرة بأنه دم استحاضة ، بل تتأكد من وصف الدم.
الدليل الأول : عَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنها – (( أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ : إِنِّي أُسْتَحَاضُ فَلاَ أَطْهُرُ ، أَفَأَدَعُ الصَّلاَةَ فَقَالَ : لاَ ، إِنَّ ذَلِكِ عِرْقٌ ، وَلَكِنْ دَعِي الصَّلاَةَ قَدْرَ الأَيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا ، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي ))(رواه البخاري )
وجه الدلالة : أن النبي صلى الله عليه وسلم رد فاطمة – رضي الله عنها- وقد استمر بها الدم إلى عادتها .
الدليل الثاني : عَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنها – قَالَتْ : (( إِنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ سَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الدَّمِ ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ : رَأَيْتُ مِرْكَنَهَا مَلآنَ دَمًا ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : امْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّى))(رواه مسلم )
الحال الثانية : معتادة غير المميزة : وهي التي كان يأتيها دم الحيض في أيام معلومات من كل شهر ، ثمانية أيام ولكنه استمر بها إلى عشرة أيام، ولا تستطيع أن تميز بين دم الحيض وبين دم الاستحاضة.
والراجح أنه إذا زاد الدم عن عادتها فإنها تجلس مقدار عادتها وما زاد عليه فهو دم استحاضة ، وهو مذهب جمهور العلماء من الحنفية ، والحنابلة ، ووجه عند الشافعية .
والأدلة هي نفس الأدلة السابقة .
والله أعلم .
ينظر : البناية (1/665) ، وشرح فتح القدير (1/177) ، والبحر الرائق (1/224) ، بدائع الصنائع (1/41) وكشاف القناع (1/208) ، المبدع (1/277) ، الإقناع (1/66) والبيان (1/365) ،الحاوي الكبير (1/404) ، روضة الطالبين (1/150).

ما حكم جمع الناس تطوعا في غير رمضان؟

1426
السائل: ما حكم جمع الناس تطوعا في غير رمضان؟

الشيخ: الحمد لله وحده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وبعد :
جمع الناس لقيام الليل والتداعي له في غير رمضان بدعة لا يجوز مخالف لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا أحرص الناس على كل خير ، ومع ذلك لم يكونوا يتواعدون للاجتماع على قيام الليل ، ولو كان خيرا لفعلوه .
أما لو كان الرجل مع أصحابه أو الرجل مع زوجته في الليل وأرادوا أن يصلوا قيام الليل جماعة من غير اتفاق مسبق فلا مانع من ذلك لما ثبت عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ : ((بِتُّ فِى بَيْتِ خَالَتِى مَيْمُونَةَ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعِشَاءَ ، ثُمَّ جَاءَ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ نَامَ ، ثُمَّ قَامَ فَجِئْتُ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ ، فَجَعَلَنِى عَنْ يَمِينِهِ ، فَصَلَّى خَمْسَ رَكَعَاتٍ ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ نَامَ حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ أَوْ قَالَ خَطِيطَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ)) رواه البخاري ومسلم .
فهذا الفعل منه صلى الله عليه وسلم مع ابن عباس رضي الله عنهما جاء عارضا كما ترى من غير اتفاق ثم إن هدي النبي صلى الله عليه وسلم الدائم وهدي أصحابه قيام الليل فرادى وكانوا يستطيعون أن يصلوا جماعة لو كان خيرا .
والله أعلم

هل يستحب صيام ستة أيام من شوال وهل استحباب صيامها مشروط بمن صام رمضان كاملا أو لا ؟

1415
السائل: هل يستحب صيام ستة أيام من شوال وهل استحباب صيامها مشروط بمن صام رمضان كاملا أو لا ؟

الشيخ: يستحب صيام ستة أيام من شوال ، وهو مذهب متأخري الحنفية ، وهو مذهب المالكية (إلا أنهم كرهوا صومها لمقتدَى به ، ولمن خيف عليه اعتقاد وجوبها ، إن صامها متصلة برمضان متتابعة وأظهرها ، أو كان يعتقد سنية اتصالها ، فإن انتفت هذه القيود استحب صيامها ) ، والشافعية ، والحنابلة.
ودليل هذا :
الدليل الأول : عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ ))( رواه مسلم رقم الحديث (1984)) .
قال الإمام النووي في شرح مسلم (5/56) : (فيه دلالة صريحة لمذهب الشافعي وأحمد وداود وموافقيهم في استحباب صوم هذه الستة ، وقال مالك وأبو حنيفة : يكره ذلك . قال مالك في الموطأ : ما رأيت أحدا من أهل العلم يصومها . قالوا : فيكره لئلا يظن وجوبه . ودليل الشافعي وموافقيه هذا الحديث الصحيح الصريح ، وإذا ثبتت السنة لا تترك لترك بعض الناس أو أكثرهم أو كلّهم لها ، وقولهم : قد يظن وجوبها ، ينتقض بصوم عرفة وعاشوراء وغيرهما من الصوم المندوب) .
قال أبو عبد الله محمد بن يوسف المواق في التاج والإكليل مع مواهب الجليل (3/329) : (إنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ صِيَامَ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ لِذِي الْجَهْلِ لَا مَنْ رَغِبَ فِي صِيَامِهَا لِمَا جَاءَ فِيهَا مِنْ الْفَضْلِ .
قال الْمَازِرِيُّ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ : لَعَلَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَبْلُغْ مَالِكًا وَمَالَ اللَّخْمِيِّ لِاسْتِحْبَابِ صَوْمِهَا ) .
قال ابن عبد البر في الاستذكار (3/380) : (لم يبلغ مالكا حديث أبي أيوب على أنه حديث مدني والإحاطة بعلم الخاصة لا سبيل إليه ، والذي كرهه له مالك أمر قد بينه وأوضحه وذلك خشية أن يضاف إلى فرض رمضان وأن يستبين ذلك إلى العامة ، وكان رحمه الله متحفظا كثير الاحتياط للدين ، وأما صيام الستة الأيام من شوال على طلب الفضل وعلى التأويل الذي جاء به ثوبان رضي الله عنه فإن مالكا لا يكره ذلك إن شاء الله ) .
الدليل الثاني : عَنْ ثَوْبَانَ –رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ فَشَهْرٌ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ ، وَصِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ فَذَلِكَ تَمَامُ صِيَامِ السَّنَةِ ))( رواه الإمام أحمد في المسند رقم الحديث (22412) ، الدارمي (1755) ، وابن ماجه (1715) ، والنسائي في الكبرى (2860) و (2861) ، وابن خزيمة (2115) ، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2348) و (2349) ، وابن حبان (3635) ، والطبراني في الكبير (1451) ، والبيهقي (4/293) . وهو حديث صحيح . ينظر : إرواء الغليل (4/107) )
أما شق السؤال الثاني فإن جوابه هو أنه لا يستحب صيامها إلا لمن صام رمضان كاملا ، وهو مذهب الحنابلة ، وذلك لحديث أبي أيوب –رضي الله عنه- فأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ)) يعني كاملا –والله أعلم- ، لأنه لا يقال لمن صام بعضه أنه صام رمضان بل يقيد بأنه صام بعض رمضان أو أغلبه ، ثم قال : ((ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ)) فالحديث دلّ بظاهره على أن صيام ستّ من شوال يكون بعد صيام رمضان كاملا ، فمن صام بعض رمضان وصام ستا من شوال لم يصدق عليه الحديث ، ومن صام رمضان كاملا وصام شيئا من الستة من شوال لم يصدق عليه الحديث ، ومن صام بعض رمضان وشيئا من الستة من شوال لم يصدق عليه الحديث ، فلا بد أن يصوم رمضان كاملا وكذلك ستاً من شوال ، يؤيده حديث ثَوْبَانَ –رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ فَشَهْرٌ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ ، وَصِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ فَذَلِكَ تَمَامُ صِيَامِ السَّنَةِ)) ، فإنه صريح في أن فضل صيام ستة من شوال لا يتحقق إلا بصيام رمضان كلّه لأن الشهر بعشرة أشهر ، فلو أنقص شيئا من رمضان لم يتحقق فيه أنه حصل على فضل عشرة أشهر ، وعليه لم يحصل على فضل صيام الدهر حتى لو صام ستا من شوال .
والله أعلم .
ينظر : حاشية ابن عابدين (2/125) ، وبدائع الصنائع (2/78) ، والفتاوى الهندية (1/201) وحاشية الدسوقي (1/517) ، والخرشي على خليل (2/243) ، ومواهب الجليل (3/329) ، والموسوعة الفقهية (28/92) والبيان (3/548) ، والمجموع (6/426) ، ومغني المحتاج (1/447) وكشاف القناع (2/337) ، والإنصاف (3/309) ، والمغني (4/438).

تقبيل الزوجة في رمضان ؟

1410
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. يا شيخ
ما حكم خروج المذي في رمضان بسبب تقبيل الزوجه هل يعتبر الشخص فاطرا
وشكرا وجزاكم الله خيرا

الشيخ: يباح للصائم تقبيل زوجته إذا كان يملك نفسه أن لا يقع في الجماع ، وهو مذهب جمهور الفقهاء ، وتركها أولى ، ودليل الجواز :
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : (( كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ ، وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ ، وَلَكِنَّهُ أَمْلَكُكُمْ لإِرْبِهِ))(رواه البخاري رقم الحديث (1826) ، ومسلم رقم الحديث (2632) واللفظ له ) .
الدليل الثاني : عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ –رضي الله عنه- قَالَ : ((هَشَشْتُ يَوْما فَقَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ : صَنَعْتُ الْيَوْمَ أَمْراً عَظِيماً ، قَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ بِمَاءٍ وَأَنْتَ صَائِمٌ . قُلْتُ : لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ . فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : فَفِيمَ ))(رواه أبو داود رقم الحديث (2387) ، وأحمد في المسند رقم الحديث (140) واللفظ له . قال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (7/147) : (إسناده جيد على شرط مسلم ، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وعبد الحق والذهبي) ).
فتقبيل الصائم لزوجته جائز وتركه أولى حتى لا يجره إلى ما هو أعظم ثم بعد ذلك يندم .
وخروج المذي مع هذه القبلة لا يبطل الصيام لكن عليه أن يغسل ذكره وخصيتيه والمواطن التي أصابها المذي ويتوضأ إذا أراد الصلاة .
والله أعلم
ينظر : الموسوعة الفقهية (13/131و135) ، والمغني (4/360)

هل تشرع التهنئة بالعيد ؟

1409
السائل: هل تشرع التهنئة بالعيد ؟

الشيخ:

تشرع التهنئة بالعيد وهو مذهب جمهور العلماء ، ويشرع أن يقول : تقبل الله منا ومنك ، فقد ثبت ذلك عن الصحابة –رضوان الله عليهم – فعن جبير بن نفير قال : ((كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض : تقبل الله منا ومنك ))( حسنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري (2/446) ، وصححه الشيخ الألباني في تمام المنة ص (355))
والله أعلم
ينظر : رد المحتار على الدر المختار (1/557) ، والفواكه الدواني (1/322) ، ونهاية المحتاج (2/391) ، ومغني المحتاج (1/316) ، والمغني (3/294) ، وكشاف القناع (2/60) .

هل من السنة رفع اليدين مع تكبيرات العيد ؟

1392
السائل: هل من السنة رفع اليدين مع تكبيرات العيد ؟

الشيخ: اختلف العلماء-رحمهم الله تعالى- في رفع اليدين في التكبيرات الزائدة ، والراجح أنه لا يرفع يديه مع هذه التكبيرات الزوائد ، (وهو مذهب أبي يوسف من الحنفية ، ومالك ، والثوري ، وابن أبي ليلى) .
ورجحت هذا المذهب لأنه لم يثبت في حديث صحيح أو حسن أو عن صحابي رفع اليدين مع هذه التكبيرات ، ورفع اليدين عمل زائد في الصلاة لا يشرع إلا بدليل .
قال المباركفوري في مرعاة المفاتيح (5/54) : ( والحقّ أنه ليس في رفع اليدين مع تكبيرات العيدين حديث صريح مرفوع لا قوي ولا ضعيف ، وأقوى ما استدل به القائلون بالرفع إنما هو عموم بعض الأحاديث وإطلاقه والأولى عندي ترك الرفع لعدم ورود نص صريح في ذلك ، ولعدم ثبوته صريحاً بحديث مرفوع صحيح) .
ولا يصح الاستدلال بما جاء عَنْ بَكْرِ بْنِ سُوَادَةَ : ((أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ فِي الْجَنَازَةِ وَالْعِيدَيْنِ))(رواه البيهقي في الكبرى (3/293) رقم الأثر (6410) ).
لأنه أثر ضعيف ، قال البيهقي في السنن الكبرى (3/293) : (وَهَذَا مُنْقَطِعٌ ) .
وقال ابن الملقن في البدر المنير (5/112) : (وَهَذَا الْأَثر رَوَاهُ (الْبَيْهَقِيّ) فِي «سنَنه» من حَدِيث أبي زَكَرِيَّا فِي الْجِنَازَة وَالْعِيدَيْنِ ، ثمَّ قَالَ : هُوَ مُنْقَطع . قلت : وَضَعِيف لأجل ابْن لَهِيعَة ) .
وضعفه الشيخ الألباني في إرواء الغليل رقم (640) .
والله أعلم .
ينظر : الأوسط لابن المنذر (4/282) ، والمجموع (5/26) ، والمغني (3/272) .

هل هناك صلاة قبل صلاة العيد أو بعدها ؟

1391
السائل: هل هناك صلاة قبل صلاة العيد أو بعدها ؟

الشيخ: لا يشرع التنفل قبل صلاة العيد ولا بعدها ، وهو مذهب جمهور العلماء ، ( )ينظر : المغني (3/280) .
فليس هناك سنة قبلية أو بعدية للعيد ، وذلك للأدلة الآتية :
الدليل الأول : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما- : (( أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْمَ الْفِطْرِ ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلاَ بَعْدَهَا وَمَعَهُ بِلاَلٌ))(رواه البخاري رقم الحديث (945) ، ومسلم رقم الحديث (2094) ).
الدليل الثاني : عَنْ نَافِعٍ : ((أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَا بَعْدَهَا))( رواه مالك في الموطأ (1/181) رقم (435) . بسند صحيح ) .
الدليل الثالث : عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ : ((الصَّلَاةُ قَبْلَ الْعِيدِ ، لَيْسَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ صَلَاةٌ ))( أخرجه ابن المنذر في الأوسط (4/266) رقم (2137) . بسند حسن) .
الدليل الرابع : عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ : ((أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةَ كَانَا يَنْهَيَانِ النَّاسَ يَوْمَ الْعِيدِ عَنِ الصَّلَاةِ قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ))( أخرجه ابن المنذر في الأوسط (4/266) رقم (2135) . بسند حسن . والطبراني في الكبير (9/305) رقم (9525) ).
الدليل الخامس : عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَهْدَمٍ : (( أَنَّ عَلِيًّا اسْتَخْلَفَ أَبَا مَسْعُودٍ عَلَى النَّاسِ فَخَرَجَ يَوْمَ عِيدٍ فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ السُّنَّةِ أَنْ يُصَلَّى قَبْلَ الْإِمَامِ ))( رواه النسائي رقم الحديث (1543) . وصححه الشيخ الألباني في صحيح النسائي رقم الحديث (1561) ) .
تنبيه : إذا كانت صلاة العيد في المسجد :
إذا كانت صلاة العيد في المسجد فإنه إذا دخل المسجد قبل الصلاة فلا يجلس حتى يصلى ركعتي تحية المسجد ، لحديث أَبَي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الأَنْصَارِيَّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : ((إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلاَ يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّىَ رَكْعَتَيْنِ ))( رواه البخاري رقم الحديث (1110) ) .
تنبيه آخر : يشرع له إذا رجع إلى بيته بعد صلاة العيد أن يصلي ركعتين :
سبق أنه لا تشرع الصلاة قبل العيد ولا بعدها لأنه ليس هناك سنة قبلية أو بعديه ، ولكن إذا رجع إلى بيته بعد صلاة العيد يشرع له أن يصلي ركعتين لما ثبت عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ –رضي الله عنه- قَالَ : ((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاَ يُصَلِّي قَبْلَ الْعِيدِ شَيْئًا ، فَإِذَا رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ))( رواه ابن ماجه رقم الحديث (1283) ، والحاكم في المستدرك رقم الحديث (1102) . وحسنه الحافظ ابن حجر في الفتح (2/476) ، والألباني في إرواء الغليل (3/100) ) .
قال الحاكم في المستدرك (1/437) : (هذه سنة عزيزة بإسناد صحيح) .
والله أعلم .

هل السنة في صلاة العيد أن تكون في المصلى أو المسجد؟

1386
السائل: هل السنة في صلاة العيد أن تكون في المصلى أو المسجد؟

الشيخ: السنة في صلاة العيد أن تكون في المصلى سواء أكان مسجد البلد واسعاً أو لا إلا أهل مكة فإن الأفضل أن تصلى في المسجد الحرام ، وهو مذهب الحنفية ، والمالكية ، والشافعية في وجه ، والحنابلة .
قال البغوي في شرح السنة (4/294) : (السنة أن يخرج إلى المصلى لصلاة العيد ، إلا من عذر ، فيصلي في المسجد ) .
ودليل ذلك ما يأتي :
الدليل الأول : عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ –رضي الله عنها- قَالَتْ : ((أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الْحُيَّضَ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ ، فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَدَعْوَتَهُمْ ، وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ عَنْ مُصَلاَّهُنَّ . قَالَتِ امْرَأَةٌ : يَا رَسُولَ اللهِ إِحْدَانَا لَيْسَ لَهَا جِلْبَابٌ ؟ قَالَ : لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا))( رواه البخاري رقم الحديث (344) ، ومسلم رقم الحديث (1473) ولفظه عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ –رضي الله عنها- قَالَتْ : ((أَمَرَنَا تَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُخْرِجَ فِي الْعِيدَيْنِ )).).
الدليل الثاني : عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ –رضي الله عنه- قَالَ : ((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالأَضْحَى إِلَى الْمُصَلَّى ، فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلاَةُ ثُمَّ يَنْصَرِفُ ))( رواه البخاري رقم الحديث (913) ) .
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (2/450) : (وفيه الخروج إلى المصلى في العيد ، وأن صلاتها في المسجد لا تكون إلا عن ضرورة واستدل به على استحباب الخروج إلى الصحراء لصلاة العيد ، وأن ذلك أفضل من صلاتها في المسجد لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك مع فضل مسجده) .
الدليل الثالث : عَنْ ابْنِ عُمَرَ –رضي الله عنهما- : ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ أَمَرَ بِالْحَرْبَةِ فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ ، فَمِنْ ثَمَّ اتَّخَذَهَا الْأُمَرَاءُ))( رواه البخاري رقم الحديث (472) ، ومسلم في الصلاة /باب سُتْرَةِ الْمُصَلِّي رقم الحديث (1143) ).
وأدلة ذلك كثيرة ، قال ابن قدامة في المغني (3/260) : (السنة أن يصلي العيد في المصلى ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى المصلى ويدع مسجده ، وكذلك الخلفاء بعده ، ولا يترك النبي صلى الله عليه وسلم الأفضل مع قربه ، ويتكلف فعل الناقص مع بعده ، ولا يشرع لأمته ترك الفضائل ، ولأننا قد أمرنا بإتباع النبي صلى الله عليه وسلم والاقتداء به ، ولا يجوز أن يكون المأمور به هو الناقص ، والمنهي عنه هو الكامل ، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى العيد بمسجده إلا من عذر ، ولأن هذا إجماع المسلمين ، فإن الناس في كلّ عصر ومصر يخرجون إلى المصلى ، فيصلون العيد في المصلى ، مع سعة المسجد وضيقه ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في المصلى مع شرف مسجده ) .
والله أعلم
ينظر : فتح القدير (3/249) ، والبحر الرائق (5/209) ، وبدائع الصنائع (3/106) والتاج والإكليل (2/294) ، والفواكه الدواني (2/648) ، شرح الخرشي (5/303) والمجموع (5/8) والمغني (3/260).

ما هو حكم صلاة العيدين ؟

1385
السائل: ما هو حكم صلاة العيدين ؟

الشيخ: اختلف العلماء –رحمهم الله تعالى- في حكم صلاة العيدين ، والراجح أنها واجبة على الأعيان ، وهو الصحيح المفتى به عند الحنفية ، وهو رواية عن الإمام أحمد ، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية ، وابن حزم ، والشوكاني ، والصنعاني ، وصديق حسن خان.
ورجحت هذا المذهب للأدلة الآتية :
الدليل الأول : عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ –رضي الله عنها- قَالَتْ : ((أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الْحُيَّضَ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ ، فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَدَعْوَتَهُمْ ، وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ عَنْ مُصَلاَّهُنَّ . قَالَتِ امْرَأَةٌ : يَا رَسُولَ اللهِ إِحْدَانَا لَيْسَ لَهَا جِلْبَابٌ ؟ قَالَ : لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا))( رواه البخاري رقم الحديث رقم الحديث (344) ، ومسلم رقم الحديث (1473) ولفظه عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ –رضي الله عنها- قَالَتْ : ((أَمَرَنَا تَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُخْرِجَ فِي الْعِيدَيْنِ ))).
وجه الاستدلال : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء أن يخرجن لصلاة العيد ، فالرجال من باب أولى ، والأصل في الأمر أنه للوجوب ، إلا لقرينة ولا قرينة هنا تصرف هذا الأمر إلى غيره .
قال صديق حسن خان في الروضة الندية (1/357) : (فالأمر بالخروج يقتضي الأمر بالصلاة لمن لا عذر لها بفحوى الخطاب , والرجال أولى من النساء بذلك لأن الخروج وسيلة إليها ، ووجوب الوسيلة يستلزم وجوب المتوسل إليه ) .
الدليل الثاني : عَنْ حَفْصَةَ –رضي الله غنها- قَالَتْ : ((كُنَّا نَمْنَعُ عَوَاتِقَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ فِي الْعِيدَيْنِ ، فَقَدِمَتِ امْرَأَةٌ فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِي خَلَفٍ ، فَحَدَّثَتْ عَنْ أُخْتِهَا ، وَكَانَ زَوْجُ أُخْتِهَا غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثِنْتَيْ عَشَرَةَ ، وَكَانَتْ أُخْتِي مَعَهُ فِي سِتٍّ . قَالَتْ : كُنَّا نُدَاوِي الْكَلْمَى ، وَنَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى ، فَسَأَلَتْ أُخْتِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم : أَعَلَى إِحْدَانَا بَأْسٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ أَنْ لاَ تَخْرُجَ ؟ قَالَ : لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا ، وَلْتَشْهَدِ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ . فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ سَأَلْتُهَا : أَسَمِعْتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ؟ قَالَتْ : بِأَبِي نَعَمْ وَكَانَتْ لاَ تَذْكُرُهُ إِلاَّ قَالَتْ : بِأَبِي سَمِعْتُهُ يَقُولُ : يَخْرُجُ الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ ، أَوِ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ وَالْحُيَّضُ ، وَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى . قَالَتْ حَفْصَةُ : فَقُلْتُ : الْحُيَّضُ ؟! فَقَالَتْ : أَلَيْسَ تَشْهَدُ عَرَفَةَ وَكَذَا وَكَذَا ))(رواه البخاري رقم الحديث رقم الحديث (318) ) .
وجه الاستدلال : أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء بالخروج لصلاة العيد ، بل أمر الحيض أن يخرجن ليشهدن الخير ، بل لم يأذن للتي ليس عندها جلباب بعدم الحضور ، وأمرها أن تبحث عن جلباب عند أختها ، فالرجل الذي ليس كذلك من باب أولى أن تكون صلاة العيدين واجبة عليه .
الدليل الثالث : عن أَبي بَكْرٍ الصديق –رضي الله عنه- قال : ((حَقٌّ عَلَى كُلِّ ذَاتِ نِطَاقٍ الْخُرُوجُ إِلَى الْعِيدَيْنِ ))( رواه ابن أبي شيبة في المصنف رقم (5835) . وصحح سنده الشيخ الألباني في صلاة العيدين ص (13) ، والسلسلة الصحيحة (5/407)) .
قال الحافظ في فتح الباري (2/545) : ( وقد ورد هذا الحديث مرفوعاً بإسناد لا بأس به) .
والحق بمعنى الواجب كما هو مقرر عند علماء الأصول .
الدليل الرابع : عَنْ أُخْتِ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : ((وَجَبَ الْخُرُوجُ عَلَى كُلِّ ذَاتِ نِطَاقٍ))( رواه الإمام أحمد في المسند رقم الحديث (27014) . ينظر : السلسلة الصحيحة رقم الحديث (2408)) .
الدليل الخامس : أنها مسقطة لحضور صلاة الجمعة كما سيأتي تفصيله ، ولا يسقط الواجب إلا ما هو واجب ، فدل هذا على وجوب صلاة العيد .
عَنْ إِيَاسِ بْنِ أَبِي رَمْلَةَ الشَّامِيِّ قَالَ : ((شَهِدْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ يَسْأَلُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ قَالَ : أَشَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِيدَيْنِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : فَكَيْفَ صَنَعَ ؟ قَالَ : صَلَّى الْعِيدَ ، ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ ، فَقَالَ : مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُصَلِّ ))( رواه أبو داود رقم الحديث (904) ، وابن ماجه رقم الحديث (1300) . وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (4/237) : (حديث صحيح ، وصححه ابن المديني والحاكم والذهبي ) ) .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ الهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : ((قَدِ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ ))( رواه أبو داود رقم الحديث (1159) . وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (4/322) : (إسناده صحيح ، وكذ ا قال البيهقي والعسقلاني ، وقال الدارقطني: إسناد حسن ثابت ، وصححه أيضا ابن المنذر وابن السكن وابن حزم)) .
الدليل السادس : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتركها قط ، بل داوم عليها ، وأمر أصحابه عندما لم يروا الهلال إلا بعد خروج الوقت أن يصلوها من الغد ، وهذا يؤكد الوجوب لأنها مع خرج وقتها إلا أنه صلى الله عليه وسلم أمرهم بصلاتها ، فعَنْ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : (( أَنَّ رَكْبًا جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ رَأَوُا الْهِلاَلَ بِالأَمْسِ ، فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا وَإِذَا أَصْبَحُوا أَنْ يَغْدُوا إِلَى مُصَلاَّهُمْ ))(رواه أبو داود رقم الحديث (1075) . وقال الشيخ الألباني في صحيح أبي داود (4/239) : (حديث صحيح) ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (24/182) : (وَالْقَوْلُ بِوُجُوبِهِ عَلَى الْأَعْيَانِ أَقْوَى مِنْ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ . وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ : إنَّهُ تَطَوُّعٌ فَهَذَا ضَعِيفٌ جِدًّا ؛ فَإِنَّ هَذَا مِمَّا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، وَدَاوَمَ عَلَيْهِ هُوَ وَخُلَفَاؤُهُ وَالْمُسْلِمُونَ بَعْدَهُ ، وَلَمْ يُعْرَفْ قَطُّ دَارُ إسْلَامٍ يُتْرَكُ فِيهَا صَلَاةُ الْعِيدِ ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ . وقَوْله تَعَالَى : ﴿وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ سورة البقرة: ١٨٥ . وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ الْأَمْرِ بِالتَّكْبِيرِ فِي الْعِيدَيْنِ أَمْرٌ بِالصَّلَاةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى التَّكْبِيرِ الرَّاتِبِ وَالزَّائِدِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى ، وَإِذَا لَمْ يُرَخِّصْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي تَرْكِهِ لِلنِّسَاءِ فَكَيْفَ لِلرِّجَالِ . وَمَنْ قَالَ : هُوَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ . قِيلَ لَهُ : هَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا تَحْصُلُ مَصْلَحَتُهُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ كَدَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَهْرِ الْعَدُوِّ ، وَلَيْسَ يَوْمُ الْعِيدِ مَصْلَحَةً مُعَيَّنَةً يَقُومُ بِهَا الْبَعْضُ ، بَلْ صَلَاةُ يَوْمِ الْعِيدِ شَرَعَ لَهَا الِاجْتِمَاعَ أَعْظَمَ مِنْ الْجُمُعَةِ ، فَإِنَّهُ أَمَرَ النِّسَاءَ بِشُهُودِهَا وَلَمْ يُؤْمَرْنَ بِالْجُمُعَةِ بَلْ أَذِنَ لَهُنَّ فِيهَا ، وَقَالَ : { صَلَاتُكُنَّ فِي بُيُوتِكُنَّ خَيْرٌ لَكُنَّ }) .
والله أعلم .
ينظر : بدائع الصنائع (1/274) ، والهداية (1/60) ، وتحفة الفقهاء (1/283) والإنصاف (2/396) ومجموع الفتاوى (23/161) ، والاختيارات الفقهية ص (82) ، والجامع للاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية (1/254) والمحلى (3/301) وسبل السلام (2/138) والروضة الندية (1/358)

ما هي الشعائر والآداب والمستحبات في عيد الفطر ؟

1382
السائل: ما هي الشعائر والآداب والمستحبات في عيد الفطر ؟

الشيخ: الشعائر والآداب والمستحبات في عيد الفطر هي :
المسألة الأولى : الاغتسال :
يستحب الاغتسال ، والتطيب ، ولبس أحسن الثياب ، وهو مذهب كافة العلماء( ينظر : المجموع (5/10) ، وفتح الباري لابن رجب (6/67) ، والمغني (3/256) ) .
فعن نافع عن ابن عمر : ((أنه كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو))( رواه الإمام مالك في الموطأ رقم (70) بسند صحيح ) .
وعن نافع : (( أن ابن عمر كان يغتسل ويتطيب يوم الفطر ))( رواه الفريابي في أحكام العيدين رقم (16) . وهو أثر صحيح ) .
وَعَنْ زَاذَانَ : أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ عَلِيًّا -رَضِيَ الله عَنْهُ- عَنِ الْغُسْلِ ؟ فَقَالَ : (( اغْتَسِلْ كُلَّ يَوْمٍ إِنْ شِئْتَ ، قَالَ : لاَ بَلِ الْغُسْلُ؟ قَالَ : اغْتَسِلْ كُلَّ يَوْمِ جُمُعَةٍ ، وَيَوْمِ الْفِطْرِ ، وَيَوْمِ النَّحْرِ ، وَيَوْمِ عَرَفَةَ ))(أخرجه الإمام الشافعي في الأم (7/163) والمسند (114) ، والبيهقي في الكبرى (3/278) وفي المعرفة (7/291) ، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/119) ، وابن المنذر في الأوسط (4/256) ، ومسدد في المسند كما في المطالب العالية رقم (727) . وسنده صحيح . ينظر : إرواء الغليل (1/177) ) .
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- قَالَ : (( كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُ يَوْمَ الْعِيدِ بُرْدَةً حَمْرَاءَ ))(رواه الطبراني في الأوسط (7/316) رقم الحديث (7609) . وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة رقم الحديث (1279) ) .
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ((إِنَّ هَذَا يَوْمُ عِيدٍ ، جَعَلَهُ اللهُ لِلْمُسْلِمِينَ ، فَمَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ ، وَإِنْ كَانَ طِيبٌ فَلْيَمَسَّ مِنْهُ ، وَعَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ ))( رواه ابن ماجه رقم الحديث (1088) . وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه رقم الحديث (901) ) .
وجه الاستدلال : أن النبي صلى الله عليه وسلم علل الغسل والطيب والسواك يوم الجمعة بكون الجمعة عيداً .
المسألة الثانية : أن يأكل شيئاً قبل غدوه إلى المصلى :
يستحب أن يطعم شيئا قبل غدوه إلى الصلاة ، ويسن أن يكون المطعوم حلوا كالتمر ونحوه ، وأن يكون وتراً .
عَنْ أَنَسٍ –رضي الله عنه- قَالَ : (( كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاَ يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ))( رواه البخاري رقم الحديث (910) ) .
وزاد البخاري في رواية معلقة بعد الحديث مباشرة : ((وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا ))( علقه البخاري بعد حديث أنس –رضي الله عنه- السابق . قال الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة (9/249) : (وقد وصله أحمد (3/ 126) بسند حسن ، وصححه ابن خزيمة (1429) ) ) .
وعن ابن عباس –رضي الله عنهما- قال : ((مِنَ السُّنَّةِ أنْ يَطْعَمَ [يومَ الفِطْرِ] قَبْلَ أنْ يَخْرُجَ وَلَوْ بِتَمْرَةٍ))(أخرجه البزار في مسنده (1/312/ 651) . وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة رقم الحديث (3038) ) .
قال ابن قدامة في المغني (3/258) : (السنة أن يأكل في الفطر قبل الصلاة ، ولا يأكل في الأضحى حتى يصلي ، وهذا قول أكثر أهل العلم منهم علي ، وابن عباس ، و مالك ، و الشافعي ، وغيرهم لا نعلم فيه خلافا ) .
المسألة الثالثة : التكبير يوم العيد :
أولا : يستحب التكبير في ليلة عيد الفطر( ينظر : المغني (3/255)) لقوله تعالى : ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) سورة البقرة: ١٨٥ .
قال الشيرازي في المهذب ص (121) : (وأول وقت تكبير الفطر إذا غابت الشمس من ليلة الفطر لقوله عز وجل : ﴿ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ﴾ وإكمال العدة بغروب الشمس من ليلة الفطر ) .
وقال ابن كثير في تفسيره (1/505) : (أخذ كثير من العلماء مشروعية التكبير في عيد الفطر من هذه الآية).
وقال القرطبي في تفسيره (2/307) : (وأكثر أهل العلم على التكبير في عيد الفطر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم فيما ذكر ابن المنذر ) .
ثانياً : ويستحب الجهر بالتكبير في طريقه إلى المصلى حتى يقضي الصلاة .
قال ابن قدامة في المغني (3/256) : (ويستحب أن يكبر في طريق العيد ، ويجهر بالتكبير . قال ابن أبي موسى : يكبر الناس في خروجهم من منازلهم لصلاتي العيدين جهرا ، حتى يأتي الإمام المصلى ، ويكبر الناس بتكبير الإمام في خطبته ، وينصتون فيما سوى ذلك) .
عَنِ الزُّهْرِيِّ : (( أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ فَيُكَبِّرُ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُصَلَّى ، وَحَتَّى يَقْضِيَ الصَّلاَةَ ، فَإِذَا قَضَى الصَّلاَةَ قَطَعَ التَّكْبِيرَ))( رواه ابن أبي شيبة رقم (5667) . بسند صحيح مرسل ) .
وهو وإن كان مرسلا إلا أن له شاهدا موصولا ، وطريقاً أخرى موقوفة على ابن عمر –رضي الله عنهما- يتقوى بها( ينظر : السلسلة الصحيحة رقم الحديث (171) ) .
ثالثا : صفة التكبير( ينظر : إرواء الغليل (3/125) ) ، الأمر فيه واسع ، فله أن يقول : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، الله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد .
أو يقول كالصفة السابقة إلا أنه يثني التكبير .
أو يقول : الله أكبر كبيرا ، الله أكبر كبيرا ، الله أكبر وأجل ، الله أكبر ولله الحمد .
أو يقول : الله أكبر وأجل ، الله أكبر على ما هدانا .
المسألة الرابعة : مخالفة الطريق :
يسن أن يذهب إلى المصلى من طريق ويرجع من طريق آخر .
قال ابن رجب في فتح الباري لابن رجب (6/166) : (وقد استحب كثير من أهل العلم للإمام وغيره إذا ذهبوا في طريق إلى العيد أن يرجعوا في غيره ، وهو قول مالك والثوري والشافعي وأحمد) .
عَنْ جَابِرٍ –رضي الله عنه- قَالَ : (( كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ))(رواه البخاري رقم الحديث (943) ) .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه- قَالَ : (( كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ فِي طَرِيقٍ رَجَعَ فِي غَيْرِهِ ))( رواه الترمذي رقم الحديث (496) . وصححه الألباني في صحيح الترمذي رقم الحديث (541) ) .
والله أعلم .